السيف البتار لتمزيق وتقطيع مقدمة فرسان النهار للشيخ سيد حسين العفانى

;l
السيف البتارلتمزيق وتقطيع مقدمة فرسان النهار
للشيخ سيد حسين العفانى



بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة
الحمد لله الذى جعل الحجة فى كتابه وفى سنة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم - فلا قول بعد قول الله تعالى ، ولا رأى بعد سنة النبى – صلى الله عليه وسلم ـ قال تعالى : {قل فلله الحجة البالغه } قال سبحانه : { ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شئ } وقد أخبر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن العصمة من الضلال تكمن فى الإعتصام بالكتاب والسنة (تركت فيكم ما إن إعتصمتم به فلن تضلوا ابدا كتاب الله وسنتى) وقد حثنا وأمِرنا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند وقوع الإختلاف والتنازع بين الناس أن نرجع ونتمسك بسنته المباركة وسنة خلفاءه الراشدين (...... فإنه من يعش منكم فسيرى إختلافا كثيرا فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين ، عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الامور ، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلاله ) وهذا ما أمرنا الله تعالى به فى قوله ـ جل وعلا ـ {فإن تنازعتم فى شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر{
فالحجه إذن لاتكون فى قول عالم من العلماء ولا فى قول لمجموعه من العلماء ،ولا حتى فى قول جمهور العلماء ،لأن العبرة بموافقه الحق وليس العبرة بالكثره الكاثرة مالم يكن إجماع صحيح يعتد به ، فكم من مسألة خالف فيها شيخ الأسلام ابن تيميه ـ رحمه الله ـ جمهور العلماء ، والحق معه ، لقوة أدلته فى المسألة ، كما أن هناك علماء كثر خالفوا الحق فى بعض مسائل الإعتقاد مثل تأويل بعض الصفات ، ولم يكن لقولهم هذا إعتبار لكونه خلاف الحق ، ولم ينظر إلى مكانهم ومنزلتهم ، بقدر النظر إلى ما صدر عنهم ، وهكذا فالنظر يكون إلى القول وليس إلى القائل ، باستثناء المعصوم ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، تعبرنا بالدليل الشرعى لا بغيره ، فقال سبحانه {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء }فالحق الواضح المبين لا يكون إلا من عند رب العالمين {الحق من ربك فلا تكونن من الممترين }فكلام العلماء وآرائهم تعرض على هذا الكتاب الذى هو الحق المبين ، وليس الكتاب هو الذى يعرض على كلام العلماء ، فالكتاب متبوع وليس تابعاً وبالتالى فالحق يجب أن يقال وإن قلّ ناصروه ، إن قلّ القائلون به ، والباطل يجب أن يرد وإن كثر القائلين به {وقل الحق من ربكم } وقال تعالى { فأما الزبد فيذهب جُفاء ً وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض } وأشهد أن محمدا ًعبده و رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو وحده المعصوم ،وهو وحده القدوه والأسوه العظمى لجميع المسلمين ـ وهو وحده الذى نسلم لكلامه دون رد أو تردد {وما أتاكم الرسول فخذوه ,وما نهاكم عنه فانتهوا وأتقوا الله}
فالهدايه الحقيقيه الصحيحه معلقه وموقوفة على طاعته وأتباعه {وإن تطيعوه تهتدوا}    
أما بعد:
لازال دعاة السلفيه فى عصرنا يظهر منهم بين الحين والأخر ما يدل على أنهم ليسوا على منهج السلفيه الذى كان عليه السلف وخاصة خير القرون ، الأمر بالأدعاء أو الإنتساب ، فكم من جماعته تدعى أنها على منهج السلف والسلفيه ،وهم من أبعد الناس عن ذلك ،فالعبره بالحقيقه والموافقه ،وإن كان الجماعات والتيارات السلفيه تتفاوت تفاوتا كبيرافى حقيقه إتباعها لمنهج السلف .
فهل من منهج السلف أن العمل شرط كمال فى الإيمان ،كما يقول الكثير من دعاة السلفيه وإن كانوا يقولون بتعريف أهل السنه أن الإيمان قول وعمل وأعتقاد .
وهل من منهج السلف أن تارك فرائض الإسلام بالكليه (جنس العمل ) مسلم موحد ولكنه من العصاة.
وهل من منهج السلف حصر الكفر المخرج من الملة فى الكفر الأعتقادى ، أو ما يدل على كفر القلب .
وهل من منهج السلف التسوية بين الذنوب والمعاصى التى تخلرج من الملة ،فلا كفر إلا باستحلالها ،حتى لو كانت هذه المعاصى هى كفر بذاتها .
وهل من منهج السلف أنهم يعذرون المستهزئين السابين للدين بالجهل ،وهل من منهج السلف أنهم يعذرون المعتقدين للشرك الأكبر بمجهلهم وإن كانو يعيشون بين المسلمين ،وهل من منهج السلف تبديع المخالفين لهم فى مسائل الأسماء والأحكام.
وهل من منهج السلف الأعتقاد ثم الإستدلال ،وهل من منهج السلف الأعتماد على بعض أقوال الأئمه دون البعض الأخر ،وهل من منهج السلف الأخر بأقوال بعض العلماءوالإعراض عن الكتاب والسنه،هذا وغيره كثير واقع فيه بعض دعاة السلفية العصرية.
 وهذا ما دعانى إلى كتابة بعض الردود العلمية على دعاة السلفية من باب بيان الحق والدفاع عن السلفية الحقة ، فكل يؤخذ منه ويرد عليه إلا الرسول ـ  صلى الله عليه وسلم ـ فإن من أنواع الجهاد بيان الحق وإظهاره ،بل هو أفضل من قيام الليل وصوم النهار لمن استطاعه .
قال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ " لو سكت أهل الحق عن بيانه لاستمر المخطئون على أخطائهم وقلدهم غيرهم فى ذلك وباء الساكتون باثم الكتمان الذى توعدهم الله فى قوله سبحانه { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس فى الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } وقد أخذ الله على علماء أهل الكتاب الميثاق لتبيننه للناس ولا تكتمونه ، وذمهم على نبذه وراء ظهورهم وحذرنا من اتباعهم ، فإذا سكت أهل السنة عن بيان أخطاء من خالف الكتاب والسنة شابهوا بذلك أهل الكتاب المغضوب عليهم والضالين " أ هـ مجموع فتاوى ومقالات ابن باز ج3ص72
" وقال بعضهم للإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ إنه يثقل علىّ أن أقول : فلا ن كذا وفلان كذا فقال إذا سكت انت وسكت أنا فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم ؟ أهـ مجموع الفتاوى ج28 ص231  
مع الشيخ سيد حسين العفانى
هذا الرد عبارة عن سيوف بتارة لتمزيق وتقطيع مقدمة فرسان النهار الشيخ سيد حسين العفانى ، وبالتحرير "  الفصل الثانى " فقد احتوى على الكثير من المغالطات الشرعية ، وكذلك بعض التلبيسات التى لابد من كشفها وبيانها ، وذلك نصيحة للامة الإسلامية التائهة التى تتلمس معرفة الطريق الصحيح الذى كان عليه خير القرون التى حثنا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الإقتداء بها ، وهذا الرد قد يوجد فيه تعنيفا ً وشدة فى بعض الأحيان ، وذلك كرد فعل على تشنيع سيد حسين على المخالفين له ، وذلك لأجل المسائل المطروحة فى مقدمته ، والعبرة فى النهاية هو الوصول إلى الحق الدامغ { بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون } ولولا الأخوة الذين طلبوا منى هذا الرد ما أقدمت عليه ، لما فيه من الإنشغال عن ما هو أهم ، لأن تتبع أخطاء السلفية والرد عليها أمر يطول جدا وهذا مما تضيع فيه الأوقات
السيف الأول
"  كلا وألف كلا على من لا يرون تكفير الطواغيت وعباد القبور"

هذا السيف البتار الأول فى الرد على سيد حسين الذى قال تحت عنوان " لا وألف لا للجرأة على تكفير عوام المسلمين وحكامهم وعلمائهم " أ هـ المقدمة ص156
أقول : يجب على كل من قرأ هذا العنوان أو سمعه أن يقف مسرعا ً ويصفق تصفيقا ً عاليا ص ، لكلام سيد حسين ....وإن كان التصفيق للرجال لا يجوز ....ولكنه من باب الإنكار ، فهو بمثل هذا الكلام يذكرنى ببعض الزعماء الذين لا يملكون إلا خداع الجماهير بالخطب الحماسية التى تلهب المشاعر والأحاسيس وإن كان مثل هذا الكلام فى الحقيقة لا وزن له ، ولكن يراد به به أحيانا ً التغطية على الحق وأهله .
ونحن بدورنا نقول لسيد حسين "  ما هكذا تورد ُ الابل يا سيد "  
والرد على عنوان سيد حسين من وجوه متعددة :
 الوجه الأول : مثل هذه المسائل لا تطرح بهذه الطريقة المطلقة التى تحمل فى طياتها العموم ، والتعميم ، فمثل هذه العموم والإطلاق لا وجودله فى الشرع إلا بضوابطه وقيوده ، لأن معنى هذا العنوان : غغلاق باب التكفير مطلقا ً ، على الرغم من أن التكفير حكم شرعى لابد من وضعه فى مكانه وبضوابطه .
وإلا لماذا سارع الصحابة الكرام ـ رضى الله عنههم ـ بتكفير المرتدين بعد وفاة النبى ـ صلى الله عليه وسلم  و كانوا أصنافا ً شتى ، بل كان منهم من يصلى وينطق بالشهادتين ، فهل كان الصحابة ـ  يا سيد حسين ـ متجرأين على تكفير عوام المسلمين ؟ أم أنهم وضعوا الحكم الشرعى فى مكانه
هل تعلم يا سيادة الدكتور سيد حسين : أن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ سارعوا فى تكفير القدرية الاولى الذين أنكطروا علم الله تعالى  وتبرأوا منهم ، فهل كان الصحابة متجرأين على التكفير ؟ أم انهم وضعوا الحكم الشرعى فى مكانه ؟ وهل كان الأئمة من علماء الأمة متجراين على التكفير عندما كفروا الدولة الفاطمية على الرغم من إقامتها للجمعة والجماعات ، ونصب المفتين والقضاة ، ؟ أم أنهم وضعوا الحكم الشرعى فى مكانه ؟ بل حكموا على ديارهم بأنها ديار كفر وحرب حتى كتب الإمام ابن الجوزى ـ رحمه الله بصدد ذلك كتابا ص مهما بعنوان " النصر على مصر " فرحم الله أئمة المسلمين العلمين العملين ، وحشرنا معهم بفضله وكرمه
الوجه الثانى : هذا العنوان ليس جديدا على دعاة الدعوة السلفية ولذلك أمثلة : فهذا شيخك أحمد فريد يكتب رسالته المشهورة فى العذر بالجهل وعنون لها " العذر بالجهل والرد على بدعة التكفير"   إن أى إنسان عنده قدر من الفهم يفهم من هذا العنوان أن الذى لا يرى العذر بالجهل فهو من دعاة التكفير ، فهل مثل هذا العنوان ودلالته يستقيم عند سلف الأمة ، فهل من كفّر المشركين لشركهم يكون مبتدعا ويكون تكفيريا ً على الرغم من أن هذا هو الثابت فى الكتاب والسنة ، ثم ما هو الفرق بين من قال بكفر تارك الصلاة وبين من قال بكفر عباد القبور ؟ إذا قال البعض أن تارك الصلاه اختلف العلماء فى حكمه ، فمنهم من قال بكفره الكفر المخرج من المله ،ومنهم من جعل كفره كفر أصفر،فهل أنكر أحدهم على الأخر فضلا عن تبديع بعضهم بعضا وكذلك يقال فى شأن العذر بالجهل ،فهناك من العلماء من قال بعدم عذر الجاهل فى الشرك الأكبر،وهناك من عذره حتى تقام عليه الحجة ، فهل قال الذين يعذرون أن الذين لا يعذرون مبتدعة ومنهج-هم منهج التكفيريين ؟ لا يقول ذلك إلا جاهل بمنهج السلف الصالح حقا ً .
فلازم قول أحمد فريد أن الذين لا يعذرون بالجهل وقعوا فى بدعة التكفير ، وبالتالى يلزمه أن يصبح أئمة المسلمين من التكفيريين فهل هذا يستقيم يا فضيلة الشيخ سيد حسيتن ، ثم تعالى معى أذكر لك بعض أقوال العلماء الذين لا يرون القول بالعذر بالجهل على سبيل الإطلاق
1ـ فهذا الشافعى ـ رحمه الله ـ يقول " لو عذر الجاهل لأجل جهله لكان الجهل خيرا من العلم إذ كان يحط عن العبد أعباء التكليف ....ط أ هـ نقله الإمام الزركشى : فى كتابه المنثور فى القواعد ج 2ص 17
فهل كان الشافعى ـ رحمه الله ـ ممن يرون التكفير عندما بيّن أن الجاهل لا يعذر بإطلاق
2ـ وهذا الإمام أبو حنيفة ـ رحمه الله ـ يقول : " لا عذر لأحد فى جهله معرفة خالقه لأن الواجب على جميع  الخلق معرفة الرب ـ سبحانه ـ وتوحيده ، لما يرى من خلق السموات والارض ، وخلق نفسه وسائر ما خلق الله تعالى ، فأما الفرائض فمن لم يعلمها ولم تبلغه، فإن هذا لم تقم عليه الحجة الحكمية ط أ هـ نقله الكاسانى فى بدائع الصنائع ج9 ص 4378 ونقله ملا على القارى فى شرح الفقه الأكبرص7 فهل كان الإمام أبى حنيفة من التكفيريين عند أحمد فريد ، لأنه يقول بعدم عذر الجاهل فى التوحيد ، ولكن العذر فيما دون ذلك كما فى الفرائض .
3ـ وهذا الإمام السيوطى ـ رحمه الله ـ يقول " وأما ما لا يعذر احد بجهله فهو ما تبادر إلى الأفهام معرفة معناه من النصوص المتضمنة شرائع الأحكام ، ودلائل التوحيد وكل لفظ أفاد معنى واحدا ً جليا ً يعلم أنه مراد الله تعالى ، فهذا القسم لا يلتبس تأويله ، إذ كل أحد يدرك معنى التوحيد من قوله :  { فاعلم أنه لا إله إلا الله }
أنه لا شريك له فى الألوهية ......" أ هـ الإتقان فى علوم القرآن ج2 ص232 ، 233
فهل كان الإمام السيوطى ينتحل بدعة التكفير .
