كتاب الجامع لفضائل التوحيد ـ فتح المجيد فى بيان فضل التوحيد ـ الرسالة الثالث





فتح المجيد فى بيان فضل التوحيد 
الجزء الثالث
(3)


بسم الله الرحمن الرحيم



المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله – صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم -
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران : 102]
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء : 1]
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71) الأحزاب
وبعد :
هذا هو الجزء الثالث فى بيان فضل التوحيد ، نذكر فيه بعض الأحاديث الدالة على فضل التوحيد ، مع بيان بعض الفوائد المتعلقة بهذه الأحاديث، مع الاشارة أيضا إلى بعض الدلائل القرآنية التى تتحدث عن نفس المعنى
والله المستعان على التوفيق والسداد

التوحيد هو الواجب الأول على المكلفين
الحديث الخامس
روى البخارى عن ابْنَ عَبَّاسٍ قالُ لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى نَحْوِ أَهْلِ الْيَمَنِ قَالَ لَهُ إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ فَإِذَا صَلَّوْا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ فَإِذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ"
وروى البخارى أيضا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْيَمَنِ قَالَ إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ فَإِذَا فَعَلُوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ"ورواه مسلم
وروى البخارى ومسلم عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - : قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- لمعاذِ بنِ جبل - حين بعثه إِلى اليمن - : « إِنَّكَ ستأتي قوما أهلَ كتاب، فَإِذا جئتَهم فَادْعُهم إِلى أَن يَشهدوا أَن لا إِلهَ إِلا الله ، وَأَنَّ مُحمدا رسولُ الله ، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فأخْبِرْهم أنَّ الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كُلِّ يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أن الله قد فَرَضَ عليهم صدقة تُؤخَذُ من أغنيائهم فتردُّ على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإِيَّاكَ وكرائمَ أموالهم، واتَّقِ دعوةَ المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حِجَاب»
والحديث له روايات أخرى فى غير الصحيحين
الفوائد المستفادة من هذا الحديث :
سوف اكتفى بذكر فائدة واحدة تتعلق بهذا الحديث وذلك لأهمية هذه الفائدة ولكونها تحتاج إلى بعض التفصيل
بيان أن الواجب الأول على الناس هو التوحيد
والشاهد من الحديث : قوله – صلى الله عليه وسلم – " فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ "
يستفاد من ذلك أن أول الواجبات على الإطلاق هو توحيد الله تعالى
دلالة القرآن على ما دل عليه الحديث :
دل القرآن الكريم على ما دل عليه الحديث من أن أول الواجبات على الإطلاق هو الدعوة إلى توحيد الله تعالى وأن أول ما يجب على المكلف أن يؤمن بتوحيد الله ويدخل فى ذلك علما وعملا واعتقادا
فقد ثبت أن الرسل جميعا بدءوا دعوة الناس إلى التوحيد أولا – كما قال تعالى عن نوح وبقية الرسل " َيا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [الأعراف : 59
ومن الآيات التى تدل على ذلك أيضا :
الآية الأولى :
قال تعالى " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ [النحل : 36]
يستفاد من الآية :
1- رحمة الله بخلقه حيث أرسل إليهم الرسل وذلك فى جميع الأمم – كما فى هذه الآية – وفى قوله تعالى " وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ [فاطر : 24]
2- وفى الآية بيان الغاية التى لأجلها خلق الله تعالى الخلق
" أنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ"
3- وفى الآية بيان معنى العبادة وهى : توحيد الألوهية المتمثل فى إفراد الله بالعبادة ، والكفر بكل ما عبد من دون الله
4- وفى الآية بيان أن الرسل أرسلت بأمرين وليس بأمر واحد ، فمن قام بالأمرين ، فهو الذى حقق الغاية التى خلق لأجلها ،أما من عبد الله ولم يجتنب الطاغوت فعبادته فاسدة باطلة ، وكذلك من اجتنب الطاغوت ولم يعبد الله وحده لم يكن عابدا لله ، حتى يجمع بين الأمرين ، وهذا هو أصل الدين
5- وفى الآية بيان أن الرسل جميعا إنما بعثهم الله تعالى لأجل دعوة الخلق إلى هذه العبادة ، وبها بدءوا دعوتهم – وهذا هو محل الشاهد ، لأن أفراد وآحاد  العبادة لا توجد ولا تقبل إلا بعد وجود هذا الأصل
6- وفى الآية بيان أن دعوة التوحيد هى التى تفرق بين الناس إلى فريقين لقوله تعالى " فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ "
والغرض تفريقهم مما هم عليه من ضلال ليجتمع على الحق من أراد الله تعالى هدايته ورحمته
دلالة الآية على معنى " لا إله إلا الله "
قال العلامة الشنقيطى رحمه الله تعالى – فى بيان معنى هذه الآية : " ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه بعث في كل أمة رسولاً بعبادة الله وحده ، واجتناب عبادة ما سواه . وهذا هو معنى « لا إله ألا الله » ، لأنها مركبة من نفي وإثبات ، فنفيها هو خلع جميع المعبودات غير الله تعالى في جميع أنواع العبادات ، وإثباتها هو إفراده جل وعلا بجميع أنواع العبادات بإخلاص ، على الوجه الذي شرعه على ألسنة رسله عليهم صلوات الله وسلامه .
وأوضح هذا المعنى كثيراً في القرآن عن طريق العموم والخصوص . فمن النصوص الدالة عليه مع عمومها ما قاله تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نوحي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إله إِلاَّ أَنَاْ فاعبدون } [ الأنبياء : 25 ]  
وقوله : { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرحمن آلِهَةً يُعْبَدُونَ }[ الزخرف  45 ] ونحو ذلك من الآيات .
ومن النصوص الدالة عليه مع الخصوص في إفراد الأنبياء وأممهم قوله تعالى: { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إلى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قوْمِ اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ }[ الأعراف 59 ]
وقوله تعالى{وإلى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ}[ الأعراف : 65 ]
وقوله : { وإلى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ } [ الأعراف : 73 ]
وقولهتعالى:{وإلى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُه }[ الأعراف : 85 ] ، إلى غير ذلك من الآيات
واعلم أن كل ما عبد من دون الله ، فهو طاغوت . ولا تنفع عبادة الله إلا بشرط اجتناب عبادة ما سواه . كما بينه تعالى بقوله : { فَمَنْ يَكْفُرْ بالطاغوت وَيْؤْمِن بالله فَقَدِ استمسك بالعروة الوثقى } [ البقرة : 256 ]
وقوله : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بالله إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } [ يوسف : 106 ] ، إلى غير ذلك من الآيات " اهـ أضواء البيان ج3ص460
والتوحيد هو أول الواجبات على الإطلاق لكون أن العباد خلقهم الله تعالى لأجله

الآية الثانية :
قال تعالى " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات : 56]
وقال – سبحانه (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [التوبة: 31]
وفى نفس المعنى قال تعالى (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام: 162-163]
وقال تعالى (. ... وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ) [البينة: 5].
قوله " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[الذاريات:56])
هذه الآية فيها بيان التوحيد؛ وجه ذلك أنَّ السلف فسّروا (إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، يعني إلاَّ ليوحّدونِ, دليل هذا الفهم، أنّ الرسل إنّما بُعثت لأجل التوحيد؛ توحيد العبادة، فقوله (إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) يعني إلاَّ ليوحدونِ.

إذن :الشاهد من الحديث : أن النبى صلى الله عليه وسلم علم الصحابة ومن بعدهم أن الواجب الأول الذى يُدعى إليه الناس هو توحيد الله تعالى
قال شيخ الإسلام – محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى "  في تاريخ نجد ص455
قال : (بعدما ذكر حديث معاذ هذا قال :فتدبر هذا وأرعه سمعك وأحضر قلبك إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم ما أمره أن يدعوهم إلى الصلوات الخمس إلا إن استجابوا للتوحيد )اهـ
وقال : ص341 (فإذا كان الرجل لا يُدعى إلى الصلوات الخمس إلا بعد ما يعرف التوحيد وينقاد له فكيف بمسائل جزئية اختلف فيها العلماء )اهـ
منهج الدعوة توقيفى وليس اجتهادي
فمن هذا الحديث الشريف، ومن استقراء دعوة الرسل في القرآن، ومن استقراء سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ يؤخذ منهج الدعوة إلى الله، وأن أول ما يدعى الناس إليه هو العقيدة المتمثلة بعبادة الله وحده لا شريك له وترك عبادة ما سواه؛ كما هو معنى لا إله إلا الله .
وقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاث عشرة سنة بعد البعث يدعو الناس إلى تصحيح العقيدة بعبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام قبل أن يأمر الناس بالصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد وترك المحرمات من الربا والزنى والخمر والميسر
وهذا ما يدلنا دلالة واضحة على خطأ بعض الجماعات المعاصرة التي تنتمي للدعوة، وهي لا تهتم بالعقيدة، وإنما تركز على أمور جانبية أخلاقية وسلوكية، وهي ترى كثيرا من الناس يمارسون الشرك الأكبر حول الأضرحة المبنية على القبور في بعض ديار الإسلام، ولا تنكر ذلك، ولا تنهى عنه، لا في كلمة، ولا في محاضرة، ولا في مؤلف؛ إلا قليلا، بل قد يكون بين صفوف تلك الجماعات من يمارس الشرك والتصوف المنحرف، ولا ينهونه، ولا ينبهونه، مع أن البداءة بدعوة هؤلاء وإصلاح عقيدتهم أولى من دعوة الملاحدة والكفار المصرحين بكفرهم؛ لأن الكفار والملاحدة مصرحون بكفرهم ومقرون أن ما هم عليه مخالف لما جاءت به الرسل، أما أولئك القبوريون والمتصوفة المنحرفون؛ فيظنون أنهم مسلمون، وأن ما هم عليه هو الإسلام، فيغترون ويغرون غيرهم، والله جل وعلا أمرنا بالبداءة بالكفار الأقربين،
وقال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [التوبة : 123]
فما لم تصف صفوف المسلمين من الدخيل؛ فإنهم لن يستطيعوا الصمود في وجه عدوهم، ويحكى أن قبوريا رأى رجلا يعبد صنما أمامه، فأنكر عليه القبوري، فقال له عابد الصنم : أنت تعبد مخلوقا غائبا عنك، وأنا أعبد مخلوقا ماثلا أمامي؛ فأينا أعجب ؟ ! فانخصم القبوري . هذا وإن كان كل منهما مشركا ضالا؛ لأنه يعبد ما لا يملك ضرا ولا نفعا، إلا أن القبوري أغرق في الضلال وأبلغ في طلب المحال . فيجب على الدعاة إلى الله أن يركزوا على جانب العقيدة أكثر من غيرها، ويقبلوا على دراستها وتفهمها أولا، ثم يعلموها لغيرهم، ويدعوا إليها من انحرف عنها أو أخل بها .

