الأحكام الشرعية في حرمة دخول المجالس التشريعية
الأحكام الشرعية في حرمة دخول المجالس التشريعية
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى , وبعد – قال الله تعالى : ) إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا( .
[1] – أيها المسلمون :دين الإسلام بشموله لا يُؤخذ إلا من كتاب الله وسنة رسوله e , وبفهم السلف الصالح , قال تعالى : ) وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ( , وقال تعالى : ) وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ ( . أما قول هذا العالم , وذاك الداعية , وفتوى هذا المفتي , وعمل هذا الفقيه , فلا اعتبار لذلك مطلقاً ولا يؤخذ بشيء من أقوالهم , إلا من كان منهم آخذاً بالدليل من الكتاب والسنة , فكلٌ يُؤخذ منه ويرد عليه إلا الرسول e.
فإذا كان الأمر كذلك فإن الحديث عن دخول الناس المجالس التشريعية أمر في غاية الوضوح , ولا يلتبس إلا على ضعيف العلم والعقل والخبرة , ومع ذلك نذكر ونُذّكر ببعض الآيات الحاسمة والقاطعة التي تُحرّم على الناس دخول مثل هذه المجالس.
وأذكر أولاً :بما كان عليه الرسول e وأصحابه في مكة من استضعاف , فلا شوكة لهم ولا منعة , وليس للمسلمين دولة ولا كيان ولا أنصار , ومع ذلك كان الرسول e يذهب إلى قريش في أنديتها ويدعوهم إلى الله ويقرأ عليهم القرآن , ويتحمل في سبيل ذلك الأذى الكثير , ولم يسلك طريقاً غير ذلك , فأراد المشركون أن يصالحوا الرسول e فعرضوا عليه بعض الأمور وكان منها أن يسودوه عليهم فلا يقطعون أمراً دونه , ويصبح كالملك بينهم , ولكن الرسول eرفض كل الاغراءات التي عرضت عليه , وذلك لبعض الأسباب والحكم المهمة , منها :
1- أنه لا التقاء بين الإسلام والجاهلية مطلقاً لا في أول الطريق ولا في أوسطه ولا في آخره ؛ لأن الإسلام منهج والجاهلية منهج آخر , ولا يمكن أن يجتمع الضدين والنقيضين أبداً .
2- أن الالتقاء مع الجاهلية فيه تمييع لدين الإسلام .
3- أن الالتقاء مع الجاهلية لا يتم إلا بالتنازل عن بعض أهداف وأغراض الإسلام .
4- بيان الطريق الصحيح للأمة في حالة الاستضعاف , وأن المفاصلة والتمييز يجب أن يكون بين الإسلام والجاهلية من أول الأمر . 5- الصدع بالحق والدعوة إلى الإسلام دون عمل حساب لأهل الجاهلية , وفي ذلك تحرير الولاء والبراء وتحقيقه .
6- أن الالتقاء بين الإسلام والجاهلية من شأنه أن يلبس على الناس دينهم .
وأما الإخوان المسلمين : فلهم حال آخر , فهم الذين يلهثون وراء هذا السراب , وراء الأحزاب المارقة العلمانية ليتحالفوا معهم لكي يضمنوا الترشيح لأعضائهم , ثم الدخول إلى المجالس التشريعية , ويستدلون على ذلك بأن نبي الله يوسف u كان وزيراً مسلماً في ظل دولة كافرة وحاكم كافر , فإذا كان كذلك فما المانع من دخول المسلم مجلس الشعب في ظل دولة يدين أهلها بالإسلام , وهدفهم قول الحق وتغيير الأوضاع القائمة ؟
وأقول : إن الذي يستدل بمثل هذا الاستلال إنما يُنبئ عن جهله بالكتاب والسنة , بل باعتقاد المسلمين سلفاً وخلفاً .
والجواب : أن هذه شبهة داحضة باطلة , وصدق الله تعالى إذ يقول : ) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ( [ الأنبياء : 18 ] .
والجواب على ذلك من عدة أوجه :
الوجه الأول : أن يوسف u كان صاحب التصرف في الأمور ؛ لأن الله تعالى مكَّن له بذلك كما قال تعالى : ) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ( [ يوسف : 54 - 55 ] . ومن ثمرات التمكين أن تكون الكلمة لأهل التمكين .
