رسالة الإنتصار للنبى المختار



   الحمد لله رب العالمين حمدا طيبا مباركا فيه ملئ السماوات والأرضين , وأشهد أن لا إله إلا الله يعز وينصر أولياءه المؤمنين ، ويذل ويخذل أعدائه  الكافرين , وأشهد أن محمدا رسول رب العالمين سيد ولد آدم , وسيد الأولين والآخرين .
وبعد :
   إن من أعظم واجبات الدين على جميع المسلمين أن يقوموا بنصرة رب العالمين , ونبيه الأمين صلى الله عليه وسلم , فإن ذلك من أعظم صفات الأنصار والمهاجرين – قال رب العالمين : { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } [ الحشر : 8 ] .
   ولقد قام الصحابة الأكرمين بذلك خير قيام فبذلوا أموالهم وأرواحهم نصرة لدين رب العالمين وفداء لنبيه الأمين صلى الله عليه وسلم فكانوا بذلك من أفضل المؤمنين – كما قال رب العالمين : { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [ الأحزاب : 23 ] .
   وهذا الواجب حتم ولازم على جميع المؤمنين , ولا يسعهم التقاعس عن ذلك إلى يوم الدين ؛ لأن الرسول  يجب أن يكون أحب إلى المسلم من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين .
   والسؤال ها هنا : هل المسلمون حقا والمؤمنون صدقا يبلغون نحو مليار مسلم أو يزيد ؟ أم أنهم الغثاء الذي لا وزن له ولا قيمة , كما تنبأ بذلك الرسول - كما روى أبو داود في الحديث الصحيح : " يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها, فقال قائل : ومن قِلّةٍ نحن يومئذ ٍ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنكم غثاءٌ كغثاء السيل ، ولينزعنَّ اللّه من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفنَّ اللّه في قلوبكم الوهن , فقال قائل : يا رسول اللّه ، وما الوهن ؟ قال: "حبُّ الدنيا وكراهية الموت ".
   نعم هذا هو واقع المسلمين إلا من رحم الله تعالى , أيسب رسول الله  ويسخر منه ويستهزأ به وبدينه , ولا يملك المسلمون إلا الشجب والاستنكار والمظاهرات ؟!
أيسخر عبّاد الصليب من رسول التوحيد ؟ ولا نملك إلا أن نطلب منهم الاعتذار ؟!
   وما كان الكفار الأقزام من الشرق أو الغرب , الصلبيين منهم واليهود , أو الشيوعيين ليتطاولوا على رسول رب العالمين , وعلى دينه وشرعه , إلا بسبب غفلة المسلمين،  وقد علم الكافرون أن المسلمين الآن لا يملكون أن يحركوا ساكنا أو يسكنوا متحركا , فالكفار يعلمون أنهم آمنون من غضب المسلمين , لكونهم انشغلوا بغير دينهم ونصرة نبيهم , انشغلوا بالدنيا وشهواتها .
  ثم لماذا نلقى باللوم على الكفار الأصليين في اتهامهم للنبي - صلى الله عليه وسلم وهناك ممن ينتسبون إلى الإسلام زوراً و بهتاناً من يسخرون من النبي الكريم  , ومن دينه ومن شرعه , لماذا نلقي بكل اللوم على المشركين وهناك من  ينتسب إلى الإسلام من يسب الصحابة الكرام , وعلى رأسهم أم المؤمنين عائشة – رضى الله عنها – وهذا السب ينشر على الناس من خلال الصحف والمجلات التي يرأسها المارقون وإن كانوا ينتسبون إلى الإسلام .
   لا أكون مبالغا إذا قلت : أننا أسأنا إلى ديننا وإلى نبينا, صلى الله عليه وسلم قبل أن يسئ إليه الكفار , أسأنا إلى ديننا وإلى نبينا لكوننا تخلينا عن حكمه وشرعه , فرضينا أن نُحكم بشرع الكفار , ورفضنا أن نحكم بشرع الرحمن , أسأنا إلى ديننا وإلى نبينا عندما طبقنا مناهج الشرق والغرب وتخلينا عن منهاج نبينا صلى الله عليه وسلم - فهؤلاء الكفار قاموا بتسفيه ديناً لا يعمل به معتنقوه , سفهوا نبياً e لا يعمل قومه بهديه وسنته .
   إن المسلمين اليوم إنما تخلوا عن نصرة نبيهم  صلى الله عليه وسلم لأنهم تخلوا أولا عن دينهم , فلا يعرفون عنه شيئاً لا أصولا ولا فروعاً – إلا من رحم الله – فكان من الطبيعي أن لا يتحركوا ولا يغضبوا من أجل دينهم ولا من أجل نبيهم , وأسأل الله أن يرد المسلمين إلى دينهم وإلى سنة نبيهم .
   وهذه ورقات معدودة أردت من خلالها أن أحث المسلمين فيها على الرجوع إلى دينهم وبيان أن محبتهم لنبيهم صلى الله عليه وسلم تقتضي المسارعة منهم إلى نصرة نبيهم – كل على حسب استطاعته – مع بيان بعض الصور التي من خلالها يتم نصرة المسلمين لنبيهم – مع الإشارة إلى البشارة بنصرة هذا الدين وعلوه وارتفاعه ,ولو كره المشركون , وإن تخلى عنه أتباعه , فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه يقومون بنصرة هذا الدين , وبنصرة النبي الكريم  صلى الله عليه وسلم.
   ولعلي بهذه الورقات أقدم عذري بين يدي ربي جل وعلا في نصرة حبيبه محمداً  صلى الله عليه وسلم.

والحمد لله رب العالمين



- وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم -


    هذا الفصل كالتمهيد للفصل الثاني , الذي يتعلق بوجوب نصرة النبي  صلى الله عليه وسلم - لأن محبة النبي صلى الله عليه وسلم - هي الدافع الأكبر , والباعث الأعظم في تحقيق نصرة النبي  صلى الله عليه وسلم - نعم هناك دوافع أخرى للنصرة , ولكن من أكبر وأعظم البواعث على النصرة , محبة من يسعى الإنسان إلى نصرته .
   فمن الفروض الآكدة على كل مسلم ومسلمة أن يقدم محبة الله ورسوله على جميع المحاب , فمحبة النبي صلى الله عليه وسلم ليست من النوافل أو المستحبات , بل من قدم شيئا كائنا من كان على محبة النبي  - صلى الله عليه وسلم فهو متهم في دينه , فمنهم من ينتقص إيمانه , ومنهم من ينتقض إيمانه .

محبة النبي  - صلى الله عليه وسلم على قسمين :


قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله – في كتابه : " استنشاق نسيم الأنس في نفحات رياض القدس " صـ34 ،35 :

ذكر رحمه الله أن محبة الرسول  صلى الله عليه وسلم - على درجتين :

إحداهما : فرض – وهي المحبة التي تقتضي قبول ما جاء به الرسول  صلى الله عليه وسلم من عند الله , وتلقيه بالمحبة والرضا والتعظيم والتسليم , وعدم طلب الهدى من غير طريقه بالكلية , ثم حسن الإتباع له فيما بلّغه عن ربه , من تصديقه في كل ما أخبر به ؟ وطاعته فيما أمر به من الواجبات , والانتهاء عما نهى عنه من المحرمات , ونصرة دينه , والجهاد لمن خالفه بحسب القدرة , فهذا القدر لا بد منه , ولا يتم الإيمان بدونه .

والدرجة الثانية : فضل ؛ وهي المحبة التي تقتضي حسن التأسي به , وتحقيق الاقتداء بسنته , وأخلاقه , وآدابه , ونوافله , وتطوعاته , وأكله وشربه , ولباسه وحسن معاشرته لأزواجه , وغير ذلك من آدابه الكاملة وأخلاقه الطاهرة "اهـ .   
دلائل محبة النبي  صلى الله عليه وسلمما أسهل ادعاء محبة النبي  صلى الله عليه وسلم - فما من أحد ينتسب إلى الإسلام إلا وهو من المدعين لمحبة نبيه الكريم , ولكن أين حقيقة ذلك , وأين الدلائل التي تشير إلى محبة النبي صلى الله عليه وسلم  - بل الدلائل تشير إلى غير ذلك , بدليل ما عليه الناس الآن من تخاذل عن نصرة الدين ونصرة النبي الكريم , فمن هذه الدلائل :