شبهة والجواب عليها :
نقطة البدء :
أشرنا قبل ذلك أن الرسل جميعا أرسلها الله تعالى بداية لإخراج الناس من الكفر إلى الإيمان وأن ذلك هو نقطة البداية الصحيحة التى تؤدى إلى الصلاح الحقيقى وانتفاء الفساد
فإنه لا فساد أخطر من فساد الشرك كما لا صلاح يعلو صلاح التوحيد
لذلك كانت نقطة البدء على هذا الطريق الصحيح وأولى اللبنات الحقيقية فى بناء الصرح الإسلام المنشود يتمثل فى دعوة الناس إلى التوحيد الشامل إلى عبادة الله وحده لا شريك له إلى العقيدة الصحيحة الصافية
ولذا كانت الصيحة الأولى والمقولة الأولى لكل نبى ورسول هى : (أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت)
بدأ بها نوح - عليه السلام - : " لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [الأعراف : 59   
وبدأ بها هود - عليه السلام - :" وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ [الأعراف : 65]   
وبدأ بها صالح - عليه السلام - : " وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [الأعراف : 73  
وبدأ بها شعيب - عليه السلام – " وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [الأعراف : 85
وبدأ بها خاتم رسله وسيدهم – صلى الله عليه وسلم - وظل يدعو إليها فى مكة وحدها ثلاثة عشر عاماً وأكد النبى – صلى الله عليه وسلم - على أن هذه القضية الكبيرة قضية العقيدة يجب أن تكون نقطة البدء أيضاً على طريق الدعوة الطويل لكل داعية صادق يحمل منهج الأنبياء والمرسلين
لذا كانت أول وصية لرسول الله – صلى الله عليه وسلم - أوصى بها أول داعية له إلى اليمن - معاذ بن جبل – رضى الله عنه -
ففى الحديث الصحيح عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى – صلى الله وسلم  - قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : "إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله" وفى رواية أخرى فى الصحيح: "إنك ستأتى قوماً أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله "


والشبهة الخبيثة "
تقول: إن الناس فى الماضى كانوا مشركين فلزم أن تكون العقيدة - حينئذ - هى أول ما ينبغى أن يدعوا إليه ،ولكن الناس اليوم والحمد لله مسلمون يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله فما الداعى إذن لدعوة الناس إلى التوحيد إلى العقيدة إلى لا إله إلا الله ؟!
والجواب السديد الذى تدل عليه الدلائل الشرعية من الكتاب والسنة : أن قضية التوحيد لا يدعى إليها الكفار وحدهم لكى يؤمنوا بها ويصححوا اعتقادهم من خلالها بخلع رداء الكفر أو الشرك والدخول فيها
ولكن يدعى إلى قضية التوحيد أيضاً المؤمنون بها والمعتنقون لها والمستمسكون بها لكى تظل حية فى قلوبهم راسخة فى ضمائرهم عاملة فى واقع حياتهم ، لا يفترون عنها أبداً ولا يغفلون عن مقتضياتها ،وإن أعظم دليل على ذلك قول الله جل وعلا :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً [النساء : 136] 
فأهل الإيمان يدعون إلى الإيمان أى : إلى تحقيقه والثبات عليه والزيادة منه
قال الحافظ ابن كثي – رحمه الله – " يأمر الله تعالى عباده المؤمنين بالدخول في جميع شرائع الإيمان وشعبه وأركانه ودعائمه، وليس هذا من باب تحصيل الحاصل، بل من باب تكميل الكامل وتقريره وتثبيته والاستمرار عليه. كما يقول المؤمن في كل صلاة: { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } [الفاتحة: 6] أي: بَصِّرنا فيه، وزدنا هدى، وثبتنا عليه. فأمرهم بالإيمان به وبرسوله، كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ } [الحديد: 28]." اهـ تفسير ابن كثير ج2ص434
وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – " أن الإنسان يؤمر بالشيء الذي هو متلبس به باعتبار استمراره عليه، وعدم الإخلال بشيء منه؛ لقوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة }؛ ومثل هذا قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله} [النساء: 136] يعني: استمروا على ذلك." اهـ تفسير سورة البقرة ج2ص32

ولقد علم أعداء الإسلام أن مكمن قوة المسلمين فى عقيدتهم وأن عزتهم وبقائهم واستمرارهم منوط بالثبات على هذا التوحيد والتمسك بالعقيدة الصحيحة  
لأجل ذلك يعمل أعداء الإسلام بخبث ودهاء ومكر فى تمييع هذه الثوابت عند المسلمين ، فيضعون الحواجز والسدود بين المسلمين وبين عقيدتهم الصافية الخالصة - من ناحية - ويشوشون عليها لتعكير صفائها من ناحية أخرى فوقع المسلمون قروناً ماضية فى هذا الخط العجيب وهذا الانفصام النكد وبخاصة فى هذه الأيام التى تذبح فيها العقيدة على أيدى أبنائها الذين ابعدوا كثيراً عن حقيقتها ومقتضياتها ومن مظاهر هذا الخلط العجيب والانفصام النكد أننا نرى صنفاً من الناس يردد كلمة التوحيد وهو لا يفهم لها معنى ولا يعرف لها مضموناً ولا يقف لها على مقتضى !
ونرى صنفاً آخر من المسلمين يردد كلمة التوحيد وقد انطلق حراً طليقاً يختار لنفسه من المناهج والأوضاع والنظم والقوانين الوضعية ما يشاء ويختار !
ونرى صنفاً ثالثاً يردد كلمة التوحيد وقد قسم حياته إلى قسمين:
قسم يتعلق بأمور العبادات وهنا يسمح لكلمة التوحيد أن تفك من أسرها وأن تخرج من سجنها !
وقسم يتعلق بأمور الحياة وشئونها ولا وجود هنا لكلمة التوحيد !
فما علاقة التوحيد والسياسة ؟!
وما دخل العقيدة بنظام الحكم ؟!
وما دخل العقيدة بالنظام الاقتصادي والاجتماعي ؟!
والإسلام أسمى من أن نخرجه من بيوت العبادة لنزج به فى سياسة الإعلام أو التعليم أو السياحة !!!
ونرى صنفاً رابعاً يردد كلمة التوحيد وقد ترك الصلاة وضيع الزكاة ، وتفنن فى أكل أموال الناس بالباطل وأكل الربا ، وشرب الخمر ، ومارس الزنا ، بل ومنهم من يرددها وهو يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف !!
تناقض رهيب وانفصام مخوف يزيد القلب التقى كمداً وحزناً وحسرة على ما وصل إليه حال كثير من الناس من سوء فهم لقضية العقيدة ،
والله جل وعلا يقول: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ [البقرة : 208 
قال ابن كثير – رحمه الله" يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين به المصدّقين برسوله: أنْ يأخذوا بجميع عُرَى الإسلام وشرائعه، والعمل بجميع أوامره، وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك.
قال العوفي، عن ابن عباس، ومجاهد، وطاوس، والضحاك، وعكرمة، وقتادة، والسُّدّي، وابن زيد، في قوله: { ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ } يعني: الإسلام.
وقال الضحاك، عن ابن عباس، وأبو العالية، والربيعُ بن أنس: { ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ } يعني: الطاعة. وقال قتادة أيضًا: الموادعة.
وقوله: { كَافَّةً } قال ابن عباس، ومجاهد، وأبو العالية، وعكرمة، والربيع، والسّدي، ومقاتل بن حَيَّان، وقتادة والضحاك: جميعًا، وقال مجاهد: أي اعملوا بجميع الأعمال ووجوه البر."اهـ ج1ص565
وهذا دليل واضح أن الشريعة الإسلامية تطبق كاملة وليس على سبيل التدرج أو تطبيق البعض وترك البعض الآخر

العقيدة والواقع الأليم
ومن خلال هذا الواقع المر الأليم نرى الحاجة ماسة وملحة لتعليم المسلمين العقيدة الصحيحة الصافية صفاء السماء التى جاء بها النبى – صلى الله عليه وسلم - وظل يربى عليها أصحابه لا فى مكة وحدها بل فى المدينة كذلك لأن قضية العقيدة لا تذكر لفترة من الزمن ثم تترك للحديث عن قضايا أخرى كلا بل إن قضية العقيدة أصل ينتقل "معه" إلى غيره فهى قضية دائمة دوام البشر
إذن فليست قضية العقيدة أو التوحيد مجرد كلمة - فقط - ترددها الألسنة دون أن تستقر فى القلوب أو تخبر عن نفسها فى دنيا الواقع !!
ولا يعقل إطلاقاً أن تقف كل جاهليات الأرض موقف الصد والأعراض والعناد والحرب لقضية التوحيد لمجرد أنها كلمة!!
فالتوحيد الذى يجب علينا أن نبدأ به من جديد لدعوة الناس إليه دين شامل ومنهج حياة كامل
فهو - أى التوحيد - يتضمن من الكفر بالطاغوت والآلهية والأرباب والأنداد ومن توحيد الربوبية والآلهية والأسماء والصفات ومن الولاء والبراء ومن كمال الذل وكمال الحب لله ومن تجريد العبادة إلى الله تعالى وحده ما يجعل العبد موحداً حقاً
نعم هذا كله تتضمنه كلمة التوحيد (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)
وهذه قاعدة من قواعد الدعوة إلى الله وهو منهج الرسول وأتباعه ،الدعوة إلى التوحيد أولا وإلى شهادة أن لا اله إلا الله وإلى تحكيم الشريعة

الإجماع منعقد على أن أول واجب على المكلفين هو التوحيد
أهل السنة والجماعة متفقون على أن أول واجب على العباد هو : إفراد الله بالعبادة
1- قال شيخ الإسلام رحمه اللّه:" وقد علم بالاضطرار من دين الرسول صلى الله عليه وسلم واتفقت عليه الأمة أن أصل الإسلام، وأول ما يؤمر به الخلق شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمدًا رسول اللّه، فبذلك يصير الكافر مسلمًا، والعدو وليًا، والمباح دمه وماله معصومَ الدم والمال، ثم إن كان ذلك من قلبه، فقد دخل في الإيمان، وإن قاله بلسانه دون قلبه، فهو في ظاهر الإسلام دون باطن الإيمان "اهـ نقلاً عن فتح المجيد ص158.
2- قال ابن أبى العز الحنفى – رحمه الله – " وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ أَنَّ أَوَّلَ وَاجِبٍ يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، لَا النَّظَرُ ، وَلَا الْقَصْدُ إِلَى النَّظَرِ ، وَلَا الشَّكُّ ، كَمَا هِيَ أَقْوَالٌ لِأَرْبَابِ الْكَلَامِ الْمَذْمُومِ . بَلْ أَئِمَّةُ السَّلَفِ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْعَبْدُ الشَّهَادَتَانِ ، وَمُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَجْدِيدِ ذَلِكَ عَقِيبَ بُلُوغِهِ ، بَلْ يُؤْمَرُ بِالطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ إِذَا بَلَغَ أَوْ مَيَّزَ عِنْدَ مَنْ يَرَى ذَلِكَ ، وَلَمْ يُوجِبْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يُخَاطِبَهُ حِينَئِذٍ بِتَجْدِيدِ الشَّهَادَتَيْنِ ، وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَاجِبًا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ، وَوُجُوبُهُ يَسْبِقُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ ، لَكِنْ هُوَ أَدَّى هَذَا الْوَاجِبَ قَبْلَ ذَلِكَ ." اهـ شرح الطحاوية ص43-44

أقوال أهل العلم فى بيان الواجب الأول على المكلفين
1- قال شارح الطحاوية – رحمه الله - 
" اعْلَمْ أَنَّ التَّوْحِيدَ أَوَّلُ دَعْوَةِ الرُّسُلِ ، وَأَوَّلُ مَنَازِلِ الطَّرِيقِ ، وَأَوَّلُ مَقَامٍ يَقُومُ فِيهِ السَّالِكُ إِلَى اللَّهِ .
قَالَ تَعَالَى :{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [الأعراف : 59]
وَقَالَ هُودٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَوْمِهِ :{ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ [الأعراف : 65]
وَقَالَ صَالِحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَوْمِهِ :{ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [الأعراف : 73]
وَقَالَ شُعَيْبٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَوْمِهِ :{ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [الأعراف : 85]
وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ [النحل : 36]
 وَقَالَ تَعَالَى :{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء : 25]
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ »رواه البخارى .
 وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ أَنَّ أَوَّلَ وَاجِبٍ يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، لَا النَّظَرُ ، وَلَا الْقَصْدُ إِلَى النَّظَرِ ، وَلَا الشَّكُّ ، كَمَا هِيَ أَقْوَالٌ لِأَرْبَابِ الْكَلَامِ الْمَذْمُومِ . بَلْ أَئِمَّةُ السَّلَفِ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْعَبْدُ الشَّهَادَتَانِ ، وَمُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَجْدِيدِ ذَلِكَ عَقِيبَ بُلُوغِهِ ، بَلْ يُؤْمَرُ بِالطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ إِذَا بَلَغَ أَوْ مَيَّزَ عِنْدَ مَنْ يَرَى ذَلِكَ ، وَلَمْ يُوجِبْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يُخَاطِبَهُ حِينَئِذٍ بِتَجْدِيدِ الشَّهَادَتَيْنِ ، وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَاجِبًا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ، وَوُجُوبُهُ يَسْبِقُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ ، لَكِنْ هُوَ أَدَّى هَذَا الْوَاجِبَ قَبْلَ ذَلِكَ ." اهـ شرح الطحاوية ص43-44

