المفيد فى بيان أصل التوحيد





بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وعلى أصحابه الطيبين الطاهرين وزوجاته أمهات المؤمنين . 

إن النصر والتمكين ، و العزة والكرامة ، و الرفعة والمكانة ، و الأمن والآمان ،و السعادة الدنيوية والأخروية
كل ذلك يتحقق لنا  بشرط أن نكون لأصل الدين من المحققين
وأصل دين الإسلام قائم على ثلاثة أصول ، قائم على ثلاثة أسس ، وهذه الأصول هى التى تجعل الناس فى عداد المسلمين الموحدين
أما الأصل الأول : فهو إفراد الله تعالى بالنسك ، إفراد الله تعالى بالشعائر التعبدية ، إفراد الله تعالى بالعبادة
وبذلك أمر الله تعالى الناس جميعا ، أن يعبدوه وحده لا شريك له – قال تعالى " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة : 21
ولأجل ذلك أرسل الله – جل وعلا – رسله
قال تعالى " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ [النحل : 36
وقال تعالى " وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء : 25
وما من رسول أرسله الله تعالى إلا وقال لقومه " َيا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ [الأعراف : 59
وإنما كان الله تعالى هو المستحق للعبادة دون ما سواه لأنه هو الرب العظيم
قال تعالى : قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الأنعام : 161
قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام : 162 لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام : 163 قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [الأنعام : 164
فالرسل عليهم السلام إنما دعت الناس إلى عبادة الرب وليس عبادة المربوب ، دعت إلى عبادة الخالق وليس عبادة المخلوق
كما قال عيسى – عليه السلام – لبنى إسرائيل
" وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة : 72
وقال " مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [المائدة : 117
وقال لهم " إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ [آل عمران : 51
وقال تعالى " إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ [يونس : 3
فمن عبد غير الله تعالى فقد أشرك بربه جل وعلا – وذلك يكون بصرف العبادة لغير الله تعالى
ومن صرف العبادة لغير الله تعالى فهو من أجهل الخلق بمقام ربه – جل وعلا –
قال تعالى " قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ [الزمر : 64
وهذا الأصل الذى هو إفراد الله تعالى بالنسك لا يصح من العباد إلا إذا كانوا للشرك تاركين ومجتنبين
قال تعالى " قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ [الرعد : 36
وقال تعالى " قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [الممتحنة : 4
فاللهم إنا نُشْهِدُكَ ، ونُشهِدُ حَمَلَةَ عَرشِكَ ، وملائِكَتَكَ وجميعَ خَلْقِكَ أننا نبرأ إليك من الشرك ومن المشركين أينما كانوا وأينما حلوا
أما الأصل الثانى من أصول الإسلام : فهو إفراد الله تعالى بالحكم والتشريع ، إفراد الله تعالى بالشرائع القانونية
فالإنسان لا يصير مؤمنا بربوبية الله تعالى وإلهيته وأسمائه وصفاته إلا إذا آمن بحاكمية الله تعالى
قال تعالى " إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ [يوسف : 40
وقال تعالى " إنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ [الأنعام : 57
فالذى يحكم بين الناس ويشرع لهم هو ربهم وخالقهم
قال تعالى " وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ [الشورى : 10
وقال تعالى " إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف : 54
لذلك نجد أن الله تعالى جعل المشرعين للقوانين الوضعية فى منزلة الأرباب ومن اتبعهم على تشريعاتهم فهو من المشركين بربه – جل وعلا –
قال تعالى " اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [التوبة : 31
عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- وَفِى عُنُقِى صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ. قَالَ :« أَجَلْ وَلَكِنْ يُحِلُّونَ لَهُمْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيَسْتَحِلُّونَهُ وَيُحَرِّمُونَ عَلَيْهِمْ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَيُحَرِّمُونَهُ فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ لَهُمْ ».رواه البيهقى فى سننه الكبرى والصغرى ورواه الطبرانى فى معاجمه وصححه الشيخ الألبانى فى السلسة الصحيحة