أولا ً : تقديم محبة النبي  صلى الله عليه وسلم - وتفضيله على جميع الخلق :
تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم - على العالمين , أولهم وأخرهم , ليس من قبيل الرأي , وإنما بشهادة الشرع , فهو صلى الله عليه وسلم - خاتم الأنبياء والمرسلين , وإمام الناس أجمعين وسيدهم في الدنيا والآخرة .
روى مسلم في صحيحه – أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال - : " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل , واصطفى قريشا من كنانة , واصطفى بني هاشم من قريش , واصطفاني من بني هاشم " .
وروى مسلم أيضا – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أنا سيد ولد آدم ولا فخر , وأول من ينشق عنه القبر ,وأول شافع , وأول مشفّع " .
 ومظاهر تفضيله  صلى الله عليه وسلم - كثيرة ,وأفردها العلماء بالتصنيف .
   فلعنة الله على من تطاول عليه وسخر منه , ولعنة الله على من فضّل عليه الأولياء والأقطاب , من غلاة الصوفية , ولعنة الله على من فضّل عليه الأئمة – الذين يدعون عصمتهم - كغلاة الشيعة .
ثانيا : التأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم - في حياته , وبعد وفاته :
وهذا التأدب إنما يتحقق من خلال عدة وجوه :
الوجه الأول : كثرة الثناء عليه ومدحه بما هو أهله , فإن الله تعالى أثنى عليه , وأمرنا بالثناء عليه – في قوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [ الأحزاب : 56 ] .
   قال الحافظ ابن كثير : " وهذا إخبار من الله تعالى " بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين وأن الملائكة تصلي عليه ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعا ". اهـ [ تفسير ابن كثير – جـ 3 – صـ 507 ] .
   وفي هذه الآية المباركة أمر بالصلاة عليه , والأمر يقتضي الوجوب .
روى الإمام أحمد في المسند , والترمذي في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علىّ " , وروى البخاري في الأدب المفرد , وأحمد والترمذي – أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال : " رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم بصل عليّ ".
فائدة
في أفضل صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
   روى البخاري – حين قال الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم - : " أما السلام عليك فقد عرفناه ، فكيف الصلاة ؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد " .

الوجه الثاني : الإكثار من ذكره , والتشوق لرؤيته , فمن أحب شيئا أكثر من ذكره , وسعى إلى لقاءه ورؤيته , والمسلم عليه أن يتعرف على فضائل النبيصلى الله عليه وسلم  - وخصائصه , ومعجزاته , ودلائل نبوته , مع الوقوف على منزلته وحقوقه , وصفاته , وأخلاقه , وما كان من دعوته وسيرته , وغزواته – إلى غير ذلك – فإن ذلك من أكبر البواعث على محبته من جانب , والإكثار من ذكره من جانب أخر , وبالتالي المسارعة إلى نصرته  صلى الله عليه وسلم.

يقول العلامة ابن القيم – رحمه الله – في كتابه " جلاء الأفهام "- صـ 265 : " كلما أكثر من ذكر المحبوب ، واستحضاره في قلبه، واستحضار محاسنه ومعانيه الجالبة لحبه ، تضاعف حبه له وتزايد شوقه إليه ، واستولى على جميع قلبه، وإذا أعرض عن ذكره وإحضار محاسنه بقلبه، نقص حبه من قلبه، ولا شيء أقر لعين المحب من رؤية محبوبه ، ولا أقر لقلبه من ذكره وإحضار  محاسنه،فإذا قوى هذا في قلبه جرى لسانه بمدحه والثناء عليه ، وذكر محاسنه ، وتكون زيادة ذلك ونقصانه بحسب زيادة الحب ونقصانه في قلبه " . اهـ
الوجه الثالث : التأدب عند ذكره - صلى الله عليه وسلم وذلك بأن لا يذكر باسمه مجردا , بل يوصف بالنبوة والرسالة , فهذا أدب عظيم أدّب الله تعالى به الصحابة , وينبغي أن يتأدب به كل مسلم عند ذكره  صلى الله عليه وسلم - فلا يقال : محمد , ولكن يقال : نبي الله , ورسول الله , ونحو ذلك .
فهذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم المذكورة في خطاب الله تعالى له , كما قال تعالى : { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ } [ الأحزاب :41 ] . وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ } [ المائدة : 67 ] , { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ }[ الأحزاب : 28 ] .
وهذا الأدب الرباني هو المذكور في قوله تعالى : { لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ } [ النور : 63 ] .

فائدة :

في التأدب في مسجده , وعند قبره  صلى الله عليه وسلم

   من دلائل محبة العبد للنبي - أن يتأدب في مسجده ,وعند قبره , بعدم رفع الصوت وكثرة اللغط هناك .
   روى البخاري عن السائب بن يزيد , قال : كنت قائما في المسجد، فحصبني رجل ، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب ، فقال : اذهب فأتني بهذين، فجئته بهما، قال: من أنتما، أو من أين أنتما ؟  قالا : من أهل الطائف ، قال : لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم" .
الوجه الرابع : توقير وتعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ويكون ذلك بالتأدب عند سماعه , والوقار عند دراسته , وقبوله وعدم الاعتراض عليه برأي , ونحوه .
فكان العلماء عموما والمحدثين خصوصا يهتمون بهذا الجانب اهتماما كبيراً , من شدة حبهم وتعلقهم بنبيهم  صلى الله عليه وسلم.
1- روى الخطيب البغدادي – في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع – جـ 2 – صـ 34 :" وقال أبو سلمة الخزاعي : كان مالك بن أنس – إذا أراد أن يخرج يُحدث , توضأ وضوءه للصلاة , ولبس أحسن ثيابه , ولبس قلنسوة , ومشط لحيته , فقيل له في ذلك , فقال : أوِّقر به حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
2- روى ابن عبد البر في – " جامع بيان العلم وفضله " – جـ 2 – صـ 1217 :
"قال ضرار بن مرة : كانوا يكرهون أن يُحدثون عن رسول الله e وهم على غير وضوء , وقال إسحاق : فرأيت الأعمش إذا أراد أن يتحدث وهو على غير وضوء تيمم ".
3- روى الخطيب البغدادي – في الجامع لأخلاق الراوي – جـ 2 – صـ 45  - وابن عبد البر في " جامع بيان العلم " – جـ2 – صـ1220 : "  قال ابن أبي الزناد : كان سعيد بن المسيب وهو مريض يقول : أقعدوني , فإني أعظم أن أحدث حديث رسول الله  صلى الله عليه وسلم - وأنا مضطجع " .
فائدة :
في بعض صور من حب الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم
   لقد ضرب الصحابة رضى الله عنهم أروع الأمثلة التي تدل على شدة محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم - ومن ذلك :
1- قال الحافظ ابن كثير " في البداية والنهاية " جـ4– صـ65 :
"أن أبا سفيان ابن حرب – وهو على الشرك وقتها – سأل زيد بن الدثّنة رضى الله عنهحينما أخرجه أهل مكة من الحرم ليقتلوه – وقد كان أسيراً عندهم : "أنشدك بالله يا زيد : أتحب أن محمداً الآن مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك ؟ قال : " والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنا جالس في أهلي – فقال أبو سفيان : ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً " . اهـ
2- روى ابن حجر في " الإصابة " – جـ4 – صـ 299, 300 – وابن كثير في " البداية والنهاية " – جـ4 , صـ 280 :
" أن أبا سفيان لما زار ابنته – أم حبيبةرضى الله عنها – في المدينة , ودخل عليها بيتها , ذهب ليجلس على فراش رسول الله  صلى الله عليه وسلم - فطوته – فقال : يا بنية , ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش أو رغبت به عني ؟ فقالت : هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت مشرك نجس , فلم أحب أن تجلس على فراشه " . [ وذكر القصة الشيخ " على حشيش " في القصص الواهية في مجلة التوحيد – عدد جمادي الأولى عام 1427 هـ - صـ 53 ] .
3- روى الطبراني في الأوسط – جـ 8 – صـ244- وهو في مجمع الزوائد للهيثمي – جـ6 – صـ115 – وذكر أن رجاله ثقات إلا واحدا لم يعرفه – وذكره ابن كثير – في البداية والنهاية – جـ4 – صـ47 : " وعن أنس بن مالك قال ‏:‏ لما كان يوم أحد حاص أهل المدينة حيصة وقالوا‏:‏ قتل محمد حتى كثرت الصوارخ في ناحية المدينة فخرجت امرأة من الأنصار متحزمة فاستقبلت بأبيها وابنها وزوجها وأخيها لا أدري أيهم استقبلت به أولاً فلما مرت على أحدهم قالت‏:‏ من هذا‏ ؟‏ قالوا‏:‏ أبوك أخوك زوجك ابنك‏ , تقول‏:‏ ما فعل رسول الله ‏ ؟‏ صلى الله عليه وسلميقولون‏ :‏ أمامك حتى دفعت إلى رسول الله e فأخذت بناحية ثوبه ثم قالت ‏:‏ بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا أبالي إذ سلمت من عطب‏ " , وفي رواية : قالت : كل مصيبة بعدك جلل " .
4- سئل على بن أبي طالب – رضي الله عنه – كيف كان حبكم لرسول الله  صلى الله عليه وسلم ؟
   قال : " كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا , ومن الماء البارد على الظمأ ". اهـ [ شرح الشفا – للقاضي عياض – جـ2 – صـ40 ] .
من أجمل ما وُصف به الصحابة – حيال النبي صلى الله عليه وسلم:
   روى البخاري في قصة إتيان عروة بن مسعود الثقفي ليفاوض النبي صلى الله عليه وسلم- في قصة صلح الحديبية , فلما رجع إلى قريش قال : أي قوم  والله لقد وفدت على الملوك ، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ، والله إن رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد  صلى الله عليه وسلم محمداً ، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلـم خفضوا أصواتهـــــم
عنده ، وما يحدون النظر إليه  تعظيماً له  .
   وروى البخاري في وصف الصحابة في مجلس صلى الله عليه وسلم ه  - قول أبي سعيد الخدري : "وسكت الناس كأن على رؤوسهم الطير " .
بعض الأسباب المؤدية إلى محبة النبي: صلى الله عليه وسلم
الأسباب الجالبة لمحبة النبي  - كثيرة , نقتصر على بعضها :
1- محبة الله تعالى – سبب عظيم يؤ دي إلى محبة النبي : صلى الله عليه وسلم

ذلك أن الإنسان لن يصل إلى الله تعالى وإلى محبته إلا عن طريق النبي e - فإنه من أعظم النعم التي امتن الله تبارك وتعالى به على البشر عامة وعلى المسلمين خاصة , قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيرًا } [ الأحزاب : 45 : 47 ] .