2- وقال فى الانتصار لحزب الله الموحدين :
"والله سبحانه فرض على عباده معرفة معنى: لا إله إلا الله, وأن يعلموا أن لا إله إلا هو  قال تعالى:{ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ [محمد : 19]
وترجم البخاري على الآية فقال: باب العلم قبل القول والعمل
أشار إلى أن العلم بمعنى: لا إله إلا الله, أول واجب. ثم بعد ذلك القول والعمل.
وقال الله تعالى:{ هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ [إبراهيم : 52]
لم يقل: ليقولوا: إنما هو إله واحد
وقال:{ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ [هود : 14] أي: واعلموا أن لا إله إلا هو.
وقال تعالى:{ وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [الزخرف : 86]
قال المفسرون: إلا من شهد بلا إله إلا الله, وهم يعلمون بقلوبهم ما شهدوا به بألسنتهم .
وقد قال النبي  صلى الله عليه وسلم: "من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة" رواه مسلم.
واستدل العلماء بهذه الآيات ونحوها: على أن أول واجب على الإنسان معرفة الله.
ودلت هذه الآيات : على أن آكد الفرائض العلم بمعنى لا إله إلا الله, وأن أعظم الجهل نقص العلم بمعناها؛ إذ كان معرفة معناها آكد الواجبات, فالجهل بذلك أعظم الجهل وأقبحه.
ومن العجب أن بعض الناس إذا سمع من يتكلم في معنى هذه الكلمة نفيا وإثباتا، عاب ذلك, وقال: لسنا مكلفين بالناس والقول فيهم!
فيقال له: بل أنت مكلف بمعرفة التوحيد الذي خلق الله الجن والإنس لأجله, وأرسل جميع الرسل يدعون إليه, ومعرفة ضده وهو الشرك الذي لا يغفر.
ولا عذر لمكلف في الجهل بذلك.
ولا يجوز فيه التقليد؛ لأنه أصل الأصول. فمن لم يعرف المعروف وينكر المنكر فهو هالك, لاسيما أعظم المعروف ، وهو التوحيد, وأكبر المنكرات وهو الشرك.
قال رجل لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه: هلكت إن لم آمر بالمعروف وأنه عن المنكر‍‍! فقال ابن مسعود: هلكت إن لم يعرف قلبك المعروف وينكر المنكر .
وبمعرفة التوحيد يعرف أهله؛ كما قال علي بن أبى طالب رضى الله عنه: اعرف الحق تعرف أهله.
وأما الإقرار بتوحيد الربوبية: وهو أن الله سبحانه خالق كل شيء ومليكه ومدبره, فهذا يقر به المسلم والكافر, ولابد منه. لكن لا يصير به الإنسان مسلما، حتى يأتي بتوحيد الإلهية الذي دعت إليه الرسل, وأبى عن الإقرار به المشركون, وبه يتميز المسلم عن الشرك وأهل الجنة من أهل النار.
وقد أخبر سبحانه في مواضع من كتابه عن المشركين: أنهم يقرون بتوحيد الربوبية. ويحتج عليهم سبحانه بإقرارهم بتوحيد الربوبية على إشراكهم في توحيد الإلهية, قال سبحانه:
{ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ [يونس : 31]
قال البكري الشافعي في تفسيره على هذه الآية: إن  قلت: إذا أقروا بذلك فكيف عبدوا الأصنام؟. قلت: كلهم كانوا يعتقدون بعبادتهم الأصنام, عبادة الله والتقرب إليه. لكن في طرق مختلفة:
ففرقة قالت: ليس لنا أهلية عبادة الله بلا واسطة؛ لعظمته فعبدناها لتقربنا إليه زلفى.
وفرقة قالت: الملائكة ذوو وجاهة عند الله, فاتخذنا أصناما على هيئة الملائكة لتقربنا إلى الله زلفى.
وفرقة قالت: جعلنا الأصنام قبلة لنا في العبادة؛ كما أن الكعبة قبلة في عبادته.
وفرقة اعتقدت: أن لكل صنم شيطانا موكلا بأمر الله, فمن عبد الصنم حق عبادته قضى الشيطان حوائجه بأمر الله, وإلا أصابه شيطانه بنكبة بأمر الله
وقال ابن كثير عند قوله: { وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر : 3]
" إنما يحملهم على عبادتهم؛ أنهم عمدوا إلى أصنام  اتخذوها على صور الملائكة المقربين في زعمهم,فعبدوا تلك الصور تنزيلا لذلك منزلة عبادتهم الملائكة, ليشفعوا لهم عند الله في نصرهم وما ينوبهم من أمر الدنيا.
قال قتادة, والسدي, ومالك- عن زيد بن أسلم, وابن زيد-:{ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [أي] ليشفعوا لنا ويقربونا عنده [منزلة]
{ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ [الزخرف : 9].{ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ [الزخرف : 87]
وقال : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ [يوسف : 106]
قال ابن عباس وغيره: إذا سألتهم من خلق السموات والأرض؟ قالوا: الله. وهم يعبدون معه غيره!!
ففسروا الإيمان في هذه الآية: بإقرارهم بتوحيد الربوبية, والشرك - بعبادتهم غير الله- وهو توحيد الألوهية .
فلما تقرر معنى: الإله, وأنه المعبود. تعين علينا معرفة حقيقة العبادة وحدها.
فعرفها بعضهم بأنها: ما أمر به  شرعا من غير اطراد عرفي ولا اقتضاء عقلي" اهـ الانتصار لحزب الله الموحدين والرد على المجادل عن المشركين_ص17-21


