هل البسملة آية قرآنية؟ وهل تقرأ في الصلاة؟

هل البسملة آية قرآنية؟

السابق

هل البسملة آية قرآنية؟ وهل تقرأ في الصلاة؟

اختلفت الآراء في ذلك 1. "فذهب مالك والأوزاعي إلى أنها ليست من القرآن، ومنعا من قراءتها في الفرائض مطلقاً، نعم، أجازا قراءتها في النافلة"2. أما أبو حنيفة والثوري وأتباعهم فقرأوها في افتتاح "الحمد" ولكن أوجبوا إخفاتها. والشافعي قرأها في الجهريات جهراً وفي الإخفاتيات إخفاتاً، وعدها آية من "الفاتحة"، وهذا هو قول أحمد بن حنبل أيضاً، واختلف المنقول عن الشافعي في أنها آية من كل سورة أم أنها ليست باَية في غير "الفاتحة"3. أما الشيعة الإمامية فقد اتفقوا - تبعاً لأئمة الهدى (عليهم السّلام) - على أنها آية تامة في جميع سور القرآن الكريم (عدا سورة براءة).

والنصوص في ذلك من أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) متواترة، أما عن طريق العامة فهنالك روايات كثيرة تدل على ذلك:

1. عن ابن جريح عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: ((وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي))، قال:" فاتحة الكتاب ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ))" - وقرأ السورة، قال ابن جريح: "فقلت لأبي: لقد أخبرك سعيد عن ابن عباس أنه قال: ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) آية؟" قال:"نعم"4.

2. ما صحَّ عن ابن عباس أيضاً قال:"إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا جاءه جبرائيل فقرأ ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))، علم أنها سورة"5.

3. ما صح عن ابن عباس أيضاً قال: "كان النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يعلم ختم السورة حتى تنزل ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))"6.

4. ما صح عنه أيضاً قال: "كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))، فإذا نزلت ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) علموا أن السورة قد انقضت."7.

5. ما صح عن أم سلمة قالت: "كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقرأ ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ..)) إلى آخرها - يقطعها حرفاً حرفاً."8

وعن أم سلمة من طريق آخر إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قرأ في الصلاة ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) وعدها آية، ((الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)) آيتين، ((الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) ثلاث آيات..." الحديث9

6. ما صح عن نعيم المجمر قال: "كنت وراء أبي هريرة فقرأ ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) ثم قرأ بأم الكتاب حتى بلغ ((وَلاَ الضَّالِّينَ))، قال: 'آمين'، فقال الناس: 'آمين'، فلما سلم قال: 'والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)."10

وعن أبي هريرة أيضاً، قال: "كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم."11

7. ما صح عن أنس بن مالك قال: "صلى معاوية بالمدينة فجهر فيها بالقراءة، فقرأ فيها ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) لأم القرآن، ولم يقرأ ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) للسورة التي بعدها حتى قضى تلك القراءة، فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين والأنصار من كل مكان: 'يا معاوية، أسرقت الصلاة أم نسيت؟' فلما صلى بعد ذلك قرأ ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) للسورة التي بعد أم القرآن." أخرج هذا الحديث الحاكم في المستدرك وصححه على شرط مسلم12، وأخرجه غير واحد من أصحاب المسانيد كالشافعي في مسنده.13 وعلق على ذلك بقوله: "إن معاوية كان سلطاناً عظيم القوة شديد الشوكة فلولا أن الجهر بالبسملة كان كالأمر المقرر عند كل الصحابة من المهاجرين والأنصار لما قدروا على إظهار الإنكار عليه بسبب ترك التسمية."14

8. ما صح - أيضاً - عن أنس بن، قال: "سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم."15

9. ما صح عن محمد بن السري العسقلاني، قال: "صليت خلف المعتمر بن سليمان ما لا أحصي صلاة الصبح والمغرب، فكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وبعدها للسورة. وسمعت المعتمر يقول: 'ما آلوا أن أقتدي بصلاة أبي، وقال أبي: ما آلوا أن أقتدي بصلاة أنس بن مالك.' وقال أنس بن مالك: 'ما آلو أن أقتدي بصلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)"16

وعن قتادة قال: "سئل أنس بن مالك كيف كانت قراءة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال: 'كانت مداً ثم قرأ ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) يمد الرحمن ويمد الرحيم،"17

وعن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: "صليت خلف النبي وخلف أبي بكر وخلف عمر وخلف عثمان وخلف علي، فكلهم كانوا يجهرون بقراءة ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))"18

10. وقد ذكر الرازي أن البيهقي روى الجهر بالبسملة في سننه عن عمر بن الخطاب وابن عمر وابن الزبير ثم قال الرازي: "وأما علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) كان يجهر بالبسملة فقد ثبت بالتواتر ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى، والدليل عليه قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): 'اللهم أدر الحق مع علي حيث دار.'"19

وهنالك حجة أخرى على أن البسملة آية في كل سورة وهي أن الصحابة كافة ومن بعدهم إلى يومنا هذا أجمعوا إجماعاً عملياً على كتابة البسملة في بداية كل سورة عدا سورة براءة، كما كتبوا سائر الآيات بلا ميزة مع أنهم مطبقون على أن لا يكتبوا شيئاً من غير القرآن إلا بميزة عنه حرصاً منهم على أن لا يختلط فيه شيء من غيره، وقلَّ أن تجتمع الأمة على أمر كاجتماعها على ذلك، وهذا دليل على أن البسملة أية مستقلة في بداية كل سورة.

دليل آخر: من المشهور المأثور عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع20 أو أبتر أو أجذم."21 فهل يمكن أن يكون القرآن وهو أفضل ما أوحاه الله إلى أنبيائه أقطع؟ وهل يمكن أن تكون الصلاة وهي خير العمل بتراء جذماء؟

أما المخالفون فقد احتجوا بحجج لا تصمد أما النقد العلمي، وقد فندها شرف الدين (قدس سره) في كتابه22.

تتمة:

ذكر السيوطي في "الدر المنثور" روايات تدل على أن البسملة آية من القرآن ندر منها:

    أخرج بن الضريس عن ابن العباس قال: "((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) آية."

    أخرج أبو عبيد الله وابن مردوية والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن العباس قال: "أغفل الناس آية من كتاب الله، لم تنزل على أحد سوى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلا أن يكون سليمان بن داود (عليه السلام): بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))."

    أخرج الواحدي عن ابن عمر قال: "نزلت ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) في كل سورة."

    أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر أنه كان يقرأ في الصلاة ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))، فإذا ختم السورة قرأها ويقول: 'ما كنت في المصحف إلا لتقرأ.'"

    أخرج الثعلبي عن علي بن زيد بن جدعان أن العبادلة كانوا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم، يجهرون بها: عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير."

    أخرج الثعلبي عن أبي هريرة قال: "كنت مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المسجد إذ دخل رجل يصلي فافتتح الصلاة وتعوذ ثم قال: '((الحمد لله رب العالمين))' فسمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال له: 'يا رجل قطعت على نفسك الصلاة، أما علمت أن ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) من الحمد فمن تركها فقد ترك آية، ومن ترك آية فقد أفسد عليه صلاته؟'"

وهنالك روايات أخرى ذكرها السيوطي نتركها خوف الإطالة، فمن أن أحب فليراجع الكتاب المذكور23.