2- تقديم محبة النبي صلى الله عليه وسلم  وأقواله وأوامره على من سواه , مع تعظيم ذلك :

   قال رسول الله : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين " رواه البخاري ومسلم .

   وأخرج البخاري عن عبد الله بن هشام : كنا مع النبي  صلى الله عليه وسلموهو آخذ بيد عمر بن الخطاب , فقال له عمر : يا رسول الله لأنت أحب إلىّ من كل شئ إلا من نفسي , فقال النبي  : " لا والذي نفسي بيده , حتى أكون أحب إليك من نفسك , فقال له عمر : الآن والله , لأنت أحب إلى من نفسي , فقال النبي  صلى الله عليه وسلم: " الآن يا عمر " . 

   وحب الله , وحب رسول الله  صلى الله عليه وسلم - ليس كلمات تقال , ولا مجرد دعوى باللسان , بل لا بد أن يصاحب ذلك : الإتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم- والسير على هداه , وتحقيق منهجه في الحياة , أما الذين قصروا محبة النبي صلى الله عليه وسلم على القصائد الشعرية والمدائح النبوية , التي ينشدونها ويتغنون بها , دون إتباع هديه وطريقته لا يفيدهم ذلك شئ .
إن المحبة الحقيقية لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم - تكون بطاعة الله وطاعة رسوله , والعمل بمنهج الله الذي جاء به الرسول e - وأول ذلك تحرير الولاء لله ولرسوله  صلى الله عليه وسلمقال تعالى : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [ آل عمران : 31 ] .
3- من الأسباب الجالبة للمحبة أيضاً : علم العبد بحرص الرسول على أمته ورأفته ورحمته بهم :
قال تعالى : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [ آل عمران : 128 ] .
   روى البخاري ومسلم – عن عائشة – رضى الله عنها – أنها قالت لرسول : يا رسول الله : هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال : لقد لقيت من قومك ما لقيت ، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ، إذ عرضت نفسي على  ابن عبد  يا  ليل بن عبد كلال  ، فلم يجبني إلى ما أردت ، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي ، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب ، فرفعت رأسي ، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني ، فنظرت فإذا فيها جبريل ، فناداني فقال : إن الله قد سمع قول قومك لك ، وما ردوا عليك ، وقد بعث الله إليك ملك الجبال ، لتأمره بما شئت فيهم ، فناداني  ملك الجبال  ، فسلم علي ، ثم قال : يا محمد ،إن الله قد سمع قول قومك لك ، وأنا ملك الجبال ، وقد بعثنى ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت ؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ؟  
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئا.  
4- من الأسباب الجالبة للمحبة أيضاً : أن الرسول ما ترك شيئاً إلا وبيّنه للناس :

   فإنه تركنا على المحجة البيضاء , فما من خير إلا وأمر الناس به , وما من شر إلا ونهى الناس عنه وحذرهم منه .

روى مسلم– عن سلمان – قال : " قيل له : قد علمكم نبيكم  - صلى الله عليه وسلمكل شئ حتى الخراءة , قال : أجل , نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول , وأن نستنجى باليمين , وأن نستنجى بأقل من ثلاثة أحجار , وأن نستنجى برجيع أو عظم ".
5- من الأسباب الجالبة للمحبة أيضاً : سماحة ويسر شريعته :

قال تعالى في حق النبي صلى الله عليه وسلم : { يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } [ الأنفال : 157 ] .

وقال تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [الأنبياء : 107].
وقال صلى الله عليه وسلم- " إنما أنا رحمة مهداه " [ صححه الألباني في الصحيحة ] .
وقال  صلى الله عليه وسلم - " لأبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل – حينما بعثهما لليمن : يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا " رواه البخاري ومسلم .

فائدة : في أسباب الجفاء مع النبي:صلى الله عليه وسلم
السبب الأول : الابتعاد عن السنة – قلباً وقالباً , حالاً ودعوة :
يأتي في أول ذلك : ترك العمل بالسنن الظاهرة , الواجب منها والمندوب , مثل سنن الاعتقاد ومجانبة البدعة وأهلها بل وهجرهم , وكذلك السنن المؤكدة , والسنن الرواتب ,وفي ذلك يقول  صلى الله عليه وسلم: " .. ...  فمن رغب عن سنتي فليس منى "رواه البخاري .
  
السبب الثاني : رد الأحاديث الصحيحة والاعتراض عليها :
وهذا الأمر ابتلي به المسلمون في هذه الآونة ابتلاءً عظيماً , فقد تجرأ القاصي والداني على الطعن في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم  - ولم يسلم من ذلك الصحيحين , بحجة مخالفة هذه الأحاديث للعقل , أو عدم ملائمتها للواقع , أو عدم إمكان تطبيقها في هذه العصور , وهناك من يرد الأحاديث باعتبارها أحاديث أحاد , وهؤلاء حقيقة يطعنون في أحكام الشريعة الإسلامية , لآن أغلب الأحكام إنما جاء من طريق الآحاد.
يقول ابن القيم : " ومن الأدب معه صلى الله عليه وسلمأن لا يستشكل قوله بل تستشكل الآراء لقوله ولا يعارض نصه بقياس بل تهدر الأقيسة وتلقى لنصوصه ولا يحرف كلامه عن حقيقته لخيال يسميه أصحابه معقولا نعم هو مجهول وعن الصواب معزول ولا يوقف قبول ما جاء به على موافقة أحد فكل هذا من قلة الأدب معه بل هو عين الجرأة " . اهـ [ مدارج السالكين – جـ2 – صـ406 ] .

السبب الثالث : العدول عن سيرته وسنته :
سيرة النبي صلى الله عليه وسلم  وسنته , هي النبراس للناس على مر العصور والدهور , لأنه هو القدوة للمسلمين في كل شئ : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } [ الأحزاب : 21 ] . فمن الجفاء الخطير أن يحيد الناس عن سيرته , إلى سيرة من يسمونهم عظماء الشرق والغرب,
ومن الدواهي العظيمة في هذه الأيام المقارنة بين أقواله e - وأقوال غيره , كذلك من الأمور الخطيرة عرض سيرة الدعاة والعلماء المعاصرين على الناس من خلال القنوات الفضائية , مما جعل الناس أو أكثرهم يتعلق بهؤلاء وينبهرون بهم , مع نسيانهم سيرة النبي صلى الله عليه وسلم - والناس لهم المشاهد, واللحظة الحاضرة المعاصرة .
   فسيرته  - صلى الله عليه وسلم من أقوال وأفعال يجب أن تكون هي الأصل عند الناس , فهو محل القدوة والأسوة على الإطلاق .
السبب الرابع من أسباب الجفاء وصوره : هجر أهل السنة والوقوع فيهم والسخرية منهم :
لا يمكن الوصول إلى السنة الصحيحة والعمل بها إلا عن طريق من حملوا إلينا هذه السنن , وخدموها وحفظوها , فمن الجفاء للنبي e - هجر حملة سنته وعدم الأخذ منهم , والأخطر من ذلك : همزهم ولمزهم , والاستهزاء بهم , وعيبهم لمجرد تمسكهم بالسنة , فمن كان هذا حاله فهو خارج عن الطائفة المنصورة التي زكاها  الرسول بقوله : " لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك " . رواه البخاري ومسلم  
فمن تكلم في أهل السنة فلن يضر إلا نفسه :
كناطح صخرة يوما ليوهنها        فلم يُضرها وأوهى قرنه الوعلُ
بل إن كلام هؤلاء على أهل السنة يكون سبباً في نشر السنة :
وإذا أراد الله نشر فضيلــــــة       طويت أتاح لها لسان حســـــود
السبب الخامس من صور الجفاء : الابتداع في الدين :
إذا كان هجر السنة وأهلها من الجفاء , فإن الابتداع في الدين بأنواعه من أعظم أسباب الجفاء , خاصة البدع الكفرية المضادة لمنهج النبي  - كبدعة التشيع والتجهم , والإرجاء , وبدعة الخوارج , إلى صلى الله عليه وسلم غير ذلك , وأخطر من ذلك كله بدعة العلمانية والديمقراطية فهؤلاء وإن كانت أعمالهم مردودة عليهم , فكذلك سوف يطردون من على حوض النبي  - يوم القيامة , عقوبة لهم على ابتداعهم فى الدين . صلى الله عليه وسلم
السبب السادس من صور الجفاء : الغلو في شخص النبي صلى الله عليه وسلم  :
فإن الغلو في شخص النبي صلى الله عليه وسلم - يخالف هديه وطريقته ودعوته , بل يخالف الأصل الذي أرسله الله به , وهو التوحيد .
   إن الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم - ورفعه فوق منزلة النبوة واشراكه في علم الغيب أو سؤاله من دون الله , أو الإقسام به من الأمور الكفرية , وعلاوة على ذلك فإن فيها أذية للنبي  , صلى الله عليه وسلم لأنه نهى عن ذلك بقوله : " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ولكن قولوا عبد الله ورسوله " رواه البخاري .
   وكذلك قد حذر الرسول  صلى الله عليه وسلم - من أن يتخذ قبره عيداً ومزاراً , حيث قال : " لا تجعلوا قبري عيداً , وصلوا علىَّ , فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم " . [ رواه أبو داود , وإسناده صحيح , وصححه الألباني في غاية المرام ] .
   بل إنه صلى الله عليه وسلم  - لعن الذين يتخذون القبور مساجد , تحذيراً للأمة أن يسلكوا مسلك المغضوب عليهم والضالين .