3- قال فى تيسير العزيز الحميد :
"وهذا التوحيد هو أول الدين وآخره، وباطنه وظاهره، وهو أول دعوة الرسل وآخرها، وهو معنى قول: لا إله إلا اللّه. فإن الإله هو المألوه المعبود بالمحبة، والخشية، والإجلال، والتعظيم، وجميع أنواع العبادة، ولأجل هذا التوحيد خلقت الخليقة، وأرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، وبه افترق الناس إلى مؤمنين وكفار، وسعداء أهل الجنة وأشقياء أهل النار.
قال اللّه تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
فهذا أول أمر في القرآن. وقال تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}.
فهذا دعوة أول رسول بعد حدوث الشرك. وقال هود لقومه:{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}. وقال صالح لقومه:{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}.
وقال شعيب لقومه:{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}
وقال إبراهيم ـ عليه السلام ـ لقومه:{إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.
وقال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ}
 وقال تعالى:{وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ}.
وقال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}.
وقال (هرقل) لأبي سفيان ـ لما سأله عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يقول لكم؟ ـ قال: يقول: "اعبدوا اللّه، ولا تشركوا به شيئًا، واتركوا ما يقول آباؤكم"رواه البخارى.
وقال النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لمعاذ: "إنك تأتي قومًا أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا اللّه". وفي رواية:"أن يوحدوا اللّه"رواه البخارى .
وهذا التوحيد هو أول واجب على المكلف، لا النظر ولا القصد إلى النظر ولا الشك في اللّه، كما هي أقوال لِمَن لم يدر ما بعث اللّه به رسول اللّه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ من معاني الكتاب والحكمة، فهو أول واجب وآخر واجب، وأوّل ما يدخل به الإسلام، وآخر ما يخرج به من الدنيا، كما قال ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ: "مَنْ كان آخر كلامه (لا إله إلا اللّه) دخل الجنة". حديث صحيح.
وقال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللّه، وأن محمدا رسول اللّه" متفق عليه.
وقد أفصح القرآن عن هذا النوع كل الإفصاح وأبدأ فيه وأعاد، وضرب لذلك الأمثال، بحيث إن كل سورة في القرآن ففيها الدلالة على هذا التوحيد، ويسمى هذا النوع:
1- توحيد الإلهية؛ لأنه مبني على إخلاص التأله، وهو أشد المحبة للّه وحده، وذلك يستلزم إخلاص العبادة.
2- وتوحيد العبادة لذلك.
3- وتوحيد الإرادة، لأنه مبني على إرادة وجه اللّه بالأعمال.
4- وتوحيد القصد، لأنه مبني على إخلاص القصد المستلزم لإخلاص العبادة لله وحده.
5- وتوحيد العمل، لأنه مبني على إخلاص العمل للّه وحده. قال اللّه تعالى:{فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ}. وقال:{قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّين وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ}
.{قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ...}
إلى قوله:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ...}
 إلى قوله:{قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ...} الآية، إلى قوله:{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً...}
 إلى قوله:{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ...} إلى قوله:{قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ...} إلى آخر سورة الزّمر.
فكل هذه السور في الدعاء إلى هذا التوحيد، والأمر به، والجواب عن الشبهات والمعارضات، وذكر ما أعد اللّه لأهله من النعيم المقيم، وما أعد لِمَن خالفه من العذاب الأليم. وكل سورة في القرآن بل كل آية في القرآن، فهي داعية إلى هذا التوحيد، شاهدة به، متضمنة له، لأن القرآن:
1- إما خبر عن اللّه تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله، وهو توحيد الربوبية، وتوحيد الصفات فذاك مستلزم لهذا، متضمن له.
2- وإما دعاء إلى عبادته وحده لا شريك له، وخلع ما يعبد من دونه أو أمر بأنواع من العبادات، ونهي عن المخالفات، فهذا هو توحيد الإلهية والعبادة، وهو مستلزم للنوعين الأولين، متضمن لهما أيضًا.
3- وإما خبر عن إكرامه لأهل توحيده وطاعته، وما فعل بهم في الدنيا، وما يكرمهم
به في الآخرة، فهو جزاء توحيده.
4- وإما خبر عن أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النكال، وما يحل بها في العقبى من الوبال، فهو جزاء من خرج عن حكم التوحيد.
وهذا التوحيد هو حقيقة دين الإسلام الذي لا يقبل اللّه من أحد سواه،
كما قال النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن. لا إله إلا اللّه وأن محمدًا رسول اللّه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت". رواه البخاري ومسلم،
 فأخبر أن دين الإسلام مبني على هذه الأركان الخمسة وهي الأعمال، فدل على أن الإسلام هو عباد ة اللّه وحده لا شريك له، بفعل المأمور، وترك المحظور، والإخلاص في ذلك للّه.
وقد تضمن ذلك جميع أنواع العبادة، فيجب إخلاصها للّه تعالى، فَمَنْ أشرك بين اللّه تعالى وبين غيره في شيء فليس بمسلم."تيسير العزيز الحميد شرح الحقائق فى التوحيد ص30-34
4- وقال الشيخ حافظ حكمى :
"أول واجب فرضه الله عز و جل على العبيد هو معرفة الرحمن أي معرفتهم إياه بالتوحيد الذي خلقهم له و أخذ عليهم الميثاق به ثم فطرهم شاهدين مقرين به ثم أرسل به رسله إليهم و أنزل به كتبهم عليهم إذ حرف تعليل لأولية وجوب معرفة العباد ربهم تبارك و تعالى بالتوحيد هو من كل الأوامر جمع أمر و هو خطاب الله عز و جل المتعلق بالمكلفين بصيغة تستدعي الفعل أعظم كما أن ضده من الشرك و التعطيل و التمثيل هو أعظم المناهي و لهذا لا يدخل العبد في الإسلام إلا به و لا يخرج منه إلا بضده ولم يزحزح عن النار ويدخل الجنة إلا به ولا يخلد في النار ويحرم الجنة إلا بضده و لم تدع الرسل إلى شيء قبله ولم تنه عن شيء قبل ضده وهو أي التوحيد نوعان :
الأول :التوحيد العلمي الخبري الاعتقادي المتضمن إثبات صفات الكمال لله عز و جل وتنزيهه فيها عن التشبيه والتمثيل ،وتنزيهه عن صفات النقص وهو توحيد الربوبية والأسماء والصفات
والثاني:التوحيد الطلبي القصدي الإرادي وهو عبادة الله تعالى وحده لا شريك له وتجريد محبته والإخلاص له  وخوفه ورجاؤه والتوكل عليه والرضا به ربا وإلها ووليا 0000 " اهـ معارج القبول  ج1ص97-99
5- وقال الشيخ ابن جبرين عن أول واجب على المكلفين
"يذكر الشارح - يقصد ابن أبى العز - أن أول واجب على المكلف أن يأتي بالشهادتين، ولهذا الرسول عليه الصلاة والسلام مكث بمكة عشر سنين لا يدعو إلا إلى الشهادتين، يدعو إلى تحقيق لا إله إلا الله وإلى تصديقه أنه رسول من الله، عشر سنين وهو لا يدعو إلا إلى توحيد العبادة، أليس ذلك دليل أهميته؟ ما فرضت عليه العبادات حينئذ؛ لأنها متفرعة عن أصل وهو التوحيد، فالعبادات كلها ما تقبل إلا بهذا الأصل، فلو تعبد المشركون فصلوا وتصدقوا وحجوا وأنفقوا وجاهدوا وقرؤوا وهم لم يوحدوا الله بل يدعون غيره معه ما قُبلت منهم عباداتهم ولن تنفعهم؛ لأنهم فقدوا شرطها.
وأهل الكلام الذين نهى علماؤنا عن الخوض في كلامهم من المعتزلة ونحوهم يقولون: إن أول واجب النظر.
وبعضهم يقول: أول واجب قصد النظر.
وبعضهم يقول: أول واجب الشك.
وهذه أقوال باطلة، فصحيح أن الله تعالى أمرنا بالنظر لأجل الاعتبار، والآيات في ذلك كثيرة، كقوله تعالى: { أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ } [ق:6]
{ أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ } [الغاشية:17-18]
{ أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ } [الأعراف:185]
{ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا } [يوسف:109]
فالنظر هنا لأجل الاقتناع، فمثلاً: إذا دعوت مسلماً وقلت له: أدعوك إلى الشهادتين.
فإذا توقف فادعه إلى النظر، قل له: انظر إلى هذه المخلوقات، انظر إلى هذه الأفلاك الثابتة وهذه الأفلاك الجارية وهذه المخلوقات المنبثة، هل خلقت عبثاً؟ انظر إلى نفسك وتقلب أحوالك، هل خلقت من غير خالق؟ فإذا نظر وتفكر فإنه عند ذلك يعتبر ويرجع إلى ما تدعوه إليه، فالنظر والقصد إلى النظر وسيلة ودلالة وحجة للمعاند، لا أن أول واجب هو النظر، بل يدعى من شك وتوقف إلى أن ينظر حتى يستيقن.
وأما معنى قولهم: إن أول واجب الشك فهم يقولون: إن أول ما يجب على الإنسان عندما يعقل أن يشك ثم يعمل بعد ذلك في إزالة ذلك الشك.
وهذا قول باطل، بل الواجب أولاً قبل كل شيء أن يأتي بالشهادتين، ثم بعد ذلك يعمل بمقتضاهما، والأعمال متفرعة عن الشهادتين.
اتفاق السلف على أن أول ما يؤمر به العبد الشهادتان :
قال رحمه الله: [بل أئمة السلف كلهم متفقون على أن أول ما يؤمر به العبد الشهادتان، ومتفقون على أن من فعل ذلك قبل البلوغ لم يؤمر بتجديد ذلك عقيب بلوغه، بل يؤمر بالطهارة والصلاة إذا بلغ أو ميز عند من يرى ذلك، ولم يوجب أحدٌ منهم على وليه أن يخاطبه حينئذٍ بتجديد الشهادتين، وإن كان الإقرار بالشهادتين واجباً باتفاق المسلمين، ووجوبه يسبق وجوب الصلاة، لكن هو أدى هذا الواجب قبل ذلك].
معنى هذا الكلام :أن الأطفال ينشئون بين آبائهم، ويلقنهم الأب معالم التوحيد من حين يميز، يلقنه معرفة ربه، ومعرفة نبيه، واستحقاق الله للعبادة، ووجوب العبادة، فينشأ على الإسلام وعلى قول (لا إله إلا الله) ويسمع ذلك من أبويه وهو صغير ما وجبت عليه الأحكام، فإذا بلغ استمر في العمل، ولا يحتاج عند البلوغ أن تقول له: الآن انطق الشهادتين.
الآن أصبحت مكلفاً فإنه يكفيه نطقه فيما سبق بتشهده في صلاته، وفي إجابته للمؤذن وما أشبه ذلك، فلا حاجة بعد ذلك عند البلوغ إلى تلقينه، ولا إلى تجديد إسلامه، بل هو مسلم بين أبويه المسلمين، ومن حين يعقل وهو يلقن.
والصحيح أيضاً أنه لو بلغ بعدما صلّى لا يؤمر بإعادة الصلاة، خلافاً لبعض العلماء، فبعضهم يقول: لو صلى الظهر قبل أن يبلغ ثم بلغ بعدها باحتلام أو نحوه فنأمره بإعادة الظهر؛ لأنه صلاها قبل أن يبلغ وهي في حقه غير واجبة، فبعدما بلغ تصير واجبة عليه، والصحيح أنه لا يؤمر؛ لأن الله ما أمر بالصلاة مرتين، وقد أداها ولو قبل البلوغ، فتصبح مجزئة، فكما لا يؤمر بإعادة الصلاة بعد البلوغ ولو كان الوقت باقياً فكذا لا يؤمر بعد البلوغ بتجديد الشهادتين، بل يكفيه أنه على الفطرة، وأنه قد تلقن وتعلم وفهم."اهـ شرح العقيدة الطحاوية عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن جبرين ص5 -7
6- وقال الشيخ الغنيمان :
والتوحيد أول واجب على العبيد :
[السابعة : كون التوحيد أول واجب].
"التوحيد هو أول واجب، وهو أول ما يُدعى إليه، فعندما يبدأ الداعي إلى الله جل وعلا بالدعوة فإنه يبدأ بالأصل الذي يُبنى عليه غيره، وكل الأعمال تبنى على التوحيد، والتوحيد معناه أن يكون العمل لله وحده، وأن تُخلص العبادة لله جل وعلا وحده، ولذلك الإنسان إذا كان يعبد الله ويبعد معه غيره فعمله غير مقبول بل كل عمله مردود؛ لأن المشرك لا يقبل منه عمل، فلابد أن يبدأ بما يصحح العمل أولاً، ثم بعد ذلك يبنى على أساس صحيح، فإذا جاءت الأعمال من المخلص الموحد ولو كانت قليلة فهي نافعة، أما الأعمال الكثيرة ممن لا يخلص دعوته وعبادته لله جل وعلا فهي مردودة غير مقبولة.
وهذا معنى قول العلماء: إن الإسلام مبني على أصلين:
 أحدهما: أن تكون العبادة لله وحده، ولا يكون فيها شيء لغيره.
الأصل الثاني: أن تكون العبادة بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
وإذا تخلف واحد من هذين الأصلين فإن العبادة مردودة غير معتبرة وغير مقبولة، فإن كانت على غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فقد تكون بدعة، وقد تكون شركاً فتكون مردودة؛ لأن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً لوجهه .
ثم إن كون أول ما يبدأ به هو التوحيد هذا إقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه أول ما بدأ دعوته قال للناس:
( قولوا: لا إله إلا الله )، وقال: ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيئا ) وكذلك الرسل قبله كانوا أول ما يبدأون دعوتهم به هو أن يدعوا إلى عبادة الله وحده جل وعلا، كما قص الله علينا في القرآن أن كل واحد منهم كان يقول: { يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } [الأعراف:59]، وهذا معنى قولنا: لا إله إلا الله.
فقوله جل وعلا الذي ذكره عنه عن الرسل: { أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ } [المؤمنون:32] قوله ( اعبدوا الله ) هو معنى (إلا الله)، وقوله: ( ما لكم من إله غيره ) معنى (لا إله).
فالرسل من أولهم إلى آخرهم أصل دينهم واحد، وكلهم جاؤوا بالدعوة إلى عبادة الله وحده جل وعلا، ودليل قول المصنف ما تقدم في هذا الحديث أنه قال لـ معاذ : ( إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ألا إله إلا الله )، وكذلك قوله لـ علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما أعطاه الراية قال له: ( أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام )، فالدعاء إلى الإسلام هو الدعاء إلى التوحيد وإلى شهادة ألا إله إلا الله، وهذا هو الذي يجب على الداعي الذي يترسم خطا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعله وأن يبدأ به أولاً، أما قول القائل: إني أبدأ بتحسين أخلاق الناس وبسلوكهم، ثم بعد ذلك يمكن أن يعرفوا التوحيد فإن هذا لا يصلح؛ لأن العمل إذا لم يكن على التوحيد وعلى دين صافٍ فإنه محبط وباطل ولا فائدة فيه، بل يكون تعباً بلا فائدة، كما قال الله جل وعلا: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً } [الغاشية:2-4]
وهذا في الذين يتعبدون على غير أساس، إما لأنهم غير مخلصين لله جل وعلا، أو لأنهم لا يتعبدون على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم ويتعبدون بالبدع، وكل واحد من هذين الأمرين يكفي في إحباط العمل، وإن كان الإنسان يخشع وإن كان يتعب وهو على هذه الطريقة فعمله مردود، فكل الاهتمام يجب أن يكون في إخلاص العمل، وفي كونه صواباً، كما قال جل وعلا: { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } [هود:7]
قال بعض السلف في تفسير هذه الآية: يعني: أيكم أصوبه وأخلصه؛ فإن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لا يقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لا يقبل يعني أنه إذا كان على السنة ولم يكن خالصاً لله فهو مردود، وإن كان خالصاً لله وليس على السنة فهو مردود، فلابد أن يكون خالصاً موافقاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم
التوحيد يبدأ به قبل الأعمال
[الثامنة: أن يبدأ به قبل كل شيء حتى الصلاة].
لأن التوحيد هو الأصل، وعليه تبنى سائر الأعمال كلها، فيجب أن يكون الأساس صحيحاً مكيناً معتبراً وإلا فسوف يكون البناء فاسداً كما هو معلوم في العقل والشرع والنظر "اهـ شرح كتاب التوحيد " عبد الله بن محمد الغنيمان ص8-10

تنزيل على الواقع :
تنزيل هذه المسألة على واقعنا الآن يكون من جانبين :
الجانب الأول : واقع الأمة من حيث قربها وبعدها عن الإسلام
الجانب الثانى : واقع العلماء والدعاة من حيث دعوة الناس
ونشير إلى هذين الجانبين بصورة مختصرة
بالنسبة للجانب الأول : وهو : واقع الأمة فهو كالتالى :
1- طائفة الحكام " النظام الحاكم " بهيئاته الثلاث – الهيئة التشريعية – الهيئة القضائية – الهيئة التنفيذية – طائفة مرتدة مارقة من الدين ، فهذه الطائفة ، حرب على الإسلام والمسلمين ، فهم يكرهون شريعة الله تعالى وحكمه – جل وعلا – لذلك غيروا وبدلولوا فى شرع الله ، شأنهم شأن اليهود والنصارى ، مع تحليلهم للحرام ، وتحريمهم للحلال ، وتشريع ما لم يأذن به الله ، أضف إلى ذلك موالاتهم لليهود والنصارى ومظاهرتهم على المسلمين – إلى غير ذلك مما هو واضح وجلى ولا يخفى إلا على جاهل ، أو معاند للحق موافق للباطل " وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [العنكبوت : 52] فهذه الطائفة بهيئاتها الثلاث هى أصل البلاء والشر ، وهى أصل الفساد والإفساد فى الأرض وإن زعموا أنهم مصلحون ، فقد زعم إخوانهم من المنافقين نفس الزعم فأكذبهم الله تعالى
قال – سبحانه " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ (12)
وقال – سبحانه " أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ [العنكبوت : 67]
ففساد هذه الطائفة سبب للفساد فى كل شئ
والأمر لا يختلف بعد هلاك رأس النظام المصرى ومعه بعض رموزه ومجئ المجلس العسكرى الشركى ، ومن لم يفهم هذا لم يعرف حقيقة التوحيد
أهمية تطبيق الشريعة الإسلامية
فتوى :
معنى حديث: (إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن):
السؤال:فضيلة الشيخ! ما معنى هذا الحديث وما مدى صحته: (إن الله لَيَزَعُ بالسلطان ما لا يَزَعُ بالقرآن)؟
الجواب: لا يحضرني الآن عن صحته شيء؛ لكن معناه: أن من الناس من لا يصلحه إلا قوة السلطان، ومن الناس من يصلحه القرآن، إذا قرأ القرآن اتعظ وانتفع، ومن الناس من هو شرير لا يصلحه إلا السلطان، ويدل لهذا أن الزاني إذا زنا ماذا يُصنع به؟ يُجلد، لا نقول: نأتي به، نقرأ عليه القرآن، ونحذره من الزنا، وما أشبه ذلك، نجلده؛ لأن هذا يردعه وأمثالَه عن العودة إليه، فالمعنى صحيح، أن الله تعالى يَزَعُ بالسلطان ما لا يَزَعُ بالقرآن؛ لكن لفظ الحديث لا يحضرني الآن" اهـ لقاءات الباب المفتوح
قلت : وأما حديث: إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. فلم نعثر عليه مرفوعا، وقد ذكر ابن تيمية وابن كثير أنه من كلام عثمان رضي الله عنه.