ثم إننى أجد فضيلة الشيخ سيد حسين العفانى كثير النقل فى مقدمته عن العلامة الشيخ ابن باز ـ رحمه الله وحق له ذلك ، ولكن هل يعنى هذا أنه يأخذ بكل ما قاله الشيخ ابن باز ، ويعتبر كلامه حجة ، أم أنه يأخذ من كلامه ما يناسب آراءه وافكاره ، وعلى كلٍ فالشيخ ابن باز لا يرى العذر بالجهل فى الشرك الأكبر ن فهل يأخذ سيد حسين وأحمد فريد والدعوة السلفية بكلام ابن باز ، أم أنه فى هذه المسألة وافق المبتدعة ن فإن من لوازم عنوان رسالة أحمد فريد ط العذر بالجهل والرد على بدعة التكفير " وإليك وغلى شيخك أحمد فريد فتوى فى عدم إعذار الجاهل للشيخ ابن باز حتى يأتيك بقية كلامه ـ رحمه الله ـ
سؤال : نشاهد فى بعض البلاد الإسلامية أن هناك أناسا يطوفون بالقبور عن جهل ...فما حكم هؤلاء،وهل يطلق على الواحد منهم مشرك؟
الجواب: حكم من دعا الأصنام واستغاث بها ونحو ذلك،وحكمهم بحمد الله ظاهر وهو الكفر الأكبر الا أن يدّعى أنه طاف بالقبور بقصد عبادة الله،كما يطوف بالكعبه يظن أنه يجوز الطواف بالقبور ولم يقصد التقرب بذلك لأصحابها ،وإنما قصد التقرب إلى الله وحدة فهذا يعتبر متبدعاً لا كافراً لأن الطواف بالقبور بدعه منكرة،كالصلاة عندها وكل ذلك من وسائل الكفر، ولكن الغالب على عبّاد القبور هو التقرب إلى أهلها بالطواف بها،كما يتقربون إليهم بالذبح لهم والنذر لهم،وكل ذلك شرك أكبر،من مات عليه مات كافرا ً لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن فى مقابر المسلمين، وأمره إلى الله ـ عز وجل فى الآخرة إن كان ممن لم تبلغه الدعوه فله حكم أهل الفترة ويدل على ذلك ماجرى لأم النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنها ما كانت أدركت النبوه وكانت على دين قومها ، واستأذن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ربه أن يستغفر لها فلم يؤذن له أن يستغفر لها لأنها كانت على دين الجاهلية ، وهكذا أبوه ، قال عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما سأله سائل عن أبيه (إن أبى وأباك فى النار )  وأبوه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مات فى الجاهلية على دين قومه فصار حكمه حكم الكفار
لكن من لم تبلغه الدعوةفى الدنيا ومات على جهل بالحق يمتحن يوم القيامة فى أصح أقوال أهل العلم ،   فإن نجح دخل الجنة ، وإن عصى دخل النار وهكذا جميع أهل الفترات الذين لم تبلغهم الدعوة ، كما قال الله تعالى : { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } أما من بلغه القرآن أو بعثه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلم يستجب فقد قامت عليه الحجة كما قال الله عز وجل : { وأوحى إلى هذا القرآن لنذركم به ومن بلغ} وقال تعالى : { هذا بلاغ للناس ولينذروا به }
فمن بلغه القرآن وبلغه الإسلام ، ثم لم يدخل فيه له حكم الكفرة ، وقد صح عن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال ( والذى نفسى بيده لا يسمع بى أحد من هذه الأمة بهودى ولا نصرانى ثم يموت ولم يؤمن بالذى أرسلت به إلا كان من أهل النار ) خرجه مسلم فى الصحيح ، فجعل لاسماعه ببعثة النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ حجة عليه
والحاصل : أن من أظهر الكفر فى ديار الإسلام حكمه حكم الكفرة ، أما كونه يوم القيامة ينجو أو لا ينجو فهذا إلى الله ـ سبحانه وتعالى إن كان ممن لم تبلغه الدعوة ولم يسمع ببعثة ـ  النبى صلى الله عليه وسلم ـ فإنه يمتحن يوم القيامة ويرسل إليه عنق من النار ، كما جاء فى حديث الأسود بن سريع فيقال له : ادخل فإن دخل كان عليه بردا ً وسلاما ً ، وإن أبى التف عليه العنق وصار إلى النار ، نسأل الله السلامة
فالخلاصة : أن من لم تبلغه الدعوة كالذين فى أطراف الدنيا أو فى أوقات الفترات أو كان بلغته وهو مجنون ذاهب العقل ، أو هرم لا يعقل فهؤلاء وأشباههم مثل أولاد المشركين الذين ماتوا وهم صغار ، فإن أولاد المشركين الذين لم يبلغوا الحلم أمرهم إلى الله ، فالله يعلم بما كانوا عاملين ، كما أجاب بذلك النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمن سأله عنهم ، ويظهر علمه فيهم سبحاته يوم القيامة بالغمتحان ، فمن نجح منهم دخل الجنة ، ومن لم ينجح دخل النار ، ولا حول ولا قوة إلا بالله " أ هـ فتاوىوتنبيهات ونصائح للشيخ ابن باز ص 217 ـ 219 ، وسيأتى بعض النقولات المهمة عن الشيخ ابن بازـ  رحمه الله ـ فيما يتعلق بعدم عذر الجاهل فى الشرك الأكبر ، وأصول الإعتقاد ، فهل الشيخ ابن باز من التكفيريين ؟
وهل هيئة كبار العلماء فى السعوديةمن دعاة التكفير عندما قالوا بعدم عذر الجاهل فى الشرك الأكبر ، وفى أصول التوحيد والإعتقاد ؟
فتوى رقم  9260
س:فقد كثُر الإختلاف بين الجماعات الإسلامية فى جمهورية مصر العربية فى مسألة من مسائل الإيمان وهى حكم الجاهل المخالف للعقيدة الإسلامية وحكم تارك بعض الشريعة حتى وصل الأمر إلى العداء بين الأخوة بعضهم البعض وزادت المناظرات والأبحاث لكلا الفريقين الذى يعذر بالجهل  والذى لا يعذربالجهل ـ فمنهم من يقول : العذر فى الفروع ولا يعذر فى الأصول ، زمنهم من يقول : يعذر فى الفروع والأصول ومنهم من يقول : قد أقيمت الحجة ، فهذا الذى يعذر بالجهل يدعوا الناس ولا يحكم عليهم بالكفر حتى يبلغهم فإن رفضوا هذا الهدى فهم كفار ، والذى لا يعذر بالجهل حكم عليهم أنهم كفار خرجوا من الإسلام  بفعل الشرك ، ولكونهم يأتون بالأدلة على ما يعتقدون ، وأنا حائر بين هؤلاء وهؤلاء ، من أتبع ، وقد أصبح فريق من هذا يبدع الآخر ، وكذلك العكس ، وكل منهما يعتبر نفسه على حق والآخر على ضلال ، ولا أدرى من هو على حق ، ومن هو على ضلال ، فقد عمت البلوى بين المسلمين فى هذا البلد بسبب الإختلاف بين إخوانى فى كل ميادين العمل الإسلامى ، وأريد أن اتبع الحق الذى كان عليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحابته رضوان الله عليهم أجمعين ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ----------وبعد
ج ـ لا يعذر المكلف بعبادته غير الله أو تقربه بالذبائح لغير الله أو نذره لغير الله ، ونحو ذلك من العبادات التى هى من اختصاص الله إلا إذا كان فى بلاد غير اسلامية ولم تبلغه الدعوة فيعذر لعدم البلاغ  لا لمجرد الجهل ، لما رواه مسلم عن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ عن رسول الله  ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال ( والذى نفس محمد بيده لا يسمع بى أحد من هذه الامة يهودى ولا نصرانى ولم يؤمن بالذى أرسلت به إلا كان من أصحاب النار )  فلم يعذر النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ من سمع به ، ومن يعيش فى بلاد اسلامية قد سمع الرسول صلى الله عليه وسلم ـ فلا يعذر فى أصول الإيمان بجهله
أما من طلبوا من النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يجعل لهم ذات أنواط ىعلقون بها أسلحتهم فهؤلاء كانوا حديثى عهد بكفر ، وقد طلبوا فقط ولم يفعلوا ، فكان ما حصل منهم مخالفا ً للشرع ، وقد أجابهم النبى ـ  صلى الله عليه وسلم ـ بما يدل على أنهم لو فعلو ما طلبوا كفروا
                والله ولى التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
               اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإرشاد
عضو                        عضو               نائب رئيس اللجنة              الرئيس
عبد الله بن قعود        عبد الله بن غديان    عبدالرزاق عفيفى  عبد العزيز بن باز

 أهـ فتاوى اللجنة الدائمة ج1 ص528 ـ529
جمع الشيخ أحمد بن عبد الرزاق الدويش

مثال آخر :  "العذر بالجهل عقيدة السلف "  هذا عنوان لرسالة من رسائل سلفية هذا العصر للشيخ شريف هزاع  ، هل وصلك يا فضيلة الشيخ سيد حسين مثل هذ الكلام ؟ بالتأكيد وصلك لأنك تير على الدرب فى اختيارك للعناوين التى تكتبها  ، فهل مثل هذا العنوان يستقيم مع مفهوم وأصوت أهل السنة والجماعة ؟
على العموم هناك من أهل العلم من يقول "أن العكس صحيح" بمعنى أن عدم عذرالجاهل فى الشرك الأكبر،وأصول الإعتقاد هو مذهب السلف،وإنما وقع الخلاف فى ذلك فى عصر شيخ الإسلام إبن تيميه ـ رحمه الله ـ ومن بعده .
وأنقل بصدد ذلك نصين وقولين لعالمين من العلماء الأجلاء .
القول الأول:ـ
للشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ بيّن فيه أن مسألة عدم إعذار الجاهل فى الشرك الأكبر ليست مسألة خلافيه .
سئل الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ" الإختلاف فى مسائل العذر بالجهل من المسائل الخلافية ؟
إن من لوازم عنوان هذه الرسالة " العذر بالجهل عقيدة السلف " الحكم على أكثر العلماء وأنهم خالفوا عقيدة السلف فى هذه المسالة ، إلا إذا كان يقصد بالسلف هذه الجماعة العصرية التى تنتسب للسلف .
الجواب : مسألة عظيمة الأصل فيها أنه لا يعذر من كان بين المسلمين ، من بلفه القرآن والسنة ، ما يعذر
الله عز وجل قال : { وأوحى إلىّ هذا القرآن لأنذركم به  ومن بلغ }
من بلغه القرآن والسنة غير معذور ، إنما أوتى من تساهله وعدم كبالاته
س : ـ لكن هل يقال هذه مسالة خلافية ؟
ج : ـ ليست خلافية إلا فى الدقائق التى قد تخفى مثل قصة الذى قال لأهله حرقونى " أ هـ شرح كشف الشبهات من خلال أسئلة توجهت للشيخ ص26 ـ 27
فهل الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ ليس على عقيدة السلف الصالح فى هذه المسألة ؟ وهل الشيخ ابن باز ـ رحمه الله قال بما لاعلم له عندما قال أن الأصل عدم العذر وأن المسالة ليست خلافية
فماذا نقول لمن يدعى أن العذر بالجهل عقيدة السلف ؟ ولو حكى فيها على الأقل أنها مسألة خلافية لكان الأمر فيه سعة ، على الرغم من أننى قابلته وناقشته فى ذلك فأخبرنى أنه لم يكن يعلم أن المسألة خلافية
أقسم بالله أن هذا حدث بينى وبينه وتحديدا ً فى سجن دمنهور فى عام 2001
القول الثانى : ـ
للشيخ على خضير الخضير قال : " تاريخ شبهة العذر بالجهل "
قال : " مسألة فى تاريخ هذه الشبهة ، لم تظهر هذه الشبهة ، قبل عصر ابن تيمية ، لأن كل من ادعى العذر بالجهل ،فإن أقدم  ما يستدل به من الأقوال كلام ابن تيمية أنه يعذر ثم ظهرت هذه الشبهة فى زمن  الشيخ محمد ابن عبد الوهاب على محورين :
1 ـ أناس ضلال أثاروها فرد عليهم فى مفيد المستفيد
2 ـ أخف لأنها ظظهرت فى أناس من باب الإشتباه وكانوا يطلبون الحق ، أمثال بعض طلابه فى الدرعية ، وفى الإحساء ثم خمدت فبما بعد ، ثم ظهرت الجيل الثانى فى زمن الحفيندعبد الرحمن بن حسنوساعده ابنه عبد اللطيف فى مصنفات معروفة وساعدهم أيضا ً الشيخ ابن أبا بُطين
ثم ظهرت فى الجيل الثالث فتصدى لها الشيخ اسحاق بن عبد الرحمن والشيخ ابن سحمان فى مصنفات وفتاوى وساعد على ذلك ابناء السيخ عبد اللطيف وهما : عبد الله وابراهيم ولازالت موجودة وتتجدد فى كل عصر
 وهناك فى العصر الحاضر من أظهر أن مسألة العذر بالجهل فيها خلاف ، ثم يحكى الخلاف على قولين ، وهذا موجود فى بعض الكتب المعاصرة ، مع أنه إذا ذكر الخلاف لا ينسبه إلى أحد ،وإنما نسبة ً مطلقة ً ن ومنشا هذا الفهم هو ظنهم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب له قولان فى المسالة حيث نظروا إلى بعض نصوص الشيخ محمد ففهموا منها العذر بالجهل وهو مبنى على تولهم وظن وفهم خاطئ ، وهذا تكلمنا عليه فى فصول سابقة ، وأجبنا عمن فهم هذه النصوص وذكرنا الفهم الصحيح لذلك
والخلاصة : ان حكاية الخلاف فى مسألة العذربالجهلمحدث لم يظهر إلا فى العصر هذا ،اما فى العصور السابقة فإنها تذكر على أنها اجتهاد ولا يُساق فيها خلاف وهذه مثل مسألة من قال أن تكفير الجهمية فيه خلاف على قولين ثم يحكى الخلاف ولا ينسبه إلى أحد ، إنما هو ظن خاطئ لبعض كلام ابن تيمية وهذه ظهرت فى عصر الشيخ سليمان بن سحمان فرد عليهم ان المسألة وفاقية فى تكفير الجهمية وليس فيها خلاف كما فى كتابه : " رفع الإلتباس ، وكتاب كسف الشبهنين ، وقد نقلنا نصوصه فى ذلك فى الفصول السابقة
وأيضا ً تصدى لذلك عبد الله وابراهيم أبناء الشيخ عبد اللطيف
قالوا " وأما دعاء الصالحين والإستغاثة بهم وقصدهم فى الملمات والشدائد فهذا لا ينازع مسلم فى تحريمه والحكم بانه من الشرك الأكبر ، فليس فى تكفيرهم وتكفير الجهمية قولان " أ هـ الجمع والتجريد ج1 ص146 ، 147
الرد على من قال : " إن العذر بالجهل عقيدة السلف "
وذلك من وجوه :
الوجه الاول :
 قال تعالى : { قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } أين الدليل من الكتاب والسنة على أن العذر بالجهل من أمور العقيدة ومن قال بذلك من علماء السلف ؟ هذه كتب العلماء المصنفة فى الإعتقاد فمن منهم ذكر ذلك ومن منهم كتب ذلك فى عقيدة أهل السنة والجماعة
ثم يا سادة يا سلفية أمور الإعتقاد ثوابت ولا تؤخذ إلا من الكتاب والسنة وهى كذلك مجمع عليها ـ أقصد أصول الإعتقاد ، فهل جميع علماء السلف اغفلوا ذكر هذه المسألة الإعتقادية ؟ حتى جاء سلفية هذا الزمان واثبتوا أن العذر بالجهل من عقيدة السلف ، والسلف لا عقيدة لهم إلا ما كان ثابتا ً بنص الكتاب والسنة ، ففى أى كتب الإعتقاد نجد ذلك أخبرونا إن كنتم صادقين .
الوجه الثانى :
أن العلماء ذكروا مسألة العذر بالجهل فى كتب"  أصول الفقه " وتحديدا ً فى باب العوارض الإهلية ، كالإكراه والخطأ والسكر ، وما شابه ذلك من العوارض المكتسبة  فهل قال أحد أن العذر بالإكراه ، أو العذر بالخطأ من مسائل الإعتقاد ، فلماذا إختاروا إذن الجهل من ضمن هذه العوارض ، وجعلوه من مسائل الإعتقاد ؟ أليس هذا بعجيب وغريب ؟
وكذلك مما يدل على أن العذر بالجهل الأصل فيه عدم العذر ، وإلا فما معنى أن العذربالجهل هو العارض والطارئ على الإنسان ؟
الوجه الثالث : أن الحكم على الجاهل بالعذر أو عدم العذر من المسائل الفقهية الإجتهادية فالمسالة تتعلق بالأحكام الشرعية ، وهذا ما صرح به الشيخ ابن عثيمين  رحمه الله
قال فى شرحه لكتاب " كشف الشبهات"
" الإختلاف فى مسألة العذر بالجهل كغيره من الإختلافات الفقهية وربما يكون اختلافاً لفظيا فى بعض الأحيان من أجل تطبيق الحكم على الشخص المعين ، أى أن الجميع  يتفقون على أن هذا القول كفر ، أو هذا الفعل كفر أو هذا الترك كفر ولكن هل يصدق الحكم على هذا الشخص المعين لقيام المقتضى فى حقه وانتفاء المانع أو لا ينطبق لفوات بعض المقتضيات ، أو وجود بعض الموانع ، وذلك أن الجهل بالمكفر على نوعين ............" أ هـ شرح كشف الشبهات ص35، 36
فائدة: جواب مسألة العذر بالجهل :
هذه المسألة لها جانبان :
الجانب الأول : وهو الجانب الإعتقادى
والمراد به أصل المسالة من حيث الكفر ، والتوحيد ، والشرك ، فهى مسألة اعتقادية ، وهذا لا يخالف فيه أحدا ً ، لا الذين يقولون بالعذر ، ولا الذين يقولون بعدم العذر
فمثلا ً : الذى يدعوا غير الله تعالى قد وقع فى الكفر الواضح ، وكذلك من ذبح أو نذر لغير الله تعالى ، لأن صرف العبادة لغير الله تعالى شرك أكبر ، وهذا لا خلاف فيه ، ويجب اعتقاد ذلك لأن هذا هو مقتضى الكتاب والسنة واللإحماع
الجانب الثانى : وهو الجانب الفقهى :
والمراد به الحكم على الشخص المعين الذى عمل أو قال أو اعتقد الكفر أو الشرك الأكبر ، هل يحكم على هذا الشخص بالشرك بمجرد المخالفة أو لابد من إقامة الحجة عليه ، وهذا الذى تنازع فيه الناس من المتأخرين ، والخلط بين الجانبين هو الذى يسبب الإختلاف بين الناس ، وهذا إن دل إنما يدل على عدم الفقه فى الدين ، وإلا فالعلماء لازالوا يختلفون حول تكفير الكثير من الناس ، كما هو مدون فى كتب الفقه فى باب الردة وحكم المرتد ، ولم يكن يبدع بعضهم بعضا ً ، ولم يكن يشنع بعضهم على بعض ، وهذا يدل على علمهم وفقههم
تنبيه:
ألم تعلم يا سيادة الدكتور سيد حسين أن أحد مشايخك الذين تهواهم ، وتقول عنهم أن هواك اسكندرانى ـ يقول بكفر إخوة يوسف ـ أولاد يعقوب ـ عليه السلام ـ ثم عذرهم بالجهل ، هل سمعت أو قرأت بمثل هذا البلاء ممن ينتسب للسلفية ، سبحان الله ـ يتجرأون على تكفير الموحدين من أهل بيت النبوة ، فى الوقت الذى يُحجمُون عن تكفير من ظهر وطفح كفره ، هل هذا هو العدل والإنصاف ----يا ليتك يا سيادة الدكتور ترجع إلى تأملات فى سورة يوسف لشيخك ياسر برهامى ، حتى تقف على
 ما فيه من الطوام ، التى تكتب وتنشر على الناس باسم السلفية
الوجه الثالث من وجوه الرد على عنوان سيد حسين " لا وألف لا ---"
أقول للشيخ سيد حسين ، ما هذه الرأفة والرحمة واللين والتسامح مع أعداء الله تعالى من الطواغيت وغيرهم ، ومحاولة الدفاع عنهم وأسلمتهم وتلمس المعازير لهم ، لم نسمعكم تقولون أو تكتبون عن مخازيهم وبيان ضلالهم نصيحة لهم وللأمة ، تركتم الحديث  عن أكبر المنكرات ، الذى بوجوده توجد جميع المنكرات ، وبزوالة تزول جميع المنكرات وأخذتم تتحدثون عن الزهد والرقائق ن تركتم الحديث عن تطبيق حكم الله وشرع الله ،وإقامة دولة الإسلام ، وأخذتم فى التشنيع بالموحدين العاملين لدين الله تعالى ، ولم تلتمسو ا لهم المعاذير، ولم تتأولوا لهم كما تتأولوا للمجرمين الظا لمين
أين أنت والسلفية من قول الله تعالى : {  أشداء على الكفار رحماء ُ بينهم } أين أنت  والسلفية من قوله تعالى :  { أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين }
هل أصبحتم مرجئة مع الطواغيت خوارج على الموحدين؟
الوجه الرابع : من هؤلاء الذين تدافع عنهم
ثم من هؤلاء الذين تقول فيهم " لا وألف لا " لماذا هذا الإطلاق والتعميم ؟
فهل العوام على درجة واحدة ؟ من قال أن جميع العوام مسلمون فقد أخطأ خطأ ً شنيعا ً وكذلك من قال ان جميع العوام مشركون فقد فال فولاً عظيما ، بل قال زورا ً وبهتانا ً
والعدل والإنصاف : أن من أظهر الإسلام ولم يتلبس بناقض من نواقض الإسلام الواضحة الجلية فهو مسلم ، وليس لنا من سريرته شئ فالأحكام تجرى على مقتضى الظاهر والله يتولى السرائر وهذا من أصول أهل السنة والجماعة .