التالي

الفهرست

السابق

(1) ما ذكرناه في هذا البحث مقتبس من كتاب "مسائل فقهية" للعلامة عبد الحسين شرف الدين (قدس سره)
(2) راجع "بداية المجتهد" لابن رشد - ج 1 - ص 96، و"التفسير الكبير" للفخر الرازي - ج 1 - ص 100
(3) راجع "التفسير الكبير" في تفسير البسملة
(4) راجع تفسير سورة الفاتحة من كتاب التفسير من المستدرك للحاكم ومن تلخيصه للذهبي - ص 257 - ج 2، وقد صرح الحاكم والذهبي بصحة إسناد الحديث.
(5) أخرجه الحاكم في كتاب الصلاة من مستدركه - ص 231 - ج1
(6) مستدرك الحاكم في كتاب الصلاة من مستدركه - ص 231 - ج 1
(7) مستدرك الحاكم - ج 1 - ص 232، قال: "هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين،" وصححه الذهبي أيضاً في التلخيص
(8) مستدرك الحاكم - ج 1 - ص 232، والذهبي في تلخيصه، وقد صرحا بصحة الحديث
(9) المصدر
(10) مستدرك الحاكم - ج 1 - ص 232، والذهبي في تلخيصه وقد صرحا بصحة الحديث
(11) المصدر، وأخرجه البيهقي في السنن الكبيرة، كما ذكره الرازي في تفسيره - ج 1 - ص 105
(12) وأورده الذهبي في تلخيص المستدرك، وصححه على شرط مسلم
(13) راجع مسند الشافعي
(14) كما نقله الرازي في التفسير الكبير - ج 1 - 105
(15) أخرجه الحاكم وأورده الذهبي في باب الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، وقالا رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقاة
(16) مستدرك الحاكم وتلخيص الذهبي، وقد نصا أن رواته عن آخرهم ثقاة
(17) مستدرك الحاكم
(18) المصدر
(19) التفسير الكبير - ج 1 - 105
(20) الجامع الصغير للسيوطي - حرف الكاف - ج 2 - ص 91، كنز العمال - ج 1 - ص 193
(21) التفسير الكبير للرازي - ج 1 في تفسير البسملة
(22) مسائل فقهية - ص 33 - 39
(23) راجع الدر المنثور - ج 1 - ص 7، 8 - ط دار المعرفة - بيروت 

0 comments:

welcome to my blog. please write some comment about this article ^_^

روايات في البسملة

السابق

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "لا تدع ((بسم الله الرحمن الرحيم)) وإن كان بعده شعر."

وفي الحديث أنه دخل عبد الله بن يحيى على أمير المؤمنين (عليه السلام) وبين يديه كرسي، فأمره بالجلوس عليه فجلس عليه فمال به حتى سقط على رأسه، فأوضح عن عظم رأسه، وسال الدم فأمر أمير المؤمنـين (عليه السلام) بماء فغسل عنه ذلك الدم.

ثم قال: "ادن مني."

فوضع يده على موضحته، وقد كان يجد من ألمها ما لا صبر له معه، ومسح يده عليها... فما هو أن فَعَل ذلك حتى اندمل، فصار كأنه لم يصبه شيء قطّ.

ثم قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه: "يا عبد اللّه الحمد اللّه الذي جعل تمحيص ذنوب شيعتنا في الدنيا بمحنهم لتسلم لهم طاعاتهم، ويستحقوا عليها ثوابها."

فقال عبد الله، بن يحيى: "وإنا لا نجازى بذنوبنا إلا فـي الدنيا؟"

قال (عليه السلام): "نعم، أما سمعت قول رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): 'الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر'؟ إن الله يطهر شيعتنا من ذنوبهم فـي الدنيا بما يبتليهم به من المحن، وبما يغفره لهم فإن اللّه تعالى يقول: ((وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ))1، حتى إذا أوردوا القيامة توفرت عليهم طاعاتهم وعباداتهم، وإن أعداء آل محمد يجازيهم عن طاعة تكون منهم في الدنيا - وإن كان لا وزن لها لأنه لا إخلاص معها - إذا وافوا القيامة حملت عليهم ذنوبهم وبغضهم لمحمد وآله، وخيار أصحابه فقذفوا في النار. ولقد سمعت محمداً رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: 'إنه كان فيما مضى قبلكـم رجلان أحدهما مطيع للّه مؤمن، والآخر كافر به مجاهر بعداوة أوليائه وموالاة أعدائه. وكل واحد منهما ملك عظيم في قطر من الأرض، فمرض الكافر واشتهى سمكة في غير أوانها لأن ذلك الصنف من السمك كان في ذلك الوقـت في اللجج بحيث لا يقدر عليه، فىيسه الأطباء من نفسه.

وقالوا له: استخلف على ملكك من يقوم به، فلست بأخلد من أصحاب القبور، فإن شفاءك في هذه السمكة التي اشتهيتها ولا سبيل إليها. فبعث اللّه ملكاً وأمره أن يزعج تلك السمكة إلى حيث يسهل أخذها فأخذت له تلك السمكة فأكلها وبرىء من مرضه وبقى فـي ملكه سنين بعدها.

ثم إن ذلك الملك المؤمن مرض في وقت كان جنس ذلك السمك بعينه لا يفارق الشطوط التي يسهل أخذه منها، مثل علة الكافر، فاشتهى تلك السمكة ووصفها له الأطباء وقالوا: طب نفساً فهذا أوانه، تؤخذ لك فتأكل منها وتبرأ. فبعث اللّه سبحانه وتعالى ذلك الملك وأمره أن يزعج جنس تلك السمكـة عن الشطوط إلى اللجج لئلا يقدر عليها، فلـم يوجد حتى مات المؤمن من شهوته وبُعد دوائه.

فعجب من ذلك ملائكة السماء، وأهل ذلك البلد في الأرض حتى كادوا يفتنون، لأن اللّه سبحانه سَهَّلَ على الكافر ما لا سبيل إليه، وعَسَّرَ على المؤمن ما كان السبيل إليه سهلاً، فأوحى الله تعالى إلى ملائكة السماء وإلى نبي ذلك الزمان فـي الأرض.

إني أنا الله الكريم المتفضل القادر، لا يضرني ما أعطي، ولا ينقصني ما أمنع، ولا أظلم أحداً مثقال ذرة، فأما الكافر فإنما سهلت له أخذ السمكة في غير أوانها ليكون جزاءاً على حسنة كان عملها، إذ كان حقاً عليّ إلا أبطل لأحدٍ حسنته، حتى يرد القيامة ولا حسنة فـي صحيفته، ويدخل النار بكفره، ومنعت العابد تلك السمكة بعينها لخطيئة كانت منه فأردت تصحيفها عنه بمنع تلك الشهوة وإعدام ذلك الدواء وليأتيني ولا ذنب عليه فيدخل الجنة.'"

فقال عبد االله بن يحيى: "يا أمير المؤمنين قد أفدتني وعلمتني، فإن أردتُ أن تعرفني ذنبي الذي امتحنتُ به في هذا المجلس حتى لا أعود إلى مثله."

قال (عليه السلام): "تركك حـين جلست أن تقول ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) فعجل ذلك لسهوك عما نُدِبْتَ إليه تمحيصاً بما أصابك، أما علمت أن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) حدثني عن اللّه عز وجل: 'كل أمر ذي بال لم يذكر فيه ((بِسْمِ اللّهِ)) فهو أبتر'؟" فقلت: "بلى بأبي أنت وأمي لا أتركها بعدها." قال (عليه السلام): "إذاً تحظى بذلك وتسعد." ثم قال عبد الله بن يحيى: "يا أمير المؤمنين وما تفسير ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))؟" قال (عليه السلام): "إن العبد إذا أراد أن يقرأ أو يعمل عملاً فيقول: ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) فإنه يبارك له فيه."2

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "ولربما ترك بعض شيعتنا في افتتاح أمره ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) فيمتحنه اللّه عز وجل بمكروه لينبهه على شكر اللّه تبارك وتعالى والثناء عليه ويمحو عنه وصمة تقصيره عند تركه قول ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))."3.

التالي

الفهرست

السابق

(1) سورة الشورى - 30
(2) البحار - ج 89 - ص 241، 242
(3) نور الثقلين - ج 1 - ص 8، وراجع أيضاً البحار - ج 89 - ص 240، 241، والبرهان - ج 1 - ص 45 

0 comments:

welcome to my blog. please write some comment about this article ^_^

روايات في البسملة

روايات في البسملة

السابق

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "لا تدع ((بسم الله الرحمن الرحيم)) وإن كان بعده شعر."

وفي الحديث أنه دخل عبد الله بن يحيى على أمير المؤمنين (عليه السلام) وبين يديه كرسي، فأمره بالجلوس عليه فجلس عليه فمال به حتى سقط على رأسه، فأوضح عن عظم رأسه، وسال الدم فأمر أمير المؤمنـين (عليه السلام) بماء فغسل عنه ذلك الدم.