2- طائفة العلماء والدعاة –
وأقصد بهذه الطائفة المنحرفون الضالون منهم الذين باعوا آخرتهم بدنياهم فصاروا كالكلاب ، وقد ضرب الله تعالى لهم مثلا فى القرآن الكريم بقوله " وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)
" فشبه سبحانه من آتاه كتابه وعلّمه العلم الذي منعه غيره فترك العمل به واتبع هواه وآثر سخط الله على رضاه ودنياه على آخرته والمخلوق على الخالق بالكلب الذي هو من أخبث الحيوانات وأوضعها قدرا وأخبثها نفسا وهمته لا تتعدى بطنه وأشدها شرها وحرصا، ومن حرصه أنه لا يمشي إلا وخطمه في الأرض يتشمم ويتروح حرصا وشرها، ولا يزال يشم دبره دون سائر أجزائه ،وإذا رميت له بحجر رجع إليه ليعضه من فرط نهمته
 وهو من أمهن الحيوانات وأحملها للهوان وأرضاها بالدنايا والجيف المروحة أحب إليه من اللحم الطري، والقذرة أحب إليه من الحلوى، وإذا ظفر بميتة تكفي مائة كلب لم يدع كلبا يتناول معه منه شيء إلا كر عليه وقهره لحرصه وبخله وشره ،ومن عجيب أمره وحرصه أنه إذا رأى ذا هيئة رثة وثياب دنية وحال زرية نبحه وحمل عليه كأنه يتصور مشاركته له ومنازعته في قوته ،وإذا رأى ذا هيئة حسنة وثياب جميلة ورئاسة وضع له خطمه بالأرض وخضع له ولم يرفع إليه رأسه 000000"اهـ " الأمثال في القرآن الكريم ج1ص17-21
قلت : وهذه الطائفة أشبه الطوائف بعلماء اليهود الذين يعرفون الحق ويعملون على خلافة ، ومكمن خطرهم وشرهم أنهم يلبسون على الناس باسم العلم قال تعالى " وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة : 42]
وقال تعالى " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ [آل عمران : 71]
وعلماء الدنيا فى عصرنا يحرفون الدين بتحريف معانية لكى يوافق هوى الساسة والأنظمة المارقة التى يعملون عندها كموظفين ، فأصبحوا مع طائفة الحكام يصدون عن سبيل الله ، مع كتمانهم لما أنزل الله تعالى ، فطائفة الحكام يحكمون بغير ما أنزل الله ، وطائفة العلماء الضالين يكتمون ما أنزل الله ، فاجتمع كلا الطائفتين على ترك ما أنزل الله تعالى ، وكلاهما حرب على الإسلام والمسلمين ، وكل منهما له دوره الذى يقوم به ،
وهذه الطائفة مع طائفة الحكام تشكل الخطر الأكبر على انحراف الناس وبعدهم عن دين الله تعالى ، أضف إلى ذلك أنهم معاول هدم لكل بناء يقوم به الدعاة المصلحون لرجوع الناس إلى الحق الواضح المبين ،
لذلك جعل السلف – رحمهم الله تعالى – كلا الصنفين سبب فساد الناس
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله " فلهذا كان أولوا الأمر صنفين : العلماء، والأمراء . فإذا صلحوا صلح الناس وإذا فسدوا فسد الناس" اهـ مجموع الفتاوى ج28ص170  
وعلى العموم ففساد الحكام والأنظمة أثر من الآثار المترتبة على فساد العلماء بسبب سكوتهم عن الصدع بالحق والقيام بما افترضه الله عليهم ، فهؤلاء ينتظرهم هذا الوعيد الربانى " وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ [هود : 113] 
3- طائفة المفكرين والأدباء والصحفيين
وهذه الطائفة هى طائفة المنافقين الذين يتلونون ويداهنون ،فإن كانت مصلحتهم مع الكافرين والمرتدين قاموا بتحسين أعمالهم والدفاع عنهم وأظهروا الباطل فى صورة الحق ، مع محاولة طمس الحق ومعالمه ،وإن كانت مصلحتهم مع المسلمين أصحاب الدعوة إلى التوحيد الخالص وجدتهم وكأنهم من أهل العلم أو من المناصرين لهم المدافعبن عنهم ، قال عنهم ربهم " وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [المنافقون : 4]
وقال عنهم ربهم "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً [النساء : 142]
وفى عصرنا الحاضر نجد كتب هؤلاء المفكرين والأدباء تطفح بالكفر البواح ، بل وإعلان الحرب الصريحة على كل ما هو إسلامى ، أما أمر الصحفيين وما يقدمونه فى صحفهم فظاهر وواضح أنهم كالعبيد لأسيادهم ،فلا هم لهم إلا تحسين وتلميع الأنظمة الحاكمة ، فهم خدم السلطان وساسة السلطان بل هم عبيد السلطان ، فأمرهم ونهيهم بيد سلطانهم وليس بيد ربهم الكبير المتعال ، فكانوا بحق متخذين حكامهم أربابا من دون الله تعالى " اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [التوبة : 31]
وهذا ما نهى الله عنه أهل الكتاب بقوله تعالى " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران : 64]
فمن فعل فهو الكفر الذى لا ريب فيه – " وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران : 80]
ومن أخطر ما يخرج من هذه الطائفة هو : الدعوة إلى الأخذ بالحضارة الغربية ، وللأسف كان من ضمن الداعين إلى ذلك بعض العلماء المنحرفين فضلوا وأضلوا كثيرا ، فأحيانا يقدمون ذلك إلى الناس باسم التقدم ، أو باسم الديمقراطية ، أو باسم تجديد الخطاب الدينى ، وتجديد أحكام الدين لتواكب العصر ،
 وكان في طليعة هؤلاء العلماء المجددين كلٌ من جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ، وتلميذه محمد رشيد رضا ، وآخرون ممَّن كانت لهم الشهرة في أوائل القرن الرابع عشر الهجري
وقد نادى هؤلاء المجددون بإدخال إصلاحات جذرية في علوم الشرع وأحكامه لتواكب العصر ، وكانت باكورة عملهم الدعوة إلى إصلاح الأزهر الشريف بصفته المرجعية العليا لغالبية المسلمين في تلك الفترة
ومن هذه الضلالات مثلا : قول البعض أن عيسى – عليه السلام – لن ينزل فى آخر الزمان وأنه مات كما مات غيره
 حيث ينسب ذلك إلى الشيخ محمود شتلوت ومحمد عبده ، والشيخ المراغي ، ورشيد رضا : القول بأن عيسى عليه السلام قد توفي وفاة طبيعية وعليه فلا معنى لاعتقاد نزوله في آخر الزمان .
وكذلك قالوا فى حق المهدى – قالوا : أن الإيمان بظهوره آخر الزمان عقيدة شيعية انتقلت إلى أهل السنة ، وعليه فمن الواجب إخراجها من عقائد المسلمين " اهـ الفتاوى المعاصرة ، لحسين جوزو ، ص : 48-52
مثال للمفكرين المرتدين : وهو فرج فودة
ترجمته من كتاب :تتمة الأعلام للزركلي،للأستاذ محمد خير يوسف ( 2/10-11).
هو : فرج بن علي فوده
من مواليد الزرقاء - دمياط، في 20 أغسطس 1945م.
حصل على بكالوريوس الزراعة عام 1967، ثم الماجستير عام 1975م.
حصل على دكتوراه الفلسفة في الاقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس عام 1981م.
عمل مدرساً بزراعة بغداد، ثم خبيراً اقتصادياً في بعض بيوت الخبرة العالمية.
ثم أصبح يملك ويدير (مجموعة فودة الاستثمارية)
انضم إلى حزب الوفد ثم انفصل عنه - فأصدر كتاباً بعنوان (الوفد والمستقبل) شنع فيه على الحزب ودعا قارئه إلى عدم الانضمام إليه!
(اغتيل إثر مناقشة علنية بين طرفين: أحدهما إسلامي، والآخر علماني. وكان هو من الطرف العلماني.
وكانت البداية في صراعه مع الشيخ صلاح أبو إسماعيل، عندما كانا في حزب الوفد عام 1984، حيث أصر فرج فوده على علمانية -أي لا دينية- الوفد، بينما أصر الشيخ صلاح أبو إسماعيل على إسلامية الوفد. ولحسابات كثيرة أعلن رئيس حزب الوفد إسلامية الحزب. فخرج فوده من الحزب، وأسس مع أحد المارقين عن الإسلام حزباً جديداً أسماه"حزب المستقبل"، ووضع غالبية مؤسسيه من الأقباط، بالإضافة إلى الدكتور أحمد صبحي منصور، الأزهري الذي فصلته جامعة الأزهر لاتهامه بالاعتقاد بعدم ختم النبوة، وإنكار السنة النبوية الشريفة.
وقد رشح نفسه في انتخابات مجلس الشعب عام 1987 بصفته مستقلاً، وفي دائرة شبرا التي يوجد فيها نسبة كبيرة من الأقباط، وبها أكثر من 150 ألف صوت، لم يحصل منهم إلا على 200 صوت فقط!
وكان يدعو إلى التعايش مع إسرائيل، وبدأ هو بنفسه في التعامل بالاستيراد والتصدير -حيث كان يملك شركة تعمل في هذا المجال- وكان يعترف بأن السفير الصهيوني في القاهرة صديقه.
وكان ضيفاً ثابتاً في التلفزيون والإذاعة التونسية. وفي أخريات مقالاته بمجلة أكتوبر المصرية وصف المجاهد التونسي علي العريض بالشذوذ الجنسي، كما تهجم على الشيخ الداعية عبد الفتاح مورو، ودعاة آخرين .
ووضع نفسه أمام الرأي العام أنه ضد إقامة الدولة الإسلامية، وضد تطبيق الشريعة الإسلامية.. وكان ذلك واضحاً في مناظرته الأخيرة التي عقدها والدكتور محمد أحمد خلف الله في معرض الكتاب (يناير 1992) في مواجهة الشيخ محمد الغزالي والمستشار مأمون الهضيبي والدكتور محمد عمارة، وهي المناظرة التي أثارت حنق الكثيرين وعامة الشعب، وأصحاب الاتجاه الإسلامي على وجه الخصوص . (انظر مجلة المجتمع، عدد 1005).
واستمعت المحكمة على مدى 34 جلسة إلى أقوال 30 شاهد إثبات.. بينهم اثنان اعتبرا صاحبي أخطر شهادة، هما الدكتور محمود مزروعة، والشيخ محمد الغزالي.
والأول رئيس لقسم العقائد والأديان بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر، ووكيل وعميد سابق لها، وأستاذ في جامعة بنغازي، وجامعة الملك سعود، والجامعة الإسلامية بإسلام آباد، وجامعة قطر.. وحاور مستشرقين في الهند والصين وإيطاليا. وأعلن أمام المحكمة أن "فرج فوده" مرتد، ويجب على آحاد الأمة تنفيذ حد الردة في القاتل إذا لم يقم ولي الأمر بتنفيذ ذلك.. واعتبر بذلك في نظر كثير من المفكرين والأدباء محرضاً على القتل.
وقال الشاهد: إن فرج فودة كان يحارب الإسلام في جبهتين.. وزعم أن التمسك بنصوص القرآن الواضحة قد يؤدي إلى الفساد إلا بالخروج على هذه النصوص وتعطيلها.. أعلن هذا في كتابه "الحقيقة الغائبة" . وأعلن رفضه لتطبيق الشريعة الإسلامية، ووضع نفسه وجندها داعية ومدافعاً ضد الحكم بما أنزل الله.. وكان يقول: لن أترك الشريعة تطبق ما دام فيَّ عرق ينبض! وكان يقول: على جثتي! ومثل هذا مرتد بإجماع المسلمين، ولا يحتاج الأمر إلى هيئة تحكمُ بارتداده. (لقاء مع الدكتور مزروعة في جريدة العالم الإسلامي ع 1370 تاريخ 15/3/1415هـ)
-وشهادة الشيخ محمد الغزالي في قضية الاغتيال هذه أثارت ردود فعل عنيفة، داخل مصر وخارجها.
واعتبرها العلمانيون المصريون بمثابة 100 قنبلة! في حين أكد المتهمون باغتياله أن شهادة الشيخ تكفيهم ولو وصل الأمر لإعدامهم بعد ذلك! (تنظر هذه الشهادة في جريدة العالم الإسلامي ع 1321 (21- 27/2/1414هـ). وانظر الرد في مجلة المصور ع 3586 (12/1/1414هـ)، وتنظر كذلك: الرسالة الإسلامية ع 131 ص 65).
وبعد إدلاء هاتين الشهادتين ثارت زوبعة حول حد الردة في الإسلام، حيث أنكر العلمانيون والشيوعيون أن تكون عقوبة المرتد هي القتل، وأعد الدكتور عبد العظيم المطعني -الأستاذ بجامعة الأزهر- دراسة للرد عليهم بعنوان: "عقوبة الارتداد عن الدين بين الأدلة الشرعية وشبهات المنكرين" نشرتها مكتبة وهبة بالقاهرة.
والكتاب الأكثر إثارة في القضية كان بعنوان "أحكام الردة والمرتدين من خلال شهادتي الغزالي ومزروعة" لمؤلفة الدكتور مزروعة نفسه.
ومما كُتب فيه أيضاً، كتاب "محاكمة سلمان رشدي المصري: علاء حامد: مسافة في عقل رجل أم طعنة في قلب أمة؟ مع نص شهادة فرج فودة في المحكمة للدفاع عن علاء حامد" حيث اعتبر فرج فودة زعيم العلمانيين في مصر (ص125)، ونقل قوله في المحكمة: "غير المسلمين مثل النصارى واليهود ينكرون بداهة الدين الإسلامي فهل إنكارهم يعد جريمة؟" (ص26). وقد وضع اسمه بين المدافعين عن علاء حامد مع أحمد صبحي منصور، وأحمد عبد المعطي حجازي، ومحمد فايق -أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان-، وإسماعيل صبري عبد الله، ومحمد عودة، ونبيل الهلالي، وعبد الوارث الدسوقي، ويوسف القعيد، ونوال السعداوي. ورواية علاء حامد فيها "إلحاد وتطاول على الذات الإلهية، وسخرية من الأنبياء والرسل، واستهزاء بالجنة والنار، وتكذيب صريح للكتب المنزّلة وهجوم عليها" (ص61).
وقد صودر الكتاب، وأعدمت النسخ، وصدر الحكم عليه بالسجن ثماني سنوات، ورفض رئيس مصر إلغاء الحكم وقال: "لا أستطيع إلغاء حكم قضائي لشخص أهان الدين" وقال: "إن الحفاظ على العقيدة شيء مقدس" (ص71).
وغالب المفكرين والأدباء على هذه الشاكلة – إلا من رحم الله تعالى
أما الحديث عن الفنانين :
 فحديث عن العفن والنتن والدعوة إلى الانحلال والتحلل ، ونكتفى بقول محمد قطب "
قال :" ورجال الفن ونساؤه الذين يقومون بدور الترفيه والترويح عن الجماهير كلهم بطبيعة الحال من الذين انحلت أخلاقهم من قبل ، فكان الانحلال ذاته هو المؤهل الذي يؤهلهم لدخول عالم الفن وهؤلاء قد جعلت منهم الصحافة نجوما وأبطالا يسعى الجميع إلى تقليدهم والتشبه بهم ولا يكف المجتمع عن التطلع إليهم ، والإشادة بهم والتحدث عنهم والاهتمام بشأنهم بل أصبحوا الطبقة المرموقة التي تحظى بالاحترام وتحظى بالتقدير !!
فأي شيء من حياة الناس لا تشكله أيدي المنسلخين من الدين الداعين إلى التغريب تحت عنوان من العناوين"
فحذاري ..... حذاري .......
أيها المسلمون من الافتتان بهؤلاء الساقطين والساقطات فيلبسوكم ثوب المعرة فيخزيكم الله في الدنيا والآخرة ، وتكونوا حربا على الإسلام وأهله بتشجيعكم لمثل هؤلاء أو السكوت عنهم أو البشاشة في وجوههم أو التصويت والتصفيق لهم فتشاركوهم بالإثم والعدوان على محاربة الإسلام وتكونوا عونا للظالمين في نصرتهم على أهل الإسلام ، فلا ينبغي منكم إلا أن تظهروا عين السخط عليهم وعدم الرضا والقبول لأفعالهم فلا تدعموهم بأموالكم الذي رزقكم الله إياه فالله سائلكم عنها وبدون اتصالاتكم لن يكون لهم إلا طريق مسدود ، فبأموالكم يتقوون وبه يستمرون لنشر الرذيلة وإبعاد العباد عن طاعة الواحد الوهاب . وليكونوا منبوذين في مجالسكم ومحذرين منهم في أقوالكم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر فتكونوا خير أمة أخرجت للناس ." انظر موسوعة الغزو الفكري والثقافي وأثره على المسلمين لعلى الشحود ج1ص66
 4- طائفة العوام : وهم غالب الناس
 وهم فى واقعنا متفاوتون فى قربهم أو بعدهم عن الدين تفاوتا كبيرا ، فتجد الكثير منهم عكفوا على عبادة غير الله تعالى ، واعتقدوا ذلك دينا وتعصبوا له ، مع اعراضهم عن تعلم العلم الشرعى وسؤال أهل العلم ، فهؤلاء حكمهم ظاهر وواضح ، أنهم مشركون
ومن هؤلاء من لا يشغلهم أمر الدين أصلا ، فهؤلاء كالأنعام بل هم أضل سبيلا ، ومن هؤلاء من يتبعون الأحزاب العلمانية ، فحكمهم معلوم ،
وهناك طائفة الحركة الإسلامية ، وهم العاملين لدين الله تعالى ، وهم التيارات والجماعات الإسلامية ، وهم أيضا متفاوتون فى قربهم أو بعدهم عن الدين ، وهؤلاء فى الحقيقة هم أهل الحق ومن كان على نهجهم على رغم التفاوت بينهم
أما الجانب الثانى : وهو :واقع العلماء والدعاة من حيث دعوة الناس
سوف نشير إلى هذا الجانب الثانى بصورة مختصرة
أولا :ما تسمى بكبرى الجماعات الإسلامية وهى : " جماعة الإخوان المسلمين"
هذه الجماعة لا اهتمام لها بهذا الواجب الأول وهو: الدعوة إلى التوحيد الخالص ، والسبب فى ذلك يكمن فى عدة وجوه
الوجه الأول :بُعهدهم عن فهم التوحيد فهما صحيحا ، بدليل : دخولهم المجالس التشريعية والنيابية ، ودخولهم الأحزاب العلمانية ، أما الولاء والبراء عندهم ففى الجماعة وللجماعة ومبادئ الجماعة ، فى نفس الوقت الذى لا يتبرأون فيه من الكفار المعلنين بكفرهم مثل الأنظمة الحاكمة الذين يحاربون الإسلام والمسلمين ، وعدم تبرأهم من الأحزاب العلمانية ، إلى غير ذلك 0
الوجه الثانى : ظنهم أن الناس طالما أنهم ينطقون بكلمة التوحيد فإن هذا كاف فى إيمانهم ، بدليل أنهم يعتقدون أنه لا وجود للفرق الضالة القديمة فى عصرنا ، وبالتالى فلا داعى لإثارة المسائل الاعتقادية التى تناولها السلف – رضوان الله عليهم - 
مثال على ذلك من خلال كتبهم :
 قال الأستاذ - توفيق الواعي - في كتابه : " الإخوان المسلمون كبري الحركات الإسلامية شبهات وردود – صـ 122- 123 "
يقول : " بعض طلاب العلم يخلطون بين العقيدة التي جاء بها الرسول – صلى الله عليه وسلم - قرآن وسنة - وبين الشبهات التي أثارها المتكلمون وتم الرد عليها من علماء الإسلام في وقتها ، وانتهت هذه الشبهات بموت أصحابها . فـهل يجـوز لنا أن نـثير هذه الشبهات في الوقت الحاضر على أنها عقيدة رغم أنها ليست كذلك ؟