والخلاصة : أن زمام الأمور وتصريفها كان بيد يوسف u , فهل يقاس ذلك بأحوال أعضاء مجلس الشعب ؟
الوجه الثاني : أن ما كان عليه يوسف u كان في شرع من قبلنا , وجمهور العلماء على أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يخالف شرعنا , وشريعة الإسلام لم تبيح قط أن يكون المسلم وزيراً لدولة كافرة , أو الحاكم كافر ؛ لأن ولاية الكافر لا تجوز من جانب , وكذلك ولاية الكافر على المسلم من وجه آخر .
الوجه الثالث : وهو من أقوى هذه الوجوه : أن يوسف u على الرغم من وجوده في دولة كافرة فإنه كان يحكم بما أنزل الله في شريعة يعقوب u , وهذا واضح في قول يوسف u عندما أراد أن يحاكم أخوته إلى شريعتهم : ) َقَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ( [ يوسف : 75 ] . ونعوذ بالله تعالى أن يعتقد مسلم أن يوسف u أو أي نبي أو رسول يحكم بغير ما أنزل الله , أو يوافق الكفار على شريعتهم , فمن اعتقد ذلك أو روج له , أو رضي به , فلا شك في كفره .
وقد يقول قائل : الإخوان يتخذون مجلس الشعب وغيره منبراً للدعوة والصدع بالحق وتغيير ما يمكن تغييره , فهل في ذلك حرج ؟
والجواب على ذلك : أن الداعية يجب أن يكون حراً فهو الذي يملك زمام الأمور وهو الذي يقرر متى يتكلم , ومتى يحجم عن ذلك , متى يأتي ومتى ينصرف , وهكذا كان حال النبي e , هو الذي يذهب بمحض إرادته إلى أندية المشركين ويقرأ عليهم القرآن ويدعوهم إلى الله , وينصرف عنهم إلى غيرهم , وهكذا فلا يحول بينه وبين دعوته أي قيود وشروط . أما داخل البرلمان التشريعي : فذمام الأمور في أيدي العلمانيين , فلا يتكلم أحد إلا بعد أن يأذن له ( الطاغوت ) مع تحديد الكلمات مسبقاً وقد يمنع من الكلام بمجرد إشارة من أصبع ( الطاغوت ).
[2] – أيها المسلمون – أيها الإخوان : مجلس الشعب مجلس تشريعي , فهو يشرع من القوانين ما لم يأذن به الله , فهم بذلك يحادون الله ورسوله , ويضاهئون شرع الله بقوانينهم , فجاوزوا حدهم مع ربهم , فهو إذن مجلس ( طاغوتي ) وجب على جميع المسلمين أن يكفروا به , قال تعالى : ) فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انْفِصَامَ لَهَا (, فالكفر بالطاغوت شرط الإيمان وحد الإسلام , ولا يتحقق الكفر بالطاغوت إلا إذا ابتعد المسلم عن الطاغوت واجتنبه , بحيث يكون المسلم في شق وحد , والطاغوت في شق وحد آخر , قال تعالى : ) وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ( , ومن دخل مجلس الشعب ( الطاغوتي ) يكون مجتنبا للطاغوت , أم يكون مجتمعاً به؟
إن من الأمور القطعية المحسومة في القرآن : أن التحليل والتحريم والتشريع من خصائص الرب جل وعلا وحده لا شريك له في ذلك . وهذه المسألة من مهمات مسائل الاعتقاد التي نزلت في بداية الإسلام على الرسول e في وقت الاستضعاف في مكة , ففي سورة الأعراف المكية قال تعالى : ) ألا له الخلق والأمر (يدخل في ذلك الأمر الكوني والأمر الشرعي , وقال تعالى في سورة يوسف المكية : ) إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاه ُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ( وكذلك قال تعالى في سورة الشورى المكية : ) َلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (والآيات في ذلك كثيرة خاصة في القرآن المكي . وفي شأن التشريع , ففي سورة الشورى المكية – قال تعالى : ) شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (, وكذلك في سورة الجاثية المكية – قال تعالى : ) ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ (, وبيّن جل وعلا حكم من أطاع المشرعين من دون الله تعالى – فقال في سورة الأنعام المكية : ) وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)
. وبناء على ذلك : كان يجب على الإخوان المسلمين أن يفهموا هذه المسألة الاعتقادية أولاً , ثم يقومون بواجب إنكار المنكر , وهذه القضية – أي التشريع الوضعي – من أعظم وأكبر المنكرات , فهل قام الإخوان ببيان وشرح قضية الحاكمية لأعضاء مجلس الشعب , فإن كانوا جهالاً رفعوا عنهم الجهالة , وأقاموا عليهم الحجة اعذارا إلى الله , ولكنهم لم يفعلوا لأن هذا لا يوافق منهج الإخوان , أما منهج النبي e فهو بخلاف ذلك , فقد صدع بالحق من أول يوم وتبرأ من المشركين ومن شركهم – قال تعالى : ) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ( .