ثم قال: "ادن مني."

فوضع يده على موضحته، وقد كان يجد من ألمها ما لا صبر له معه، ومسح يده عليها... فما هو أن فَعَل ذلك حتى اندمل، فصار كأنه لم يصبه شيء قطّ.

ثم قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه: "يا عبد اللّه الحمد اللّه الذي جعل تمحيص ذنوب شيعتنا في الدنيا بمحنهم لتسلم لهم طاعاتهم، ويستحقوا عليها ثوابها."

فقال عبد الله، بن يحيى: "وإنا لا نجازى بذنوبنا إلا فـي الدنيا؟"

قال (عليه السلام): "نعم، أما سمعت قول رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): 'الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر'؟ إن الله يطهر شيعتنا من ذنوبهم فـي الدنيا بما يبتليهم به من المحن، وبما يغفره لهم فإن اللّه تعالى يقول: ((وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ))1، حتى إذا أوردوا القيامة توفرت عليهم طاعاتهم وعباداتهم، وإن أعداء آل محمد يجازيهم عن طاعة تكون منهم في الدنيا - وإن كان لا وزن لها لأنه لا إخلاص معها - إذا وافوا القيامة حملت عليهم ذنوبهم وبغضهم لمحمد وآله، وخيار أصحابه فقذفوا في النار. ولقد سمعت محمداً رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: 'إنه كان فيما مضى قبلكـم رجلان أحدهما مطيع للّه مؤمن، والآخر كافر به مجاهر بعداوة أوليائه وموالاة أعدائه. وكل واحد منهما ملك عظيم في قطر من الأرض، فمرض الكافر واشتهى سمكة في غير أوانها لأن ذلك الصنف من السمك كان في ذلك الوقـت في اللجج بحيث لا يقدر عليه، فىيسه الأطباء من نفسه.

وقالوا له: استخلف على ملكك من يقوم به، فلست بأخلد من أصحاب القبور، فإن شفاءك في هذه السمكة التي اشتهيتها ولا سبيل إليها. فبعث اللّه ملكاً وأمره أن يزعج تلك السمكة إلى حيث يسهل أخذها فأخذت له تلك السمكة فأكلها وبرىء من مرضه وبقى فـي ملكه سنين بعدها.

ثم إن ذلك الملك المؤمن مرض في وقت كان جنس ذلك السمك بعينه لا يفارق الشطوط التي يسهل أخذه منها، مثل علة الكافر، فاشتهى تلك السمكة ووصفها له الأطباء وقالوا: طب نفساً فهذا أوانه، تؤخذ لك فتأكل منها وتبرأ. فبعث اللّه سبحانه وتعالى ذلك الملك وأمره أن يزعج جنس تلك السمكـة عن الشطوط إلى اللجج لئلا يقدر عليها، فلـم يوجد حتى مات المؤمن من شهوته وبُعد دوائه.

فعجب من ذلك ملائكة السماء، وأهل ذلك البلد في الأرض حتى كادوا يفتنون، لأن اللّه سبحانه سَهَّلَ على الكافر ما لا سبيل إليه، وعَسَّرَ على المؤمن ما كان السبيل إليه سهلاً، فأوحى الله تعالى إلى ملائكة السماء وإلى نبي ذلك الزمان فـي الأرض.

إني أنا الله الكريم المتفضل القادر، لا يضرني ما أعطي، ولا ينقصني ما أمنع، ولا أظلم أحداً مثقال ذرة، فأما الكافر فإنما سهلت له أخذ السمكة في غير أوانها ليكون جزاءاً على حسنة كان عملها، إذ كان حقاً عليّ إلا أبطل لأحدٍ حسنته، حتى يرد القيامة ولا حسنة فـي صحيفته، ويدخل النار بكفره، ومنعت العابد تلك السمكة بعينها لخطيئة كانت منه فأردت تصحيفها عنه بمنع تلك الشهوة وإعدام ذلك الدواء وليأتيني ولا ذنب عليه فيدخل الجنة.'"

فقال عبد االله بن يحيى: "يا أمير المؤمنين قد أفدتني وعلمتني، فإن أردتُ أن تعرفني ذنبي الذي امتحنتُ به في هذا المجلس حتى لا أعود إلى مثله."

قال (عليه السلام): "تركك حـين جلست أن تقول ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) فعجل ذلك لسهوك عما نُدِبْتَ إليه تمحيصاً بما أصابك، أما علمت أن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) حدثني عن اللّه عز وجل: 'كل أمر ذي بال لم يذكر فيه ((بِسْمِ اللّهِ)) فهو أبتر'؟" فقلت: "بلى بأبي أنت وأمي لا أتركها بعدها." قال (عليه السلام): "إذاً تحظى بذلك وتسعد." ثم قال عبد الله بن يحيى: "يا أمير المؤمنين وما تفسير ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))؟" قال (عليه السلام): "إن العبد إذا أراد أن يقرأ أو يعمل عملاً فيقول: ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) فإنه يبارك له فيه."2

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "ولربما ترك بعض شيعتنا في افتتاح أمره ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) فيمتحنه اللّه عز وجل بمكروه لينبهه على شكر اللّه تبارك وتعالى والثناء عليه ويمحو عنه وصمة تقصيره عند تركه قول ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))."3.

التالي

الفهرست

السابق

(1) سورة الشورى - 30
(2) البحار - ج 89 - ص 241، 242
(3) نور الثقلين - ج 1 - ص 8، وراجع أيضاً البحار - ج 89 - ص 240، 241، والبرهان - ج 1 - ص 45 

0 comments:

welcome to my blog. please write some comment about this article ^_^

الآية (الحمد لله رب العالمين)

السابق

الحمد لله رب العالمين

المفردات:

الحمد: الشكر، أو الثناء باللسان على الجميل الاختياري.

رب: مالك الشيء الذي يرعاه ويهتم بتربيته وإصلاح شئونه.

العالمين: جمع عالم، والعالم مجموعة من الموجودات المختلفة تشترك في صفة من الصفات سواء كانت الصفة حقيقية أو انتزاعية أو اعتبارية، كعالم الإنسان وعالم الحيوان وعالم النبات.

الحمد: إلفات إلى الجانب المضيء من الحياة.

للحياة جانبان: جانب مظلم وجانب مضيء. الجانب المظلم يتمثل في الفقر والمرض والكوارث التي تحل بالفرد أو بالمجتمع، وتدخل عليه الحزن والكآبة. والجانب المضيء يتمثل في الغنى والصحة والانتصارات التي يحققها الفرد في الحياة ونحو ذلك. وهذان الجانبان متشابكان في الحياة.. فلا يمكن أن يخلو منهما فرد أو مجتمع أبداً.

فالدنيا - كما يقول الشاعر:

حلاوتهـا ممزوجـة بمـرارة      وراحتهـا مقرونـة بعنـاء

وهنالك أفراد يركزون النظر على الجانـب المظلم من الحياة، فهم لا يرون البعد الإيجابي في الحياة، وإنما يركزون النظر على الجوانب السلبية، وذلك ما يستتبع مضاعفات خطيرة على:

أولاً: نفس الإنسان، فلا يستمتع مثل هذا الفرد بما في الحياة من نعم، ولا بما منحه الله تعالى من طيبات، بل يظل دائم الكآبة والحزن. يقول الشاعر:

ليس من مـات فاستراح بميت      إنمـا الميت ميت الأحيـاء

إنما الميـت من يعيـش كئيباً      كـاسفاً باله قليـل الرجـاء

ثانياً: وحيث إن النفس مؤثرة في البدن - كما ثبت ذلك في علم النفس وفي علم الطب حيث أن الحالات النفسية للإنسان تنعكس على الأداء الفسيولوجي للأعضاء - لذا فإن هذا الفرد يصاب بأمراض جسدية لا يجد عنها خلاصاً.

ثالثاً: وتنعكس هذه الحالة على سلوك الإنساني الخارجي، فيكون شخصاً سيء الأخلاق، عنيف النزعة، لا يألف ولا يُؤلف.

أما الذي يركز النظر على الجانب الإيجابي من الحياة فإنه على العكس سيكون مرتاح النفس صحيح الجسم حسن العشرة، متحملاً لما في الحياة من متاعب وآلام.