ثم أليس من هؤلاء العوام من يسبون الدين ويسخرون من تعاليمه ، فهل هؤلاء مسلمون ؟
ثم أليس فى هؤلاء العوام من يعبدون الشيطان فهل هؤلاء مسلمون ؟
أليس فى هؤلاء العوام من يعبدون الأحجار والأشجار والقبور من دون الله فهل هؤلاء مسلمون ؟
أليس فى هؤلاء العوام من يدينون بالبهائية  فهل هؤلاء مسلون ؟
أليس فى هؤلاء العوام من يطعنون فى ثوابت هذا الدين فهل هؤلاء مسلمون ؟
أليس فى هؤلاء العوام من يدينون بالعلمانية الملحدة وغير الملحدة ، فهل هؤلاء مسلمون ؟
أليس فى هؤلاء العوام أحزاب علمانية تحارب هذا الدين ؟ فهل هؤلاء مسلمون ؟
فهل هؤلاء الذين تدافع عنهم وتقول " لا وألف لا "
ونحن بدورنا نقول لك " كلا وألف كلا " فمن أظهر الكفر وأعلن به بين المسلمين فلا شك فى كفره وردته ، " فكلا وألأف كلا " لمثل هذا التعميم والإطلاق ، فإذا كان تكفير المسلم شئ عظيم ،فكذلك أسلمة الكافر شئ عظيم أيضا ً
ثم من هؤلاء الحكام الذين تمنع من تكفيرهم أنت ومشايخك ؟
اهم الذين يحرفون كتاب الله ويبدلونه مثل حكام ليبيا المحروسة ؟
أم هم الذين يدينون بالبهائية مثل حكام السلطة الوطنية الفلسطينية ؟
ام هم الذبن يدينون بالمذهب النصيرى العلوى مثل حكام سوريا ؟
أم هم الذين يدينون بالمذهب اليعثى مثل حكام العراق ؟
أم هم الروافض الذين يحكمون العراق الآن ؟
أم هم الذين يدينون بالعلمانية كما فى بقية الدول العربية ، مع رفضهم وإعراضهم عن الشريعة الإسلامية ؟
أم هم الذين يحاربون ويصدون عن سبيل الله
أم هم الذين فتحوا أبواب الدعوات الكفرية فى طول البلاد وعرضها ، مع محاربة كل ما هو اسلامى ؟
أم هم الذين يحلون الحرام ويحرمون الحلال ويشرعون مالم يأذن به الله ؟
هؤلاء الذين تدافع عنهم يا سيد حسين { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور }
السلفية الآمنون : ـ
دعاة السلفية يكتبون ما شاؤوا وهم آمنون من النقد والتجريح ، لماذا
لأن أكثر الشباب للأسف مخدوعون بمثل هذه الدعوات السلفية ، وأكثر الشباب أحسنوا الظن بها وبدعاتها ، وكذلك دعاة السلفية أمنوا أن يجهر أحد بالرد عليهم وإلا كان مصيره معلوم ، فلهذا نجد بعض دعاة السلفبة يخرجون فى القنوات الفضائية ويقولون من الذى قال أن الحاكم ليس بمسلم ؟ ومن يقول ذلك يقول وهو آمن من أن أحداً لن يجرؤ أن يرد عليه على الهواء مباشرة وإلا كان مصيره معلوم ، وكذلك فإنهم لا يسمحون لأى أحد بالرد ، إنها مهازل
لماذا أفسحت الدولة لكم أنتم بالذات المجال فى الحديث والظهور أمام الناس ؟
وهل الذين يجلسون فى الأستوديوهات والمكيفات ينتظر منهم إلا ما ظهر منهم وحسبنا الله ونعم الوكيل
وأخيرا ً فيما يتعلق بالعنوان " لا وألف لا "
لمذا لا يقال " لا وألف لا " فى تحكيم القوانين الوضعية ، لكاذا لا يقال " لا وألف لا " لنشر الحرية الكفرية ، لماذا لا يقال " لا وألف لا "فى التشريعات البشرية التى يفرضونها على الأمة الاسلامية ، لماذا لا يقال " لا وألف لا " لمحاربة دعاة التوحيد وإفساح المجال للطرق الصوفية المتحللة ، لماذا لا يقال " لا وألأف لا " للعلمانية المشركة التى جعلوها بديلة لمنهج وشرع الله تعالى ؟ لماذا لا يقال " لاوألف لا " فى وجه دعاة المرجئة والأشاعرة يملؤن البلاد طولا ً وعرضا ً ومنهم الكثير من الدعاة والعلماء الذين أفسحت الدولة لهم المجال ، لماذا لا يقال " لا وألف لا " على طمس الهوية الغسلامية ومحاولة قنل عقيدة الولاء والبراء عند المسلمين ؟
هل يستطيع سيد حسين وأمثاله ممن يظهرون فى الفضائيات أن يصدعوا بالحق ويعلموا المسلمين أمور الإعتقاد الحق ، ومن هذا الإعتقاد تكفير اليهود والنصارى ، هل يستطيع أن يجهر بكفر النصارى ووجوب بغضهم ومعاداتهم ، وأن من لم يكفرهم يكون كافرا ً مرتدا ً حتى لو كان ممن ينتسبون إلى العلم والعلماء ؟
ألم يعلم سيد حسين وغيره أن غالب الناس الآن يقولون عن النصارى أنهم لهم دين ، كما أن للمسلمين دين ، وهذا بسبب دعاة السوء ، وبسبب عدم نشر الإعتقاد الصحيح
أنا على يقين تام أن الدعاة الذين يظهرون على الفضائيات لو صدعوا بالحق وأخذوا فى تعليم الناس الإعتقاد الصحيح من الناحية النظرية وربط ذلك بالواقع العملى ، لأغلقوا هذه القنوات أو استبدلوا هؤلاء الدعاة ، والله المستعان .
ماذا كتب سيد حسين تحت هذا العنوان :
قال : " وأقبح شئ بالرجل أن يسير على درب الخوارج ـ الحرورية ـ أو أن يتلبس يشئ من بدعتهم " أ ه ـ المقدمة ص 156.
وأقول " نعم هذا قبيح ، وأقبح منه أن يسير الرجل على درب المرجئة والجهمية ، أو أن يتلبس بشئ من بدعتهم ، كما هو حال الكثيرين ممن ينتسبون للسلفية فى هذا الزمان ، فبدعة المرجئة أخطر على المسلمين من بدعة الخوارج  
والسؤال هنا ماذا يقصد الشيخ سيد حسين بمثل هذا الكلام بعد ذكره للعنوان السابق ؟
والجواب : واضح وظاهر أنه يريد أن يقول أن المتجرأين على تكفير الحكام والعوام مسلكهم هو مسلك الخوارج الحرورية ، وهذا والله باطل من القول وزورا ، فإن تكفير الحكام المبدلين والمغيرين لشرع الله تعالى هو الحق الواضح المبين ولا يشك فى كفرهم غلا من طمس الله على بصيرته ، وأعماه عن نور الوحى كما قال الشنقيطى ـ رحمه الله ـ فكيف يقال فى حق من أخذ بنص الكتاب وفهم العلماء من أهل السنة أنه على منهج الخوارج ، إن هذا هو الظلم والتعدى بغير الحق .
وكيف يقال عمن كفّر المعتقدين للشرك الأكبر  العملين به أنهم خوارج ؟ فمن كفرهم فقد قال بمقتضى الكتاب والسنة وأقوال العلماء سلفا وخلفا ، فمن كفرهم فهو أسعد بالدليل والاتباع .
ثم ذكر فضيلة الشيخ سيد حسين :ـ
ذكر الكثير من الأحاديث الثابتة عن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى التحذير من المسارعة فى التكفير ، ولا حرج فى ذلك ، فهذع المسالة كغيرها من مسائل الدين لا يخوض فيها أحد إلا بعلم ، لما يترتب على ذلك من المفاسد .
ولكن الواضح من سياق الكلام هو اغلاق هذه  القضية وعدم الحديث والخوض فيها  ولاشك أن هذه القضية تتعلق بالمسلمين أجمعين وليست بطائفة معينة فلابد من معرفة الكافر من المؤمن ، والموحد من المشرك ، لما يترتب على ذلك منالتطبيق العملى للولاء والبراء ، والحب والبغض ، وكذلك لما يترتب على ذلك من  المعاملات الدنيوية من الزواج وأكل الذبائح ، والصلاة ، وغير ذلك .
فهناك أشياء يستوى العالم والعامى فى التكفير بها لظهورها وضوحها ، فمن سب الله أو سب رسوله أو استهزأ بالدين أو بالرسول ، هل نقول للرجل العمى ليس لك أن نكفر أمثال هؤلاء ، وإنما ذلك لأهل العلم فقط ؟ هذا لا يقول به إلا أذناب المرجئة .
هل نقول للرجل العامى  لا تكفير لمن قال أن الزنا حلال ، أو الربا حلال ، أو الخمر حلال ؟ وهل نقول للرجل العامى لا تكفير لمن ينكر فريضة الصلاة ،أو الصوم ، أو الحج ، وهو يعيش بين المسلمين ؟ ما هكذا تورد يا سيد الإبل "
ما يتعلق بالعذر بالجهل :ـ
قال الشيخ سيد حسين فى مقدمته ص161
"وأهل السنة والجماعة أرحم الناس بالعوام ، فهم يعتقدون أن من أتى كفرا ً كفرا لا يكفر حتى تقام عليه الحجة ببيان واضح لا يخفى على مثله  ،ويرون أن الشخص المعين الذى يرتكب كفرا ً لا يحكم بكفره إلا بعد ثبوت شروط وانتفاء موانع " أ هـ
المأخذ على هذا الكلام : ـ
أولا ً : ـ قوله " وأهل السنة والجماعة هم أرحم الناس بالعوام " أ هـ
نعم هم كذلك ، ومن رحمتهم بالخلق إجراء الأحكام الشرعية على مستحقيها ، فالصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ هم أرحم الخلق بالخلق بعد نبيهم ـ صلى الله عيه وسلم ـ ومع ذلك سارعوا إلى تكفير مانعى الزكاة ، وقاتلوهم ، فالعاطفة وحدها ر دخل لها فى اجراء الأحكام على الناس لأن مرد ذلك إلى الشرع وليس إلى العقل .
وقبل ذلك كله فإن أرحم الراحمين رب العالمين هو الذى حكم على من اعتقد الشرك ودان به فهو من المشركين ، وإنما الناس يقولون بقول ربهم ـ جل وعلا ـ الم يقل ربنا جل وعلا { ومن يدع مع الله الها ً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون } فإن أرحم الراحمين هو الذى حكم على الذين يدعون غير الله بالكفر .
ألم يقل رب العالمين { إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا ً فأعتدنا للكافرين عذاباً مهينا } فالذين يأخذون ببعض الدين ويتركون ويعرضون عن البعض الآخر حكم عليهم رب العالمين بالكفر ، كالذين يقولون بفصل الدين عن الدولة .
ألم يقل رب العالمين { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا ً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا الها ً واحدا ًلا إله إلأا هو سبحانه عما يشركون } فالله رب العالمين هو الذى حكم بالشرك على المتبعين للأحبار والرهبان فى تحليلهم الحرام وتحريمهم الحلال ، فإذا كان هذا هو حكم المتبعين ـ أو الأتباع ـ فما هو حكم الذين باسروا تحليل الحرام ، وتحريم الحلال ، إنهم من أكفر الخلق لأنهم نصبوا أنفسهم أربابا ً من دون الله تعالى ، فجعلوا من أنفسهم أندادا ً لرب العالمين .
ألم يقل رب العالمين { ألم ترى إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا ً بعيدا ً وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ً } فهذا حكم رب العالمين فيمن اعرض عن حكم الله الذى يجب عليه أن يؤمن به ، وحم بغيره الذي هو الطاغوت الذى يجب أن يكفر به ، وهذا هو النفاق الواضح .
وهكذا من تتبع ما جاء فى الثرآن وجد أن الله تعالى هو الحاكم بين عباده ، فالكفر حكم شرعى لا يؤخذ إلا عن الله ورسوله .
ثانيا ً : ـ قول الشيخ سيد حسين الذى ينسبه إلى أهل السنة والجماعة .
" فهم يعتقدون أن من أتى كفرا ً لا يكفر حتى تقام عليه الحجة ببيان واضح لا يخفى على مثله " أ هـ
أقول : ـ ولاشك فى أن هذا الإطلاق والتعميم لا يجوز ، بل هو خطأ محض ، وذلك لأسباب :
السبب الأول : ـ أن قوله "  من أتى كفرا ً " يدخل فيه كل أنواع الكفر ، سواء كان كفر تكذيب أو كفر إباء واستكبار ، أو كفر جحود وعناد ، أو كفر شك ، أو كفر نفاق ، أو كفر استهزاء ، أو كفر جهل ، بمعنى أن كالم الشيخ سيد حسين أن الكافر مهما كان سبب كفره ، ونوع الكفر الذى وقع فيه فإنه لا يكفر إلا بعد إقامة الحجة ، وهذا مخالف لنص الكتاب والسنة ، كما فى قصة المستهزئين بالله ورسوله وآياتة،والعجيب أن بعض دعاة السلفية يسـتثنون الساب والمستهزئ ،فلا يشترط فى حقهما إقامه الحجه ،وبعضهم قال يستثنى من قضيه العذر بالجهل الساب والمستهزئ
وهذا فى الحقيقه تحكم واضح لا دليل عليه لأن السب والإستهزاء كفر أكبر وواضح جلى،وهناك من الكفر أيضاً ما هو واضح جلى وإن لم يكن فى قوه الإستهزاء والسب .ولكن الحكم واحد،
السبب الثانى:ـ ما ذكره سيد حسين هو الإستثناء وليس الأصل،بمعنى أن الأصل متى وقع الإنسان فى الكفر الجلى الظاهر فهو كافر ولا يعذر بجهله ، ولكن يسنثنى من ذلك بعض الحالات ، كما ذكرها أهل العلم ، كالذى ينشأ فى دار حرب ، أو كان حديث عهد بإسلام وما شابه ذلك
يدل على ذلك ما ذكرناه آنفا ً أن بعض العلماء كالشيخ ابن باز والشيخ على الخضير ، قالا أن مسألة عدم إعذار الجاهل فى الشرك الأكبر ليست خلافية ، إنما وقع فيها الخلاف بين المتأخرين ، بل هناك من العلماء من نقل الأجماع على عدم اعذار الجاهل فى الشرك الأكبر .
ومن هؤلاء العلماء : الإمام القرافى المالكى ، والعلّامة أبا بُطيّن النجدى والعلامة محمد رشيد رضا وإليك ما قالوه بصدد ذلك .
1 ـ قال الإمام القرافى المالكى ـ رحمه الله ـ فى معرض حديقه عن عارض الجهل "......ولذلك لم يعذه الله بالجهل فى أصول الدين اجماعا ً " أ هـ شرح تنقيح الفصول للإمام القرافى ص 439 وكلامه واضح أن العذر بالجهل لا يكون فى أصول الدين اجماعا ً ...
2  ـ قول الإمام أبو بُطيّن ـ رحمه الله ـ
قال " وقد ذكر العلماء من أهل كل مذهب أشياء كثيرة لا يمكن حصرها من الأقوال والأفعال والإعتقادات أنه يكفر صاحبها ، ولم يقيدوا ذلك بالمعاند ، فالمدعى أن مرتكب الكفر متأولا ً ، أو مجتهدا ً مخطئا ً ، أو مقلدا ً ، أو جاهلا ً معذورا ً ، مخالف للكتاب والسنة والإجماع بلا شك ....." أ هـالإنتصار لحزب الله الموحدين ص 46  وهذا كلام غاية ً فى الوضوح أن من قال بعذر الجاهل فى الكفر الأكبر بالجهل ، فهو مخالف للإجماع ، مما يدل بالمفهوم أن الإجماع عدم العذر بالجهل فى أصل الدين .

3 ـ قول العلامة محمد رشيد رضا ـ رحمه الله ـ
 قال علماء الأمه متفقون على أن الجهل فى أمور الدين القطعية المجمع عليها التى هى معلومه من الدين بالضروره : كالتوحيد والبعث ،وأركان الإسلام وحرمه الزنا والخمرـ ليس بعذر للمقصر فى تعلمها مع توفر الدواعى ، وأما غير المقصر كحديث العهد بالإسلام،والذى نشأ فى شاهق جبل مثلاً ،أى حيث لا يجد من يتعلم منه ـ فهو معذور......"أ هـ حاشية الرسائل النجدية ج4 ص517
وكلام الشيخ محمد رشيد رضا من أوضح الأقوال فى هذه المسألة ، فالذى قصر وفرّط فى السؤال فهذا لا يعذر بالإجماع ، إنما يعذر من استثناه العلماء ـ كما أسلفنا كحديث عهد بإسلام ، ونحو ذلك .
السبب الثالث : أن اشتراط اقامة الحجة وتوافر الشروط وانتفاء الموانع يذكر فى المسائل الخفية التى تحتاج إلى بيان وظهور ، أما المسائل الظاهرة ، فلا ، وكلام العلماء يدل على ذلك ولا مانع من ذكر بعض النقولات التى تدل على ذلك ، دفعا ً لما توهمه سيد حسين من هذه الإطلاقات التى يطلقها دون تقييد .
1 ـ قول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ
قال فى معرض حديثه عن ذم أهل الكلام : " ......وهذا إذا كان فى المقالات الخفية فقد يقال : أنه مخطئ ضال ، لم تقم عليه الحجة التى يكفر صاحبها ، لكن ذلك يقع فى طوائف منهم فى الامور الظاهرة التى تعلم العامة والخاصة من المسلمين أنها من دين المسلمين بل اليهود والنصارى يعلمون : أن محمدا ً ـ صلى الله عليه وسلم ـبعث بها ـ وكفر مخالفها ، مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له ، ونهيه عن عبادة أحد سوى الله من الملائكة والنبيين والشمس والقمر والكواكب والأصنام ، وغير ذلك ، فإن هذا أظهر شعائر الإسلام ، ومثل أمره بالصلوات الخمس ، وإيجابه لها ،وتعظيم شأنهاومثل معاداته لليهود والنصارى والمشركين والصابئين والمجوس ، ومثل تحريم الفواحش والربا والخمر والميسر ، ونحو ذلك ثم نجد كثيرا ً من رؤسائهم وقعوا فى هذه الأمور فكانوا مرتدين " أ هـ مجموع الفتاوى ج4 ص 54
يؤخذ من كلام شيخ الإسلام الآتى :
أولا ً : ـ أنه فرق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية
ثانيا ً : أنه جعل إقامة الحجة فى المسائل الخفية التى من خالف فيها يقال عنه أنه مخطئ ضال أما التكفير فمتوقف على إقامة الحجة
ثالثا ً : جعل المسائل الظاهرة التى مثل لها : بالتوحيد والنهى عن الشرك ، وشعائر الإسلام الظاهرة مثل الصلاة ، وغير ذلك ، فقد كفر من خالف فيها دون اشتراط  إقامة الحجة كما قال فى المسائل الخفية التى اشترط فيها إقامة الحجة
 قول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ  
فقد بين فى قوله هذا مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ـ الذى ذكرنا ه وأكد عليه ورجحه ، بل يرد به على من نسب إلى شيخ الإسلام خلاف ذلك .