[3]- أيها المسلمون : الإخوان المسلمين يُلبّسون على الناس دينهم , وذلك أن المفترض فيهم وفي غيرهم أن يعلموا الناس بأن التشريع حق خالص لله رب العالمين وأن المشرعين من دون الله جعلوا أنفسهم أرباباً من دون الله وأن من أطاعهم كان مشركاً – قال تعالى : ) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ( , فكيف يفهم الناس ذلك وهم يرون الإخوان داخل مجلس الشعب التشريعي , فهل يقال للناس لا تسجدوا للصنم وهم يسجدون له , هل يقال للناس إن التشريع الذي يمارسه البشر باطل ونحن نشاركهم في هذه المجالس , سبحانك هذا بهتان عظيم وأفك مبين .
[4]- أيها المسلمون : الإخوان المسلمين ينادون بما ينادي به الكفار الأصليين والمرتدين من تطبيق الديمقراطية , وهي حكم الشعب للشعب , أو أن الشعب هو مصدر السلطات , ألا يتناقض هذا مع شعارهم ( الإسلام هو الحل ) ولكن يبدوا أنهم يقصدون إسلاماً آخر , غير الإسلام الذي جاء به محمد e . إسلامهم هذا هو الإسلام التفصيلي الذي وضعوا له مبادئ وأسس مخالفة للمبادئ الإسلامية الثابتة في الشريعة الإسلامية , أم أنهم يتخذون الديمقراطية وسيلة للوصول إلى أغراضهم – وإذا كان كذلك فهي وسيلة باطلة لأنها غير مشروعة , ولكن الإخوان من منهجهم أن الغاية تبرر الوسيلة , وهذا مبدأ غير إسلامي كما هو معلوم .
[5]- أيها المسلمون : مجلس الشعب قائم على الظلم بشتى أنواعه من الظلم الأكبر والظلم الأصغر , فظلموا عندما شرعوا من القوانين ما لم يأذن به الله , وهذا هو الظلم الذي لا يغفره الله تعالى , وكذلك ظلموا ظلماً كبيراً عندما وضعوا بعض القوانين التي من خلالها يحاربون الإسلام والمسلمين , مثل قانون الطوارئ , وقانون الإرهاب , وقانون الاشتباه – إلى غير ذلك – فمن خلال هذه القوانين ظلموا الدعاة والعلماء , وظلموا المنادين بتطبيق حكم الله وشرعه , فكان جزاؤهم القتل والتعذيب والاعتقال كما هو معلوم – فهل يجوز لمسلم بعد ذلك أن يدخل مثل هذه المجالس ؟ وقد يقول قائل : إن الإخوان أنكروا ذلك وقدموا الكثير من طلبات الإحاطة للإفراج عن المعتقلين ؟ والجواب : هل غيروا شئ , هل استجاب لهم أحد , بل هل يملكون شيئاً من التغيير ؟
إن حلف الفضول : الذي شارك فيه الرسول e قبل البعثة كان لنصرة المظلوم , أما مجلس الشعب فقائم على نصرة الظالمين وخذلان المظلومين , فهل يستطيع أحد من الإخوان داخل المجلس أن يمنع الظلم عن المظلومين نصرة لإخوانهم المظلومين ففي الحديث : ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما . فقال رجل يا رسول الله أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما ؟ قال تمنعه من الظلم فذاك نصرك إياه ) رواه البخاري .
والإنسان إن لم يستطع نصرة المظلوم وإنكار المنكر وجب مفارقة أماكن المنكرات , وحتى هذه لا يملكها أحد داخل مجلس الشعب إلا بإذن .
[6] - أيها المسلمون : مجلس الشعب مجلس استهزائي بدين الله تعالى وبشرائعه , فكم من العبارات التي فيها تنقص للدين , وحط من شرائعه , تصدر داخل هذا المجلس , والأصل اعتزال هذه الجالس الجاهلية , ولا أدل على ذلك من قوله تعالــــــى :
) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (.