ولا يتحقق هذا الأصل إلا بإفراد الله تعالى بالحكم والتشريع هذا من جانب ومن جانب آخر لا بد من البراءة من كل حكم يخالف حكم الله ومن كل شرع يخالف شرع الله
كالبراءة من العلمانية والديمقراطية القائلة بأن الحكم والتشريع يكون لغير الله تعالى
فاللهم إنا نُشْهِدُكَ ، ونُشهِدُ حَمَلَةَ عَرشِكَ ، وملائِكَتَكَ وجميعَ خَلْقِكَ أننا نبرأ إليك من كل حكم سوى حكم الله ومن كل شرع سوى شرع الله ومن كل منهج سوى منهج الله تعالى
أما الأصل الثالث من أصول التوحيد فهو إفراد الله تعالى بالولاء أى بالمحبة والنصرة
قال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [المائدة : 54 إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [المائدة : 55 وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة : 56
فولاء المسلم لا يكون إلا لله ولرسوله ولكتابه وللمؤمنين ، فالمؤمنون أخوة دون ما سواهم
قال تعالى "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات : 10
وقال تعالى " وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة : 71
وقال تعالى "قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ [الأنعام : 14
وفى المقابل نهانا ربنا تبارك وتعالى عن موالاة أعداء الله تعالى من اليهود والنصارى والمشركين والمرتدين ، وكل من يدين بغير دين الإسلام
قال تعالى " لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ [آل عمران : 28
وقال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً [النساء : 144
وقال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة : 51
أن الولاء والبراء هو الترجمة العملية لتحقيق توحيد الله - جل وعلا - فهو الفارق بين المؤمنين والكافرين ، فهو الذى يميز جماعة الحق من جماعة الباطل
وواقعنا خير شاهد على ذلك ، فإن الصفوف تميزت خاصة بعد سقوط النظام السابق
فالناس الآن فى واقعنا انقسموا إلى فريقين واضحين تماما
الفريق الأول : وهم الذين ينادون بالديمقراطية والعلمانية وبأى منهج وضيع وضعى من المناهج الأرضية ، مع رفضهم وإعلانهم جهارا رفض الشريعة الإسلامية ، يرفضون صراحة أن تكون الحاكمية لرب البرية تبارك وتعالى ، ولم يكتفوا بذلك بل يقومون بمحاربة كل التوجهات الإسلامية ، فهؤلاء لا شك فى كفرهم كفرا بواحا عندنا فيه من الله تعالى برهان ساطع أوضح من شمس النهار
الفريق الثانى : وهم أهل الحق الداعين لتطبيق شريعة الرحمن مع رفضهم لكل مناهج الشيطان المتمثلة فى أى منهج أرضى بشرى ، ولأجل إعلاء شريعة الله تعالى يقاتلون ويجاهدون
قال تعالى " الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً [النساء : 76]
فلنظر فى صف من نحن ؟ فى صف المطالبين بتطبيق حكم الله وشرعه نرجو ذلك ، ونعوذ بالله تعالى أن نكون من الصنف الآخر المحارب لشرع الله تعالى
ولا يظن ظان أنه يسعه أن يقف بين الصفين والفريقين ، لأنه لا بد من المحبة والنصرة لدين الله وللعاملين له فهو الإيمان ، وإما الكراهية لما أنزل الله تعالى والعمل على الصد عن دين الله وشرعه فهو الكفر بالله – والعياذ بالله 
إذا ما صح هذا الإيمان وهذا التوحيد فإنه يترتب على ذلك وقوع التدافع بين أهل الحق وأهل الباطل  
وقانون التدافع بين الحق والباطل من سنن الله تعالى فى خلقه ، ولولا هذا التدافع لوقع الفساد والإفساد فى الأرض
قال تعالى " وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ [البقرة : 251
وهذا الكلام جزء من آية من سورة البقرة جاءت فى سياق الحديث عن قصة طالوت مع قومه بنى إسرائيل وبين جالوت المحارب للحق
فقال تعالى فى آخر القصة " فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ [البقرة : 251
أى أن هذا التدافع بين أصحاب الحق وأصحاب الباطل كان عن طريق الجهاد فى سبيل الله
وفى سورة الحج قال تعالى " أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ [الحج : 39
 الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج : 40