قال : " أنا من أعظم الناس نهيا ً عن أن ينسب معين إلى تكفير أو تبديع ، أو تفسيق ، أو معصية ، إلا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التى من خالفها كان كافرا ً تارة ً ، وفاسقا ً تارة ً أخرى ،  وعاصيا ً أخرى " انتهى كلامه
علق الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ على ذلك قائلا ً :
" هذا صفة كلامه فى المسألة فى كل موضع وقفنا عليه من كلامه لا يذكر عدم تكفير المعين إلا ويصله بما يزيل الإشكال ، أن المراد  بالتوقف عن تكفيره قبل أن تبلغه الحجة ، وأما إذا بلغته حكم عليه بما تقتضيه تلك المسألة من تكفير أو تفسيق ، أو معصية ، وصرح ـ رضى الله عنه ـ أن كلامه فى غير المسائل الظاهرة ، فقال فى الرد على ، لما ذكر أن بعض أئمتهم توجد منه الردة عن الإسلام كثيرأ
قال : " وهذا إن كان فى المقالات الخفية فقد يقال  : أنه فيها مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التى يكفر تاركها ، لكن هذ يصدر فى أمور يعلم الخاصة والعامة من المسلمين أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعث بها ، وكفر من خالفها .......إلى قوله .....ثم تجد كثيرا ً من رؤوسهم وقعوا فيها فكانوا مرتدين "
وأبلغ من ذلك أن منهم من صنف فى دين المشركين كما فعل أبو عبد الله الرازى ـ يعنى الفخر الرازى ، قال : وهذه ردة صريحة باتفاق المسلمين " انتهى كلامه
فتأمل هذا وتأمل ما فيه من تفصيل الشبهة التى يذكر أعداء الله ، لكن من يرد الله  فتنته فلن تملك له من الله شيئا ً " أ هـ مفيد المستفيد ص 8
قلت : والعجيب من أصحاب الدعوة السلفية : أنهم يزعمون أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ يعذر بالجهل مطلقا ً ، وينقلون عنه ذلك دون الرجوع إلى كل أقواله فى المسألة ولكنهم يختارون من أقواله ما يوافق آرائهم ، ويتركون الواضح البيّن من كلامه .
ألم يعلموا أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ له أكثر من رسلة  مستقلة ومتخصصة فى هذه المسألة ، وأنه  بيّن فى هذه الرسائل أن منهجه قائم على عدم اعذار الجاهل فى الشرك الأكبر ، وأن هذا هو الأصل عنده .
فمن رسائله المشهورة فى ذلك : 1ـ مفيد المستفيد فى كمفر تارك التوحيد ، وعنوان الكتاب يدل على مضمونه لمن تأمله ، ناهيك عما ذكر ه داخل هذه الرسالة
2ـ رسالة كشف الشبهات فى التوحيد ، صرّح فيها بعدم عذر الجاهل فى مواضع منها
3ـ رسالة نواقض الإسلام ، لم يعذر فيها سوى المكره ، أما الجاهل والخائف وغير ذلك فلا .
[  فائدة : ]
فى حقيقة مذهب الشيخ محمد بن عبد الوهاب فى مسألة العذر
والسبب فى ذكر هذه الفائدة : أن من الناس من ينسب للشيخ محمد بن عبد الوهاب عدم العذر مطلقا ً ، ومنهم من ينسب إليه العذر بالجهل ، بإطلاق ، لذلك نجد العلماء المحققين ، يجمعوا كلامه  ويفصلوا مراده من أقواله ، نكتفى بكلام بعض العلماء المعاصرين الذين درسوا منهج شيخ الإسلام دراسة موسعة وهو الشيخ عبد العزيز ال عبد اللطيف ، فله مجلد كبير أسماه : دعاوى المنوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وله تعليقات على كشف الشبهات ، وغير ذلك .
قال الشيخ فى تعليقه على كشف الشبهات ـ عند قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب
" وقد يقولها وهو جاهل فلا يعذر بالجهل " قال : ظن بعضهم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ لا يعذر بالجهل مطلقا ً لأجل هذه العبارة وما فى معناها ن وقابلهم فريق آخرفادعوا أن الشيخ يرى الإعذار بالجهل مطلقا ً ، واحتجوا بقول الشيخ فى إحدى رسائله " وأما ما ذكر الأعداء عنى أنى أكفر بالمولاة أو أكفر الجاهل الذى لم تقم عليه الحجة ، فهذا بهتان عظيم "
ولكى يزول الإشكال بين هذه العبارات ويتسنى الجمع بينهما فيمكن أن يقال :
أن الشخص يعذر بالجهل فى المسائل الخفية ، دون المسائل الظاهرة الجلية ، كما حقق ذلك الشيخ المصنف بقوله " إن الشخص المعين إذا قال ما يوجب الكفر ، فإنه لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التى يكفر تاركها وهذا فى المسائل الخفية التى قد يخفى دليلها على بعض الناس ، وأما ما يقع منهم فى المسائل الظاهرة الجلية ، أو ما يعلم من الدين بالضرورة فهذا لا يتوقف فى كفر قائله ، ولا تجعل هذه الكلمة عكازة تدفع بها فى نحر من كفر البلدة الممتنعة عن توحيد العبادة والصفات بعد بلوغ الحجة ووضوح المحجة " أ هـ الدرر السنية ج8 ص244 .
ويقول أيضا ص " إن الذى لم تقم عليه الحجة هو الذى لاحديث عهد بالإسلام والذى نشأ ببادية ، أو يكون ذلك فى مسألة خفية مثل الصرف والعطف فلا يكفر حتى يُعَرّف، وأما أصول الدين التى أوضحها الله فى كتابه ، فإن حجة الله هى القرآن ، فمن بلغه فقد بلغته الحجة " أ هـ مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب ج3 ص 12
وجواب آخر : وهو أن يقال : إن الشخص لا يعذر بالجهل إذا كان مفرطا ً ومقصرا ً فى العلم ، فكل جهل يمكن للمكلف دفعه لا يكون حجة للجاهل ، وأما من كان عاجزا ً فلم يقصر أو يفرط فإنه يعذر بالجهل حتى تقوم عليه الحجة ، كمن أسلم حديثا " أ هـ تعليقات على كشف الشبهات ص 34 ـ 36 .
إذن فلابد من التفصيل فى المسألة ، فلا يشترط إقامة الحجة على كل من صدر منه الكفر وإنما قيام ذلك تكون فى المسائل الخفية ، وكذلك يختلف الأمر فى الإنسان المفرط التارك للعلم العينى ، من الإنسان الذى يسأل ويبحث عن دينه
إذن فإطلاق القول بأن الجهل عذر على كل حال ، قول بالمحال نقلا ً وعقلا ً وعرفا ً  لذلك يقول العلامة الشيخ سلمان بن سحمان ـ رحمه الله ـ   
"أما قوله : نقول بأن القول كفر ولا نحكم بكفر القائل ، فإطلاق هذا جهل صرف ، لأن العبارة لا تنطبق إلا على المعين ، ومسالة تكفير المعين مسألة معروفة ، إذا قال قولا ً يكون القول به كفر ، فيقال من قال بهذا القول فهو كافر ، لكن الشخص المعين إذا قال ذلك لا نحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التى يكفر تاركها ، وهذا فى المسائل الخفية التى قد يخفى دليلها على بعض الناس كما فى مسائل القدر والإرجاء ، ونحو ذلك مما قاله أهل الأهواء فإن بعض أقوالهم تتضمن أمورا ً كفرية من رد أدلة الكتاب والسنة المتوترة ، فيكون القول المتضمن لرد بعض النصوص كفرا ً ، ولا يحكم على قائله بالكفر لاحتمال وجود مانع الجهل ، وعدم العلم بنفس النص ، أو بدلالة السنة ، فإن الشرائع لا تلزم إلا بعد بلوغها ، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ـ قدس الله روحه فى كثير من كتبه .
وذكر أيضا ً ، بكفر أناس من أعيان المكلفين بعد أن قرر المسألة ـ قال : " وهذا إذا كان فى المسائل الخفية فقد يقال بعدم التكفير ، وأما ما يقع منهم فى المسائل الظاهرة الجلية ، أو ما يعلم من الدين بالضرورة فهذا لا يتوقف فى كفر قائله " أ هـ الإعلام بتوضيح نواقض الإيمان للشيخ عبد العزيز الطريفى ص 61 ـ 63
ثالثا : قول الشيخ سيد حسين الذى ينسبه إلى أهل السنة والجماعة  
أنه قال : " ويرون أن الشخص المعين الذى يرتكب كفرا ً لا يحكم بكفره إلا بعد ثبوت شروط وانتفاء موانع " المقدمة ص161
وأقول : الرد على ذلك هو نفس ما ذكرناه قبل ذلك ، أن هذا تعميم واطلاق مخالف للكتاب والسنة وكلام الأئمة ، لأن المعين الذى يحتاج إلى قيام حجة وتوافر شروط وانتفاء موانع يكون فى مثل المسائل الخفية ، أو كان حديث عهد بإسلام وهكذا ، أما دلالة الكتاب على ذلك :
قال تعالى : { لا تعتذروا قد كفرتم بع إيمانكم }
فهؤلاء كفروا بشهادة رب العالمين وشهادة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الرغم من اعتذارهم ن وأنهم لم يقصدوا الكفر ، فهل قال أحد من أهل العلم أن هؤلاء ما كفروا إلا بعد إقامة الحجة عليهم أو أنهم ما كفروا إلا بعد توافر الشروط وانتفاء الموانع ، لم يقل أحد ذلك مطلقا ً والسبب واضح وهو : أن ما وقعوا فيه من المسائل الظاهرة التى لا تحتاج إلى إقامة حجة وعلى ذلك أجمع أهل السنة والجماعة ، كما نقل ذلك سيد حسين نفسه عن شيخ الإسلام ابن تيمية فى مسألة كفر الهازل .
إذن : فمن أتى بكفر واضح على مثل شاكلة الإستهزاء أو الإستخفاف أو السب ، أو صرف العبادة لغير الله تعالى ، فلا يقال فى حقه لابد من اقامة الحجة وتوافر الشروط وانتفاء الموانع .
أما دلالة السنه على ذلك :
ففى قصة الرجل الذى نكح إمرأة أبيه ، فأمر النبى ـ صلى الله عليه وسلم ت بقتله وتخميس ماله ، فهل قال أحد أن هذا الرجل ما كفرإلا بعد إقامة الحجة ؟
روى النسائى فى السنن الكبرى والطبرانى فى الكبير وغيرهما عن البراء بن عازب قال : مرّ بى الحارث بن عمرو وقد عقد له رسول الله ـ صلى الله عيه وسلم ـ فقلت إلى أين بعثك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : بعثنى إلى رجل تزوج إمرأة أبيه بعده أن أضرب عنقه " وفى رواية " أن أضرب عنقه وآخذ ماله " قال الشيخ الالبانى صحيح ، كما فى تحقيق سنن النسائى ط
قال الإمام الطحاوى ـ رحمه الله ت فى شرح معانى الآثار : بعد أن ذكر الحديث : "فلما أمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى هذين الحديثين بأخذ مال المتزوج وتخميسه دل ً ذلك أن المتزوج كان بتزوجه مرتدا ً محاربا ً فوجب أن يقتل لردته ...." أ هـ ج2 ص150
أما دلالة الإجماع على ذلك :
فقد حكم الصحابة جميعا على كفر المرتدين بشتى أصنافهم بعد وفاة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم أحد أن الصحابة لم يكفروهم إلا بعد إقامة الحجة ، أو توافر الشروط وانتفاء الموانع على الرغم من وجود الجاهل والمتأول بينهم فهل كان الصحابة يجهلون انه لابد من غقامة الحجة عليهم قبل تكفيرهم ؟
إذن : فالقول بأن الإنسان لا يكفر إلا بعد توافر الشروط وانتفاء الموانع وإقامة الحجة ليس على إطلاقه ، بل هو مقيد ، لأننا لو اطلقنا مثل هذا الغطلاق ن لكان الذين يقولون بالشيوعية من النتسبين للإسلام لا يكفرون إلا إذا أقيمت عليهم الحجة ، وكذلم لا يكفر كل من طعن فى دين الله تعالى أوسخر منه إلا بعد إقامة الحجة وهذا كلام لا يقوله صغار طلبة العلم .
( فصل)
سيد حسين والعذر بالجهل مرة اخرى
بعد أن تحدث السيخ سيد حسين عن موانع التكفير بغخنصار ، ذكر ما يتعلق بالعذربالجهل فقال : " ج ـ الموانع التى تسبب انتفاء شرط العلم : عارض الجهل : إذا أتى المسلم الجاهل فعلا ً ، أو قولا ً ، أو اعتقد اعتقاد اً هو كفر ينقض الإيمان وهو لا يعرف ذلك فإنه معذور بجهله ، ولا يكفر حتى تقام عليه الحجة ، وقد نبه الإمام العظيم شيخ الإسلام ابن تيمية على ثبوت شروط وانتفاء موانع بإعتبارهما من أهم جوانب قيام الحجة "أ هـ المقدمة ص161 ـ162
وقفات مع هذا الكلام :
الوقفة الأولى :قوله " عارض الجهل " دليل واضح وبرهان ساطع أن الجهل هو العارض على المسلم ن وإلا فالأصلأن يكون المسلم عالما ص بأصول دينه من التوحيد وما ينافيه من الشرك وكذلك قوله " عارض الجهل " دليل على أن الأصل عدم العذر إلا إذا وجد مانع من ذلك مع اعتبار الضوابط اللازمة فى اعتبار الجهل مانع ، على ما سبق وأشرنا إليه
فالعلماء قسموا عارض الجهل إلى قسمين ـ أى فيما يصلح أن يكون عذرا ً ، ومالا يصلح أن يكون عذرا ً 
فالقسم الأةل : الذى لا يصلح أن يكون عذرا للمكلف هو جهل الكفار بتوحيد الله تعالى وكذلك الجهل الذى يخالف صريح الكتاب والسنة ، أى المعلوم من الدين بالضرورة ، كما سبق أن أشرنا فالجهل هنا لا يصلح أن يكون عذرا ً
أما القسم الثانى الذى يصلح أن يكون عذرا ً مَثَلّ له العلكاء بكفر المسلم بالشرائع فى دار الحرب ، وكذلك الجهل الذى هو فى الأمور الإجتهادية ، وكذلك فى الأمور الخفية
فهناك فرق أيضا ً بين الجهل الناتج عن الإعراض ورد صريح الكتاب والسنة ، وبين الجهل الناتج عن شبهة ، فالأول مثل جهل عُباد القبور ، فهذا لا عذر فيه بالجهل ، لماذا ؟ لأن جهلهم يتعلق بأوضح ما فى دين الله تعالى ، مع وجودهم بين المسلمين ، وقدرتهم على السؤال والتعلم ـ إلى غير ذلك أما الثانى وهو الجهل الناشئ عن شبهة كحال أهل الفرق الضالة من المرجئة والقدرية والمعتزلة فهذا يكون الجهل عذرا لصاحبه حتى تقام الحجة .
الوقفة الثانية : الشيخ سيد حسين نقل فى مقدمته هذه الكثير عن الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ رحمة واسعة ، وحق له ذلك وهو فى نقله هذا يستدل بكلام الشيخ ويرجحه ويأخذ به فهل الشيخ سيد حسين يأخذ بكل ما قاله الشيخ ابن باز ـ رحمه الله أم يأخذ بما يراه صوابا ً عنده ويعضد به ما ذهب إليه ؟
وعلى كل ٍ فالشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ لا يعذر بالجهل فى الشرك الأكبر ، وكلامه فى ذلك كثير جدا ً وسوف أنقل عنه بعض ما قاله ليعرف دعاة السلفية ومن يقرأون لهم ، أن المسألة ليست كما يصورها لهم دعاة السلفية ، لأن دعاة السلفية حريصون على اتباعهم من الوقوف على حقيقة المسألة ، وهذا إن دل ً إنما يدل على عدم ثقتهم بالحق فى هذه المسألة :
هذه أسئلة توجهت للشيخ أثناء شرحه لرسالة " كشف الشبهات "
س : الإختلاف فى مسائل العذر بالجهل هل هو من المسائل الخلافية ؟
ج : مسألة عظيمة والأصل فيها أنه لا يعذر من كان بين المسلمين  ، من بلغه القرآن والسنة ما يعذر
الله جل وعلا قال : { وأوحى إلىّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ  }
من بلغه القرآن والستة غير معذور ، إنما أونى من تساهله وعدم مبالاته .
س : لكن هل يقال هذه مسألة خلافية ؟
ج : ليست خلافية إلأا فى الدقائق التى قد تخفى مثل قصة الذى قال لأهله حرقونى " أ هـ ص26 ـ27
قلت : بيّن الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ فى كلامه أمور مهمة :
الأول : الأصل عدم العذر لمن كان يعيش بين المسلمين
الثانى:أن المتساهل فى ترك طلب العلم الضرورى لا يعذر بجهله
الثالث : أن الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ لم يجعل مسألة العذر بالجهل فى المسائل الظاهرة خلافية وإنما الخلاف وقع فى المسائل الدقيقة الخفية
س : كثير من المنتسبين للسلفية ، يشترطون فى إقامة الحجة ، أن يكون من العلماء ، فإذا وقع العامى على كلام  كفر يقولون ما نكفره ؟
ج :إقامة الدليل كل ٌ على حسب حاله
س : هل يجب على العامى أن يكفر من قام كفره أو قام فيه الكفر ؟
ج :إذا ثبت عليه ما يوجب الكفر كفره ما المانع ؟
إذا ثبت عنده ما يوجب الكفر كفره ، مثل ما نكفر أبا جهل وأبا طالب وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والدليل على كفرهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاتلهم يوم بدر .
س : يا شيخ العامى يمنع من التكفير ؟
ج : العامى لا يكفر ّ إلا بالدليل ، العامى ما عنده علم هذا المشكل ، لكن الذى عنده علم بشئ معين ، مثل من جحد تحريم الزنا ، هذا يكفر عند العامة والخاصة  هذا ما فيه شبهة ولو قال واحد أن الزنا حلال ، كفر عند الجميع ، هذا ما يحتاج أدلة أو قال إن الشرك جائز يجيز للناس أن يعبدوا غير الله ، هل أحد يشك فى هذا ؟ هذا ما يحتاج أدلة ، لو قال : أن الشرك جائز ، يجوز للناس أن يعبدوا الأصنام والنجوم والجن كفر ، التوقف يكون فى الاشياء المشكلة التى قد تخفى على العامى " أ هـ ص34
قلت : وفى كلام الشيخ هذا أيضا ً بعض المسائل المهمة :
الأولى : الرد على السلفية الذين يشترطون فى إقامة الحجة أن يكون من العلماء ، وبالتالى لا تقوم الحجة بهم لأن غالب السلفية دعاة وخطباء ووعاظ ، ولكن الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ جعل من حق العامى أن يكفر من ظهر كفره ، وذلك فى المسائل الظاهرة التى يعرفها العالم والعامى كالأمثاة التى بينها الشيخ ، فالحجة تقام بكل من يحسن إقامتها وإن لم يكن من العلماء .
الثانية : أن هناك من المسائل من لا تحتاج إلى ذكر الأدلة ، لأنها منتشرة ومعلومة بين العامة والخاصة .
س : ما يعرف أن الذبح عبادة والنذر عبادة
ج : يُعَلّم ْ، الذى لا يعرف يُعَلّمْ ، والجاهل يُعَلّمْ .
س : هل يُحْكَمْ عليه بالشرك ؟
ج : يحكم عليه بالشرك ، ويعلم ، أما سمعت الله يقول : { أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا ً } وقال جل وعلا { ولقد ذرأنا لجهنم كثيرأ من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون} ما وراء هذا تنديدا لهم ، نسأل الله العافية " أ هـ ص 42
قلت : فالشيخ ـ رحمه الله ـ بين أن من وقع فى الشرك فهو مشرك ويجب على من عرف ذلك أن يعلمه ويخرجه من هذا الشرك ، وفى هذا رد على دعاة السلفية الذين يطلقون القول بالتفريق بين الفعل والفاعل ، والقول والقائل ،بإطلاق ، فهذا التفريق نعم موجود ولكن ليس فى كل الأمور والمسائل .