وإن جاز لنا أن ندرسها مع بعـض طلاب العـلم المنشغلين بهذا الأمر من باب العلم بها ، وكيف رد العلماء عـليها ، فهل يجوز إثارتها مع العوام كما يحدث مع بعض المنتسبين إلى العـلـم الآن؟ " اهـ . 


الرد على هذا الكلام :
هذا الكلام فيه مغالطات كثيرة وجهل فاضح واضح من صاحب هذا الكلام ، ونختصر الرد على هذا الجهل في عدة نقاط وهى :                                                  
الأولى : قوله : " بعض طلاب العلم يخلطون بين العقيدة التي جاء بها الرسول وبين الشبهات التي أثارها المتكلمون " اهـ .                                                                   
أراد بهذا الكلام همز ولمز العلماء العاملين الداعين إلى العقيدة والتوحيد نفياً وإثباتا فيسميهم طلاب العلم ، أي أنهم لا يتعدون أن يكونوا طلبة علم ، وبالتالي لم يفهموا حقيقة هذه المسائل فاختلطت عـليهم .
فهل أمثال الشيخ بن باز والشيخ ابن عثيمين والشيخ صالحالفوزان والشيخ الألباني وغيرهم كثير من طلبة العلم ؟ فمن هم العلماء إذن ؟!
إن هؤلاء العلماء هم الذين يتحدثون الآن في أمور العقيدة والتوحيد ويدرسونها لطلبة العلم مع تصنيفهم للمصنفات النافعة في ذلك.                                                                                  
وهذا ليس جديدا على الإخوان ، بل هذا دأبهم دائما ، فهم لا يحبون العلم ولا العلماء لأنهم يقومون بفضحهم وبـيان أخطائهم .
المغالطة الثانية : إدعاءه أن هناك فرق بين العقيدة التي جاء بها النبي – صلى الله عليه وسلم - وبين ما آثاره المتكلمون ، وتم الرد عليهم من قبل علماء المسلمين.                                                
وأقول : إنه لاشك أن العقيدة الصافية التي جاء بها الرسول – صلى الله عليه وسلم - ثابتة في القرآن والسنة ، ولكن هذه العقيدة تكون نفيا وإثباتا كما جاء في القرآن في قوله تعالى :  " فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة : 256] 
بل إن كلمة التوحيد " لا إله إلا الله " نفي وإثبات، وهذا يعنى : أن المسلم كما أنه يجب عليه أن يعتقد الإيمان الحق ، يجب عليه أيضا أن يعتقد بطلان ما يقابله من الكفر بالله تعالى ، وكما يجب على المسلم أن يعـتـقـد التوحيد الخالص ، يجب عليه أيضا أن يعتقد بطلان ما يقابله من الشرك بالله تعالى فالعقيدة الإسلامية لا تنحصر في اعتقاد الحق فقط ، وإنما الشق الثاني من هذه العقيدة اعتقاد بطلان ما يقابلها ، يستوي في ذلك ما أثاره المشركون أو المتكلمون ، طالما أن ذلك يتنافى مع العقيدة  الإسلامية .
ألم يقرأ الأستاذ " توفيق الواعي " قوله تعالى : " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ [النحل : 36]
ما قال الله : " اعبدوا الله فقط " لأن العبادة لن تتحقق إلا باجتناب عبادة غيره ، فالرسل - عليهم السلام - لم تبعث من أجل الدعوة إلى الله فقط ، .بل والدعوة إلى اجتناب الطاغوت .
ألم يقرأ الأسـتاذ " توفيق الواعي " حديث النبي- صلى الله عليه وسلم - الثابت في صحـيح مسلم : " من وحد الله وكفر  بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل " .
فلم يقل من وحد الله فقط ، لأن التوحيد لن يتحقق إلا بعد الكفر بما يعبد من دون الله .
فالـشبهات التي أثارها المتكلمون إما أن تكون داخلة في الشرك أو الكفر أو البدع المكفرة ، وكل ذلك لا يتحقق إلا بالعقيدة الصحيحة . فأصبح اعتقاد بطلانها من صميم العقيدة الإسلامية ، وهـذا كله مذكور في  كتب الاعتقاد القديمة والحديثة ، فمثل هذا التدليس لا يروج إلا على مثل الإخوان الذين جعلوا بينهم وبين دراسة العقيدة كما بين المشرق والمغرب
المغالطة الثالثة : أن الأستاذ - المحترم - يقـــول : " إن هذه الشبهات انتهت بموت أصحابها ". وكأنه يخاطب قوما من الموتى الذين لا يسمعون ولا يشاهدون ولا يقرءون , أو أنه جاهل بواقع الناس من جانب ، وبالعقيدة الصحيحة وما يقابلها من جانب آخر .     
* هل انتهت عقـيدة الأشاعرة المنتشرة بين الكثير من العلماء فضلا عن انتشارها بين جمهور الناس ؟
بل هناك من دعاة الإخوان من يتلبس ببعض عـقـيـدة الأشاعـرة كالشيخ حسن البنا كما في مسألة تفويض الصفات ، والشيخ حسن أيوب كما في مسألة  حقيقة الإيمان .                    
* هل انتهت عـقيدة الإرجاء بموت أصحابها ؟ أم أن الواقع خير شاهد بأن عقيدة الأمة الآن - إلا من رحم الله - على عقيدة المرجئة وفي الإخوان كثير منهم ؟                                             
* هل انتهت عـقيدة الشيعة بموت أصحابها ؟ أم أنها ما زالت قائمة ولهم دولة وشـوكة ومنعة؟ أم أنكم لا ترونها عقـيدة فاسدة لكونهم مـسلمين عنـدكم , وتعملون على التـقارب معهم ؟                                                                                          
* هل انتهت عقيدة المعتزلة بموت أصحابها ، أم أنها موجودة في كل من يقدم العقل على النقل ـ وأظن أن في الإخوان من يقول ذلك من أمثال الغزالي والقرضاوي ـ ؟
* هل انتهت عقيدة الخوارج بموت أصحابها ؟ أم أنها موجودة ومنتشرة في جماعات التكفير الآن ؟                                                                                        
المغالطة الرابعة : "  أن الأمر عند الأستاذ توفيق الواعي لا يتعدى مدارسة هذه الشبهات على أنها باب من أبواب العلـم ، مع عدم إثارة ذلك عـند الناس من الناحية العمـلــيـة  " .
بمعنى : عدم الـدعوة إلى ترك هذه البدع وإن كانت شركا أو كفرا ، لأن هذا من شأنه أن يفرق بين الناس ، فنترك الناس على عقائدهم ، وهذا قد يتمشى مع منهج الإخوان ، أما على منهج أهل السنة والجماعة فلا ، وألف لا ...............
بدليل أن جماعة الإخوان تتحالف مع أى تيار وإن كان كافرا أصليا ، فهم     يتحالفون مع النصارى وإن كان على حساب تيار آخر للمسلمين كما فى الانتخابات الجارية الآن المتعلقة بمجلس الشعب "1433هـ  - 2011م "
بل يتحالفون مع المرتدين الذين أعلنوا كفرهم وشركهم من أمثال العلمانيين من الناصريين والوفديين وغيرهم
مثال :
عقيدة غالبية الناس أن الله تعالى مـوجود في كل مكان .                                              
فعلى منهج الإخوان : نترك الناس على هذا الاعتقاد الفاسد ، ولكن على منهج أهل السنة يجب تعليم الناس الحق في هذه المسألة وغيرها ، بل إن مشروعية السؤال عن ذلك جائز كما في حديث الأمة التي سألها النبي- صلى الله عليه وسلم - : " أين الله فقالت : " في السماء " رواه مسلم