- وجوب نصرة النبي صلى الله عليه وسلم  -

   من أعظم واجبات المسلمين نحو نبيهم الكريم  - صلى الله عليه وسلم القيام بنصرته في حياته وبعد مماته , ولقد أثنى الله تعالى على الصحابة لقيامهم بهذا الأمر , ووصفهم بالصادقين , قال تعالى : { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } [ الحشر : 8 ] .
   بل من أعظم أصول الدين بعد الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك , القيام بنصرة النبي صلى الله عليه وسلم  - لأن نصرة النبي صلى الله عليه وسلم - تعني موالاة النبي صلى الله عليه وسلم -  ومعاداة أعداء النبي  - قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }  [المائدة : 54] .
   وقال تعالى : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}[ الفتح : 29 ] .
   ولن يقوم بنصرة النبي صلى الله عليه وسلم - والدفاع عن دينه إلا من أحبه حبا خالصا وقدم محبته على جميع المحاب , فهذا الذي يتأتي منه النصر الحقيقي .
وجوه نصرة النبي صلى الله عليه وسلم
الوجه الأول : تصديق النبي  صلى الله عليه وسلم - في كل ما أخبر به :
فهذا من أصول الإيمان وركائزه العظام , لأنه صلى الله عليه وسلم  - لا ينطق عن الهوى {إِنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} , فمن الكفر البواح اتهامه وتكذيبه فيما أخبر , وكذا التشكيك فيما جاء به .
   قال ابن القيم : " فرأس الأدب معه : كمال التسليم له والانقياد لأمره وتلقي خبره بالقبول والتصديق دون أن يحمله معارضة خيال باطل يسميه معقولا أو يحمله شبهة أو شكا أو يقدم عليه آراء الرجال وزبالات أذهانهم فيوحده بالتحكيم والتسليم والانقياد والإذعان كما وحد المرسل سبحانه وتعالى بالعبادة والخضوع والذل والإنابة والتوكل " . اهـ [ مدارج السالكين – جـ2 – صـ387 ] .
الوجه الثاني من وجوه النصرة : اتباعه وطاعته والاهتداء بسنته :
قال تعالى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [ الأحزاب : 21 ] .
   فالأصل في أفعال الرسول وأقواله أنها للإتباع .
 قال الحافظ ابن كثير : " هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله e في أقواله وأفعاله وأحواله, ولهذا أمر تبارك وتعالى الناس بالتأسي بالنبي  يوم صلى الله عليه وسلم الأحزاب في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظار الفرج من ربه عز وجل " . اهـ [ تفسير ابن كثير – جـ3 – صـ475 ] .
   والنصوص النبوية متواترة في الحض والحث على وجوب اتباعه وطاعته والاستنان بسنته , والاهتداء بهديه , وتعظيم أمره ونهيه , ومن ذلك قوله : " صلوا كما رأيتموني أصلي " . رواه البخاري , وقوله : " لتأخذوا عني مناسككم " . رواه مسلم , وقوله : " فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين , تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة " [ رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة – وهو حديث صحيح ] . 
قال الإمام الخطابي : "إنما أريد بذلك الجد في لزوم السنة , فعل من أمسك الشيء  بين أضراسه وعضّ عليه منعا له أن ينتزع , وذلك أشد ما يكون من التمسك بالشيء إذا كان ما يمسكه بمقاديم فمه أقرب تناولاً وأسهل انتزاعا " . اهـ [ معالم السنن بحاشية مختصر سنن أبي داود – جـ 2 – صـ12 ] .
   فطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم - هي المثال الحي الصادق لمحبته , ونصرته , فكلما ازداد الحب زادت الطاعة ,ولهذا قال سبحانه : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [ آل عمران : 31 ] . 
فالطاعة ثمرة المحبة , كما قال بعض الشعراء :
تعصي الإله وأنت تزعم حبّه           هذا لعمري في القياس بديع
 لـو كان حبك صادقا لأطعتــه           إن المحب لمن يحب مطيــع
فمن أراد أن ينصر النبي صلى الله عليه وسلم - مما يتعرض له من هجوم من الكافرين والمرتين فأبلغ رد عليهم هو التمسك بما كان عليه الرسول  .
الوجه الثالث : نصرة النبي  صلى الله عليه وسلم تكون بالتحاكم إلى هديه وطريقته وسنته :
من المقطوع به في كتاب الله تعالى أنه لا إيمان لمن لم يحتكم إلى شريعته صلى الله عليه وسلم - ويسلم لذلك تسليماً – قال تعالى :{ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا  } [ النساء : 65 ] . 
   وقال تعالى : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينًا} [ الأحزاب : 36 ] . 
   ومن أعظم علامات الزيغ والنفاق الأكبر الإعراض عن سنته , وترك التحاكم إليها , قال تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا} [ النساء : 60  ] .
 قال شيخ الإسلام : "فكل من خرجعن سنة رسولالله e وشريعته
, فقد أقسم اللهبنفسه المقدسة أنه لا يؤمن حتى يرضي بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع ما يشجر بينهم من أمور الدين والدنيا ، وحتى لا يبقى في قلوبهم حرج من حكمه‏ ". اهـ [ مجموع الفتاوى – جـ8 – صـ 471 ] .
وقال ابن القيم : "فجعل الإعراض عما جاء به الرسول والالتفات إلى غيره هو حقيقة النفاق , كما أن الإيمان هو تحكيمه وارتفاع الحرج عن الصدور بحكمه , والتسليم لما حكم رضى واختياراً ومحبة , فهذا حقيقة الإيمان ,وذاك الإعراض حقيقة النفاق " اهـ من [ مختصر الصواعق المرسلة – جـ2 – صـ353 ] .
   وهل يقوم بنصرة النبي صلى الله عليه وسلم - من يستبدل شرعه بشرع خنازير البشر الواضعين للقوانين الوضعية ؟ وهل يقوم بنصرة النبي صلى الله عليه وسلم - من نصّبوا أنفسهم مشرعين من دون الله رب العالمين ؟ وهل يقوم بنصرة النبي  صلى الله عليه وسلم - من يحارب أتباع النبي صلى الله عليه وسلم  ؟  وهل يقوم بنصرة النبي صلى الله عليه وسلم  - من ينصر الكفر البواح باسم الحرية , والرأي , والرأي الأخر , وحرية الفكر؟ وهل يقوم بنصرة النبي صلى الله عليه وسلم الذين يهاجمون الثوابت الشرعية ورميها بالتخلف والرجعية ؟ وهل يقوم بنصرة النبي  صلى الله عليه وسلم - عبّاد القبور الذين يصرفون العبادة لغير الله ؟ وهل يقوم بنصرة النبي  - صلى الله عليه وسلم من يقدمون أقوالهم وآرائهم ومناهجهم على منهج النبي e ؟
   إن الذين يبحثون عن نصرة النبي صلى الله عليه وسلم - لا بد لهم من الرجوع أولاً إلى دينه وشرعه بالتحاكم إليه والحكم به , والاهتداء بهديه , والسير على منهاجه .
الوجه الرابع من وجوه النصرة : الدفاع عن النبي  صلى الله عليه وسلم - حياً وبعد وفاته :
من أعظم علامات المحبة والإجلال لشخص الرسول صلى الله عليه وسلم - نصرته بالدفاع عنه والذب عنه , قال تعالى في صفة أتباع النبي صلى الله عليه وسلم : { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ الأعراف : 157 ] .
   فمن أراد الفلاح فعليه بعد الإيمان الصحيح أن يقوم بنصرة الرسول – وأتباعه إتباعاً سليماً .