س : من نشأ ببادية أو بيئة جاهلية ؟
ج: يُعَلّمْ أن هذا شرك أكبر حتى يتوب ، يقال له هذا شرك أكبر ، عليك بالتوبة إلى الله ، مثلما كان المشركون يطوفون بالقبور ونصبوا عند الكعبة ثلاثمائة صنم ، وأرشدهم النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فالذى أجاب وهداه الله ، فالحمد لله ، والذى ما أجاب مشرك ، هذا وأغلبهم جهال ، خرجوا إلى بدر جهال ، وإلى أحد جهال ، تابعوا رؤسائهم ن قال الله تعالى { أم تحسب أن أكثرهم يسمعون ، أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا } مع هذا حكم عليهم بالكفر " أ هت ص 55 ـ 56
 س : يذكر العلماء فى أهل البادية أن الأعرابى قد يعذر فما هى المسائل التى قد يعذر فيهاصاحب البدية ؟ وهل هذا خاص بزمن النبى ـ صلى الله عليه وسلم عند بداية الإسلام ؟
ج : يعذر الأعرابى أو غير الأعرابى بالشئ الذى يمكن جهله مثل بعض أركان الصلاة ، أو بعض أركان الزكاة ، أو بعض المفطرات أما إذا جحد الصلاة رأسا ً ، وقال : لا أصلى ، أو جحد الصيام رأسا ً وقال لا أصوم ، ما يعذر لأن هذا الشئ معلوم من الدين بالضرورة ، كل مسام يعرف هذا ، أو جحد شروط الحج أو أن عرفة من واجبات الحج ، ومن أعمال الحج ، لأنه قد يخفى عليه لكن يقر بالحج أنه فرض مثل هذه قد لا تخفى على العامى .
س : يذكر يا شيخ ـ  أحسن الله إليك ـ أنه ما يعرف الجنابة ، وأنه ما يغتسل منها ؟
ج : يُعَلّمْ ، العامى قد لا يفهم حصوصا ً بعض النساء ، يُعَلّمْ ولا يكفر .
س : من وصلته كتب منحرفة ليست فيها عقيدة ولا توحيد هل يعذر بالجهل ؟
ج : إذا كان بين المسلمين ما يعذر بالشرك ، أما الذى قد يخفى مثل بعض واجبات الحج أو واجبات الحج أو واجبات العمرة أو واجبات الصيام أو الزكاة ، أو بعض أحكام البيع ، وبعض أمور الربا ، قديعذر وتلتبس عليه الأمور ، لكن أصل الدين كونه يقول أن الحج غير مشروع أو الصيام غيرواجب أو الزكاة غير واجبة ، هذا لا يخفى على المسلمين ، هذا شئ معلوم من الدين بالضرورة  
س: لو قال لابد أن تتوفر شروط فيمن أريد تكفيره بعينه وتنتفى الموانع ؟
ج:مثل هذه الأمور الظاهرة ما يحتاج فيها شئ ، يكفر بمجرد وجودها ، لأن وجودها لا يخفى على المسلمين ، معلوم بالضرورة من الدين بخلاف الذى قد يخفى مثل شرط من شروط الصلاة ، بعض الاموال التى تجب فيها الزكاة ، تجب أو لا تجب ، بعض شئون الحج ، بعض شئون الصيام ، بعض شئون المعاملات ن بعض مسائل الربا ط أ هـ ص99 ـ 100
قلت : وفى كلام الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ رد واضح على على أصحاب الدعوة السلفية وغيرهم ممن يشترطون فى كل أنواع الكفر الذى يكفر به الإنسان توافر الشروط وانتفاء الموانع ، فقد بين ـ رحمه الله أن المسائل الظاهرة لا يحتاج فيهل إلى شئ من هذا القبيل ، وإنما يحتاج لتوافر الشروط وانتفاء الموانع فى مثل المسائل الخفية الدقيقة .
س : بعض الناس يقول المعين لا يكفر ؟
ج : هذا من الجهل ، إذا أتى بمكفر يكفر " أ هـ ص117
س : يا شيخ جملة من المعاصرين ذكروا أن الكافر من قال الكفر أو عمل بالكفر، فلا يكفر حتى تقام عليه الحجة ، ودرجوا عباد القبور فى هذا ؟
ج : هذا من جهلهم ، عباد القبور كفار ، واليهود كفار والنصارى كفار ، ولكن عند القتل يستتابون ، فإن تابوا وإلا قتلوا .
س : يا شيخ مسالة قيام الحجة ؟
ج: بلعهم القرآن ، هذا بلاغ للناس ، القرآن بلغهم وبين المسلمين {وأوحى إلىّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ } { هذا بلاغ للناس } { يا أيها الرسول بلغ } وقد بلغ الرسول ، وجاء القرآن وهم بين أيدينا يسمعونه فى الإذاعات ويسمعون غيرها ، ولا يبالون ولا يلتفتون ، وإذا جاء أحد ينذرهم يبهاهم آذوه ، نسأل الله العافية .
س : حديث الرجل الذى قال إذا مت حرقونى ؟
ج : هذا جهل بعض السنن من الأمور الخفية ، من كمال القدرة ، جهلها فعذر ، حمله على ذلك خوف الله ، وجهل تمام القدرة ، فقال لأهله ما قال .
 س:  سجود معاذ للنبى ـ صلى الله عليه وسلم ؟
ج : هذا إن صح فى صحته نظر ، لكن معاذ ، لو صح أن هذا إذا جاز لكبار قادة المشركين هناك ، فالنبى أفضل ، هذا له شبهة فى أول الإسلام ، لكن استقر الدين وعرف أن السجود لله ، وإذا كان هذا أشكل على معاذ فى أول الأمر لكن بعده ما يشكل على أحد " ص 126 ـ 127 من كتاب شرح كشف الشبهات للشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ طبعة مكتبة الهدى المحمدى ـ مصر ـ
قلت : يؤخذ من كلام الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ أمور مهمة :
الأمر الأول : أن الشيخ جعل الذين يقولون أن المعين لا يكفر ـ يعنى بإطلاق ـ من الجهل ـ
أقول وهناك من سلفية هذا الزمان من جعلوا تكفير المعين من المحال لما وصفوه من شروط لا تنطبق حتى على فرعون وابليس .
الأمر الثانى : أن الشيخ ـ رحمه الله ـ جعل عباد القبور كفار ن كاليهود والنصارى ـ أى فى كفرهم وشركهم ـ إلا أنهم يستتابون ، بخلاف الكفار الأصليين ، والشيخ لم يشترط فى تكفيرهم إقامة الحجة عليهم ، كما يشترط سلفية هذه الأيام .
الأمر الثالث : أن الحجة مقامة على الناس بوجودهم بين المسلمين وسماعهم للقرآن ، فمن كفر بعد ذلك فبسبب الغعراض وعدم اللامبلاة فى التعلم ودفع الجهل عن النفس ، ولا عذر لأحد بإعراضه عن تعلم أضول الدين وهذا القول ليس من آراء الاشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ وحده فقد سبقه العلماء فى ذلك
فعلى سبيل المثال : الإمام الشوكانى ـ رحمه الله ـ
" سئل الإمام الشوكانى ـ رحمه الله ـ هل يعذر الجاهل فى الشرك الأكبر ؟
فأجاب " ......ومن وقع فى الشرك جاهلاً لم يعذر لأن الحجة قامت على جميع الخلق بمبعث محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمن جهل فقد أوتى من قبل نفسه ، بسبب الغعراض عن الكتاب والسنة ، وإلا ففيهما البيان الواضح ، كما قال سبحانه فى القرآن { تبيانا ً لكل شئ وهدى ً ورحمة } 
وكذلك السنة ، قال أبو ذر ـ رضى الله عنه ـ ( تُوفى ّ محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما ترك طائرا ً يطير بجناحيه بين السماء والارض إلا ذكر لنا منه علما ً ) أو كما قال رضى الله عنه ـ فمن جهل فبسبب إعراضه ، ولا يعذر أحدٌ بالإعراض " أ هـ الفتح الربانى من فتاوى الإمام الشوكانى ج1 ص 145
فالشوكانى ـ  رحمه الله ـ على ذلك من دعاة التكفير ومخالف لعقيدة السلف على رأى السلفية الآن .
فتوى مهمة للشيخ ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ
سئل : لقد أجبت يا سماحة الشيخ على أحد الأسئلة المطروحة من أحد السائلين فيما يتعلق بالعذر بالجهل ، متى يعذر ومتى لا يعذر ، وذكرت أن الأمر فيه تفصسل ، ومما ذكرت بأنه لا يعذر أحد بالجهل فى أمور العقيدة ، أقول يا سماحة الشيخ : إذا مات َ رجل وهو لا يستغيث بالأموات ، ولا يفعل مثل هذه الأمور المنهى عنها إلا أنه فعل ذلك مرة واحدة فيما أعلم ، حيث استغاث بالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو لا يعلم أن ذلك حرام وشرك ثم حج بعد ذلك دون أن ينبَّهه أحد على ذلك ، ودون أن يعرف الحكم فيما أظن حتى توفاه الله ، وكان هذا الرجل يُصَلى ويستغفر الله ، لكنه لا يعرف أن تلك المرة التى فعلها وهو يجهل مثل ذلك ،هل يُعْتَبرمشركاً ؟
نرجوا التوضيح والتوجيه ـ جزاكم الله خيرا ً.
الجواب : " إن كان من ذكرته تاب إلى الله بعد المرة التى ذكرت ، ورجع إليه سبحانه ـ واستغفر من ذلك زال حكم ذلك وثبت اسلامه ، أما إذا كان استمر على العقيدة التى هى الغستغاثة بغير الله ولم يتب إلى الله من ذلك فإنه يبقى على شركه ولو صلى وصام حتى يتوب إلى الله مما هو فيه من الشرك ، وهكذا لو أن إنسانا ً يسب الله ورسوله ، أو يسب دين الله ، أو يستهزئ بدين الله ، أو بالجنة أو بالنار ، فإنه لا ينفعه كونه يُصلى ويصوم ، إذا وجد منه الناقض من نواقض ال‘سلام بطلت الأعمال ، حتى يتوب إلى الله من ذلك هذه قاعدة مهمة ـ قال تعالى { ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون } وقال سبحانه { ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين } وأم النبى صلى الله عليه وسلم ـ ماتت فى الجاهلية ، واستأذن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ربه ليستغفر لها فلم يُؤذن له وقال ـ صلى الله عليه وسلم : (إن أبى وأباك فى النار ) وقد ماتا فى الجاهلية .
والمقصود أن من مات على الشرك لا يُسْتَغْفر له ، ولا يدعى له ، ولا يُتصدق عنه إلا إذا عُلمَ أنه تاب إلى الله من ذلك
هذه هى القاعدة المعروفة عند أهل العلم ـ والله ولى التوفيق ذ" أ هـ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ج28 ص 115 ـ 116 . 
ما تتضمنه هذه الفتوى من الفقه الكبير للشيخ ـ رحمه الله ـ
أولا ً : تقرير السائل وإقرار الشيخ له أن الأ صل عند الشيخ عدم العذر بالجهل فى أمور العقيدة ، والمراد بذلك كما بينه الشيخ فى فتاوى أخرى ، المسائل الظاهرة التى تتعلق بالإعتقاد ، لأن هناك مسائل إعتقادية خفية ودقيقة ، فهذه فيها عذر ولا يكفر المسلم فلا مثل هذه الأمور إلا بعد إقامة الحجة .
ثانياً : الشرك يستوى فيه المرة والمرات ، لأن الوقوع فى الشرك الأكبر مرة واحدة يخرج من الملة ـ كما فى الحديث الصحيح ( من مات يشرك بالله شيئا ً دخل النار )
ثالثا ً : عدم انتفاع المشرك بعمله من صلاة وصيام ، ونحو ذلك ، ما لم يتب ، لأن الشرك يحبط جميع الأعمال كما أشار الشيخ إلى ذلك من خلال الآيات القرآنية
رابعا ً : بيان السبب فى الحكم على الفاعل بالشرك مع حبوط عمله ، وهو التلبس بناقض من نواقض الإسلام
وضرب الشيخ أمثلة أخرى لبيان ذلك ممن سب الله ورسوله ، ونحو ذلك فمن سب الله أو رسوله ، ولو مرة واحدة ولم يتب من ذلك فهو كافر وعمله محبط ، كذلك الذى استغاث بالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو غيره ـ لأن هذا شرك أكبر ، وذاك شرك أكبر .
وهنا مسألة :
وهى : هذا الرجل الذى استغاث بالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ مرة واحدة ، وهو لا يدرى أن هذا شرك يخرجه من الملة ، إلا أن هذا الرجل كان يقيم شعائر الاسلام ويستغفر الله ، كما ذكر السائل ، فإن كان باستغفاره يريد ويقصد التوبة من جميع الذنوب والمعاصى التى وقع فيها ما يعلمه منها وما لا يعلمه ، أى على سبيل الغجمال والتفصيل ، فظاهر حاله أنه مسلم ، طالما أنه لم يتكرر منه الإستغاثة بغير الله ، أما إذا لم يقصد ذلك إلا أنه يقيم الصلاة ، وشعائر الإسلام فهذا يعامل فى الدنيا ظاهرا ً على أنه مسلم ، وفى الآخرة أمره إلى الله طالما أنه لم يتب من الشرك الذى وقع منه ، وأظن أن الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ يقصد ذلك ـ أى الإشارة إلى أحكام الدنيا ، لأنها تجرى على الظاهر فمن علم أن هذا الرجل استغاث بالرسول ولم يتب فيحكم عليه بالشرك أما من لم يعلم ذلك يجرى عليه أيضا أحكام الظاهر وهو أنه مسلم .
مسألة أخرى :
ما الفرق بين من وقع فى الزنا مرة واحدة وبين من أشرك مرة واحدة أيضا ً ؟
الذى زنا مرة واحدة فهو زان مرتكب كبيرة من الكبائر ، يلحقه اسم الزانى ، كما يلحق هذا الاسم من زنى مرات ، وإنما العقوبة هى التى تختلف سواء فى الدنيا أو فى الآخرة ، كذلك الذى أشرك مرة واحدة يلحقه اسم المشرك ، يستوى فى ذلك مع من أشرك كثيرا ً ، وإن كانت العقوبة تختلف أيضا فإن النار دركات ـ والعياذ بالله ـ ولكن الفارق بين الزانى والمشرك ، فإن الزانى إن لم يتب فهوى فى مشيئة الله تعالى إن شاء عفا عنه وإن ساء عاقبه ومآله إلى الجنة طالما أنه كان من الموحدين ، أما المشرك فلا يدخل تحت المشيئة { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء }
لذلك يستوجب على كل إنسان أن يتوب إلى الله تعالى بإستمرار ويحدد ذلك من حين إلى أخر، فقد يقع منا ملا نشعر به ، أو يقع مالا نراه من المعاصى والذنوب.
فالتوبه تجُب ما قبلها، ويستوجب على العبد فى توبته أن يعمم ويخصص، حتى يبرأ من كل ما وقع فيه سواء من الشركيات التى لا يلتفت إليها أو معاصى أخرى ، والله أسأل أن يعافينى وجميع المسلمين الموحدين .
فصل :ـ فى نقولات سيد حسين فى العذر بالجهل
قال:ـ أقوال أهل العلم فى العذر والجهل :
1ـ قال شيخ الإسلام إبن تيمية : " هذا مع أنى دائماً ومن جالسنى يعلم ذلك منى:أنى من أعظم الناس نهياً عن أن ُينسب معين إلى تكفير ، وتفسيق ومعصيه ، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرساليه التى من خالفها كان كافراً تارة ً وفاسقاً أخرى ،وعاصياً أخرى ، وإنى أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها ،وذلك يعم الخطأ فى المسائل الجزيه القوليه والمسائل العملية "أ هـ
وقال أيضاً : "والأصل الثانى :"أن المقاله تكون كفراً كجحد وجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج ، وتحليل الزنا والخمر والميسر ونكاح ذوات الأرحام ، ثم القائل بها قد يكون بحيث لم يبلغه الخطاب ، وكذا لايكفر به جاحده ، كمن هو حديث عهد بالإسلام ، أو نشأ ببادية بعيدة لم تبلغه شرائع الإسلام ، فهذا لايحكم بكفره بجحد شىء مما أنزل على الرسول إذا لم يعلم أنه أنزل على الرسول "أ هـ
وقال أيضاً : "وأما من أنكر ما ثبت بالتواتروالإجماع فهو كافر بعد قيام الحجة " أهـ مقدمه سيد حسين صـ 162.
هذا هو النقل الأول الذى نقله الشيخ سيد حسين فى مسألة العذر بالجهل عن شيخ الإسلم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وهنا عدة ملاحظات :
الأولى : أن الشيخ سيد حسين نقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية بعض أقواله التى يظن أنها توافق ما يذهب إليه ، وترك من أقوال شيخ الإسلام أقواله المحكمة التى تدل على حقيقة مذهبه ، وهذا دأب الكثير من سلفية هذا الزمان ، فشيخ الإسلام له عدة أقوال فى المسألة باجتماعها يتبين مراد كلامه ، فله كلام مطلق فى مسألة العذر ، وله كلام مقيد فى نفس المسألة ، فلا بد من حمل المطلق من كلامه على المقيد حتى تظهر حقيقة المسألة من جانب وحقيقة مذهب ابن تيمية من جانب آخر .
الملاحظة الثانية : أن هذه النقولات التى ذكرها الشيخ سيد حسين جاءت فى سياق كلام نعين ، فلا بد من الرجوع إلى أصل الكلام الذى لأجله سبق الكلام حتى تتبين المسألة ويتبين المراد من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ولكن الشيخ سيد حسين ينقل من الكلام ما يوافق ما يذهب إليه دون النظر إلى مجمل الكلاموفى أى مناسبة ذكر شيخ الإسلام هذا الكلام .
الملاحظة الثالثة : عدم النظر فى التفصيل المذكور عن شيخ الأسلام ابن تيمية فيما نقله الشيخ سيد حسين ، لأنه نقل ما نقل دون النظر إلى حقيقة النقل وما فيه،وهل كلام شيخ الإسلام فيه ما يدل على ما ذهب إليه الشيخ سيد حسين أم لا،كان يجب عليه أن يقول مثلا ً والشاهد من كلام ابن تيمية كذ اوكذا، أما أن ينقل مثل هذه النقولات ويتركها هكذا وكأن الدلالة فيها واضحة على حقيقة هذه المسألة فهذا من باب التلبيس.