ينقل أن كسرى سخط على بوذرجمهر، وكان وزيراً له، فحبسه في بيت مظلم وأمر أن يصفّد بالحديد، فبقى أياماً على تلك الحال. فأرسل كسرى إليه من يسأله عن حاله؟ فجاء الرسول فوجده منشرح الصدر مطمئن النفس. فقال له: "أنت في هذه الحالة من الضيق ونراك ناعم البال!"

فقال بوذرجمهر: "اصطنعت معجوناً مركباً من أخلاط معينة واستعملتها."

وهذا المعجون هو الذي أبقاني على ما ترون!"

قال الرسول: "صف لنا هذه الأخلاط لعلنا ننتفع بها عند البلوى."

فقال: "نعم. أما الخلط الأول: فالثقة بالله عز وجل.

وأما الثاني: فكل مقدر كائن.

وأما الثالث: فالصبر خير ما استعمله الممتحن.

وأما الرابع: فإذا لم أصبر فماذا أصنع، ولا أعين على نفسي بالجزع.

وأما الخامس: فقد يكون أشد مما أنا فيه.

وأما السادس: فمن ساعة إلى ساعة فرج."

فبلغ ما قاله كسرى، فأطلقه وأعزه1. هذا مع أن كسرى خيّر بوذرجمهر بأن ينتخب في خلال مدة سجنه: طعاماً واحداً، وملبساً واحداً، ومكاناً واحداً، لا يتعدها إلى غيرها. فاختار من الطعام: الحليب.

ومن الملبس: الفرو.

ومن المكان: السرداب.

فسأله كسرى عن علة هذا الاختيار؟

فقال بوذرجمهر: "أما الحليب فإنه طعام وشراب، وأما الفرو فلأنه لباس الصيف والشتاء، إن لبُس هذا الجانب كان لباس الصيف، وإن لبس من الجانب الآخر كان لباس الشتاء. وأما السرداب فلأنه حار في الشتاء وبارد في الصيف."

وفي الحديث: أن موسى (عليه السلام) قال لله تعالى: "أرني أحـب خلقك إليك وأكثرهم لك عبادة."

فأمره الله تعالى أن ينتهي إلى قرية على ساحل بحر وأخبره أنه يجده في مكان قد سماه له، فوصل (عليه السلام) إلى ذلك المكان، فوجد رجلاً مجذوماً مقعداً أبرص يسبّح لله تعالى.

فقال موسى (عليه السلام): "يا جبرئيل <جبرائيل> أين الرجل الذي سألت ربي أن يُرِيني إياه."

فقال جبرئيل <جبرائيل>: "هو يا كليم الله هذا."

فقال موسى (عليه السلام): "يا جبرئيل <جبرائيل> إني كنت أحب أن أراه صواماً قواماً!"

فقال جبرئيل <جبرائيل>: "هذا أحب إلى الله تعالى وأعبد له من الصوام القوام، وقد أُمِرت /أي أمرني الله تعالى/، بإذهاب عينيه، فاسمع ما يقول." فأشار جبرئيل إلى عينيه فسالتا على خديه.

فقال الرجل /مخاطباً الله تعالى/: "متعتني بهما حيث شئت، وسلبتني إياهما حيث شئت، وأبقيت لي فيك طول الأمل يا بارّ يا وصول."

فقال له موسى(عليه السلام): "يا عبد الله إني رجل مجاب الدعوة، فإن أحببت أن أدعو لك الله تعالى يرد عليك ما ذهب من جوارحك، ويبريك من العلة فَعَلْتُ."

فقال الرجل (رحمة الله عليه): "لا أُريد شيئاً من ذلك، اختياره لي أحب إليّ من اختياري لنفسي."

فقال له موسى (عليه السلام): "سمعتك تقول: 'يا بارّ يا وصول،' ما هذا البر والصلة الواصلان إليك من ربك؟"

فقال: "ما أحد في هذا البلد يعرفه غيري أو يعبده غيري،" فراح موسى (عليه السلام) متعجباً وقال: "هذا أعبد أهل الدنيا"1.

وعلى كل حال فإن تكرار المسلم لكلمة "الحمد لله" كل يوم عشر مرات على الأقل في صلواته الخمس المفروضة إلفات إلى الجانب المضيء من الحياة، ولهذا الإلفات من الآثار النفسية والجسدية والاجتماعية ما لا يخفى، وقد اتضح بعضها من خلال هذا البحث.

هذا مضافاً إلى أن تذكر النعم الإلهية التي تغمرنا في كل لحظة "يدفع الإنسان على طريق العبودية، لأن الإنسان مفطور على أن يبحث عن صاحب النعمة، ومفطور على أن يشكر المنعم على إنعامه، من هنا فإن علماء الكلام (علماء العقائد) يتطرقون في بحوثهم الأولية لهذا العلم إلى وجوب شكر المنعم باعتباره أمراً فطرياً وعقلياً دافعاً إلى معرفة الله."3

وهنالك نقطة جديرة بالالتفات وهي أن الجانب المظلم من الحياة متمثلاً في المرض والفقر والزلازل ونحوها - وإن بدا مظلماً في النظرة العابرة إلا أنه مضيء في واقعه عند النظرة المتأملة، وهذا ما سوف نتطرق إليه في البحوث القادمة إن شاء الله.

التالي

الفهرست

السابق

(1) سفينة البحار - ج 2 - ص 7 - مادة صبر
(2) سفينة البحار - ج 1 - ص 524، 525
(3) الأمثل - ج 1 - ص 32 

0 comments:

welcome to my blog. please write some comment about this article ^_^

الآية (الحمد لله رب العالمين)

الآية (الحمد لله رب العالمين)

السابق

الحمد لله رب العالمين

المفردات:

الحمد: الشكر، أو الثناء باللسان على الجميل الاختياري.

رب: مالك الشيء الذي يرعاه ويهتم بتربيته وإصلاح شئونه.

العالمين: جمع عالم، والعالم مجموعة من الموجودات المختلفة تشترك في صفة من الصفات سواء كانت الصفة حقيقية أو انتزاعية أو اعتبارية، كعالم الإنسان وعالم الحيوان وعالم النبات.

الحمد: إلفات إلى الجانب المضيء من الحياة.

للحياة جانبان: جانب مظلم وجانب مضيء. الجانب المظلم يتمثل في الفقر والمرض والكوارث التي تحل بالفرد أو بالمجتمع، وتدخل عليه الحزن والكآبة. والجانب المضيء يتمثل في الغنى والصحة والانتصارات التي يحققها الفرد في الحياة ونحو ذلك. وهذان الجانبان متشابكان في الحياة.. فلا يمكن أن يخلو منهما فرد أو مجتمع أبداً.

فالدنيا - كما يقول الشاعر:

حلاوتهـا ممزوجـة بمـرارة      وراحتهـا مقرونـة بعنـاء

وهنالك أفراد يركزون النظر على الجانـب المظلم من الحياة، فهم لا يرون البعد الإيجابي في الحياة، وإنما يركزون النظر على الجوانب السلبية، وذلك ما يستتبع مضاعفات خطيرة على:

أولاً: نفس الإنسان، فلا يستمتع مثل هذا الفرد بما في الحياة من نعم، ولا بما منحه الله تعالى من طيبات، بل يظل دائم الكآبة والحزن. يقول الشاعر:

ليس من مـات فاستراح بميت      إنمـا الميت ميت الأحيـاء

إنما الميـت من يعيـش كئيباً      كـاسفاً باله قليـل الرجـاء

ثانياً: وحيث إن النفس مؤثرة في البدن - كما ثبت ذلك في علم النفس وفي علم الطب حيث أن الحالات النفسية للإنسان تنعكس على الأداء الفسيولوجي للأعضاء - لذا فإن هذا الفرد يصاب بأمراض جسدية لا يجد عنها خلاصاً.

ثالثاً: وتنعكس هذه الحالة على سلوك الإنساني الخارجي، فيكون شخصاً سيء الأخلاق، عنيف النزعة، لا يألف ولا يُؤلف.

أما الذي يركز النظر على الجانب الإيجابي من الحياة فإنه على العكس سيكون مرتاح النفس صحيح الجسم حسن العشرة، متحملاً لما في الحياة من متاعب وآلام.