نماذج وصور رائعة للصحابة في دفاعهم عن النبي صلى الله عليه وسلم
1- روى البخاري أن أنس بن النضر يوم أحد لما انشكف المسلمون قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، يعني أصحابه وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء، يعني المشركين. ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ :  فقال : يا سعد بن معاذ  الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أحد ، قال  سعد : فما استطعت يا رسول الله ما صنع , قال  أنس : فوجدنا به بضعاً وثمانين : ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم ، ووجدناه قد قتل وقد مثل به المشركون ، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه " .
2- روى البخاري أن أبا طلحة الأنصاري رضى الله عنه كان يحمي الرسول في غزوة أحد , ويرمي بين يديه , ويقول : "بأبي أنت وأمي ، لا تشرف يصيبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك " .
3- روى البخاري عن قيس بن أبي حازم قال : " رأيت يد طلحة شلاء , وقى بها النبي  صلى الله عليه وسلم - يوم أحد " .
   وما قام به الصحابة رضى الله عنهم في دفاعهم ونصرتهم للنبي صلى الله عليه وسلم  شئ كثير يطول .
وجوب قتل المستهزئين بالنبي صلى الله عليه وسلم
   إن المسلم حقاً الذي يحب رسول الله  صلى الله عليه وسلم - لا يمكن أن يصبر مطلقاً على سماع أو قراءة ما يسئ إلى الرسول  صلى الله عليه وسلم - حتى يقوم مسرعاً لنصرة حبيبه بكل ما يملك , ولقد قام بعض الصحابة بقتل من أساء إلى الرسول  صلى الله عليه وسلم - دون انتظار أمر من الرسول نفسه , ولقد أقرهم الرسول   صلى الله عليه وسلم - على ذلك .
ومن هؤلاء الصحابة " عمير بن عدي بن الخطمي " :
" كانت امرأة تسمى – عصماء بنت مروان – و صلى الله عليه وسلم كانت تؤذي رسول الله , وتعيب الإسلام وتحرض على النبي  - وكانت تقول في ذلك شعراً , فقتلها عمير بن عدي بن الخطمي , وكان ذلك في أثناء غزوة بدر , والعجيب أن هذا الصحابي – الذي نصر الله ورسوله بالغيب , كان أعمى , ولما قال عمر رضى الله عنه بعد الحادثة : انظروا إلى هذا الأعمى تشرى في طاعة الله تعالى , فقال الرسول صلى الله عليه وسلم  لا تقل الأعمى ولكنه البصير " . [ والقصة ذكرها المقريزي – في كتابه " امتاع الأسماع " – جـ1 – صـ101, 102 ]  .
   فإذا كان هذا عمل الأعمى في نصرته للرسول صلى الله عليه وسلم  - فأين ملايين المسلمين الآن ؟ ما موقفهم ممن يسبون النبي e - ويسخرون منه , أليس فيهم رجل رشيد ؟
ومن هؤلاء الصحابة " سالم بن عمير الأنصاري " :
" كان رجل يهودي يدعى – أبو عفك اليهودي – وكان هذا الرجل قد بلغ عشرين ومائة سنة , وكان يحرض على عداوة النبي  صلى الله عليه وسلم وكان يقول في ذلك شعراً , فقتله سالم بن عمير الأنصاري – أحد البكائين من بني النجار , وكان ذلك بعد مقتل عصماء بنت مروان بشهر واحد " . [ والقصة ذكرها منير الغضبان – في " المنهج الحركي للسيرة النبوية " – جـ1 – صـ347 ] .


سرية محمد بن مسلمة تقتل كعب بن الأشرف :

قال البخاري في صحيحة " باب قتل كعب بن الأشرف " :
" عن  جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله e : من لكعب بن الأشرف ، فإنه قد آذى الله ورسول , فقام  محمد بن مسلمة  فقال : يا رسول الله ، أتحب أن أقتله ؟  قال : نعم , قال : فأذن لي أن أقول شيئاً ، قال : قل , فأتاه  محمد بن مسلمة  فقال : إن هذا الرجل قد سألنا صدقةً ، وإنه قد عنانا، وإني قد ...... إلى أن قال .....   فلما استمكن منه ، قال : دونكم ، فقتلوه ، ثم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه  ".

سبب قتل كعب بن الأشرف :
السبب يتمثل في قول الرسول  صلى الله عليه وسلم - " من لكعب بن الأشرف ؟ فإنه أذى الله ورسوله , وأذيته تتمثل في عدة أمور .
 ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح – جـ7 – صـ 391 :
1- أنه كان يهجو رسول الله  صلى الله عليه وسلم - في شعره .
2- كان يهجو المسلمين .             3- كان يشبب بنساء الصحابة .
4- كان يحرض كفار قريش على الرسول والمسلمين .
   وما أكثر أمثال كعب بن الأشرف , فمن لهم نصرة للرسول والإسلام والمسلمين .


سرية عبد الله بن عتيك لقتل أبو رافع اليهودي :

قال البخاري في صحيحه : باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق , ويقال :  سلام بن أبي الحقيق  ، كان بخيبر ، ويقال : في حصن له بأرض الحجاز . وقال الزهري: هو بعد كعب بن الأشرف عن البراء بن عازب t قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلمإلى أبى رافع اليهودي ، رجالا من الأنصار ، فأمر عليهم عبد الله بن عتيك ، وكان أبو رافع يؤذى رسول الله ويعين عليه ....إلى قوله ....فقلت : لا أخرج الليلة حتى أعلم : أقتلته ؟  فلما صاح الديك قام الناعي على السور ، فقال : أنعى  أبا رافع  تاجر أهل الحجاز ، فانطلقت إلى أصحابي ، فقلت النجاء ، فقد قتل الله  أبا رافع  ، فانتهيت إلى النبي e فحدثته ، فقال : أبسط رجلك , فبسطت رجلي فمسحها ، فكأنها لم أشتكها قط ".
عبد الله بن أنيس يقتل سفيان بن خالد الهذلي :

بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم - أن سفيان بن خالد الهذلي , يجمع حوله لحرب الرسول صلى الله عليه وسلم - فأرسل إليه الرسول صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن أنيس فقتله فى قصة طويلة  . [  ذكرها المقريزي في امتاع الأسماع – جـ1 – صـ254, 255 ] .
   وكان في قتل هذا الرجل خيرا كثيرا ، لأن الجمع التي جمعها لحرب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ تفرقت ، وكأن في قتل هذا الرجل إنهاء معركة كاملة
أيها المسلمون الأخيار ....
إن ترك الذين يسيئون إلى الإسلام ورسول الإسلام دون عقوبة رادعة , يجعل غيرهم يفعل مثل أفعالهم , ويتجرأون على أكثر مما تجرأ عليه غيرهم , فلا بد من دفع الشر , ولا يدفع مثل هذا الشر إلا بمثل ما جاء في السنة المباركة , فإن أخر الدواء الكي .
سليمان الحلبي ونصرته للإسلام والمسلمين :
سليمان بن أمين الحلبي , هذا الشاب المسلم الذي جاء من سورية إلى القاهرة في عام 1797م , ليتعلم في الجامع الأزهر , وبعد عام من مقدمه جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر , ورأي هذا الشاب اعتداء الكفار الغزاة على المسلمين , وإهانتهم للجامع الأزهر , هنا تحرك الشاب بدافع عن عقيدته وإسلامه , فإنه ينتمي إلى الإسلام ويفخر به قبل انتماءه إلى العروبة , فهدفه الأسمى هو " إعلاء كلمة الإسلام " ومن كان هذا هدفه فلا بد أن يحمل روحه على كفه , لأنه سوف يلبي نداء النصرة في كل مكان ,فنداؤه ونداء أمثاله : " وإسلاماه " .
ونشيده نشيد أمثاله هو نشيد خبيب بن عدي رضى الله عنه  :
ولست أبالي حين أقتل مسلماً       على أي جنب كان في الله مصرعي
يقوم هذا الشاب المسلم في عصر يوم السبت 21 من المحرم عام 1215هـ , الموافق 14 يوينه عام 1800م , في هذا اليوم يقوم سليمان الحلبي – رحمه الله – بقتل قائد الغزاة – الخنزير الجنرال كليبر , وذلك في مقر إقامته بالأزبكية , ولقد كانت ضربة موجعة لهؤلاء الغزاة المحتلين .