تفصيل هذه الملاحظات
أولا ً: فى أى مناسبة ذكر شيخ الإسلام أن المعين لا يكفر إلا بعد إقامة الحجة :    
فى مجموع الفتاوى ج1ص224قال شيخ الأسلام ابن تيمية ـ عليه من الله الرحمة والرضوان " ولما اجتمعنا بدمشق وأحضر فيمن أحضر كتب أبى الحسن الأشعرى مثل " المقالات " و" الإبانة " وأئمة أصحابه  كالقاضى أبى بكر ، وابن فورك والبيهقى ، وغيرهم ، وأحضر كتاب " الإبانة " وما ذكر ابن عساكر فى كتابه " تبيين كذب المفترى فيما نسب إلى الأشعرى " وقد نقله بخطه أبو زكريا النووى وقال فيه : فإن قال قائل : قد أنكرتم قول المعتزلة ،والقدرية ، والجهمية ، والحرورية ، والرافضة ، والمرجئة ، فعرفونا قولكم الذى به تقولون .
قيل له : قولنا : التمسك بكتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما روى عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ، ونحن بذلك معتصمون ........إلى أن قال .......باب " ذكر الإستواء " ج1 ص226
فإن قال قائل : ما تقولون فى الإستواء ؟ قيل : بأن الله مستو ٍ على عرشه ، كما قال سبحانه : {   الرحمن على العرش استوى }....إلى أن قال ......وقد قال : قائلون من المعتزلة ، والجهمية ، والحرورية ، إن معنى قوله : {الرحمن على الرش استوى }
أى : استولى، وملك ، وقهر ، والله فى كل مكان ............................."

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ج1ص226
"وساق الكلام ـ أى أبى الحسن الأشعرى ـ رحمه الله ـ إلى أن قال : ومما يؤكد لكم ا، الله مستو ٍ على عرشه دون الأشياء كلها ما نقله أهل الرؤواية عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من قوله (ينزل الله إلى سماء الدنيا كل ليلة فيقول : هل من سائل فأعطيه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ حتى يطلع الفجر ) ، ثم ذكر الأحاديث ... وبعد أن انتهى شيخ الإسلام ابن تيمية من النقل عن أبى الحسن الأشعرى ـ قال:" وقد كتبت فى هذا ما يجيئ عدة مجلدات ، وذكرت فيها مقالات الطوائف جميعها ، وحججها الشرعية والعقلية ، واستوعبت ما ذكره الرازى فى كتاب " تأسيس التقديس " و" نهاية العقول " وغيرذلك .........إلى أن قال والناس يعلمون أنه كان بين الحنبلية والأشعرية وحشة ومنافرة ، وأنا كنت من أعظم الناس تأليفا ً لقلوب المسلمين..............." ج1 ص227
ثم قال شيخ الإسلام :
" مع إنى فى عمرى إلى ساعتى هذه لم أدع أحدا ً قط إلى مذهب حنبلى وغير حنبلى ، ولا انتصرت لذلك ، ولا أذكره فى كلامى ، ولا أذكر إلا ما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها ، وقد قلت لهم غير مرة : أنا أمهل من يخالفنى ثلاث سنين إن جاء بحرف واحد عن أحد أئمة القرون الثلاثة يخالف ما قلته فأنا أقر بذلك ، وأم ما أذكره فأذكره عن أئمة القرون الثلاثة بألفاظهم،وبألفاظ من نقل اجماعهم من عامة الطوائف "ج1ص229.
هذا الكلام كله سابق على النقل الذى نقله سيد حسين ، والذى يبين عن أى شئ يتكلم شيخ الإسلام ، إن الحديث كله عن التنازع فى باب الصفات بين الفرق ، وكذلك ما كان بين الحنابلة والأشعرية ، وليس فيه حرف واحد يتعلق بعبادة غير الله تعالى وما يتعلق بالشرك الأكبر المنافلى للتوحيد ، لذلك قال شيخ الإسلام بعد ذلك
" هذا مع إنى دائما ً ومن جالسنى يعلم ذلك منى : أنى من أعظم الناس نهيا ً عن أن ينسب معين إلى تكفير ، وتفسيق ، ومعصية ، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التى من خالفها كان  كافرا ً تارة ، وفاسقا أخرى ، وعاصياً أخرى ، وإنى أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها وذلك يعم الخطأ فى المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية
ثم يبين شيخ الإسلام ويوضح مراده بهذا الكلام ـ فقال :
" وما زال السلف يتنازعون فى كثير من هذه المسائل ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا تفسيق ولا معصية، كما أنكر شرع قراءة من قرأ { بل عجبت ُويسخرون }
وقال : إن الله لا يعجب ، فبلغ ذلك ابراهيم النخعى فقال : إنما شرع شاعر يعجبه علمه ، كان عبد الله أعلم منه ، وكان يقرأ { يل عجبت ويسخرون }
وكما نازعت عائشة وغيرها من الصحابة فى رؤية محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ربه وقالت من زعم أن محمدا ً رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية ، ومع هذا لا نقول لابن عباس ونحوه من النازعين لها ، أنه مفتر ٍ على الله ، وكما نازعت فى سماع الميت كلام الحى ، وفى تعذيب الميت ببكاء أهله ، وغير ذلك وقد آل الشر بين السلف إلى الإقتتال ، مع اتفاق أهل السنة على أن الطائفتين جميعا ً مؤمنتان ، وأن الإقتتال لا يمنع العدالة الثابتة  لهم ، لأن المقاتل وإن كان باغيا ً فهو متأول ، والتأويل يمنع الفسوق ..........إلى أن قال ـ رحمه الله ـ
" وكنت دائما ً أذكر الحديث الذى فى الصحيحين فى الرجل الذى قال : ( إذا أنا مت فأحرقونى ثم اسحقونى ، ثم ذرونى فى اليم ، فوالله لأن قدر الله علىً ليعذبنى عذابا ً ما عذبه أحدا ً من العالمين ففعلوا به ذلك ، فقال  الله له : ما حملك على ما فعلت ؟ فقال خشيتك : فغفر له ) فهذا رجل شك فى قدرة الله  ، وفى إعادته إذا ذ ُرىّ ، بل اعتقد أنه لا يعاد ، وهذا كفر ٌُ باتفاق المسلمين ، لكن كان جاهلا ً لا يعلم ذلك ، وكان مؤمنا ً يخاف الله أن يعاقبه ، فغفر له بذلك ، والمتأول من أهل الإجتهاد الحريص على متابعة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أولى بالمغفرة من مثل هذا " أ هـ مجموع الفتاوى ج1 ص 209 ـ231 .
قلت ُ : والسؤال هنا للشيخ سيد حسين وغيره : ما الذى دفعك لأن تنقل هذا النقل عن شيخ الإسلام وتضعه فى غير موضعه ، فالشيخ حديثه كله فى صفحات متتالية عن الصفات وما تنازع فيه السلف حول بعض المسائل التى أشار إليها ـ رحمه الله ـ
ثم قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ فى هذا الموضع الذى تناول فيه عدم تكفير المعين من الكلام المطلق الذى قيده فى موضع آخر ، كما سوف ننقله بعد ذلك
إن من الأمانة العلمية نقل الكلام كاملا ً إذا كان مرتبطا ً ، وكذلك من الأمانة العلمية ال‘سنشهاد بالكلام فى موضعه الذى وضع له
وكذلك من الأمانة العلمية النظر فى مجموع الكلام الصادر عن الإمام فى المسألة الواحدة حتى ينضبط الفهم ، وحتى لا نقول على العلماء ما لم يقولوه .
أما القول الثانى الذىنقله الشيخ سيد حسين عن شيخ الإسلام ابن تيمية وهو:
"والأصل الثانى : أن المقالة تكون كفرا ً .........................."
فما هو سياق الكلام الذى ذكره شيخ الإسلام بمناسبة حديثه عن المقالات الكفرية فى المجلد الثالث ص345 باب ـ أو فصل عقده شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ لبيان حديث تفرق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة ، ومعتقدات هذه الفرق ، وذلك عن طريق سؤال توجه إليه ونص السؤال هو :
" وسئل شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ـ قدس الله روحه ـ عن قوله ـ صلى الله عليه وسلم : ( تفترق أمتى على ثلاثة وسبعين فرقة ) ما الفرق ؟ وما معتقد كل فرقة من هذه الصنوف ؟
فأجاب : " الحمد لله ـ الحديث صحيح مشهور  فى السنن والمسانيد......................
ثم أخذ شيخ الإسلم فى الحديث عن الفرق وتنازعهم فى مسائل الصفات والقدر وغير ذلك ثم أشارـ  رحمه الله  ـ لإلى الخلاف الواقع فى تكفير أهل البدع ـ فقال : " وهذا يبنى على أصل آخر ، وهو " تكفير أهل البدع ،فمن أخرج الجهمية منهم لم يكفرهم ، فإنه لا يكفر سائر أهل البدع بل يجعلهم من أهل الوعيد بمنزلة العشاق والعصاة ، ويجعلقوله " هم فى النار " مثل ما جاء فى سائر الذنوب ، مثل أكل مال اليتيم وغيره ، كما قال تعالى : { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ً إنما يأكلون فى بطونهم نارأ }      
ومن أدخلهم فيهم فهم على قولين : منهم من يكفرهم كلهم ، وهذا إنما قاله بعض المستأخرين المنتسبين إلى الأئمة أو المتكلمين ، وأما السلف والأئمة فلم يتنازعوا فى عدم تكفير "  المرجئة " و " الشيعة " المفضلة ، ونحو ذلك ، ولم تختلف نصوص أحمد أنه لا يكفرهؤلاء ، وإن كان من أصحابه من حكى فى تكفير جميع أهل البدع ـ من هؤلاء وغيرهم ـ خلافا ً عنه ، حتى أطلق بعضهم تخليد هؤلاء وغيرهم وهذا غلط على مذهبه ، وعلى الشريعة .
ومنهم من لم يكفر أحدا ً من هؤلاء الحاقا ً لأهل البدع بأهل المعاصى
قالوا : فكما أن من أصول أهل السنة والجماعة أنهم لا يكفرون أحدا ً بذنب ، فكذلك لا يكفرون أحدا ً ببدعة
والماثور من السلف والأئمة اطلاق أقوال بتكفير " الجهمية المحضة " الذين ينكرون الصفات ..........................." ج3  صــــــــــ
قلت : انظر رحمك الله عن أى شئ يتحدث هذا الامام العظيم الذى ينسب إليه الناس من السلفية عدم تكفير المعين بإطلاق، حتى أدخلوا عباد القبور فى ذلك ، الشيخ يتحدث عن جانب وفهم هؤلاء فى جانب آخر ، نعوذ بالله من سور الفهم .
ثم فصّلَ ـ رحمه الله أحكام أهل البدع ـ فقال :
 " وإذا كان كذلك فأهل البدع فيهم المنافق الزنديق ـ فهذا كافر ، ويكثر مثل هذا فى الرافضة والجهمية ، فإن رؤساءهم كانوا منافقين زنادقة ، وأول من ابتدع الرفض كان منافقا ً ، وكذلك التجهم ف‘ن أصله زندقة ونفاق ، ولهذا كان الزنادقة النافقون من القرامطة الباطنىة المتفلسفة وأمثالهم يميلون إلى الرافضة والجهمية لقربهم منهم ، ومن أهل البدع من يكون  فيه إيماناً باطنا ً وظاهرا ، لكن فيه جهل مظلم ، حتى أخطأ ما أخطأ من السنة ، فهذا ليس بكافر ولا منافق ، ثم قد يكون منه عدوان وظلم يكون به فاسقا ً أو عاصيا ً ، وقد يكون مخطئا ً متأولا ً مغفورا ً له خطأه ، وقد يكون مع ذلك معه من الإيمان والتقوى ما يكون معه من ولاية الله بقدر إيمانه وتقواه ، فهذا أحد الأصلين ط أ هـ ج3 ص 353 ـ 354 .
قلت ُ : وكلام شيخ الإسلام أوضح من شمس النهار وقت الظهيرة ، فكلامه ـ رحمه الله عن أهل البدع ، وبيَّن أن منهم الكافر ومنهم الزنديق ، ومنهم المبتدع والفاسق ، وهكذا فهل فى حديثه ولو إشارة إلى أنه يدخل فى ذلك من يصرف العبادة لغير الله تعالى ، ويعتقد اعتقاد أهل الجاهلية فى الأصنام والأوثان ، فسبحان الذى يرزق من يشاء الفهم والفقه فى الدين .
ثم مع بقية كلام شيخ الإسلام والذى استشهد به الشيخ سيد حسين
قال : " والأصل الثانى : أن المقالة تكون كفرا ً ، كجحد وجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج ، وتحليل الزنا والخمر والميسر ونكاح ذوات المحارم ، ثم القائل بها قد يكون بحيث لم يبلغه الخطاب وكذا لا يكفر به جاحده ، كمن هو حديث عهد بالإسلم ، أو نشأ ببادية يعيدة لم تبلغه شرائع الإسلم ، فهذ لا يحكم بكفره بجحد شئ مما أنزل على الرسول إذا لم يعلم أنه أنزل على الرسول " أ هـ ج3 ص354
هذا القدر فقط الذى نقله سيد حسين من كلام شيخ الإسلام ـ للأسف ،وإلا فبقية الكلام يبين أن شيخ الإسلام يتحدث عن الفرق الضالة .
فقال شيخ الإسلام فى بقية الكلام " ومقالات الجهمية هى من هذا النوع ، فإنها جحد لما هو الرب تعالى عليه ولما أنزل على رسوله..................." أ هـ ج3 ص354  
فكلام سيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وقصده ومراده فى واد ، وفهم وقصد ومراد سيد حسين وغيره فى واد آخر .
وأما النقل الثالث : الذى نقله سيد حسين ـ عن شيخ الإسلام ـ قوله :
"وأما من أنكر ما ثبت بالتواتر والإجماع فهو كافر بعد قيام الحجة " أ هـ
قلت : وهذا من أعجب الإستدلالات التى استدل بها سيد حسين من كلام شيخ الإشلام فما هو سبب كلام ابن تيمية هذا ، ‘نه سؤال توجه إليه ، ونص السؤال :ففى ج1 ص108
سئل شبخ الإسلام تقى الدين بن تيمية ـ رضى الله عنه ـ " ما تقول السادة العلماء أئمة الدين وفقهم الله لطاعته فيمن يقول : لا يستغاث برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هل يحرم عليه هذا القول ، وهل يكفر أم لا ؟ وإن استدل بآيات من كتاب الله وأحاديث رسةله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هل ينفعه دليله أم لا ؟ وإذا قام الدليل من الكتاب والسنة فما يجب على من يخالف ذلك ؟ أفتونا مأجورين  
فأجاب :
الحمد لله : قد ثبت بالسنة المستفيضة ، بل المتواترة ، واتفاق الأمة ك أن نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ  الشافع المشفع ، وأنه يشفع فى الخلائق يوم القيامة ، وأن الناس يستشفعون به ويطلبون منه أن يشفع لهم إلى ربهم وأنه يشفع لهم
ثم اتفق أهل السنة والجماعة ، أنه يشفع فى أهل الكبائر ، وأنه لا يخلد فى النار من أهل التوحيد أحد وأما الخوارج والمعتزلة فأنكروا شفاعته لأهل الكبائر ، ولم ينكروا شفاعته للمؤمنين وهؤلاء مبتدعة ضلال وفى تكفيرهم نزاع وتفصيل ما من أنكرما ثبت بالتواتر والإجماع فهو كافر بعد قيام الحجة ، وسواء سمى هذا المعنى استغاثة أو لم يسمه ؟ " أ هـ ج  ص108ـ 109
قلت: حتى الجملة التى نقلها سيد حسين من وسط الكلام لم يكملها والتىتبين عن أى شئ يتكلم شيخ الإسلام ، فهو يتكلم عن من أنكر شفاعة النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ هل يكفر مباشرة أم لابد من إقامة الحجة ، فأين هذا من الأطلاق والتعميم الذى تطلقه السلفية فى عدم تكفير المعين مهما كان سبب ونوع كفره
ثانيا ً فهم العلماء وتوجيههم لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله
العجيب فى طريقة الشيخ سيد حسين فى عرضه لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أنه ينقل عنه الكلام المتشابه مع تركه للمحكم من كلامه ، وكذلك ينقل عنه بعض كلامه مع تركه للبعض الآخر ، وكلام العالم الواحد فى المسألة الواحدة يوضح بعضه بعضا ً
ونحن ننقل عن شيخ الإسلام من كلامه ما هو واضح جلى أن المسألة فيها تفصيل وليس على اطلاقها كما فهم سيد حسين وغيره
1 ـ فيما يتعلق برد شئ من دين الإسلام :
قال ـ رحمه الله ـ فى شرح " العمدة " أثناء حديثه عن كفر تارك الصلاة
"وفى الحقيقة فكل رد لخبر الله أو أمره فهو كفر دق ّ أو جل " لكن قد يعفى عما خفيت فيه طرق العلم ، وكان أمرا ً يسيرأ فى الفروع ، بخلاف ما ظهر أمره وكان من دعائم الدين من الأخبار والأوامر " أ هـ انظر البيان الأظهر فى الفرق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر ص10 للعلامة عبد الله بن أبى بُطَيَّن ـ رحمه الله ـ يؤخذ من هذا النقل الآتى :
أ ـ أن مجرد رد شئ من أخبار الله أو أوامره كفر مخرج من الملة ، وهو كفر الإباء ، من جنس كفر ابليس ، ومن على شاكلته
ب ـ بستثنى من ذلك الخفى الذى لم يظهر وينتشر بين الناس ، أى ما هو دون المعلوم بالضرورة من الدين
ج ـ تصريحه ـ رحمه الله أن ما كان من دعائم الدين وكان ظاهرا ً، لا يدخل فى هذا الإستثناء
2 ـ تفريق الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية ، فيما يصير به الإنسان كافرا ً غير معذور ، أو معذور ليس بكافر
وله ـ رحمه الله ـ فى ذلك أكثر من نقل ـ نكتفلى بنقلين من هذه النقولات
النقل الأول : من مجموع الفتاوى ج4 ص 54
قال ـ رحمه الله"----------وهذا إذا كان فى المقالات الخفية فقد يقال : أنه فيها مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التى يكفر صاحبها ، لكن ذلك يقع فى طوائف منهم فى الأمور الظاهرة الى تعلم العامة والخاصة من المسلمين أنها من دين المسلمين ، بل اليهود والنصارى يعلمون أن محمدا ً ـ صلى الله عليه وسلم ت بعث بها وكفرَّ مخالفها مثل : أمره بعبادة الله وحده لا شريك له ، ونهيه عن عبادة أحد سوى الله ، من الملائكة ، والنبيين ،والشمس والقمر ، والكواكب ، والأصنام ، وغير ذلك ، فإن هذا أظهر شعائر الإسلام ، و مثل أمره بالصلوان الخمس ، ومثل معاداته لليهود والنصارى ،والمشركين ، والصبئين  ، والمجوس ، ومثل تحريم الفواحش ، والربا ، والخمر ، والميسر ، ونحو ذلك ، ثم نجد كثيرا ً من رؤسائهم وقعوا فى هذه الامور فكانوا مرتدين ---" أ هـ
قلت ُ : هذا النقل عن شيخ الإسلام من أوضح النقولات المذكورة عنه وفيه :
أ ـ التفريق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية ، وبالتالى فالحكم يختلف فما كان ظاهرا ً فحكمه يختلف عما كان خفيا ً ، وقد بينه شيخ الإسلام ـ فقال فى المسائل الخفية " قد يقال أنه فيها مخطئ ضال ، لم تقم عليه الحجة التى يكفر صاحبها " فشترط إقامة الحجة فى المسائل الخفية دون المسائل الظاهرة فقال بعد ضرب الأمثلة للمسائل الظاهرة " ثم نجد كثيرا ً من رؤسائهم وقعوا فى هذه الأمور فكانوا مرتدين "
ب ـ هذا الكلام من شيخ الإسلام فيه تفصيل لم أجمله فى مواضع أخرى ، والتى يستدل بها سيد حسين وأمثاله ، ويتركون مثل هذا التفصيل ، ومن هذا التفصيل : اشترطه قيام الحجة فى المسائل الخفية دون الظاهرة ، ولكن عند السلفية المعاصرين ، أنه لابد من إقامة الحجة فى جميع المسائل الظاهرة وغيرها .