ينقل أن كسرى سخط على بوذرجمهر، وكان وزيراً له، فحبسه في بيت مظلم وأمر أن يصفّد بالحديد، فبقى أياماً على تلك الحال. فأرسل كسرى إليه من يسأله عن حاله؟ فجاء الرسول فوجده منشرح الصدر مطمئن النفس. فقال له: "أنت في هذه الحالة من الضيق ونراك ناعم البال!"

فقال بوذرجمهر: "اصطنعت معجوناً مركباً من أخلاط معينة واستعملتها."

وهذا المعجون هو الذي أبقاني على ما ترون!"

قال الرسول: "صف لنا هذه الأخلاط لعلنا ننتفع بها عند البلوى."

فقال: "نعم. أما الخلط الأول: فالثقة بالله عز وجل.

وأما الثاني: فكل مقدر كائن.

وأما الثالث: فالصبر خير ما استعمله الممتحن.

وأما الرابع: فإذا لم أصبر فماذا أصنع، ولا أعين على نفسي بالجزع.

وأما الخامس: فقد يكون أشد مما أنا فيه.

وأما السادس: فمن ساعة إلى ساعة فرج."

فبلغ ما قاله كسرى، فأطلقه وأعزه1. هذا مع أن كسرى خيّر بوذرجمهر بأن ينتخب في خلال مدة سجنه: طعاماً واحداً، وملبساً واحداً، ومكاناً واحداً، لا يتعدها إلى غيرها. فاختار من الطعام: الحليب.

ومن الملبس: الفرو.

ومن المكان: السرداب.

فسأله كسرى عن علة هذا الاختيار؟

فقال بوذرجمهر: "أما الحليب فإنه طعام وشراب، وأما الفرو فلأنه لباس الصيف والشتاء، إن لبُس هذا الجانب كان لباس الصيف، وإن لبس من الجانب الآخر كان لباس الشتاء. وأما السرداب فلأنه حار في الشتاء وبارد في الصيف."

وفي الحديث: أن موسى (عليه السلام) قال لله تعالى: "أرني أحـب خلقك إليك وأكثرهم لك عبادة."

فأمره الله تعالى أن ينتهي إلى قرية على ساحل بحر وأخبره أنه يجده في مكان قد سماه له، فوصل (عليه السلام) إلى ذلك المكان، فوجد رجلاً مجذوماً مقعداً أبرص يسبّح لله تعالى.

فقال موسى (عليه السلام): "يا جبرئيل <جبرائيل> أين الرجل الذي سألت ربي أن يُرِيني إياه."

فقال جبرئيل <جبرائيل>: "هو يا كليم الله هذا."

فقال موسى (عليه السلام): "يا جبرئيل <جبرائيل> إني كنت أحب أن أراه صواماً قواماً!"

فقال جبرئيل <جبرائيل>: "هذا أحب إلى الله تعالى وأعبد له من الصوام القوام، وقد أُمِرت /أي أمرني الله تعالى/، بإذهاب عينيه، فاسمع ما يقول." فأشار جبرئيل إلى عينيه فسالتا على خديه.

فقال الرجل /مخاطباً الله تعالى/: "متعتني بهما حيث شئت، وسلبتني إياهما حيث شئت، وأبقيت لي فيك طول الأمل يا بارّ يا وصول."

فقال له موسى(عليه السلام): "يا عبد الله إني رجل مجاب الدعوة، فإن أحببت أن أدعو لك الله تعالى يرد عليك ما ذهب من جوارحك، ويبريك من العلة فَعَلْتُ."

فقال الرجل (رحمة الله عليه): "لا أُريد شيئاً من ذلك، اختياره لي أحب إليّ من اختياري لنفسي."

فقال له موسى (عليه السلام): "سمعتك تقول: 'يا بارّ يا وصول،' ما هذا البر والصلة الواصلان إليك من ربك؟"

فقال: "ما أحد في هذا البلد يعرفه غيري أو يعبده غيري،" فراح موسى (عليه السلام) متعجباً وقال: "هذا أعبد أهل الدنيا"1.

وعلى كل حال فإن تكرار المسلم لكلمة "الحمد لله" كل يوم عشر مرات على الأقل في صلواته الخمس المفروضة إلفات إلى الجانب المضيء من الحياة، ولهذا الإلفات من الآثار النفسية والجسدية والاجتماعية ما لا يخفى، وقد اتضح بعضها من خلال هذا البحث.

هذا مضافاً إلى أن تذكر النعم الإلهية التي تغمرنا في كل لحظة "يدفع الإنسان على طريق العبودية، لأن الإنسان مفطور على أن يبحث عن صاحب النعمة، ومفطور على أن يشكر المنعم على إنعامه، من هنا فإن علماء الكلام (علماء العقائد) يتطرقون في بحوثهم الأولية لهذا العلم إلى وجوب شكر المنعم باعتباره أمراً فطرياً وعقلياً دافعاً إلى معرفة الله."3

وهنالك نقطة جديرة بالالتفات وهي أن الجانب المظلم من الحياة متمثلاً في المرض والفقر والزلازل ونحوها - وإن بدا مظلماً في النظرة العابرة إلا أنه مضيء في واقعه عند النظرة المتأملة، وهذا ما سوف نتطرق إليه في البحوث القادمة إن شاء الله.

التالي

الفهرست

السابق

(1) سفينة البحار - ج 2 - ص 7 - مادة صبر
(2) سفينة البحار - ج 1 - ص 524، 525
(3) الأمثل - ج 1 - ص 32 

0 comments:

welcome to my blog. please write some comment about this article ^_^

مقومات الرحمة الخاصة

مقومات الرحمة الخاصة

السابق

لكي تتحقق ظاهرة ما لابد من وجود مقومـين:

1. تمامية فاعلية الفاعل. إذ الفاعل - معطي الوجود، أو معطي الحركة - لو لم يكن تام الفاعلية فلا يستطيع أن يحقق المطلوب، فالمشلول مثلاً لا يستطيع أن يصنع سريراً أو ينحت تمثالاً- مثلاً.

2. تمامية قابليهَ القابل فربما يكون الفاعل تام الفاعلية إلا أن القابل غير مؤهل لتلقي الفيض من (الفاعل)، فالرياضي القدير ربما لا يستطيع أن يُفهم الرجل البدوي الجاهل معادلات الجبر والمقابلة، لا لقلة بضاعته العلمية، إنما لضعف استعداد البدوي ومن هنا قال الشاعر:

والنجم تستصغر الأبصار رؤيته      والذنب للعين لا للنجم في الصغر

واللّه سبحانة تام الفاعلية، إذ لا عجز ولا بخل ولا شح في ساحة لطفه، ولهذا فإن قدر الرحمة المفاضة يرتهن بقابلية القابل، فكلما زدنا من القابلية في ذواتنا زادت الرحمة الإلهية المفاضة علينا. وقد قال سبحانه: ((أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ))1.

وفي آية أخرى: ((إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ))2.

وفي آية ثالثة: ((وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ))3.

وقال سبحانه: ((فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ))4.

ومن هنا نجد: أن رحمة اللّه لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولآله عليهم أفضل الصلاة والسّلام أكثر ممن عداهما. وقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: ((وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء)) قال (عليه السلام): "المختص بالرحمة نبي اللّه ووصيه صلوات اللّه عليهما وآلهما، إن الله خلق مئة رحمة، تسعة وتسعون رحمة عنده مذخورة لمحمد وعلي وعترتهما (عليهم السلام)، ورحمة واحدة مبسوطة على ساير الموجودين"5. وقد ذكرت في الأحاديث الشريفة (أمور توجب الرحمة الإلهية الخاصة) نذكر منها:

    عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: "بذكر اللّه تستنزل الرحمة"6.

    وعنه (عليه السلام): "ببذل الرحمة تستنزل الرحمة"7.

    وعنه (عليه السلام): "أبلغ ما تستدر به الرحمة أن تضمر لجميع الناس الرحمة"8.

    وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "تعرضوا لرحمة اللّه بما أمركم به من طاعته"9 إلى غيرها من الأحاديث الكريمة.