فائدة :

قال الحافظ الذهبى : رحمه الله كما في "مختصر العلو ص81
" ففي الخبر مسألتان : إحداهما : شرعية قول المسلم : أين الله ؟ ، وثانيهما : قول المسؤول : في السماء ، فمن أنكر هاتين المسألتين ، فإنما ينكر على المصطفى – صلى الله عليه وسلم " اهـ .
فعلى قادة الإخوان أن يراجعوا أنفسهم ، ويرجعوا إلى الكتاب والسنة .                            
الوجه الثالث : فى سبب بعد الإخوان عن العقيدة الصحيحة ودعوة الناس إليها : أنهم يأخذون هذة العقيدة عن علماء الأشعرية ، وهذا بنص كلامهم
 يقول الأستاذ سعيد حوى - وهو من كبار مفكرى جماعة الإخوان - : "
فى كتابه " جولات في الفقهين - الكبير والأكبر- ص 22، 62  .
" إن للمسلمين خلال العصور أئمتهـم في الاعتقاد ، وأئمتهم في الفقه وأئمتهم في التصوف والـسـلوك إلى الله تعالى .
فأئمتهم في الاعتقاد كأبي الحسن الأشعري وأبى منصور الماترودى .
وقال أيضا : " وسلمت الأمة في قضايا الاعتقاد لاثنين : أبى الحسن الأشعرى ، وأبى منصور الماترودى " اهـ
الرد على كلام سـعيد حوى :
لقد حوى كلام سعيد بن حوى باطل واضح نجمله في عدة أوجه :                              
الوجه الأول : أن الأمة إنما سلمت في قضايا الاعتقاد لما جاء في الكتاب والسنة ، لأنهما مصدر الاعتقاد ، والنصوص من الكتاب والسنة تفهم بفهم السلف الصالح من أصحاب القرون المفضلة ومـن سار على هديهم وطريقتهم.                                             
إذن فالتسليم في قضايا الاعتقاد وغيرها من أمور الدين لا تكون لعالم من العلماء ، وإنما التسليم لله تعالى- أي لكتابه ولرسـوله صلى الله عليه وسلم  - أي لسنته المباركة وطريقته.
الوجه الثاني : أن سعيد حوى قرن بين أبى الحسن الأشعري وبين أبى منصور الماترودى ، مما يدل على أنه أراد بذلك أن عـقيدة الأمة هي عقيدة الأشاعرة والماترودية ، وهـذا أيضا كلام باطل ، لأن أبا الحسـن الأشعري عـقيدته هي عقـيدة السلف الصالح التي رجـع إليها في آخر عمره ، فلا يضره انتساب الأشاعرة إليه .                                                    