[7]- أيها المسلمون : الإخوان المسلمين دخلوا مجلس الشعب عدة مرات وسبقهم إلى ذلك الشيخ صلاح أبو إسماعيل – رحمه الله- فقد ظل في المجلس سنوات طويلة , وكان همه الأول العمل على تطبيق الشريعة , ولكنه لم يستطع بسبب إعراض هذا المجلس عن شريعة الله تعالى , فعزم في آخر حياته عدم الدخول إلى هذا المجلس مرة أخرى . فماذا فعل الإخوان داخل هذا المجلس , ولماذا لا ينادون بتطبيق الشريعة الإسلامية , إنها تجربة فاشلة بكل المقاييس , فاعتبروا يا أولي الأبصار , فتجربة الجزائر وتركيا وغيرهما خير شاهد على أن الطريق الصحيح في غير ذلك .
[8] - أيها المسلمون : مجلس الشعب أعضاؤه قوم يحادون الله ورسوله , ويحولون بين الأمة وبين التحاكم إلى شرع الله , وما أنزل الله تعالى . إن مجلس الشعب وأعضاؤه ينتقصون شريعة الله تعالى ويجيشون الأقلام والألسنة والإعلام لحرب الإسلام والمسلمين . إن مجلس الشعب وأعضاؤه : يستعلنون بفصل الدين عن الدولة , وأن إرادة هذا الكون شركة بينهم وبين الله تعالى , فلله تعالى ما في القلوب من العقائد , وله العبادة في المساجد , أما ما وراء ذلك من المعاملات وغيرها فهذه لهم , فآمنوا بالبعض وكفروا بالبعض الآخر . إن مجلس الشعب : القدسية فيه للقوانين الوضعية , وليس للقوانين الإلهية , فيغضب أعضاء هذا المجلس عند مخالفة القانون الوضعي , ولا تجد مثل ذلك وهم يخالفون مبادئ الشرع الحنيف .إن مجلس الشعب : يردد ما يردده الكفار الأصليين من اتهام وقدموا الكثير من المسلمين والدعاة الصالحين بالإرهاب والتطرف والجمود – إلى عير ذلك .
[9]- أيها المسلمون : أيها الإخوان : ألا تعقلوا , ألا تفهموا أن قضية الدخول إلى هذه المجالس قضية إيمان أو كفر لتعلقها بأصل دين الإسلام .
أيها الإخوان : مجلس الشعب مجلس تشريعي له حق التشريع المطلق من تحليل وتحريم , أما الله تعالى فليس هو المشرع , اللهم إلا كوجهة للدولة في قولهم : دين الدولة الإسلام , والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع .
أيها الإخوان : إن العلمانية التي تتحالفون معها وتعملون تحت رايتها لا دين لها إلا المصلحة , فالإسلام والعلمانية منهجان متباينان , والعلمانية لا تعرف الثبات في المواقف , ولكنها تدور مع مصالحها وتلهث وراءها حيث لاحت لها .
أيها الإخوان : هل تعلمون ما هي أهم الثمار الخبيثة للعلمانية التي تتحالفون معها؟
إحداها : رفض الحكم بما أنزل الله تعالى وإقصاء الشريعة في كافة المجالات , فقاموا باستبدال الوحي الإلهي المنزل على محمد e بالقوانين الوضعية التي اقتبسوها عن الكفار المحاربين لله ورسوله , واعتبار الدعوة إلى العودة إلى الحكم بما أنزل الله وهجر القوانين الوضعية , اعتبار ذلك تخلفاً ورجعية وردة عن التقدم والحضارة .
ثانياً : العلمانيون يحرفون التاريخ الإسلامي فيصورون العصور الذهبية لحركة الفتوحات الإسلامية على أنها عصور همجية تسودها الفوضى والمطامع الشخصية.
ثالثاً : العلمانيون يقومون بإفساد التعليم وجعله خادماً لنشر الفكر العلماني فهم :
أ – يبثون الأفكار العلمانية في ثنايا المواد الدراسية وذلك في جميع مراحل التعليم.
ب – إقصاء المادة الدينية أو تهميشها إلى أقصى حد ممكن .
جـ - إبعاد المدرسين والأساتذة المتمسكين بدينهم عن التدريس , ومنعهم من الاختلاط بالطلاب , , وذلك عن طريق تحويلهم إلى وظائف إدارية . د – العلمانيون يروجون داخل بلاد المسلمين إلى الوحدة الوطنية , بل إنهم جعلوا من الوحدة الوطنية ( العروة الوثقى ) فدائماّ ما نسمع قولهم ( هذا يعرض الوحدة الوطنية للخطر ) .