ماذا فعلوا بسليمان الحلبي بعد القبض عليه ؟
لقد حرقوا يده اليمنى – التي شرفت بطعن كليبر – حتى الرسغ , ثم وضعوه على خازوق ليموت عليه , وترك هكذا على تل بالقلعة لتنهش جسده كواسر الطير .
   ثم ماذا ؟ لقد حمل الجنرال مينو القائد الثالث للحملة معه إلى باريس عظام كليبر وجمجمة سليمان الحلبي , وفي متحف انفاليد " المحاربين " وضعت جمجمة كليبر على رف كتب عليه "جمجمة البطل الجنرال كليبر " ودونها وضعت جمجمة سليمان الحلبي وكتب "جمجمة المجرم سليمان الحلبي " .
   وهكذا يعدون المحتل البربري بطلاً , ويعتبرون من ينتصر لدينه وعقيدته مجرماً , هكذا كما يفعل الأن , فالأمريكان وغيرهم الذين يقتلون المسلمين أبطالاً لأنهم جاءوا لنشر الحرية والديمقراطية , ومن قام بقتالهم من المجاهدين المسلمين فهؤلاء ارهابيين متطرفين .
الوجه الخامس من وجوه النصرة : الدفاع والمنافحة عن الرسول e - بالشعر , لمن يملك ذلك من المسلمين :
فقد ثبت في صحيح البخاري  : أن جبريل u كان مع حسان بن ثابت يؤيده ما نافح عن رسول الله e - في أسفاره .
 قال e - لحسان بن ثابت – حين كان يدافع عن الرسول الكريم : " اهجهم وجبريل معك " رواه البخاري ومسلم .
ومن قول حسان بن ثابت :
فإن أبى ووالدتي وعرضي              لعرض محمد منكم وقاء
ولما قال الخبيث بابا الفاتيكان ما قال في حق الإسلام ورسول الإسلام – قام شيخنا عبد الله السماوى بالدفاع عن الإسلام والمسلمين ورسول الإسلام فرد على هذا الخبيث قائلاً :
اخْسَأْ يا عَدُوَّ اللهِ
اخْسَأ بابا الفاتيكـــانِ               اخْسَأ يا  ذَا الدُّون الــجاَني
قُبِّحْتَ وَضيعاً  مُنْحَطــاً               يَا حَامِلَ دَعَوى البُهْتـــانِ
أَتٌهَاجمُ مَنْ قَدْ  أرْسَلــهُ               بالرَّحْمَةِ رَبُّ  الأَكْـــوَانِ
مَنْ  أَجْلَى ظُلْمةَ  دُنْيَانـَا                بِبَهيِّ ضِيَاءِ القُـــــرآنِ
بِجِهَادٍ  كَمْ  نَجَّى   أُمَمـاً               مِنْ ظُلْمِ بُغَاةِ الــــرُّومَانِ
مِنْ  ظُلْمِ الفُرسِ   وَغيرِهِمُ               مِنْ شَرِّ  مُلُوكِ  الطُّغْيَـــانِ
مَنْ  قَامَ العَدْلُ بِهِ  وَرَسَـا               مَنْ أَوْقَفَ سَيْلَ العُـــدْوَانِ
مَنْ ثَبَّت َ فيِ  الدُنْيا  حُكماً               سَعْداً  للقاصِي  وَالـــدَّانيِ
مَنْ عَاشَ  الخَلـقُ  بِدَعْوَتِهِ               في ظِلَّ أَمَانِ الإِيمَـــــانِ
اخْسَأ بابا الفاتيكـــانِ               اخْسَأ يَا عَبْدَ الصُّلبَــــانِ
قُبِّحْتَ وَضيعاً  مُنْحَطــاً               يَا شَيخَ  الصُّمَّ  العُمْيـــانِ
وَبما كَسَبَتْ  يَدَكَ الشَّوْمَاءُ               جَرَعْتَ كُئوُس الخِـــذْلانِ
أَتُهَاجِمُ شَمَسَ العِرْفــانِ               أَتُهَاجِمُ  أَكْرَمَ إِنْسَــــانِ
فلأَنْتَ   عَدُوُّ  الرَّحمــنِ               ولأَنْتَ وَلِيُّ الشُّيْطــــانِ

إلى أن قال.....

يَا  بَابَا  رُومَا لاَ تَعْجَــلْ               لَنْ تَرْبَحَ غَيْرَ  الخُسْـــرَانِ
فَسَتَفْتَحُ رُومَا  أُمَّتُنَـــا                إِنَّا مِنْ ذَا في إيِقَـــــانِ
فَبِذَلكَ  أَخْبَرَنَــا الهَادِي               مِنْ وَحِي اللهِ  المَنَّـــــانِ
بِالقُسْطَنْطينيَّــــةِ  نَبَّأْ               وَتَحَقَقَ  وَعْدُ   العَدْنَـــاني
وَبِرُومَا  بَشْرَنــا الهَادي                مِنْ بَعْدُ  هِيَ الفَتْحُ  الثَّــاني
فَسَتَعْلوُ رُومَا يَا بَابَـــا                يَوْماً رَايَاتِ الإِيمَـــــانِ
وَيُدَوِّي فِيها مُرْتَفِعـــاً                تَكْبيرُ المَوْلَى الرَّحْمــــنِ
وَسَتُحْكَمُ حَتْمَاً يَا بَابَــا                بالعَدْلِ  بِشَرْع  القُـــرْآنِ
وَبِنَهْجِ مُحَمَدٍ  الهَــادِي                مُخْتارِ إِلهِ الأَكْـــــوَانِ
وَسَيَخْسأُ  كَــذَابُ أَشِرٌ               وَسَيَخْسأُ عَبْدَ  الصُّلبَـــانِ
وَتَطَهَّــــرُ  أَرْضُ اللهِ               مِنْ الطَّاغُوتِ  وَرِجْسِ الأَوثانِ
مَوْلاَنا قَرِّبْ  نَجْدَتَنَـــا              وَلتَكْشِفْ  لَيْـــلَ الأَحْزَانِ
انْصُرْنا مَوْلىَ الخَلـقِ  عَلَى               أَعْدَائِك َ أَهْلِ  الكُفْـــرَانِ
يَا رَبِّ  وَصَلِّ عَلَى  المخُتَارِ              صَفِيِّكَ أَهْلِ الإِحْســــانِ
خَيْرِ الأبَــرارِ وسَيِّدِ مِنْ               فِي الأَرْضِ مَشى  مِنْ إِنْسَـانِ

والحمد لله رب العالمين

   وصور نصرة النبي صلى الله عليه وسلم  كثيرة ومتعددة , فالدعاة الذين يدعون إلى هدى وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم   إنما في الحقيقة ينصرون محمداً صلى الله عليه وسلم  - وينصرون دينه , وكذلك العلماء العاملون الذين يعلمون الناس دينهم , ويدعون إلى تطبيق منهج الرسول صلى الله عليه وسلم إنما هم في الحقيقة يقومون بنصرة الرسول e - ونصرة دينه.
مسألة : هل النبي صلى الله عليه وسلم  في حاجة إلى من يدافع عنه ؟
إن الدفاع والذب عن النبي صلى الله عليه وسلم  - عبادة عظيمة وقربة جليلة يقدمها العبد بين يدي الرب سبحانه وتعالى , وإن الدفاع عنه لمن أعظم علامات المحبة لهذا النبي الأكرم , وقد جاء في السنة ما يبين أن الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم سبب من أسباب دخول الجنة .
   ثبت في صحيح مسلم – في عزوة أحد – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من يردهم عنا وله الجنة " .
   وكذلك كل من يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم - وعن عرضه وعن دينه , سواء في حياته , وبعد وفاته , فله الجنة إن شاء الله تعالى – تحقيقاً لا تعليقاً .
كذلك من حفظ النبي - صلى الله عليه وسلم حفظه الله تعالى :

   روى مسلم – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي قتادة , حين كاد النبي  أن صلى الله عليه وسلم يسقط من الراحلة – ثلاث مرات وهو نائم , وكان أبو قتادة يدعمه حتى لا يسقط , قال له : " حفظك الله بما حفظت نبيه " .
كما أن جبريل – عليه السلام – يكون مع من يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم - كما سبق الإشارة في قول الرسول صلى الله عليه وسلم  - لحسان بن ثابت : " اهجهم وجبريل معك "  رواه البخاري ومسلم .
الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم - باب من أبواب الابتلاء :
الله تبارك وتعالى قادر وحده على نصرة نبيه e - كما قال : { إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا }[ التوبة : 40 ] .
   فالله جل وعلا هو الذي ينصر نبيه وينصر المؤمنين – قال تعالى : { هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ }[الأنفال : 62].
   فلا بد من وجود سنة التدافع لتحقق وقوع الفتنة والابتلاء , ثم ظهور الحق على الباطل , قال تعالى : {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً} [الفرقان : 20] , وقال تعالى : {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لاَنتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ }[محمد : 4] , وإن لم يفعل المسلمون ما أمرهم الله تعالى به , فما أسهل أن يستبدلهم الله تعالى ويأتي بأقوام آخرين ينصرون هذا الدين , قال تعالى :{ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ  }[ محمد : 38 ].


من لوازم نصرة النبي صلى الله عليه وسلم نصرة أتباعه :
من لوازم نصرة النبي  صلى الله عليه وسلم ونصرة دين الله تعالى ؛ نصرة أتباع النبي  أينما كانوا , فيجب على المسلمين نصرة بعضهم بعضاً , خاصة المستضعفين منهم والمجاهدين في سبيله , وذلك بالنفس والمال وبالقلم والسنان , فإن هذا من تمام نصرة النبي e , قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلاَيَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }[ الأنفال : 72 ] .