يقول العلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله تعالى  :
" لا شك أنه ضل بسبب الخلاف في العقـيدة فرق كثيرة كالمعتزلة والجهمية والرافضة والقدرية وغيرهم ، وأيضا الأشاعرة ضلوا فيما خالفوا فيه الكتاب والسنة وما عليه خيار هذه الأمة من أئمة الهدى كالصحابة رضى الله عنهم والتابعـين لهم بإحسان والأئمة المهتدين .                                                                                               
وأبو الحسن الأشعري – رحمه الله تعالى - ليس من الأشاعرة وإن انتسبوا إليه لكونه رجع عن مذهبهم واعتنق مذهب أهل السنة ، فمدح الأئمة له ليس مدحا لمدح الأشاعرة  " اهـ  [ تنبيهات هامة على ما كتبه الصابوني -  صـ 9]
وأحسن من هذا نقل كلام الأمام أبى الحسن الأشعري نفسه : قال - رحمه الله: " فإن قال قائل : قد أنكرتم قول المعتزلة والـقدرية والجهمية والحرورية والرافـضة والمرجئة ، فعرفونا قولكم الذي به تقولون ، وديانتكم التي فيها تدينون .        
قيل له : قـولنا الذي به نقول وديانتنا التي ندين بها : التمسـك بكتاب الله وسـنة نبيه- صلى الله عليه وسلم - وما روى عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ، ونحن بذلك معتصمون ، وبما كان عليه أحمد بن حنبل - نضر الله وجهه - ورفع درجته ، وأجزل مثوبته قائلون .
ولمن خالف قوله مجانبون ، لأنه الإمام الـفاضل والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق عند ظهور الضلال ، وأوضح به المنهاج ، وقمع به بدعة المبتدعين ، وزيغ الزائغين ، وشك الشاكين , فرحمة الله عليه من مقدم وكبير مفهم وعلى جميع أئمة المسلمين وجملة قولنا ............ " اهـ تبيين كذب المفترى فيما نسب إلى الإمام الأشعري لابن عساكر - ص157 ] 
الوجه الثالث : أن العقيدة الصافية إنما تؤخـــذ من كتاب الله وسنة رسوله وما أجمع عليه السلف ، ومن كتب علماء السلف الصالح من المحدثين وغيرهم ، الذين كان اعتمادهم في العقائد على كلام الله تعالى وسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم - وكلام الصحابة والتابعين .
 رد الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله –
على من يقول بأن أئمة الاعتقاد أبو الحسن الأشعري والماترودى - وأن مصنفاتهما سابقة على مصنفات غيرهم .
قال : " وهذا جزم غير صحيح فقد سبقهما في ذلك الإمام أبو حنيفة والإمام عبد العزيز بن عبد الله بن أبى سلمة الماجشون ، والإمام مالك ، والإمام أحمد بن حنبل ، والإمام محمد بن إسحاق بن خزيمة والإمام عثمان بن سعيد الدارمى في - الرد على المريسى -  والإمام عبد العزيز الكنانى وغيرهم ممن لا يحصى" اهـ تنبيهات هامة على ما كتبه الصابوني - ص26 ]
سؤال :
ثم لسائل أن يسأل : لماذا اخـتار سعيد حوى أئمته في الاعتقاد وقصرهم على الأشعري والماترودى ؟                                                                                           
والإجابة واضحة :                                                                                    
أولا : لأن عقيدة غالب الأمة أصبحت أقرب للعقيدة الأشعرية.                                
ثانيا : لكون أن أكثر الإخوان يميلون إلى الأخذ بعقيدة الأشاعرة
ثالثا : جهل الإخوان بمصدر العقيدة الصحيحة .                                                 
رابعا : التسليم بالواقع وعدم السعي في تغيير عقائد الناس ، لأن ذلك سوف يسبب نفرة الناس منهم , وهم يريدون التجميع.                                                            
والشاهد : أن الإخوان منحرفون فى فهم الواقع من جانب ، منحرفون فى معرفة أول الواجبات من جانب آخر، منحرفون ثالثا فى دعوة الناس فى بيان أهم الواجبات
ثانيا : جماعة التبليغ
وهى جماعة كبيرة لها انتشار واسع فى معظم بلاد المسلمين ولها أتباع كثيرون ، ولكن للأسف ليس لها أدنى اهتمام بالواجب الأول وهو : الدعوة إلى التوحيد ، بل إنهم يقفون فى وجه الدعاة إلى التوحيد ، وهم فى حقيقة أنفسهم يجهلون هذا الواجب الأول ، بل منهم من يقع فيما يناقض هذا الواجب ، ففيهم شركيات واضحة ، وتجدهم ممن يعكفون عند القبور ، والذى عنده بعض العلم بالتوحيد إذا رأى من يفعل الشركيات لا ينكر عليه ولا يدعوه إلى التوحيد ، لأن ذلك يخالف منهجهم القائم على عدم انكار المنكرات وعدم الحديث عن أمراض الأمة 0
فهذه الجماعة فيها ما فيها من البدع ، فهى بمنهجها تزيد الناس ضلالا على ضلالهم
لذلك نجد هذه الجماعة تجد الترحيب والدعم من جميع الأنظمة والحكام ، لأنها لا تتعارض مطلقا مع منهج هذه الأنظمة ، لذلك تجد هذه الجماعة تجوب بلدان العالم دون أدنى تضيق عليها أو على أفرادها ، حتى أنها تدخل إسرائيل بكل ترحيب ،وهل ترضى هذه الأنظمة عن هذه الجماعة ومن كان على شاكلتها إلا إذا كانت على باطل ، والله عز وجل يقول "  وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ [البقرة : 120]
فتوى فى جماعة التبليغ :للشيخ عبد الرزاق عفيفى
قال الشيخ رحمه الله : " الواقع أنهم مبتدعة ومحرفون وأصحاب طرق قادرية وغيرهم وخروجهم ليس فى سبيل الله ولكنه فى سبيل الياس ، وهم لا يدعون إلى الكتاب والسنة ولكن يدعون إلى الياس شيخهم فى بنجلادش ،أما الخروج بقصد الدعوة إلى الإسلام فهو جهاد فى سبيل الله وليس هذا هو خروج . جماعة التبليغ ، وأنا اعرف جماعة التبليغ من زمان قديم ، وهم المبتدعة فى أي مكان كانوا ، هم فى مصر ، وإسرائيل ، وأمريكا ، والسعودية ، وكلهم مرتبطون بشيخهم اليأس " اهـ  : فتاوى الشيخ عبد الرزاق عفيفي ج1ص126
ثالثا : جماعة أنصار السنة والجماعات السلفية
تتفق جماعة أنصار السنة مع بقية الدعوات السلفية فى كثير من الأمور الدعوية والمنهجية والاعتقادية ، ولسنا بصدد تفصيل هذه الأمور ، ولكن غرضنا هنا بيان موقف هذه الجماعات من الدعوة إلى الواجب الأول- أى التوحيد الخالص –
من نظر إلى هذه الجماعات ظاهرا وجدها تضع من أوائل أهدافها الدعوة إلى توحيد الله تعالى ، ولكن الحقيقة أن هذه الجماعات تدعوا إلى التوحيد من وجهة نظرها ، وليس التوحيد الثابت فى الكتاب والسنة المجمع عليه بين سلف الأمة ، فتجد بعض هذه الجماعات تهتم بالدعوة إلى التوحيد من ناحية وجوب إفراد الله تعالى بالعبادة من ناحية النسك ، لذلك تجدها فى المقابل تهتم بالشرك المناقض لذلك فقط وهو شرك القبور ، فى نفس الوقت الذى لا يكفرون فيه عباد القبور ، ويمثل هذا الاتجاه أنصار السنة ، وفى الحقيقة هذا الاتجاه مخالف للنصوص الشرعية من جانب ومخالف لمنهج أنصار السنة القديم الذى كان عليه علماء الجماعة من جانب آخر ، أما توحيد الحاكمية وما يناقض ذلك إن تحدثوا فعلى منهج المرجئة 0
ومعظم الجماعات السلفية منهجها قريب من هذا ، مع التفاوت بينهم فى ذلك ، وفى الحقيقة قلما تجد من السلفيين من يلتزم بمنهج السلف – إلا من رحم الله – وهذه أمثلة توضح ذلك دون الإشارة إلى الأسماء التى تمثل هذه المعتقدات فمن ذلك 0
1- أن بعض الاتجاهات حصرت الإيمان فى عقيدة القلب ، وفى المقابل حصرت الكفر فى الجحود والاستحلال القلبى كذلك ، ولا مانع عند هؤلاء أن يقولوا لفظا أن الإيمان قول وعمل 0
 وسبب الانحراف في هذا الأصل، الظن بأن الإيمان مجرد التصديق القلبي، وأن الكفر هو التكذيب والجحود فقط، لذلك يظنون أن المرء إذا ترك جميع الواجبات والفرائض، وفعل المحرمات فإنه لا يكفر مادام لم يجحد الفريضة أو يستحل المعصية، وهذا القول هو قول المرجئة ومن تأثر بهم.وهذا مخالف لإجماع السلف
2- أن بعضهميوافق أهل السنة لفظا ويخالفهم فى المعنى والحقيقة
"ففي عصرنا هذا مع الأسف وجد قول غريب محدث من قبل بعض أهل السنة السلفيين ، خالفوا فيه أهل السنة في باب العمل ومنزلته من الإيمان ، فجمع قائلوه بين مذهب الجماعة ومذهب مرجئة الفقهاء ؛ حين نصوا على إدخال العمل في حقيقة الإيمان كما هو قول الجماعة ، ثم تناقضوا بإخراجه ؛ حين أثبتوا إمكان وجود إيمان في القلب ولو لم يظهر أي عمل على الجوارح ؛ [ لأنهم يقولون : العمل شرط صحة للإيمان ، وبعضهم يقول شرط كمال ] ، وهذا هو قول المرجئة على الحقيقة الذين أرجأوا العمل عن الإيمان وبسببه قامت رحى المعركة بينهم وبين أهل السنة ، وهؤلاء شابههوهم ؛ لأن أولئك قالوا : الإيمان قول بلا عمل ، وهؤلاء قالوا : الإيمان قول وعمل لكن يمكن أن يكون بلا عمل ، ولو أمكن تخلف العمل كله عن الإيمان عند أهل السنة والجماعة لما قامت كل هذه الملاحم من عسكر أهل السنة مع المرجئة ، ولما كان لهذا الخلاف معنى إذن." أقوال ذوي العرفان في أن أعمال الجوارح داخلة في مسمى الإيمان ص35
وفى ذلك يقول شيخ الإسلام – رحمه الله -
"وقول القائل : الطاعات ثمرات التصديق الباطن ، يراد به شيئان : يراد به أنها لوازم له ، فمتى وجد الإيمان الباطن وجدت. وهذا مذهب السلف وأهل السنة. ويراد به : أن الإيمان الباطن قد يكون سبباً ، وقد يكون الإيمان الباطن تاماً كاملاً وهي لم توجد ، وهذا قول المرجئة من الجهمية وغيرهم" اهـ (الفتاوى:7/363).
3- ومن هؤلاء من يقول أن من ترك جميع الواجبات فهو مؤمن طالما أن الإيمان فى قلبه ، ويكون ناجيا فى الآخرة   
وقد رد شيخ الإسلام هذا القول وبين بطلانه
 قال فى(الفتاوى:7/128) :"بل القرآن والسنة مملوءان بما يدل على أن الرجل لا يثبت له حكم الإيمان إلا بالعمل مع التصديق ، وهذا في القرآن أكثر بكثير من معنى الصلاة والزكاة ، فإن تلك إنما فسرتها السنة ، والإيمان بين معناه الكتاب والسنة وإجماع السلف"اهـ.
وقال(الفتاوى:7/621 ) : ( وقد تبين أن الدين لابد فيه من قول وعمل ، وأنه يمتنع أن يكون الرجل مؤمناً بالله ورسوله بقلبه أو بقلبه ولسانه ولم يؤد واجباً ظاهراً ، ولا صلاة ولا زكاة ولا صياماً ولا غير ذلك من الواجبات ، لا لأجل أن الله أوجبها، مثل أن يؤدي الأمانة و يصدق الحديث ، أو يعدل في قسمه وحكمه، من غير إيمان بالله ورسوله، لم يخرج بذلك من الكفر، فإن المشركين وأهل الكتاب يرون وجوب هذه الأمور، فلا يكون الرجل مؤمناً بالله ورسوله مع عدم شيء من الواجبات التي يختص بإيجابها محمد صلى الله عليه وسلم)اهـ.
وقال(الفتاوى:7/611) :"ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمناً إيماناً ثابتاً في قلبه ؛ بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة ولا يصوم من رمضان ولا يؤدي لله زكاة ولا يحج إلى بيته ، فهذا ممتنع ، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب وزندقته لا مع إيمان صحيح ، ولهذا إنما يصف سبحانه بالامتناع عن السجود الكفار"اهـ.
4- بعض السلفيين وهم كثر يحصرون الكفر فى كفر الاعتقاد ، والاستحلال ، فتارك أركان الإسلام من الفرائض مسلم طالما أنه مقر بها ولا يكفر إلا بجحودها أو استحلالها ، وهذا فى الحقيقة قول المرجئة 0
نص بعض أئمة السنة المعتمد على تقريرهم على كفر تارك الفرائض ، وأن القول بإيمان تاركها إذا كان مقراً هو قول المرجئة ،
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله (فتح الباري:1/21) عند ذكر تكفير تارك الصلاة قال :"وحكاه إسحاق بن راهوية إجماعاً منهم ، حتى إنه جعل قول من قال : لا يكفر بترك هذه الأركان أنها من أقوال المرجئة"أ.هـ ، وانظر (تعظيم قدر الصلاة:2/929).
5- التزام الكثير من السلفية بقول مرجئة الفقهاء من الناحية العملية ،فيقولون العمل من لوازم الإيمان أو ثمرة من ثمراته
6- من السلفية من يجعل بعض المكفرات دليل على ما فى القلب وليست هذه الأعمال كفر بذاتها : وهذا من أقوال المرجئة ، حتى فى سب الله ورسوله – صل الله عليه وسلم –
7- هذا الفكر المنحرف أدى على التزام غالب الناس – إلا من رحم الله بمذهب المرجئة ، فأكثر الناس إذى دُعى إلى الالتزام بالدين تجده يقول : الإيمان فى القلب ، وهذه نتيجة الدعوة إلى مذهب المرجئة سواء تم ذلك بقصد أو بغير قصد
قلت : ومن أبرز أقوال المرجئة باختصار :
1 - الإيمان تصديق بالقلب فقط . ( وهذا قول الجهمية )
2 - الإيمان نطق باللسان فقط . ( وهو قول الكرَّامية )
3 - الإيمان تصديق بالقلب ونطق باللسان . وهو قول مرجئة الفقهاء
4 - الإيمان تصديق بالقلب ، وقول باللسان، وعمل بالقلب دون الجوارح وهو قول لبعض المرجئة
5 - الإيمان لا يزيد ولا ينقص والناس في أصله سواء .
وهو قول مرجئة الفقهاء وغيرهم من المرجئة
6 - الكفر هو التكذيب فقط ( وهذا قول الجهمية )
7 - الكفر لا يكون إلا بالاعتقاد أو الجحود والاستحلال ، ويستشهدون بقول الطحاوي رحمه الله " ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب، ما لم يستحله"،وهذا يقول به كثير من دعاة السلفية فى عصرنا
8 - ترك جميع أعمال الجوارح  ليس كفراً مخرجاً من الملة                                                  والسبب الذى لأجله جُعل هذا القول من أقوال المرجئة :
"لأنه يلزم منه أن أعمال الجوارح ليست ركناً في الإيمان بل ولا عمل القلب كذلك ، وهذا باطل لارتباط الظاهر بالباطن فيمتنع وجود عمل القلب مع انتفاء عمل الجوارح ،وللأسف يقول بهذا القول كثير من دعاة السلفية
9 - أعمال الجوارح شرط كمال في الإيمان وليست ركناً ولا شرط صحة وهو قول الأشاعرة ومن وافقهم من علماء هذا العصر ، وبه يقول بعض دعاة السلفية
والحق فى ذلك أن يقال:أن العمل جزء من الإيمان وركن من أركانه ، والمراد بذلك : النظر إلى مجموع العمل ، أو جنس العمل ، وليس المراد آحاد العمل
10 - الأقوال والأعمال الكفرية ليست كفراً ولكنها تدل على الكفر                                           
11 - المكفرات القولية والعملية المخرجة من الملة هي ما كان مضاداً للإيمان من كل وجه أو ما كانت دليلاً على الكفر ، وجَعْلُ مناط التكفير كونها مضادةً للإيمان من كل وجه أو كونها تدل على ذلك                                                  .
والصواب أن يقال : المكفرات القولية والعملية المخرجة من الملة هي ما دل الدليل على كونها كذلك ، وهي مضادة للإيمان من كل وجه وتدل على كفر الباطن، ولا بد 0
 بمعنى : أن الكافر هو من كفره الله ورسوله ، فمتى ثبت الدليل فى أن هذه الأقوال أو الأفعال هى كفر وجب الأخذ بها ، ومتى ثبت ذلك فلا بد أن تكون مضادة للإيمان
12 - جعلهم الشهوة وعدم القصد من موانع التكفير .
 ووجه كونه إرجاءً: أن مآله إلى حصر الكفر في الاعتقاد ، أما إن عني بالقصد : العمد المقابل للخطأ فنعم ، فالخطأ من موانع التكفير ، لكن ليُعلم أنه يكفي أن يقصد ( يتعمد) عمل الكفر ، ولا يلزم منه أن يقصد الوقوع في الكفر ،لأن أحدا لن يقصد الكفر بهذا المعنى،
وفى ذلك يقول شيخ الإسلام " وبالجملة فمن قال أو فعل ما هو كفر كفر بذلك وإن لم يقصد أن يكون كافرا إذ لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله"اهـ الصارم المسلول ص184 
والخلاصة :
أنه لا صلاح للناس على وجه العموم وهذه الأمة على وجه الخصوص إلا بالرجوع إلى ما كان عليه النبى – صلى الله عليه – وأصحابه الكرام – خاصة وأن الناس اختلفوا فى كل شئ – إلا ما رحم الله –
عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ( صَلاَةَ الْفَجْرِ ثُمَّ وَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا . فَقَالَ " أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْداً حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِى فَسَيَرَى اخْتِلاَفاً كَثِيراً فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَالْمُحْدَثَاتِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ " . وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ مَرَّةً " وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ " أخرجه : أبو داود ( 4607 ) ، وابن ماجه ( 43 ) ، والترمذي ( 2676 ) قال الشيخ الألبانى : صحيح
هذا هو المخرج من جميع الفتن التى حلت بالمسلمين ، ولا شك أن الناس الآن يعيشون على عقائد فاسدة إلا من رحم الله – أو على عقائد مليئة بالدخن والشوائب ، وصلاح ذلك يكون بالدعوة إلى التوحيد الخالص والإيمان الحقيقى ، فسبب الفساد وضياع بلاد المسلمين هو : انتشار الكفر والبدع بين الناس ،
وإلى ذلك أشار الحافظ ابن كثير – رحمه الله –
وهو يبين سبب انتصار الروم على المسلمين وانتزاعهم الكثير من بلادهم:
قال"... وذلك لتقصير أهل ذلك الزمان، وظهور البدع الشنيعة فيهم، وكثرة العصيان من الخاص والعام منهم، وفشو البدع فيهم، وكثرة الرفض والتشيع منهم، وقهر أهل السنة بينهم".اهـ البداية والنهاية المصدر السابق 12/343.
إذن : الواجب الأول المتعين على كل مكلف هو التوحيد ، وكذلك الواجب الأول على الدعاة هو الدعوة إلى التوحيد ، وأن صلاح الناس والمجتمعات متوقف على الالتزام بتوحيد الله تعالى علما وعملا واعتقادا ودعوة




0 comments:

welcome to my blog. please write some comment about this article ^_^