رابعاً :العلمانيون ينشرون الإباحية والفوضى الأخلاقية بين المسلمين وذلك عن طريق :
أ- القوانين الوضعية التي تبيح الرذيلة ولا تعاقب عليها , وتعتبر ممارسة الفاحشة من باب الحرية الشخصية .
ب- وعن طريق وسائل الإعلام من صحف ومجلات وإذاعة وتلفاز – إلى غير ذلك.
جـ - محاربة الحجاب وفرض السفور والاختلاط في المدارس والجامعات والهيئات.
خامساً :العلمانيون : يحاربون الدعوة الإسلامية – عن طريق :
أ- تضييق الخناق على العلماء والدعاة , وعلى نشر الكتب الإسلامية الصحيحة .
ب- إفساح المجالس في وسائل الإعلام أمام العلمانيين المنحرفين لمخاطبة أكبر عدد من الناس لنشر العقائد الهدامة .
جـ - اتهام الدعاة إلى الله باتهامات باطلة ووصفهم بأوصاف منفردة .
د- الدعوة إلى القومية أو الوطنية وجعلها بديلاً عن الإسلام – إلى غير ذلك – فهل يعقل أيها الإخوان أن تتحالفوا مع أمثال هؤلاء وتدخلون تحت عباءتهم إلى المجلس التشريعي ؟
[10]- وأخيراً : أيها الإخوان : أسألكم سؤلاً واحداً , وأجيبوا عليه لأنفسكم : ( هل يجوز والحال كما ذكرت أن تشاركوا في مجالس اغتصبت لنفسها أمراً هو من أخص خصائص الرب , وأجمع صفاته ؟ ( وهل يجوز أن تلهثوا وراء هيئات خلعوا ربقة التشريع الإلهي وجعلوا التشريع لأنفسهم ولإرادة الأمة ؟
والجواب مسبقاً معلوم وهو قولكم : لكن أليس من الأولى أن نوجد في هذه المواقع لتحويل اتجاهها من الشرك إلى التوحيد , وإصلاح ما يمكن إصلاحه , ولا أجد لي ولكم ولسائر المسلمين إلا قوله تعالى : ) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ( , وقوله تعالى : ) وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ( . فيا أيها الإخوان : ا تقوا الله في أنفسكم , وفي دينكم , وفي الناس , فلا تلبسوا على الناس دينهم , واعلموا أن دخول مجلس الشعب منافي للتوحيد والإيمان والاعتقاد الحق فلا بد من تمييز الحركة الإسلامية ودعوتها عن دعوة الجاهلية , فلا بد من مفاصلة واضحة بين الحق والباطل , وصدق الله : ) فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلال ( .
[11]- الإخوان يوجبون على الناس الانتخاب بموجب قوله تعالى : )وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ( وقوله : ) وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ (
والرد على ذلك : أن الشهادة تنقسم إلى عدة أنواع :
الأول : الشهادة لأحد أو لطائفة بالصلاح والرضوان وغير ذلك , فمن ذلك : شهادة الله تعالى لنفسه وشهادة الملائكة وأولو العلم لله بالوحدانية : )شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( . وشهادة الله تعالى لأصحاب النبي e بالرضوان ......
الثاني : الشهادة على أحد أو على طائفة بالكفر والشرك , فقد شهد الله تعالى على جميع من دان بغير الإسلام بالكفر , وأمر نبيه e أن يشهد بذلك وأن يصدع بذلك في أولى مراحل الدعوة : ) قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين ِ( , فهل يشهد الإخوان بكفر غير المسلمين من الكفار الأصليين والمرتدين , أم أنهم عند الشهادة على ذلك يقولون نحن لا نحوض في هذه المسائل : ( نحن دعاة لا قضاة ) , فهل هذا إلا إيمان بالبعض وكفر بالبعض الآخر , بل إن الأمر أخطر من ذلك , فإن الذين أمرنا الله تعالى بالشهادة عليهم بالكفر واجتنابهم والابتعاد عنهم , يقوم الإخوان بالتعاون معهم والتحالف معهم والتقارب منهم , في الوقت الذي يكرهون فيه دعاة التوحيد .
أركان الشهادة :
تنقسم الشهادة إلى ثلاثة أركان :
الأول : الشاهد , الركن الثاني : المشهود له أو عليه , والركن الثالث : الشهادة .
أما الركن الأول : وهو الشاهد ؛ فلا بد أن يتوفر فيه شرطان :
1- العدالة . 2- الإسلام .