والسؤال هنا : كيف نتدافع مع أهل الباطل ؟
أولا:بالتعرف على أعدائنا
أعداؤنا هم أعداء ديننا ، وهم كل من يدين بغير دين الإسلام
وقد عرفنا الله تعالى عليهم إجمالا وتفصيلا
قال تعالى " وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيراً [النساء : 45
وقال تعالى " وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ [الأنعام : 55
ثانيا : التعرف على أهداف أعدائنا
لا شك أن أعداء الإسلام لهم أهداف يسعون لتحقيقها ، ومن ذلك :
1-الهدف الأول والأساسى لأعداء الله العمل على ردة المؤمنين إلى ملة الكافرين
فعلى سبيل الإجمال قال تعالى "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ [إبراهيم : 13
وقال تعالى حاكيا مقالة الكفار لرسوله شعيب عليه السلام "
قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ [الأعراف : 88
فهذا وحده الذى يرضى الكفار ، كما قال تعالى " وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ [البقرة : 120
2- الهدف الثانى لأعداء الله تعالى هو العمل على ردة المسلمين ولو إلى غير دين ، المهم الخروج من الدين ولأجل ذلك يقاتلون المسلمين
قال تعالى " وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة : 217
وقال تعالى " وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً [النساء : 89
وقال تعالى " إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ [الممتحنة : 2
3- ثبات أهل الكفر على كفرهم
الكفار يعلمون أنهم لن يحققوا أهدافهم إلا بالثبات على ما هم عليه ، لذلك يوصى بعضهم بعضا بذلك
قال تعالى " وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ [صـ : 6
وقال تعالى " إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً [الفرقان : 42
إذا كان الأمر كذلك فإن هذا الدين لا يحفظ ولا يدوم ولا يستمر ، ولا يعيش فى دولة وكيان إلا من خلال الجهاد فى سبيل الله تعالى
فبالجهاد فى سبيل الله يحفظ الدين للأفراد وللجماعات وللدول والشعوب
قال تعالى " وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ [البقرة : 193]
وقال تعالى " قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة : 29
وفى الحديث الصحيح " (بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَجُعِلَ رِزْقِى تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِى وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِى وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ."
 أن أعداء الله تعالى ما تمكنوا من المسلمين إلا بسبب تركهم وإهمالهم لفريضة الجهاد فى سبيل الله تعالى ، أضف إلى ذلك ما كان يفعله الطواغيت فى الفترة السابقة من محاربة الإسلام والمسلمين مع صدهم عن سبيل الله تعالى
لا بد من مدافعة هذا الخضوع والخنوع الذى تملك الناس
يا أمة طالما ذلت لقاتلها  
                                   حتى متى تخفضين الرأس للذنب
ألا ترين دماء الطهر قد سفكت  
                                       فى كل ناحية صوت المنتحب
حتى متى تقبلين الضيم خاشعة  
                                          لكل باغ ومأفون ومغتصب
منهج الإسلام فى إقامة الخلافة الإسلامية واضح لا عوج فيه ولا أمتا
فليس من منهج الإسلام إنشاء الأحزاب أو الدخول فى البرلمانات ، لأن هذا معناه التنازل عن قضية التوحيد وعلى رأسها البراءة من الشرك والمشركين
إقامة الدين يكون بالدين وليس بالأراء ، إقامة التوحيد يكون بالتوحيد ، إقامة الشريعة يكون بالشريعة
فلا نصر ولا تمكين ولا عز إلا بالسير خلف هدى محمد – صلى الله عليه وسلم – وهدى الصحابة رضوان الله عليهم
هذا هو الحق الذى ندين به
أما والله لا نخشى عدوا       يظل برغم قسوته جبانا
قال تعالى" وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً [الفتح : 22
وقال تعالى " لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ [آل عمران : 111
فاللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين وأذل الشرك والمشركين
والحمد لله رب العالمين

0 comments:

welcome to my blog. please write some comment about this article ^_^