التالي

الفهرست

السابق

(1) سورة الرعد - 17
(2) سورة الأعراف - 18
(3) سورة محمد - 17
(4) سورة النساء - 175
(5) سفينة البحار - ج 1 - ص 517 - مادة "رحم"
(6) الغُرَرْ
(7) الغُرر
(8) الغرر
(9) تنبيه الخواطر ص 

0 comments:

welcome to my blog. please write some comment about this article ^_^

لماذا هاتان الصفتان؟

السابق

للّه سبحانه صفات كثيرة. وقد ذُكر في دعاء الجوشن الكبير1 ألف اسـم وصفة من أسماء وصفات اللّه سبحانه وتعالى، فلماذا تمّ في هذا الشعار القرآني "البسملة" اختيار هاتين الصفتين بالذات؟ ثمَّ إن "الرحمة" من "صفات الفعل"2، ولا شك أن "صفات الذات" أشرف من صفات الفعل، فلماذا تم انتخاب صفة من صفات الفعل دون صفة من صفات الذات كالعلم مثلاً؟ ويمكن الإجابة على هذا السؤال:

أولاً: إن الرحمة الإلهية ذات صلة مباشرة بحياة الإنسان، بل بوجود الكون كله، فلولا الرحمة لم يكن الإنسان موجوداً ولا كانت كمالاته الوجودية متحققة، فلم يكن هناك علم ولا قدرة ولا نحوهما. وارتهان الإنسان بكل وجوده بالرحمة الإلهية لا يقتصر على "الحدوث" فقط، بل يشمل "الحدوث" و"البقاء" معاً، فكل فكرة تختلج في ذهنك وكل نفس تتنفسه وكل نبضة قلب و.. تتوقف على إمداد مباشر من اللّه سبحانه، ولو انقطع الفيض الإلهي لحظة لتوقف كل شيء، بل انتهى كل شيء.

وبعبارة أخرى، ليست العلاقة بين اللّه سبحانه وبين مخلوقاته كالعلاقة بين البِنَاء والبَنّاء، حيث إن البيت الذي يشيّده البنّاء يتوقف عليه في الإيجاد فقط، أما في البقاء فلا، وقد يموت البنّاء ويتحول في رمسه إلى رفات بينما يظل البيت الذي شيّده قائماً على أركانه، فالبنّاء "علة مُحدِثة" فقط وليس "علة مُبقِية" أبداً (هذا مع الغض عن تطرق احتمال كونه "مُعدّاً" فحسب). بل العلاقة بينه سبحانه وبين مخلوقاته كالعلاقة بـين المولد الكهربائي وبين الضوء، حيث أنه بمجرد أن تنقطع علاقة المصباح بالمولد ينتهي الضوء، أو كالعلاقة بين الإنسان و"صوره الذهنية" حيث إنك عندما تصرف النظر عن الصورة التي خلقتها في ذهنك فإنها تنعدم فوراً، ولا يبقى منها عين ولا أثر، فبقاؤها في ذهنك يتوقف على توجهك بشكل مستمر نحوها3.

ونجد في القرآن الكريم إشارات إلى هذه الحقيقة. يقول اللّه سبحانه: ((اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ))4. ويقول تعالى: ((أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ))5. ويقول جل وعلا: ((مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا))6. وقد بُرهن على هذه الحقيقة في "علم الكلام" والفلسفة الإسلامية.

ثانياً: لولا الرحمة الإلهية لم تكن السماء تمن على الأمة ببعث الرسل، ولولاها لم يكن هذا القرآن، ((لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ))7. فكما أن الرحمة الإلهية ذات صلة مباشرة بكتاب اللّه التكويني، أي الكون بما فيه من إنسان وحيوان ونبات وغيرها، كذلك هي ذات صلة مباشرة بكتاب اللّه التدويني، أي القرآن الكريم. فلم يكن إنزال القرآن الكريم وتشريع القوانين منبعثاً عن حاجة اللّه- سبحانه وتعالى- فهو الغني المطلق، لا تنفعه عبادة من عبده، ولا تضره معصية من عصاه، وإنما هي الرحمة الإلهية وراء ذلك كله. فكان من الحريّ أن تبدأ كل سورة في هذا الكتاب بصفة "الرحمة".

ثالثاً: إتّسم الحكام - غالباً - على مرِّ التاريخ بالقسوة والظلم والجبروت والطغيان، فـ((كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى، أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى))8، ليس فقط في دائرة "المجتمع الكبير"، أي الدولة، بل حتى في إطار "المجتمع الصغير"، أي العائلة ونحوها، فكل شخص ملك أزمة الأمور في إطار ولو صغير يتعدى ويظلم ولا يراعي موازين العدل والإنصاف - غالباً، والتركيز على صفة "الرحمة" في هذا الشعار القرآني إلفات إلى أن اللّه سبحانه - رغم كون كل شيء بيده - ليس كسائر الملوك والحكام، بل هو منبع اللطف والرحمة، ومعدن الكرم والجود.

وفي ذلك أيضاً ردّ على تلك التصورات البشرية الخاطئة التي تناولت طبيعة العلاقة بين الربّ والمربوبين. فاللّه سبحانه في منظار الإسلام لا يطارد عباده مطاردة الخصوم والأعداء كآلهة الأولمب في نزواتها وثوراتها، كما تصورها أساطير الإغريق، ولا يدبر لهم المكائد الانتقامية كما تزعم الأساطير المزورة في "العهد القديم"، كالذي جاء في أسطورة برج بابل في الإصحاح الحادي عشر من سفر التكوين حيث يقول: "وكانت الأرض كلها لغة واحدة وكلاماً واحداً، وكان أنهم لما رحلوا من المشرق وجدوا بقعة في أرض شنعار فأقاموا هناك وقال بعضهم لبعض: 'تعالوا نصنع لبناً وننضجه طَبْخاً،' فكان لهم اللبن بدل الحجارة، والخمر كان لهم بدل الطين، وقالوا تعالوا نبنِ لنا مدينة وبرجاً رأسه إلى السماء ونقم لنا اسماً كي لا نتبدد على وجه الأرض كلها.

"فنزل الرب لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو آدم يبنونها، وقال الرب: هوذا هم شعب واحد لجميعهم لغة واحدة، وهذا ما أخذوا يفعلونه، والآن لا يكفون عما هموا به حتى يصنعوه، هلم نهبط ونبلبل هناك لغتهم حتى لا يفهم بعضهم لغة بعض! فبددهم الرب من هناك على وجه الأرض كلها وكفوا عن بناء المدينة، ولذلك سميت 'بابل'، لأن الرب هناك بلبل لغة الأرض كلها، ومن هناك شتتهم الرب على كل وجهها"9.

التالي

الفهرست

السابق

(1) راجع مفاتيح الجنان - للمحدث القمي (ره)
(2) صفات الفعل هي تلك الصفات التي تنزع من مقام الفعل، ولذ يصح إثباتها للذت تارة، وسلبها عن الذات تارة أخرى، كالخالقية والرازقية ونحوهما، حيث نستطيع أن نقول مثلاً: كان الله ولم يكن معه شيء، ثم "خلق" الأشياء. أما صفات الذات فهي تنتزع من مقام الذات، ولا يصح سلبها من الذات مطلقاً كالعلم والقدرة ونحوهما
(3) سقنا هذه المثالين لمجرد تقريب الذهن
(4) سورة البقرة - 254
(5) سورة الرعد - 33
(6) هود - 56
(7) سورة آل عمران - 164
(8) سورة العلق - 7
(9) في ظلال القرآن - ص 24 (ط 11) 

0 comments:

welcome to my blog. please write some comment about this article ^_^

لماذا هاتان الصفتان؟

لماذا هاتان الصفتان؟

السابق

للّه سبحانه صفات كثيرة. وقد ذُكر في دعاء الجوشن الكبير1 ألف اسـم وصفة من أسماء وصفات اللّه سبحانه وتعالى، فلماذا تمّ في هذا الشعار القرآني "البسملة" اختيار هاتين الصفتين بالذات؟ ثمَّ إن "الرحمة" من "صفات الفعل"2، ولا شك أن "صفات الذات" أشرف من صفات الفعل، فلماذا تم انتخاب صفة من صفات الفعل دون صفة من صفات الذات كالعلم مثلاً؟ ويمكن الإجابة على هذا السؤال:

أولاً: إن الرحمة الإلهية ذات صلة مباشرة بحياة الإنسان، بل بوجود الكون كله، فلولا الرحمة لم يكن الإنسان موجوداً ولا كانت كمالاته الوجودية متحققة، فلم يكن هناك علم ولا قدرة ولا نحوهما. وارتهان الإنسان بكل وجوده بالرحمة الإلهية لا يقتصر على "الحدوث" فقط، بل يشمل "الحدوث" و"البقاء" معاً، فكل فكرة تختلج في ذهنك وكل نفس تتنفسه وكل نبضة قلب و.. تتوقف على إمداد مباشر من اللّه سبحانه، ولو انقطع الفيض الإلهي لحظة لتوقف كل شيء، بل انتهى كل شيء.