وجماع ذلك في قوله تعالى : )وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ( , أما شرط العدالة في الشاهد : فمفقود في أكثر الناس إلا من رحم الله , وذلك لوقوع الناس في الفسق والفجور والمعاصي , التي تخرجهم عن حد العدالة , فمنهم التارك للصلاة , أو لمباني الإسلام , بل ومنهم من يعبد غير الله تعالى , بل ومنهم الكفار الأصليين والمرتدين , فالأصليين كالنصارى والمرتدين فهم طوائف كثيرة معلومة .
وأما شرط الإسلام في الشاهد : فلا بد منه , فلا يصلح النصارى للشهادة , وكذلك لا يصلح القبوري للشهادة لأنه ليس من المسلمين , وكذلك لا يصلح العلماني للشهادة لأنه ليس من المسلمين .
الركن الثاني : المشهود له ؛ سواء كان إماماً للمسلمين , أو أميراً أو حاكماً للمسلمين , أو مرشحاً لأي منصب من المناصب
فيشترط فيه أيضاً نفس الشرطين العدالة والإسلام , وإذا نظرت إلى المرشحين الآن لا تجد فيهم أحداً من أهل العدل , فأصحاب العلمانية أمرهم واضح وظاهر , وأمر النصارى المرشحين أظهر وأوضح , أما أمر من ينتمون إلى الحركة الإسلامية من الإخوان فلا تتوفر فيهم العدالة أيضاً لأنه يغلب على منهجهم البدع , وفيهم من المعاصي ما يخرجهم عن حد العدالة .
الركن الثالث : الشهادة – سلباً أو إيجاباً , كالشهادة للحاكم بالصلاح واستحقاقه لهذا المنصب , أو الشهادة على الزاني بالزنا , أو الشهادة على السارق بالسرقة , أو على الكافر بالكفر , أو على المبتدع بالبدعة – فهنا يقال : )وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ( .
أيها الإخوان : )َأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ( , نقول للإخوان : بموجب هذه الآية التي تستدلون بها , أقيموا أنتم الشهادة لله .
نسألكم عن مجلس الشعب : أهو مجلس تشريعي جاهلي , أم مجلس إسلامي ؟
والإجابة التي لا محيص عنها لوضوحها وظهورها أن هذا المجلس مجلس تشريعي جاهلي .
والسؤال هنا : إذا ثبت ذلك , فما هو واجب المسلم ؟ هل يشارك في مثل هذه المجالس , أو يعاون من أراد الدخول إليها ؟
الإجابة من عند العليم الخبير : فقد بيّن تعالى أن من صفات عباد الرحمن اجتناب مجالس الزور والبهتان , فقال تعالى : )وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّور َ (,وإن من أعظم الزور والبهتان الواجب اجتنابه وعدم شهوده المجالس الشركية التي تشرع ما لم يأذن به الله , الذين يضعون قوانينهم فوق قوانين الله وشرعه الذين يضعون كلمتهم فوق كلمة الله , الذين يقولون : الدين لله والوطن للجميع :إن من معالم تعظيم شعائر الله تعالى أن لا نجالس من يحرمون ما أحل الله , أو يحلون ما حرم الله ؛ قال تعالى : )ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ( [ الحج : 30 : 32 ] .
)فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّور ( ِ؛ ولقد اجتمع في مجلس الشعب الأمران , فهو وثن من الأوثان ؛ لكونه هو مصدر التشريع فالحلال ما أحله المجلس , والحرام ما حرمه المجلس , والدين ما شرعه المجلس , أليست لجنة الأحزاب في مجلس الشعب هي التي أصدرت قانون وتشريع : عدم قيام أي حزب على أساس ديني , فحرمت ما أحل الله , وأحلت ما حرم الله , وقال تعالى : )وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ( وقال تعالى : )وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى (, والاجتناب هو الابتعاد وعدم المشاركة ولكن على ما يبدوا أن الإخوان لا يعرفون ما هو الطاغوت الذي يجب أن يبتعدوا عنه , وهذا الأمر لا يعنيهم ولا يشغلهم . إن الطاغوت الذي ذكره الله جل وعلا في ثمان مواضع في كتابه العزيز , وهذه المواضع كلها تدور حول أصول الاعتقاد , لا يعرف الإخوان عنها شئ بدليل واقعهم ولسان حالهم .
الإخوان يريدون أن يغسلوا الثوب بالبول :
يقولون نريد إصلاح هذا المجلس وأسلمته والدعوة من خلاله إلى دين الله تعالى , ولكنهم اعتقدوا أن هذا التغيير إنما يتأتى عن طريق ( الديمقراطية ) النجسة , فالديمقراطية كفر بواح ؛ يريدون من خلالها أسلمة المجلس , فهل يطاع الله بمعصيته ؟ ألم أقل إنهم يريدون أن يغسلوا الثوب بالبول .