ج ـ أيضا ًملام شيخ الإسلام هنا مقيد لما أطلقه فى مواضع ، فالواجب حمل هذا المقيد على كلامه المطلق حتى يستقيم الفهم .
3ـ تفريق شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ بين القول والقائل ، والفعل والفاعل ، فى المقالات المتنازع فيها بين الفرق ،وليس فى المسائل الظاهرة من الشرك .
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ
والتحقيق فى هذا : أن القول قد يكون كفرا كمقالت الجهمية الذين قالوا : إن الله لا يتكلم ولا يرى فى الآخرة ، ولكن قد يخفى على بعض الناس أنه كفر ، فيطلق القول بتكفير القائلكما قال السلف : من قال : القرآن مخلوق فهو كافر ، وقال : أن الله لا يُرى فى الآخرة فهو كافرولا يكفر الشخص المعين حتى تقوم عليه الحجة ، كما تقدم " أ هـ الإيمان الأوسط ص161 .
4 ـ شيخ الإسلام يذهب إلى أن الجهل بتوحيد الله كفر فى كل حال سواء قبل وصول الخبر أو بعد وصوله .
نقل شيخ الإسلام عن الإمام محمد بن نصر المروزى ط قالوا : ولما كان العلم بالله إيمانا ً ، والجهل به كفرا ً وكان العمل لافرائض إيمانا والجهل بها قبل نزولها ليس بكفر ، لأن أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد أقروا بالله أول ما بعث الله رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إليهم ولم يعلموا الفرائض التى افترضت عليهم بعد ذلك ، فلم يكن جهلهم بذلك كفرا ً ، ثم أنزل اللله عليهم الفرائض فكان اقرارهم والقيام بها إيمانا وإنما يكفر من جحدها لتكذيبه خبر الله ، ولو لم يأت خبر من الله ما كان يجهلها كافرا ً وبعد ما جاء الخبر من لم يسمع الخبر من المسلمين لم يكن بجهلها كافرا ، والجهل فى كل حال كفر قبل الخبر وبعد الخبر " أ هـ مجموع الفتاوى ج7 ص 235 .
يؤخذ من ذلك :
أن شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ وغيره يفرق بين الجهل بالله ـ وتوحيده وبين الفرائض التى لابد فيها من وصوت الخبر إلى المكلف
وهذا ما قاله الإمام أبو حنيفة ـ رحمه ـ
قال الإمام الكاسانى : أن أبا يوسف روى عن أبى حنيفة ـ رحمه الله ـ هذه العبارة ، فقال : كان أبو حنيفة رضى الله عنه يقول : " لا عذر لأحد من الخلق فى جهله معرفة خالقه ، لأن الواجب على جميع الخلق معرفة الرب ـ سبحانه وتعالى ـ وتوحيده لما يرى من خلق السموات وخلق نفسه وسائر ما خلق الله ـ سبحانه وتعالى ـ فأما الفرائض فمن لم يعلمها ولم تبلغه فإن هذا لم تقم عليه حجة حكمية .." أ هـ بدائع الصنائع ج7 ص 132 .
توضيح وبيان :
بالنسبة للفرائض وجحدها أو انكارها ، فالجهل بها يختلف من انسان يعيش بين المسلمين ، وبين آخر نشأ فى دار الحرب ، فالأول لا عذر له ، والثانى يعذر لعدم وصول الخبر إليه ، وهذا ما أكد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وغيره .
وأنا أكتفى بالنقل الذى نقله سيد حسين نفسه ويدل على ذلك
قال شيخ الإسلام " والأصل الثانى : أن المقالة تكون كفرا ً ك كجحد وجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج وتحليل الزنا والخمر والميسر ونكاح ذوات المحارم ، ثم القائل بها قد يكون بحيث لم يبلغه الخطاب وكذا لا يكفر به جاحده ن كمن هو حديث عهد بالإسلام ، أو نشأ ببادية بعيدة لم تبلغه شرائع الإسلام ، فهذا لا يحكم بكفره بجحد شئ مما أنزل على الرسول غذا لم يعلم أنه أنزل على الرسول ....." أ هـ مجموع الفتاوى ج3 ص354 .
يؤحذ من ذلك :
أن الذى لا يكفر بجحد شئ من الفرائض أو استحلال شئ من المحرمات القطعية هو
أ ـ  الذى لم يبلغه  الخطاب ـ كالذى نشأ فى دار الحرب
ب ـ وكذلك من جحد شئ مما ذكر ـ كالذى هو حديث عهد بالإسلام
ج ـ أو نشأ ببادية بعيدة لم تبلغه فيها شريعة الإسلام
وبالتالى من كان يعيش فى دار الإسلام أو بين المسلمين ، أو فى مكان يشتهر فيه المعلوم من الدين بالضرورة ، فمن ادعى الجهل عند ذلك لا يقبل منه ولا يصير معذورا
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ
" قد اتفق الصحابة والأئمة بعدهم على قتال مانعى الزكاةوإن كانوا يصلون الخمس ويصومون شهر رمضان ، وهؤلاء لم يكن لهم : شبهة سائغة فلهذا كانوا مرتدين وهم يقاتلون على منعها وإن أقروا بالوجوب كما أمر الله " أ هـ مجموع  الفتاوى ج28 ص 519
قلت : فما حكم الذين يقاتلون لتعطيل حكم الله وشرعه، يقاتلون من أجت استمرار عبادة القبور ودوامها ما حكم هؤلاء يا سيد حسين ؟
إذا كان مجرد الإمتناع عن الزكاة والقتال عليها ردة صريحة عن الدين ، مع الإقرار بوجوبها ، فكيف بالذين يحاربون التوحيد الذى هو أصل الدين ؟
قال الشيخ محمد ابن عبد الوهاب " نقلا ً عن شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ قال الشيخ ـ رحمه الله ـ فى آخر كلامه على كفر مانعى الزكاة " والصحابة لم يقولوا : هل أنت مقر بوجوبها او جاحد لها ؟ هذا لم يعهد عن الصحابة بحال ، بل قال الصديق لعمر ـ رضى الله عنهما ـ والله لو منعونى عناقا ً كانوا يؤدونها لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لقاتلتهم علي منعها فجعل المبيح للقتال مجرد المنع لا جحد الوجوب ، وقد روى أن طوائف منهم كانوا يقرون بالوجوب لكن بخلوا بها ، ومع هذا فسيرة الخلفاء فيهم سيرة واحدة وهى قتل مقتلتهم وسبى ذراريهم ، وغنيمة أموالهم ، والشهادة على قتلاهم بالنار وسموهم جميعا ً أهل الردة ، وكان من أعظم فضائل الصديق عندهم أن ثبته اللله على  قتالهم ولم يتوقف كما توقف غيره حتى ناظرهم فرجعوا إلى قوله ........." أ هـ الكلمات النافعة فى المكفرات الواقعة ص17
أما فهم العلماء وتوجههم لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ  
أما ما ذهب إليه سيد حسين وأصحاب الدعوة السلفية المعاصرة أن اشتراط اقامة الحجة وتوافر الشروط وانتفاء الموانع فى كل أنواع الكفر والشرك وأن المعين لا  يكفر إلا بعد ذلك ، فهذا كلام مردود من خلال فهم العلماء وتوجيههم لكلام شيخ الإسلام ، وسنكتفى بنقل بعض العلماء لوضوح المسألة ، ولعدم الإطالة أيضا ً
1ـ كلام الشيخ  محمد بن عبد الوهاب فى توجيه وبيان كلام شيخ الإسلام ابن تيمية
قال : "ما ذكرتموه من كلام شيخ الإسلام ـ أى ابن تيمية ـ " كل من جحد كذا وكذا ، وأنكم تسألون عن هؤلاء الطواغيت وأتباعهم هل قامت عليهم الحجة أم لا ؟ فهذا من العجب العجاب ، كيف تشكون فى هذا وقد وضحت لكم مرارا ً أن الذى لم تقم عليه الحجة هو الذى حديث عهد بالإسلام ، أو الذى نشأ ببادية بعيدة ، أو يكون فى مسائل خفية مثل الصرف والعطف ، فلا يكفر حتى يعرف ، وأما أصول الدين التى وضحها الله فى كتلبه ، فإن حجة الله هى القرآن ، فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة ، ولكن أصل الإشكال أنكم لم تفرقوا بينم قيام الحجة وفهم الحجة ، فإن أكثر الكفار والمنافقين لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم ، كما قال تعالى : { أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا " أ هـ مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب ج7 ص154 ـ 160 قسم الرسائل الشخصية .
وقال شيخ محمد بن عبد الوهاب ـ أيضا ً فى بيان منهج شيخ الإسلام ابن تيمية ـ فى تكفير المعين " وهذا صفة كلامه فى المسائل فى كل موضع وقفنا عليه من كلامه ، لا يذكر عدم تكفير المعين إلا ويصله بما يزيل الإشكال ، وأن المراد بالتوقف عن تكفيره قبل أن تبلغه الحجة ، وأما إذا بلغته الحجة حكم عليه بما تقتضيه تلك المسألة من تكفير أو تفسيق أو معصية وصرح ـ  رضى الله عنه ـ أ، كلامه فى غير المسائل الظاهرة ، فقال فى الرد على المتكلمين ، لما ذكر أن بعض أئمتهم توجد منه الردة عن الإسلام كثيرا ً "
ثم نقل الشيخ محمد بن عبد الوهلب نص شيخ الإسلام ابن تيمية فى التفريق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية الذى نقلناه ، ثم قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب " فتأمل هذا وتأمل ما فيه من تفصيل الشبهة " أ هـ الدرر السنية ج9 ص 405 406
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ فى توجيه كلام شيخ الإسلام أيضا ً :
" فانظر كلامه فى التفرقة بين المقالات الخفية وبين ما نحن فيه ، فى كفر المعين وتأمل تصريحه بحكاية الإجماع على ردة الفخر الرازى عن الإسلام مع كونه عند علمائكم من الأئمة الأربعة " أ هـ الدرر السنية ج9 ص408 .
2 ـ كلام العلامة أبا بُطَيّن فى فهم كلام شيخ الإسلام ابن تيمية .
بعد أن نقل بعض ما جاء عن شيخ الإسلام ابن تيمية فى التفرقة بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية ، قال أبو بُطَيّن ـ رحمه الله ـ " وقولك : أن الشيخ ـ يعنى ابن تيمية ـ يقول : أن من فعل شيئا ً من هذه الأمور الشركية ، لا يطلق عليه أنه مشرك كلفر ، حتى تقوم عليه الحجة الرسالية ، فهو لم يقل ذلك فى الشرك الأكبر ، وعبادة غير الله ، ونحوه من الكفر ، وإنما قال ذلك فى المقالات الخفية كما قدمنا من قوله " وهذا إن كان فى المقالات الخفية " أ هـ الدررالسنية ج10 ص388 ـ390 .
وقال أبو بُطيَّن ـ رحمه الله ـ أيضا ً ـ
" فانظر إلى تفريقه ـ يعنى شيخ الإسلام ـ بين المسائل الظاهرة ، والأمور الخفية ، فقال فى المقالات الخفية التى هى كفر ، قد يقال : أنه مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التى يكفر صاحبها ، ولم يقل ذلك فى الأمور الظاهرة ، بل قال : ثم تجد كثيرا ً من رؤوسهم وقعوا فى ذلك ، فكانوا مرتدين ، فحكم بردتهم مطلقا ً ، ولم يتوقف فى الجاهل ، فكلامه ظاهر فى التفرقة بين الأمور المكفرة الخفية " أ هـ الدرر السنية ج10 ص355 ـ 356 .
3ـ توجيه العلامة محمد بن ابراهيم لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية .                 
قال : " مسألة تكفير المعين من الناس من يقول : لا يكفر المعين أبدا ً ، ويستدل هؤلاء بأشياء من كلام ابن تيمية غلطوا فى فهمها ، وأظنهم لا يكفرون إلا من نص القرآن على كفره كفرعون ، والنصوص لا تجئ بتعيين كل أحد ، ثم إن الذين توقفوا فى تكفير المعين فى الأشياء التى يخفى دليلها ، فلا يكفر حتى تقوم عليه الحجة الرسالية من حيث الثبوت والدلالة ، فإذا أوضحت له بالبيان الكافى كفر سواء ٌٌ فهم ، أو أنكر  ، ليس كفر الكفار كله عن عناد ، أما ما علم بالضرورة أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  جاء به فهذا يكفر بمجرد ذلك ، ولا يحتاج إلى تعريف سواء ٌٌ فى الأصول أو الفروع ما لم يكن حديث عهد بالإسلام " أ هـ فتاوى الشيخ محمد بن ابراهيم ج1 ص 73 ـ 74 .
4 ـ توجيه العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية
قال : " وكيف لا يحكم الشيخان ـ ابن تيمية وابن القيم ـ على أحد بالكفر أو الشرك ، وقد حكم به الله ورسوله ، وكافة أهل العلم ، وهذان الشيخان يحكمان أن من ارتكب ما يوجب الكفر ، أو الردة يحكم عليه بمقتضى ذلك ، وبموجب ما اقترف كفرا ً أو شركا ً أو فسقا ً ، إلا أن يقوم مانع شرعى يمنع من هذا الإطلاق ، وهذا له صور مخصوصة ، لا يدخل فيها من عبد صنما أو قبرا ً أو بشرا ً مدرا ً لظهور البرهان وقيام الحجة بالرسل " أ هأ منهاج التأسيس ص315
 والخلاصة :
1ـ أن شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فى مسألة التكفير ، يفرق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية .
2ـ سيخ الإسلام بيَّن ضوابط ما يُعد من المسائل الظاهرة ، وما يُعد من المسائل الخفية .
3 ـ بيان شيخ الإسلام أن المعين يكفر إذا وقع فى الشرك فى المسائل الظاهرة ، بخلاف المسائل الخفية التى يحتاج إلى اقامة الحجة وازالة الشبهة .
4 ـ ذكرنا بعض ما جاء عن العلماء فى فهم وضبط مراد شيخ الغسلام ابن تيمية ـ رحمه الله .
5 ـ العبرة فى التكفير بالظهور والخفاء ، بمعنى أن المسألة قد تكون من مسائل أصول الدين ولكنها خفية ، وقد تكون المسالة من الفروع ولكنها ظاهرة .

 " فائدة مهمة "
شيخ الإسلام وتكفير بعض الفرق المنتسبة إلى الإسلام على وحه التعيين.
1ـ تكفير شيخ الإسلام لطائفة الإسماعيلية
الإسماعيلية فرقة  من الفرق المنتسبة إلى التشيع ، وسميت بالإسماعيلية لانتسابها إلى اسماعيل بن جعفر الصادق وهذه الفرقة لهالا معتقدات كثيرة فاسدة ، قال شيخ الإسلام بكفرها  .
قال شيخ الإسلام " إنما ينكر أن تكون هذه الأسماء حقيقية ، النفاة من القرامطة والإسماعيلية الباطنية ونحوهم من المتفلسغة الذين ينفون عن الله الأسماء الحسنى ويقولون ليس بحى ، ولا عالم ولا جاهل ، ولا قادر ولا عاجز ولا موجود ، ولا معدوم ، ثم يقووولبعضهم : أن هذه الأسماء لبعض المخلوقات وأنها ليست حقيقية ولا مجازا ً ، هؤلاء الذين يسميهم المسلمون الملاحدة لأنهم ألحدوا فى أسماء الله وآياته وهؤلاء شرٌٌ من المشركين ، ولهذا كانوا عند المسلمين أكفر من اليهود والنصارى "
أ هـ مجموع الفتاوى ج5 ص197 .
وقال عنهم فى موضع آخر :
" إن كفر هؤلاء أعظم كفرا ً من قول من قال من مشركى العرب : إن الملائكة بنات الله ، لأن هؤلاء المشركين كانوا يقولون : إن رب السموات والأرض خلق الخلائق بمشيئته وقدرته " أ هـ كتاب الصفدية ج2ص 80 ـ 82 .
وقال رحمه الله
" أما من جعل التحقيق الخروج من التكليف ، فهذا مذهب الملاحدة من القرامطة الباطنية ومن شابههم من الملاحدة المنتسبين إلى علم أو زهد أو تصوف أو تزهد
يقول أحدهم : إن العبد يعمل حتى تحصل له المعرفة فإذا حصلت زال عنه التكليف ومن قال هذا فهو كافر مرتد باتفاق المسلمين " أإ هـ مجموع الفتاوى ج11ص539
وقال رحمه الله :
" ........فإن كفر هؤلاء وردتهم أعظم الكفر والردة ، وهم أعظم كفرا ً وردة ً من كفر اتباع مسيلمو الكذاب ونحوه من الكذابين " أ هـ مجموع الفتاوى ج35 ص 139
وقال رحمه الله :
" فهؤلاء القرامطة هم فى الباطن والحقيقة هم أكفر من اليهود والنصارى ، وأما فى الظاهر فيدعون الإسلام ، فهم فى الظاهر من أعظم دعوى بحقائق الإيمان ، وفى الباطن من أكفر الناس بالرحمن " أ هـ مجموع الفتاوى ج35 ص143 .
2 ـ تكفير شيخ الإسلام لطائفة الدروز  
والدروز فرقة من فرق الباطنية الإسماعيلية متفقة معها فى أصول العقائد
قال شيخ اللإسلام ـ رحمه الله ـ
" هؤلاء الدرزية ، والنصيرية كفار باتفاق المسلمين ، لا يحل أكل ذبائحهم ، ولا نكاح نسائهم ، بل ولا يقرون بالجزية ، فإنهم مرتدون عن دين الإسلام ، ليسوا مسلمين ولا يهود ولا نصارى ، ولا يقرون بوجوب الصلوات الخمس ولا وجوب صوم شهر رلامضان ، ولا وجوب الحج ، ولا تحريم ما حرم الله ورسوله من الميتتة والخمر ونحوها ، وإن أظهروا الشهادتين فهم كفار باتفاق المسلمين " أ هـ مجمزع الفتاوى ج35 ص161 .