وبعبارة أخرى، ليست العلاقة بين اللّه سبحانه وبين مخلوقاته كالعلاقة بين البِنَاء والبَنّاء، حيث إن البيت الذي يشيّده البنّاء يتوقف عليه في الإيجاد فقط، أما في البقاء فلا، وقد يموت البنّاء ويتحول في رمسه إلى رفات بينما يظل البيت الذي شيّده قائماً على أركانه، فالبنّاء "علة مُحدِثة" فقط وليس "علة مُبقِية" أبداً (هذا مع الغض عن تطرق احتمال كونه "مُعدّاً" فحسب). بل العلاقة بينه سبحانه وبين مخلوقاته كالعلاقة بـين المولد الكهربائي وبين الضوء، حيث أنه بمجرد أن تنقطع علاقة المصباح بالمولد ينتهي الضوء، أو كالعلاقة بين الإنسان و"صوره الذهنية" حيث إنك عندما تصرف النظر عن الصورة التي خلقتها في ذهنك فإنها تنعدم فوراً، ولا يبقى منها عين ولا أثر، فبقاؤها في ذهنك يتوقف على توجهك بشكل مستمر نحوها3.

ونجد في القرآن الكريم إشارات إلى هذه الحقيقة. يقول اللّه سبحانه: ((اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ))4. ويقول تعالى: ((أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ))5. ويقول جل وعلا: ((مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا))6. وقد بُرهن على هذه الحقيقة في "علم الكلام" والفلسفة الإسلامية.

ثانياً: لولا الرحمة الإلهية لم تكن السماء تمن على الأمة ببعث الرسل، ولولاها لم يكن هذا القرآن، ((لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ))7. فكما أن الرحمة الإلهية ذات صلة مباشرة بكتاب اللّه التكويني، أي الكون بما فيه من إنسان وحيوان ونبات وغيرها، كذلك هي ذات صلة مباشرة بكتاب اللّه التدويني، أي القرآن الكريم. فلم يكن إنزال القرآن الكريم وتشريع القوانين منبعثاً عن حاجة اللّه- سبحانه وتعالى- فهو الغني المطلق، لا تنفعه عبادة من عبده، ولا تضره معصية من عصاه، وإنما هي الرحمة الإلهية وراء ذلك كله. فكان من الحريّ أن تبدأ كل سورة في هذا الكتاب بصفة "الرحمة".

ثالثاً: إتّسم الحكام - غالباً - على مرِّ التاريخ بالقسوة والظلم والجبروت والطغيان، فـ((كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى، أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى))8، ليس فقط في دائرة "المجتمع الكبير"، أي الدولة، بل حتى في إطار "المجتمع الصغير"، أي العائلة ونحوها، فكل شخص ملك أزمة الأمور في إطار ولو صغير يتعدى ويظلم ولا يراعي موازين العدل والإنصاف - غالباً، والتركيز على صفة "الرحمة" في هذا الشعار القرآني إلفات إلى أن اللّه سبحانه - رغم كون كل شيء بيده - ليس كسائر الملوك والحكام، بل هو منبع اللطف والرحمة، ومعدن الكرم والجود.

وفي ذلك أيضاً ردّ على تلك التصورات البشرية الخاطئة التي تناولت طبيعة العلاقة بين الربّ والمربوبين. فاللّه سبحانه في منظار الإسلام لا يطارد عباده مطاردة الخصوم والأعداء كآلهة الأولمب في نزواتها وثوراتها، كما تصورها أساطير الإغريق، ولا يدبر لهم المكائد الانتقامية كما تزعم الأساطير المزورة في "العهد القديم"، كالذي جاء في أسطورة برج بابل في الإصحاح الحادي عشر من سفر التكوين حيث يقول: "وكانت الأرض كلها لغة واحدة وكلاماً واحداً، وكان أنهم لما رحلوا من المشرق وجدوا بقعة في أرض شنعار فأقاموا هناك وقال بعضهم لبعض: 'تعالوا نصنع لبناً وننضجه طَبْخاً،' فكان لهم اللبن بدل الحجارة، والخمر كان لهم بدل الطين، وقالوا تعالوا نبنِ لنا مدينة وبرجاً رأسه إلى السماء ونقم لنا اسماً كي لا نتبدد على وجه الأرض كلها.

"فنزل الرب لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو آدم يبنونها، وقال الرب: هوذا هم شعب واحد لجميعهم لغة واحدة، وهذا ما أخذوا يفعلونه، والآن لا يكفون عما هموا به حتى يصنعوه، هلم نهبط ونبلبل هناك لغتهم حتى لا يفهم بعضهم لغة بعض! فبددهم الرب من هناك على وجه الأرض كلها وكفوا عن بناء المدينة، ولذلك سميت 'بابل'، لأن الرب هناك بلبل لغة الأرض كلها، ومن هناك شتتهم الرب على كل وجهها"9.

التالي

الفهرست

السابق

(1) راجع مفاتيح الجنان - للمحدث القمي (ره)
(2) صفات الفعل هي تلك الصفات التي تنزع من مقام الفعل، ولذ يصح إثباتها للذت تارة، وسلبها عن الذات تارة أخرى، كالخالقية والرازقية ونحوهما، حيث نستطيع أن نقول مثلاً: كان الله ولم يكن معه شيء، ثم "خلق" الأشياء. أما صفات الذات فهي تنتزع من مقام الذات، ولا يصح سلبها من الذات مطلقاً كالعلم والقدرة ونحوهما
(3) سقنا هذه المثالين لمجرد تقريب الذهن
(4) سورة البقرة - 254
(5) سورة الرعد - 33
(6) هود - 56
(7) سورة آل عمران - 164
(8) سورة العلق - 7
(9) في ظلال القرآن - ص 24 (ط 11) 

0 comments:

welcome to my blog. please write some comment about this article ^_^

هل البسملة آية قرآنية؟

السابق

هل البسملة آية قرآنية؟ وهل تقرأ في الصلاة؟

اختلفت الآراء في ذلك 1. "فذهب مالك والأوزاعي إلى أنها ليست من القرآن، ومنعا من قراءتها في الفرائض مطلقاً، نعم، أجازا قراءتها في النافلة"2. أما أبو حنيفة والثوري وأتباعهم فقرأوها في افتتاح "الحمد" ولكن أوجبوا إخفاتها. والشافعي قرأها في الجهريات جهراً وفي الإخفاتيات إخفاتاً، وعدها آية من "الفاتحة"، وهذا هو قول أحمد بن حنبل أيضاً، واختلف المنقول عن الشافعي في أنها آية من كل سورة أم أنها ليست باَية في غير "الفاتحة"3. أما الشيعة الإمامية فقد اتفقوا - تبعاً لأئمة الهدى (عليهم السّلام) - على أنها آية تامة في جميع سور القرآن الكريم (عدا سورة براءة).

والنصوص في ذلك من أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) متواترة، أما عن طريق العامة فهنالك روايات كثيرة تدل على ذلك:

1. عن ابن جريح عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: ((وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي))، قال:" فاتحة الكتاب ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ))" - وقرأ السورة، قال ابن جريح: "فقلت لأبي: لقد أخبرك سعيد عن ابن عباس أنه قال: ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) آية؟" قال:"نعم"4.