الإخوان لا يفهمون , أو أنهم لا يريدون أن يفهموا :
حال الإخوان , كحال الخوارج , مع الفارق بينهما , فالخوارج : أهل غلو وإفراط , أما الإخوان : فأهل تفريط وتقصير , ولكنهما يتشابهان في أمر في غاية الأهمية , وهو : وضع الأدلة الشرعية في غير موضعها , وجعلها شعاراً لهم .
فالخوارج عندما خرجوا على معسكر المسلمين - أثناء الفتنة - قاموا بتكفير المسلمين وعلى رأسهم بعض المبشرين بالجنة كعلي وطلحة والزبير وغيرهم – رضي الله عنهم أجمعين – وكان شعارهم عند ذلك ( لا حكم إلا لله ) مستدلين بقوله تعالى : ) إن الحكم إلا لله ( , فبسبب جهلهم بهذه الآية وبمعناه , وضعوها في غير موضعها , ووقعوا فيما وقعوا فيه , مما هو معلوم . وكذلك الإخوان : عندما أرادوا أن يدخلوا الانتخابات كان شعارهم ( الإسلام هو الحل ) فهذا شعارهم العام , والإخوان لو فهموا الإسلام الحقيقي الذي أصله الاستسلام والخضوع والانقياد والإذعان لأمر الله وحكمه , ما فكروا يوماً في دخول مثل هذه المجالس أو المشاركة فيها , لأن الإسلام ينهى عن ذلك , قال تعالى : )وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (, وإن من أعظم الإثم والعدوان استمرار مثل هذه المجالس في بلاد المسلمين , فوجب على المسلمين مقاطعة السبل والطرق التي تؤدي إلى هذه المجالس وعجيب من الإخوان أن يقولوا بوجوب مقاطعة البضائع اليهودية والأمريكية , ولا يقاطعوا الذين يأمرون بدخول هذه البضائع , عجيب من الإخوان أن يجعلوا مقاطعة هذه البضائع من الواجبات , في الوقت الذي يقولون فيه بوجوب الانتخابات وإثم الذين لا يشاركون في ذلك !!!!!
والإخوان لو فهموا الإسلام الحقيقي , لتبرءوا من هذا المجلس القائم على حرب الإسلام والمسلمين , ولو فهموا الإسلام لتبرءوا الأحزاب العلمانية المارقة التي تحارب الإسلام والمسلمين , ولكن يبدوا أن الإخوان لهم إسلام آخر , إسلام قائم على حرية الاعتقاد , وحرية الفكر , وحرية الرأي , إسلام قائم على جواز وجود الأحزاب العلمانية في الدولة الإسلامية , إسلام قائم على مشاركة النصارى في حكم بلاد المسلمين , إسلام قائم على التقريب بين المسلمين والكافرين من غلاة الشيعة والعلمانيين , إسلام قائم على إلغاء الولاء والبراء إلا في الجماعة وداخل أفراد الجماعة , ثم شعار ( الإسلام هو الحل ) أليس يعني ضمناً أن غير الإخوان لا يتبنون الإسلام ولا يعتقدون أنه الحل ؟ وما حكم الذين يقولون أن العلمانية هي الحل ؟ أيها الإخوان نريد شهادتكم لله )َأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ( .
أيها الإخوان : طريق القرآن واضح لا عوج فيه ولا أمتاً , وقد حدده الله بقوله : )وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ولاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ( , فهذه السبل التي تسلكونها مع الأحزاب الكافرة , أو رفع راية الديمقراطية الغربية لا يمكن أن يؤدي إلى الصراط المستقيم .
فهنيئاً لمن كان من الطائفة المنصورة : ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ) .
حكم التصويت والانتخابات :
قال الشيخ مقبل بن هادي الوادعي – رحمه الله :
الأمر الثالث : التصويت : وقد تكلمنا على التصويت في غير شريط , بأنه طاغوتي وأنه صُوتَ في بلد من البلاد الكفرية على إباحة اللواط فخرج التصويت على إباحته , فالتصويت جاءنا من قبل أعداء الإسلام , والله سبحانه وتعالى يقول : ) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ( ويقول : ) فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ( , وتكلمنا على التصويت بأنه طاغوتي في ( المخرج من الفتن ) .