- البشارات -


   لا يشكك في نصرة الله تعالى لنبيه  - صلى الله عليه وسلم ولجميع المسلمين , إلا المنافقين الذين يسعون في الأرض فساداً , لذلك تجد المنافقين قديماً وحديثاً يضعون أيديهم في أيدي الكفار الأصليين من اليهود والنصارى , ويوثقون علاقتهم بهم , لاستبعادهم النصر للمؤمنين , فوضعوا كل آمالهم في الركون إلى الكافرين من اليهود والنصارى , ولكن سرعان ما تجنب آمالهم , قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ }[ المائدة : 51 : 53 ] .
   ولكن هيهات هيهات فقد جاءت النصوص قاطعة بمجيء الحق ونصره على الباطل , وهذا يعني الغلبة والهزيمة للكافرين – قال تعالى : { وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً }[الإسراء : 81]  , وقال تعالى : قُلْ جَاء الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ : 49] .
   وقد بشّر الله تعالى المؤمنين أجمعين بالنصر على الكافرين من بداية الأمر وفي أول مراحل الدعوة , قال تعالى :{جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّنَ الأْحْزَابِ} [ص : 11] , وقال : {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ } [القمر : 45] , وقال تعالى : { وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }[يونس : 65] , وقال تعالى : {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأْرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ }[الأنبياء : 105] ,  فورثها أصحاب محمد  كما قال وكما أخبر .
   ولم يقل : لا يرثها إلا الصالحون , ولا تخرج من أيدي الصالحين , ولكن في الآية وعد يؤيده ما جاء في آخر الآية : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }[الأنبياء : 107].
   ومن المعلوم بأن المراد أن الوارثين للأرض هم أهل دينه والقائمون بشريعته , وهذا خبر وبشرى ووعد , والله تعالى لا يخلف وعده .
وقد قال تعالى : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }[ النور : 55 ] . 
   المهم تحقيق ما اشترطه الله تعالى من الإيمان والعمل الصالح , حتى ينجز الله تعالى وعده بالنصر والتمكين والاستخلاف في الأرض , وهذا معنى قوله جل وعلا : { إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } [محمد : 7].

آيات النصر والتمكين نزلت في مكة :

نزلت آيات كثيرة في مكة , وقت الاستضعاف , تتحدث عن وعد الله تعالى للمؤمنين بالنصر والتمكين , مما يدل على استمرار هذا الدين وبقاء وه ولو كره الكافرين , وهذه الآيات الكريمات من أعظم عوامل التثبيت للمؤمنين , وكذلك تعطيهم هذه الآيات دفعة عظيمة للعمل المستمر لدين الله تعالى , فمن هذه الآيات قوله تعالى : { وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ }[الروم : 47] , وهذه الآية في سورة الروم المكية , هذه الآية بيّن الله تعالى فيها أن النصر إنما يكون من عنده , وهذا النصر إنما يتنزل على من اتصف بصفة الإيمان , فالنصر للمؤمنين , كما أن الانتقام يكون من المجرمين .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " كل من كان أتم إيماناً بالله ورسوله كان أحق بنصر الله .... " اهـ [ الجواب الصحيح – جـ2 – صـ179 ,180 ] .
   ومن هذه الآيات ما جاء في سورة يونس المكية , قال تعالى : { ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ} [يونس : 103]  .
   ومن هذه الآيات ما جاء في صورة الصافات المكية , قال تعالى : { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ  وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ } [الصافات : 171 : 173].
   فأخبر جل وعلا المستضعفين في مكة أنه يقص عليهم أنباء ما سبق من الرسل لتثبيت فؤادهم ووعدهم بالنصر , كما سبق نصره تعالى لعباده المؤمنين .
وقال تعالى في سورة غافر المكية : { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ }[غافر : 51].
يقوم محمد دراز – في كتابه " النبأ العظيم " – صـ47,48 :
" فلما هاجروا إلى المدينة فراراً بدينهم من الفتن ظنوا  أنهم قد وجدوا مأمنهم في مهاجرهم , ولكنهم ما لبثوا أن هاجمتهم الحروب المسلحة من كل جانب , فانتقلوا من خوف إلى خوف أشد , وأصبحت كل أمنيتهم أن يجئ يوم يضعون أسلحتهم , وفي هذه الأوقات العصيبة ينبئهم القرآن بما سيكون لهم من الخلافة والملك علاوة على الأمن والاطمئنان فما هذا ؟ أحلام وأماني ؟ لا بل وعد مؤكد بالقسم , { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }[ النور : 55 ] . 
   وبالرجوع إلى أسباب النزول سنجد بأن هذه الآية نزلت والمسلمون في خوف شديد , حتى أنهم كانوا لا يبيتون إلا بالسلاح , ولا يصحون إلا فيه , انظر كيف جاء تأويلها على أوسع معانيها في عصر الصحابة أنفسهم الذين وقع لهم خطاب المشافهة في قوله " منكم " فبُدلوا من بعد خوفهم أمناً لا خوف فيه , واستخلفوا في أقطار الأرض فورثوا مشارقها ومغاربها –{ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }[الحج : 40] ". اهـ
النصر على المرتدين في أصعب الظروف والأحوال :

قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [المائدة : 54] .
من دلائل الإعجاز في هذه الآية الكريمة :
أولاً : الإخبار بظهور المرتدين , وقد ظهروا في زمن أبي بكر الصديق .                  
ثانياً : أن هؤلاء المرتدين سيكونون ممن أسلم على عهد رسول الله e بدليل قوله " منكم " وكذلك الآية تدل بعمومها على وقوع الردة من بعض ممن  دخل هذا الدين .
ثالثا :الإخبار بظهور خير الناس الموصوفين بتلك الصفات العظيمة وعلى رأسهم خير القرون وهم الصحابة وفي الآية رد وتشنيع على من طعن فيهم رضى الله عنهم .
رابعاً : البشارة بالنصر لمن اتصف بتلك الصفات من المؤمنين .
خامساً : الإخبار باندحار المرتدين وهزيمتهم .
بعض البشارات النبوية بنصر هذه الأمة :
1- البشارة بفتح مصر : روى مسلم في كتاب فضائل الصحابة – باب وصية النبي e  بأهل مصر – عن أبي ذر  tقال : " إنكم ستفتحون أرضاً يذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيراً، فإن لهم ذمة ورحماً، فإذا رأيتم رجلين يقتتلان في موضع لبنة فاخرج منها " . [ وقد افتتحها عمرو بن العاص في سنة عشرين في خلافة عمر – رضى الله عنهما ] . 
2- البشارة بقتال المسلمين للترك : روى البخاري – كتاب الجهاد , باب قتال الترك – والحديث في مسلم وغيره , عن أبي هريرة رضى الله عنه قال : " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر، وحتى تقاتلوا الترك، صغار الأعين، حمر الوجوه ، ذلف الأنوف ، كأن وجوههم المجان المطرقة ، وتجدون من خير الناس أشدهم كراهية لهذا الأمر حتى يقع فيه، والناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام. وليأتين على أحدكم زمان، لأن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله ".
3- البشارة باتساع رقعة المسلمين , مع رجوع طائفة من الناس إلى عبادة الأصنام : روى أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجة – عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن  مُلك أمتي سيبلغ ما زوى منها وإني أعطيت الكنزين الأحمر والأبيض ...... إلى أن قال ...... ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين , وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان .... " .
4- البشارة بذهاب دولتي فارس والروم : ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إذا هلك قيصر فلا قيصر , وإذا هلك كسرى فلا كسرى بعده , والذي نفسي بيده لتُنفقُنَّ كنوزهما في سبيل الله " .
   أما كسرى فقد دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم - بأن يمزق الله ملكه , لأنه مزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - وقد مزق الله ملكه ووقع ذلك , في عصر عمر وعثمان – رضى الله عنهما .
   وأما قيصر ذلك الوقت وكان اسمه هرقل , فقد انزاحت يده عن بلاد الشام والجزيرة وثبت ملكه مقصوراً على بلاد الروم فقط , والعرب إنما كانوا يسمون قيصر لمن ملك الروم مع الشام والجزيرة .
 قال الحافظ ابن كثير – في النهاية في الفتن والملاحم – جـ1 – صـ14 :" وفي هذا الحديث بشارة عظيمة لأهل الشام وهي أن يد ملك الروم لا تعود إليها أبد الآبدين ودهر الداهرين إلى يوم الدين ". اهـ
   وبالتالي فإن الأمريكان ومن حالفهم سيخرجون من بلاد الشام والجزيرة منهزمين إن شاء الله .  
5- البشارة بفتح القسطنطينية قبل رومية : روى الإمام أحمد والدارمي في سننه , وابن أبي شيبة في مصنفه , والحاكم في المستدرك , وعبد الغني المقدسي في " كتاب العلم " وقال – حديث حسن الإسناد – وصححه الحاكم ووافقه الذهبي .
" قال عبد الله بن عمر بينا نحن حول رسول الله صلى الله عليه و سلم نكتب ما قال فسئل أي المدينتين تفتح أولاً القسطنطينية أو رومية ؟ فقال رسول الله: مدينة هرقل تفتح أولاً يعني القسطنطينية " .
   ورومية : هي روما كما في معجم البلدان وهي عاصمة إيطاليا اليوم , فا إلى الخبيث الخنزير بابا روما الذي تهكم على الإسلام والمسلمين ورسول الإسلام , نقول له ستفتح روما حتما ليقام فيها شرع الله وتصبح أنت وأمثالك  ممن يدفعون الجزية للمسلمين وتعيش أنت وأمثالك في ذل وصغار .
6- البشارة بأن الله تعالى يبعث لهذه الأمة كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها :
   عن أبي هريرة عن رسول الله   صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يُجدّد لها أمر دينها " [ الحديث رواه السخاوي في المقاصد الحسنة – صـ120 , وقال : رواه أبو داود في الملاحم من سننه ,وقد أخرجه الطبراني في الأوسط كالأول وسنده صحيح , ورجاله كلهم ثقات وكذا صححه الحاكم ... " والحديث صححه ابن حجر في " توالى التأسيس " – صـ49 , وصححه العراقي , وغيرهم من المحدثين ] .
7- البشارة ببقاء طائفة من الأمة على الحق حتى تقوم الساعة : ثبت في صحيح مسلم أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال : "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " وفي صحيح البخاري " وهم على ذلك ".
   صرح كثير من العلماء المعتبرين بتواتر هذا الحديث – كشيخ الإسلام ابن تيمية , والسيوطي والزبيدي , والكتاني وغيرهم .
   وفي رواية عند مسلم : " لن يبرح هذا الدين قائماً , يقاتل عليه عصابة من المسلمين , حتى , تقوم الساعة " .
   وفي رواية أخرى لمسلم : " لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة " .
  وهذا الحديث المتواتر فيه بشارة عظيمة لهذه الأمة بأنها منصورة على أعدائها فى العاجل  والآجل , ومن تأمل الأحاديث الواردة في ذلك يتبين له أن هذا النصر لهذه الطائفة لما تميزت به من صفات وخصائص , وهذه الصفات وتلك الخصائص هي باختصار.
من خصائص الطائفة المنصورة :  
1- أنها على الحق – وفي لفظ " على أمر الله " , وفي أخر " على الدين " , وفي أخر " على هذا الأمر ".
وهذا يعني باختصار – الاستقامة في الاعتقاد , وملازمة ما كان عليه الرسول ,والصحابة – وكذلك الاستقامة في الهدي , والسلوك الظاهر على المنهج النبوي – وكذلك الاستقامة على الجهاد بالنفس والمال , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وكذلك الاستقامة على الأخذ بأسباب النصر والتمكين .
2- أنها قائمة بأمر الله – وقيام هذه الطائفة بأمر الله يعني – أنهم يتميزوا عن سائر الناس يحمل راية الدعوة إلى الله , إلى دينه وشرعه , وسنة نبيه e - وكذلك لقياهم بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بضوابطه الصحيحة .
3- أنها قائمة بالجهاد في سبيل الله , ففي بعض الروايات " يقاتلون على أمر الله " وفي رواية أخرى " يقاتلون على الحق " , وفي رواية " يقاتلون على الدين " .
وهذا أعظم ما يميز هذه الطائفة , وهو قيامهم بقتال أعداء الله من الكفار والمنافقين والمرتدين , وغيرهم , وهذا يعني استمرار الجهاد والمواجهة العسكرية مع أعداء الدين يوم القيامة , وإلى ذلك الإشارة ما ثبت في الصحيحين من قول الرسول e : " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة : الخير والمغنم " .
4- أنها المجدّدة للأمة أمر دينها ,  وهذا جزء من معنى " قيامها بأمر الله " لأن هذه الطائفة هي التي تتولى مهمة التجديد لدين هذه الأمة , فهي تعمل على إحياء الدين , وتجديده , ودفع الغربة عنه وعن أهله .
5- أنها ظاهرة إلى قيام الساعة , والظهور بمعنى : والوضوح والبيان ,وعدم الاستتار , فهم معرفون بارزون , وإلا فيكف يقومون بالدعوة والجهاد , وغير ذلك , إلا إذا كانوا ظاهرين , وقيل الظهور بمعنى الثبات على ما هم عليه من الحق , وقيل الظهور الغلبة بالحجة والبيان .
6- أنها صابرة مصابرة , والصبر هنا – هو التمسك بما كان عليه الصحابة – كما في بعض الروايات " من كان على ما كان عليه النبي e - وأصحابه ".
فإذا كان الأمر كذلك , فإن هذه الطائفة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم .
فنقول في الختام لكل المناؤين والمحاربين للإسلام والمسلمين , ولكل الساخرين والمستهزئين بالإسلام وأهله , أين أسلافكم من الكفار المجرين , لقد ذهبوا جميعاً وبقي الإسلام وأهله , لقد ذهب أبو جهل وأمثاله وبقي الإسلام , وذهب المرتدون وبقي الإسلام , وذهب العبيديون وبقي الإسلام , وذهب أتاتورك وبقي الإسلام , وسيذهب بوش وأمثاله , ويبقى الإسلام , وسيذهب بابا الفاتيكان وأمثاله ويبقى الإسلام , وسيذهب الجاثمين على صدور الأمة من العملاء ويبقى هذا الدين عالياً شامخاً .
" ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون "
والحمد لله رب العالمين










































 

أهم المراجع

القرآن الكريم                           كتاب الله
صحيح  البخاري                      الإمام البخاري              
صحيح مسلم                           الإمام مسلم
السنن الأربع                           الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه
تفسير بن كثير                         ابن كثير
البداية والنهاية                        ابن كثير
النهاية في الفتن والملاحم            ابن كثير
جلاء الأفهام                            ابن القيم
مدارج السالكين                       ابن القيم
مختصر الصواعق المرسلة         ابن القيم
الجواب الصحيح                       ابن تيمية
مجموع الفتاوى                       ابن تيمية
امتاع السامع                           المقريزي
المنهج الحركي للسيرة النبوية      منير الغضبان
النبأ العظيم                              محمد عبد الله دراز
استنشاق نسيم الأنس                ابن رجب الحنبلي
فتح الباري                             ابن حجر
جامع بيان العلم وفضله              ابن عبد البر

B



































فهرست الموضوعات
المقدمة :...............................................................................................1
الفصل الأول : وجوب محبة النبي : .............................................................4
دلائل محبة النبي e : ..............................................................................5
بعض الأسباب المؤدية إلى محبة النبي e : .................................................11
السبب الأول : الابتعاد عن السنة – قلباً وقالباً , حالاً ودعوة : ......................... 13
السبب الثاني : رد الأحاديث الصحيحة والاعتراض عليها : ............................. 14
السبب الثالث : العدول عن سيرته وسنته : ................................................. 14
السبب الرابع: هجر أهل السنة والوقوع فيهم والسخرية منهم : ....................... 15
السبب الخامس من صور الجفاء – الابتداع في الدين : .................................. 15
السبب السادس من صور الجفاء – الغلو في شخص النبي e : ........................16

الفصل الثاني : - وجوب نصرة النبي e : ...................................................17

وجوه نصرة النبي e  : .........................................................................18
الوجه الأول : تصديق النبي e - في كل ما أخبر به : .....................................18
الوجه الثاني من وجوه النصرة : اتباعه وطاعته والاهتداء بسنته : ...................18
الوجه الثالث : نصرة النبي e  تكون بالتحاكم إلى هديه وطريقته وسنته : ..........20
الوجه الرابع من وجوه النصرة : الدفاع عن النبي e - حياً وبعد وفاته : ............21
نماذج وصور رائعة للصحابة في دفاعهم عن النبي e : .................................22
وجوب قتل المستهزئين بالنبي e.............................................................23الوجه الخامس: الدفاع والمنافحة عن الرسول بالشعر , لمن يملك ذلك من المسلمين وقصيدة أخسأ عدو الله ...........................................................................27
مسألة : هل النبي e في حاجة إلى من يدافع عنه ؟ .......................................29
الدفاع عن النبي e - باب من أبواب الابتلاء : ............................................ 30
من لوازم نصرة النبي e نصرة أتباعه : ................................................... 31
الفصل الثالث - البشارات : ...................................................................  32
النصر على المرتدين في أصعب الظروف والأحوال : ..................................... 36
بعض البشارات النبوية بنصر هذه الأمة : .................................................. 37
1- البشارة بفتح مصر : ........................................................................ 37
2- البشارة بقتال المسلمين للترك : ...........................................................37
البشارة باتساع رقعة المسلمين , مع رجوع طائفة من الناس إلى عبادة الأصنام : ..38
4-البشارة بذهاب دولتي فارس والروم : ................................................... 38
5-البشارة بفتح القسطنطينية قبل رومية : ..................................................38
6-البشارة بأن الله تعالى يبعث لهذه الأمة كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها :.... 39
7-البشارة ببقاء طائفة من الأمة على الحق حتى تقوم الساعة : ........................39
من خصائص الطائفة المنصورة :  ........................................................... 40


0 comments:

welcome to my blog. please write some comment about this article ^_^