2. ما صحَّ عن ابن عباس أيضاً قال:"إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا جاءه جبرائيل فقرأ ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))، علم أنها سورة"5.

3. ما صح عن ابن عباس أيضاً قال: "كان النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يعلم ختم السورة حتى تنزل ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))"6.

4. ما صح عنه أيضاً قال: "كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))، فإذا نزلت ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) علموا أن السورة قد انقضت."7.

5. ما صح عن أم سلمة قالت: "كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقرأ ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ..)) إلى آخرها - يقطعها حرفاً حرفاً."8

وعن أم سلمة من طريق آخر إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قرأ في الصلاة ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) وعدها آية، ((الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)) آيتين، ((الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) ثلاث آيات..." الحديث9

6. ما صح عن نعيم المجمر قال: "كنت وراء أبي هريرة فقرأ ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) ثم قرأ بأم الكتاب حتى بلغ ((وَلاَ الضَّالِّينَ))، قال: 'آمين'، فقال الناس: 'آمين'، فلما سلم قال: 'والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)."10

وعن أبي هريرة أيضاً، قال: "كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم."11

7. ما صح عن أنس بن مالك قال: "صلى معاوية بالمدينة فجهر فيها بالقراءة، فقرأ فيها ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) لأم القرآن، ولم يقرأ ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) للسورة التي بعدها حتى قضى تلك القراءة، فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين والأنصار من كل مكان: 'يا معاوية، أسرقت الصلاة أم نسيت؟' فلما صلى بعد ذلك قرأ ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) للسورة التي بعد أم القرآن." أخرج هذا الحديث الحاكم في المستدرك وصححه على شرط مسلم12، وأخرجه غير واحد من أصحاب المسانيد كالشافعي في مسنده.13 وعلق على ذلك بقوله: "إن معاوية كان سلطاناً عظيم القوة شديد الشوكة فلولا أن الجهر بالبسملة كان كالأمر المقرر عند كل الصحابة من المهاجرين والأنصار لما قدروا على إظهار الإنكار عليه بسبب ترك التسمية."14

8. ما صح - أيضاً - عن أنس بن، قال: "سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم."15

9. ما صح عن محمد بن السري العسقلاني، قال: "صليت خلف المعتمر بن سليمان ما لا أحصي صلاة الصبح والمغرب، فكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وبعدها للسورة. وسمعت المعتمر يقول: 'ما آلوا أن أقتدي بصلاة أبي، وقال أبي: ما آلوا أن أقتدي بصلاة أنس بن مالك.' وقال أنس بن مالك: 'ما آلو أن أقتدي بصلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)"16

وعن قتادة قال: "سئل أنس بن مالك كيف كانت قراءة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال: 'كانت مداً ثم قرأ ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) يمد الرحمن ويمد الرحيم،"17

وعن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: "صليت خلف النبي وخلف أبي بكر وخلف عمر وخلف عثمان وخلف علي، فكلهم كانوا يجهرون بقراءة ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))"18

10. وقد ذكر الرازي أن البيهقي روى الجهر بالبسملة في سننه عن عمر بن الخطاب وابن عمر وابن الزبير ثم قال الرازي: "وأما علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) كان يجهر بالبسملة فقد ثبت بالتواتر ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى، والدليل عليه قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): 'اللهم أدر الحق مع علي حيث دار.'"19

وهنالك حجة أخرى على أن البسملة آية في كل سورة وهي أن الصحابة كافة ومن بعدهم إلى يومنا هذا أجمعوا إجماعاً عملياً على كتابة البسملة في بداية كل سورة عدا سورة براءة، كما كتبوا سائر الآيات بلا ميزة مع أنهم مطبقون على أن لا يكتبوا شيئاً من غير القرآن إلا بميزة عنه حرصاً منهم على أن لا يختلط فيه شيء من غيره، وقلَّ أن تجتمع الأمة على أمر كاجتماعها على ذلك، وهذا دليل على أن البسملة أية مستقلة في بداية كل سورة.

دليل آخر: من المشهور المأثور عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع20 أو أبتر أو أجذم."21 فهل يمكن أن يكون القرآن وهو أفضل ما أوحاه الله إلى أنبيائه أقطع؟ وهل يمكن أن تكون الصلاة وهي خير العمل بتراء جذماء؟

أما المخالفون فقد احتجوا بحجج لا تصمد أما النقد العلمي، وقد فندها شرف الدين (قدس سره) في كتابه22.

تتمة:

ذكر السيوطي في "الدر المنثور" روايات تدل على أن البسملة آية من القرآن ندر منها:

    أخرج بن الضريس عن ابن العباس قال: "((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) آية."

    أخرج أبو عبيد الله وابن مردوية والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن العباس قال: "أغفل الناس آية من كتاب الله، لم تنزل على أحد سوى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلا أن يكون سليمان بن داود (عليه السلام): بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))."

    أخرج الواحدي عن ابن عمر قال: "نزلت ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) في كل سورة."

    أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر أنه كان يقرأ في الصلاة ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))، فإذا ختم السورة قرأها ويقول: 'ما كنت في المصحف إلا لتقرأ.'"

    أخرج الثعلبي عن علي بن زيد بن جدعان أن العبادلة كانوا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم، يجهرون بها: عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير."

    أخرج الثعلبي عن أبي هريرة قال: "كنت مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المسجد إذ دخل رجل يصلي فافتتح الصلاة وتعوذ ثم قال: '((الحمد لله رب العالمين))' فسمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال له: 'يا رجل قطعت على نفسك الصلاة، أما علمت أن ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) من الحمد فمن تركها فقد ترك آية، ومن ترك آية فقد أفسد عليه صلاته؟'"

وهنالك روايات أخرى ذكرها السيوطي نتركها خوف الإطالة، فمن أن أحب فليراجع الكتاب المذكور23.

التالي

الفهرست

السابق

(1) ما ذكرناه في هذا البحث مقتبس من كتاب "مسائل فقهية" للعلامة عبد الحسين شرف الدين (قدس سره)
(2) راجع "بداية المجتهد" لابن رشد - ج 1 - ص 96، و"التفسير الكبير" للفخر الرازي - ج 1 - ص 100
(3) راجع "التفسير الكبير" في تفسير البسملة
(4) راجع تفسير سورة الفاتحة من كتاب التفسير من المستدرك للحاكم ومن تلخيصه للذهبي - ص 257 - ج 2، وقد صرح الحاكم والذهبي بصحة إسناد الحديث.
(5) أخرجه الحاكم في كتاب الصلاة من مستدركه - ص 231 - ج1
(6) مستدرك الحاكم في كتاب الصلاة من مستدركه - ص 231 - ج 1
(7) مستدرك الحاكم - ج 1 - ص 232، قال: "هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين،" وصححه الذهبي أيضاً في التلخيص
(8) مستدرك الحاكم - ج 1 - ص 232، والذهبي في تلخيصه، وقد صرحا بصحة الحديث
(9) المصدر
(10) مستدرك الحاكم - ج 1 - ص 232، والذهبي في تلخيصه وقد صرحا بصحة الحديث
(11) المصدر، وأخرجه البيهقي في السنن الكبيرة، كما ذكره الرازي في تفسيره - ج 1 - ص 105
(12) وأورده الذهبي في تلخيص المستدرك، وصححه على شرط مسلم
(13) راجع مسند الشافعي
(14) كما نقله الرازي في التفسير الكبير - ج 1 - 105
(15) أخرجه الحاكم وأورده الذهبي في باب الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، وقالا رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقاة
(16) مستدرك الحاكم وتلخيص الذهبي، وقد نصا أن رواته عن آخرهم ثقاة
(17) مستدرك الحاكم
(18) المصدر
(19) التفسير الكبير - ج 1 - 105
(20) الجامع الصغير للسيوطي - حرف الكاف - ج 2 - ص 91، كنز العمال - ج 1 - ص 193
(21) التفسير الكبير للرازي - ج 1 في تفسير البسملة
(22) مسائل فقهية - ص 33 - 39
(23) راجع الدر المنثور - ج 1 - ص 7، 8 - ط دار المعرفة - بيروت 

0 comments:

welcome to my blog. please write some comment about this article ^_^