الانتخابات أيضاً : طاغوتية ,فهي جاءتنا من قبل أعداء الإسلام , والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم : ) وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ِ ( , فلا يجوز أن يُنتُخبْ شارب خمر , ولا أن يُنتخبْ لص , ولا أن يُنتخبْ مبتدع , بل الواجب على العلماء أن ينظروا في الصالحين ويرشدوا إلى اختيارهم , فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم : ) وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ ِ (,فالعلماء والأمراء أحق الناس أن يختاروا الرجال الصالحين , أما أن يأتي لنا الذي عنده دولارات أمريكية فينجح , والذي عنده أموال كثيرة فينجح .
صوتك وصوت ابنتك واحد , ورب العزة يقول في كتابه الكريم حاكياً عن امرأة عمران : ) وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى ِ(, ويقول بعد أن نسبت قريش البنات لله ولهم البنون , ماذا قال ؟ : ) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى ِ ( جور – فكيف يجوز أن يجعل صوت المرأة وصوت الرجل واحداً , والرسول e يقول : ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن ) , فالتصويت باب فتنة , السكارى سيصوتون لسكران , وأصحاب الشهو ات سيصوتون لشهواني حتى لايحرم عليهم ما يشتهون , وأصحاب آلات اللهو والطرب سيصوتون لمطرب , وهكذا النسوة ربما يخيل إليهن أنهن مظلومات ويصوتن لامرأة , وتأتي امرأة تحكم البلاد , والرسول e قال : ( لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ) , فهي دسيسة من قبل أعداء الإسلام و والطالحون في المجتمع أكثر من الصالحين , فأنت تتعب نفسك وتتصور , وتجري وتنصب نفسك في المسجد وأريد منكم أن تنتخبوني فهذا أمر مخطط , وطاغوتي .
ومن الطاغوتية فيه : احترام الرأي , والرأي الآخر , واحترام الرأي معناه كفر بالله , وهو أن تجعل القرآن والسنة رأياً من الآراء , أنت تقول : قال الله , وهو يقول قال المستر الفلاني كذا وكذا , وبعدها إن صوتوا على قول المستر هذا فهو , وإن صوتوا على قول الله فذال , وما يصوت إلا القليل ) وقليل من عبادي الشكور ِ (, ) وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ِ (.
فالذي يصوت للخير هم قليل وقد حدث هذا – حتى لا تظنوا أننا نتكلم على خيال – أخبرني من شهد التلفزيون وأنا أثق به , أنهم تكلموا في مجلس النواب على مصنع الخمر هل يصلح أو لا يصلح , فقام بعض الصالحين وقال : هذا لا ينبغي أن يُتكلم فيه , لأنه الكتاب والسنة يحرمانه , فقال له رئيس المجلس : كلامك صحيح , ولكن كلام القاعة أصح , سخرية ما بعدها سخرية , ورئيس مجلس النواب اسمه – يس سعيد نعمان , قال هذا , فهذه ردة في بلادنا , ولا يجوز لأحد أن يدخل مجلس النواب هذا الطاغوتي .
شئ آخر وهو التعايش السلمي معناه إبطال الجهاد في سبيل الله , والإسلام ما قام إلا بالجهاد في سبيل الله , والرسول e يقول : ( وجعل رزقي تحت ظل رمحي ) , فالذي يظن أن الإسلام ينتصر بورقة فهو مغفل مغفل مغفل ..... انظروا إلى الجزائــــــــــــــــــر . اهـ ( قمع المعاند وزجر الحاقد الحاسد – ص76 : 79 ) .
وأخيراً : فلو أن الإخوان المسلمون دخلوا مجلس الشعب مثل كل الذين يدخلون دون أن يتمسحوا في الأدلة الشرعية لكان الأمر هيناً , ولكنهم يعلمون قبل غيرهم أنهم يخدعون أنفسهم قبل غيرهم بالاستدلال بمثل هذه الأدلة ووضعها في غير موضعها .
وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يشارك في الدخول إلى مثل هذه المجالس التشريعية , أو يُعين من يريدون أن يدخلون إلى هذه المجالس بترشيحهم وانتخابهم ؛ لأن أقل شئ في ذلك أنه تعاون على الإثم والعدوان , قال تعالى : )وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ( .
فالإيجابية تقتضي على المسلم أن لا يشارك في هذه الانتخابات بأي صفة كانت , ولا يتعاون إلا مع من يقيم شرع الله .
0 comments:
welcome to my blog. please write some comment about this article ^_^