قلت : وكلام شيخ الإسلام فيه رد ٌ واضح على المرجئة وأذنابهم فى العصر الحديث الذين يصرحون أن الإنسان متى نطق بالشهادتين فلا يكفر مهما قال أو فعل أو اعتقد ، حتى تقام عليه الحجة ، ثم يشترطون شروطا ً فى إقامة الحجة يصعب وجودها .
قال شيخ الإسلام ـ أيضا ً ـ
" كفر هؤلاء مما لا يختلف فيه المسلمون ، بل من شك فى كفرهم فهو كافر مثلهم ، لا هم بمنزلة أهل الكتاب ولا المشركين ، بل هم الكفرة الضالون ....." أ هـ مجموع الفتاوى ج35 ص162 .
3 ـ تكفير شيخ الإسلام لطائفة النصيرية .
وهى طائفة شيعية كانت تعرف بالعلويين ، ولها الكثير من المعتقدات الكفرية
قال عنها شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ
" هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية هم وسائر أصناف القرامطة أكفر من اليهود والنصارى ، بل وأكفر من كثير من المشركين " أ هـ مجموع الفتاوى ج35 ص 149 .
فما قول الشيخ سيد حسين وأصحاب الدعوة السلفية فى هذاالبيان الواضح لمنهج شيخ الإسلام لبن تيمية من مسألة التكفير وتفصيله الواضح فيها ،فلماذا إذن ولمصلحة من هذا التلبيس ؟ لماذا تأخذون جانبا ً واحداً من كلامه وتتركون الواضح من كلامه ، وهل هذا من الأمانة العلمية يا أصحاب الدعوة السلفية .
2 ـ النقل الثانى الذى استدل به سيد حسين على قضية العذر بالجهل ، واشتراطه لإقامة البحجة وتوافر الشروط وانتفاء الموانع فى الكفر المخرج من الملة .
هذا النقل نقله عن ابن أبى العز الحنفى ـ رحمه الله ـ فى شرح العقيدة الطحاوية ـ فقال :
قال ابن أبى العز : " ثم إذا كان القول فى نفسه كفرا ً قيل : أنه كفر ، والقائل له لا يكفر إلا بشروط وانتفاء موانع " أ هـ شرح العقيدة الطحاوية ص 316 .
المآخذ على هذا النقل :
أولا ً : هذا الإطلاق والتعميم لا يستقيم فى دين الله تعالى ، لماذا ؟
لأن الأقوال المكفرة كثيرة جدا ًَ منها ما هو ظاهر جلى ّ ، ومنها ما هو خفى ّ ، فهذا الإطلاق يدخل فيه من سب الله أو سب رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو سب دين الله ـ جل وعلا ـ كما يدخل فيه الإستهزاء بالله أو برسوله أو بآياته ، فمثل هذه الأقوال المكفرة لا يقال فيها بالتفريق بين القول والقائل حتى تقام الحجة وتتوافر الشروط وتنتفى الموانع ، لأن هذا الفهم مصادم للنص والإجماع كما هو معلوم .
ثانيا ً : أن ابن أبى العز ـ رحمه الله ـ يرد بهذا الكلام على المبتدعة
المشكلة فى سيد حسين وأمثاله ، أنه ينتزع جملة أو جملتين من وسط الكلام ويستدل به على ما يراه هو ، وليس على ما وضع له الكتاب واستدل به صاحبه ، وهذا انحراف فى الفهم وهذا ليس من الأمانة العلمية فى شئ
إن الإمام ابن أبى العز ـ رحمه الله ـ يتكلم فى جانب ، واستدلال سيد حسين بهذا الكلام فى جانب آخر ، بل لا تجد مجرد إشارة فى كلام الإمام ابن أبى العز ـ رحمه الله ـ على ما يذهب إليه سيد حسين ففى أى المراجع ذكر ابن ابى العز ـ رحمه الله ـ هذا الكلام ـ
ذكره عند قول الإمام الطحاوى ـ رحمه الله ـ
"ولا نكفر أحدا ً من أهل القبلة بذنب ، مالم يستحله ، ولا نقول لا يضر مع مع الإيمان ذنب لمن عمله "
قال ابن أبى العز ـ رحمه الله ـ شارحا ً ومبينا مراد الإمام الطحاوى
" أراد بأهل القبلة الذين تقدم ذكرهم فى قوله " ونسمى أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين ما داموا بما جاء به النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ مقترنين ن وله بكل ما قال وأخبر مصدقين "
يشير الشيخ ـ رحمه الله ـ بهذا الكلام ـ إلى الرد على الخوارج القائلين بالتكفير بكل ذنب ،......إلى أن قال .......وقوله " ولا نقول لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله ....
إلى آخر كلامه ـ رد على المرجئة ، فإنهم يقولون : لا يضر مع الإيمان ذنب ، كما لا ينفع مع الكفر طاعة  فهؤلاء فى طرف ، والخوارج فى طرف ، فإنهم يقولون نكفّر المسلم  بكل ذنب ، او بكل ذنب كبير ، وكذلك المعتزلة الذين يقولون يحبط إيمانه كله بالكبيرة ، فلا يبقى معه شئ من الإيمان .........إلى أن قال .....بل العدل هو الوسط ، وهو : أن الأقوال الباطلة المبتدعة المحرمة المتضمنة نفى ما أثبته الرسول ، أو اثبات ما نفاه ، أو الأمر بما نهى عنه ، أو النهى عما أمر به : يقال فيها الحق ويثبت لها الوعيد الذى دلت عليه النصوص ،ويبين أنها كفر ، ويقال : من قالها فهو كافر ، ونحو ذلك كما يذكر من الوعيد فى الظلم فى النفس والاموال ، وكما قد قال كثير من أهل السنة المشاهير بتكفير من قال بخلق القرآن ، وأن الله لا يرى فى الآخرة ولا يعلم الاشياء قبل وقوعها .
وعن أبى يوسف ـ رحمه الله ـ أنه قال : ناظرتأبا حنبفة ـ رحمه الله ـ مدة ، حتى اتفق رأيى ورأيه : أن من قال بخلق القرآن فهو كافر ، وأما الشخص المعين إذا قيل : هل تشهدون أنه من أهل الوعيد وأنه كافر ؟ فهذا لا نشهد عليه إلابأمر تجوز معه الشهادة ، فإنه من أعظم البغى أن يُشهد   على معين أن الله لا يغفر له ولا يرحمه بل يخلده فى النار ، فإن هذا حكم الكافر بعد الموت .............
ثم ذكر ابن أبى العز ـ بعض الأحاديث ، منها حديث : الرجل الذى قال لأهله اسحقونى ثم ذرونى ........ثم قال : " ثم إذا كان القول فى نفسه كفرا ً قيل : أ،ه كفر ٌ والبقائل له يكفر بشروط وانتفاء موانع " أ هـ شرح الطحاوية ص 316 ـ     319
قلت : وهذه الجملة الأخيرة هى التى نقلها سيد حسين مستشهدا ً بها على ما ذهب إليه ، من أن الجاهل معذور بكل شئ مهما كان شركه وكفره ، فلا يكفر أحد إلا بتوافر شروط وانتفاء موانع ،
فحديث ابن أبى العز كله عن الفرق ، وهو نفس كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من الأئمة الذين يفرقون بين المقالات الخفية والأمور الظاهرة ، كما ذكرنا ذلك فيما تقدم .
ولكن يبدو أن سيد حسين وأمثاله يعرفون أن الناس الذن يقرأون له ولغيره من أمثاله لن يرجعوا إلى المصادر التى نقل منها ، لأن هذا الأمر يصعب على الكثير ، وبالتالى فلن يبحث أحد وراءه ، ولكن نحن على يقين بقول الله تعالى:  { فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض } .
ثالثا : ابن أبى العز نقل خلاف الناس فى تكفير أهل البدع
وهذا دليل واضح على مراد الشيخ بالتفريق بين القول والقائل فى المكفرات الواقعة من الفرق الضالة
قال الإمام ابن أبى العز ـ رحمه الله ـ " واعلم ـ رحمك الله وإيانا ـ أن باب التكفير ، باب عظمت الفتنة والمحنة فيه ، وكثر فيه الإفتراق ، وتشتت فيه ألأهواء والآراء ، وتعارضت فيه دلائلهم ، فالناس فيه ، فى جنس تكفير أهل المقالت زالعقائد الفاسدة ، المخالة للحق الذى بعث الله به رسوله فى نفس الأمر ، أو المخالفة لذلك فى اعتقاهم ن على طرفين ووسط ، من جنس الإختلاف فى تكفيرأهل الكبائر العملية ، فطائفة تقول : لا نكفر من أهل القبلة أحدا ً ، فتنتفى التكفير نفيا ً عاما ً ، مع العلم بأن فى أهل القبلة المنافقين ، الذين فيهم من هو أكفر من اليهود والنصارى بالكتاب والسنة والإجماع ، وفيهم من قد يُظهر بعض ذلك حيث يمكنهم ، وهم يتظاهرون بالشهادتين
ولأيض ً : فلا خلاف بين المسلمين أن الرجل لو أظهر انكار الواجبات الظاهرة المتواترة ، والمحرمات الظاهرة المتواترة ، ونحو ذلك ، فإنه  يستتاب ، فإن تاب ، وإلا قتل كافرا ً مرتدا ً......... " أ هـ ص316 ـ 317 .
فالأمانة العلمية تقتضى أن ننقل ما لنا ما علينا ثم يبقى الترجيح على حسب ضوابط أهل السنة والجماعة ، فالكلام فى حكم الفرق الضالة فيه خلاف مشهور بين العلماء ، فهناك من لا يكفرهم ، وهناك من يكفر جميعهم ، وهناك من يكفر بعضهم .
والشاهد أن من يكفرهم أو يكفر بعضهم ، نقل العلماء أن ذلك لا يكون إلا بعد غقامة الحجة ، وتوافر الشروط وانتفاء الموانع ،  أما أن يتعدى ذلك إلى الشرك الاكبر بعبادة غير الله تعالى فأين ذلك فى كلام ابن أبى العز أو غيره من العلماء ، فالله المستعان .
فائدة مهمة
تعريف أهل القبلة
ليس كل من ينتسب إلى أهل القبلة يكون منهم ، فهناك ملاحدة وزنادقة يُنسبون إلى أهل القبلة من أمثال الحلولية والتحادية والقبورية ، وهناك القرامطة والبطنية ،وغيرهم ، فهؤلاء وإن انتسبوا إلى أهل القبلة إلا أنهم كفار مرتدون ، فلا يدخلوا تحت الأحكام الشرعية التى تجرى على أهل القبلة ، كما تجرى على أهل القبلة كما تجرى على أهل الدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم من الإسلام .
قال العلامة سليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمهم الله تعالى ـ
" ------أهل القبلة هم : الموحدون الله ـ  تعالى ـ فى عبادته ومعاملته ، كما أمرهم  بجعلهم الدين الذى أرسل به رسله وأنزل به كتبه كله لله وحده لا شريك له ، فهم فيه مستسلمون ومنقادون ، ولما أحل الله ورسوله محللون ، ولما حرم الله على لسان رسوله محرمون ، وعما ينافى الإسلام تاركون ، قال سبحانه وتعالى : { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم فى الدين }
وروى البخارى عن أنس بن مالك ـ رضى الله عنه ـ عن النبى ـ صلى الله عليه وسلم قال : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا ً عبده ورسوله فإذا شهدوا أن لا إله إلا اله وأن محمدا ً رسول الله وصلوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا فقد حُرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها ) ، وروى البخارى ومسلم من حديث ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ عن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال :  ( أمرت أن أقاتل النلي حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا ً عبده ورسوله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله )
فقد أمر سبحانه ـ نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمجاهدة الخلق وقتالهم حتى يقولوا هذه الكلمة ويتركوا المنافى لهل من الإشراك بالله ، فلا تتأله قلوبهم غيره ـ تعالى ـ وحتى يؤدوا حقها ، ومنه : أن يصلوا الصلاة المفروضة على النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلى أمته المضافة إلى الموصوفين منهم باتباعه ، وهى لا تضاف إليهم إلا أن تكون طيبة ، أى صالحة بصلاح شروطها وأركانها وواجباتها ، إذ الطيب لا يقبل إلا طيبل ً ، وأن يؤدوا الحق الواجب فى أموالهم ، وأن يستقبلوا قبلتهم ، وأن يأكلوا ذبيحتهم ، وهذه الإضافة فى الصلاة والقبلة والذبيحة للتشؤسف ، شرف الله نبيه محمدا ً ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشرف ملته الحنيفية ودينه اللإسلام ، فجعل منه تلك الصلاة التى فيها كمال العبودية والتواضع لله نبارك وتعالى ، وجعل منه هذه القبلة المشرفة فهى قبلتهم فى الصلاة وغيرها أحياء وأمواتا ، وأحل ذبيحتهم وجعل أكلها علامة الإيمان ، وذلك لشرفهم وشرف ملتهم ودينهم وهديهم ، والمسترجعون لذلك معصومة دماءهم وأموالهم لاتباعهم النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى دينه وملته
فليس أهل القبلة إلامن عمل  بمعنى  الشهادتين اللذين هما رأس دين الإسلام وملته وقوامه  ،وصفته شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله قولا ً وعملا ً واعتقادا ً ، فإن الشهادة لله بأنه لا إله إلا هو تتضمن اخلاص الألوهية له ـ سبحانه وتعالى ـ فلا يتأله القلب ولا اللشلن غيره ـ تعالى ـ لا بحب ولا خشية ولا إنابة ولا توكل ولا رجاء ولا إجلال ولا رغبة ولا رهبة بل لابد أن يكون الدين كله لله ، كما قال عز من قائل : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله }
فإذا جعل بعض الدين قولا ً وعملا ً واعتقادا ً لله ، وبعضه كذلك لغيره لم يكن الدين كله للله بل قد تأله معه غيره ، فأهل القبلة : يحبون الله ، والمشركون يحبون مع الله
كما قال تعالى : { ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا ً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا ً لله }
وأهل القبلة : يخلصون الدعوة لله ،والمشركون يجعلونها لغير الله ، كما قال تعالى : { له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لايستجيبون لهم بشئ إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا فى ضلال }    
والشهادة بأن محمدا ً رسول الله تتضمن تصديقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى جميع ما أخبر به وطاعته فى كل ما أتى وأمر به ، فما أثبته واجب اثباته ، وما نفاه وجب نفيه فروى البخارى من حديث أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( كل أمتى يدخلون الجنة إلا من أبى ، قالوا ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال : من أطاعنى دخل الجنة ، ومن عصانى فقد أبى )
وروى أيضا ً من حديث جابر بن عبد الله ـ رضى الله عنهما ـ يقول : جاءت الملائكة إلى النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو نائم فقال بعضهم :  إنه نائم  ، وقال بعضهم : إن العين نائمة والقلب يقظان ، فقالوا : إن لصاحبكم هذا مثلا ً فاضربوا له مثلا ن فقالوا : مثله كمثل رجل بنى دارا ً وجعل فيها مأدبة وبعث داعيا ً ، فمن أجاب الداعى دخل الدار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعى لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة فقالوا أولوها له يتيقنها ،قال بعضهم : إنه نائم ، وقال بعضهم : إن العين نائمة والقلب يقظان ، قالوا فالدارالجنة والداعى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمن أطاع محمدا فقد أطاع الله ، ومن عصى محمدا فقد عصى الله .
ومحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ مفرق بين الناس ، أى مؤمنهم وكافرهم ، فأهل القبلة هم : أهل الإسلام ، وهو الإستسلام والإنقياد لله وحده ، وترك جميع الآلهة سواه ، وهذا هو تحقيق معنى لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، واخلاصها له فمن استسلم وانقاد لله ولغيره فى معناها فهو مشرك والله لا يغفر أن يشرك به
فلفظ الإسلام يتضمن : الإستسلام والإنقياد ، ويتضمن الإخلاص ، أخذاً من قوله تعالى : { ضرب الله مثلا ً رجلا ً فيه شركاء متشاكسون ورجلا ً سلما ً لرجل هل يستويان مثلا ً الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون }  
فأهل القبلة : هم العابدون الله بدين الحق المتبع لا بهوى النفس والبدع " أ هـ توحيد الخلاق فى جواب أهل العراق ن وتذكرة أولى الألباب فى طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ص87 ـ 89
يستفاد من ذلك :
1 ـ أن أهل القبلة هم الموحدون ، فيخرج بذلك المشركون الذين يصرفون العبادة لغير الله تعالى .
2 ـ أهل القبلة هم : الذين يحاون ما أحل الله ، ويحرمون ما حرم الله على لسان رسوله .
3 ـ أهل القبلة هم : الذين يصلون المقيمين للشعائر الظاهرة .
4 ـ أهل القبلة هم : المستسلمون الخاضعون لشرع الله وحكمه .
توضيح وبيان للشيخ عبد العزيز الراجحى .
قال عند قول الإمام الطحاوى ـ رحمه الله فى عقيدته :
" ونسمى أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين ، ما داموا بما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم معترفين ، وله بكل ما قاله وأخبر مصدقين "
قال " نعم نؤمن بأهل القبلة ، ونؤمن أنهم من أهل الإسلام ، ولا نخرجهم من ملة  الإسلام ، من هم أهل القبلة ؟
أهل القبلة هم : من يدعى الإسلام ، وينتسب إلى الإسلام ويستقبل القبلة فى الصلاة وفى الذبح وفى الدعلء ، وإن كان من أهل البدع ، أو من أهل المعاصى ، ما لم يكذب بشئ مما جاء به الرسول ـ  صلى الله عليه وسلم ـ فنسميهم مسلمين ونسميهم مؤمنين ، ما داموا معترفين ومقرين بما جاء به النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ مصدقين بأخباره وأقواله  ولم يكذبوا بشئ مما جاء به ، هؤلاء نسميهم المسلمين ، غلا من فعل ناقضا ً مننواقض الإسلام ، فارتد ، أما إذا التزم بالإسلام ، ونطق بالشهادتين ، وكان يصلى ويستقبل القبلة ، والتزم ظاهرا ً بالإسلام ، هذا نسميه مسلما ً ، ولا نكفره ، ولو كان عنده بعض البدع ، ولو كان عنده بعض المعاصى ، إلا إذا ارتكب مكفرا ً ، كأن أنكر معلوما من الدين بالضرورة ، أو سب الله أو سب الرسول أو استهزأ بالله ـ كما سيأتى ـ
أما إذا لم يفعل شيئا ً من ذلك ، نسميه مسلما ً ونسميه مؤمنا ً ن ولا نكفره ، والدليل على هذا قول النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم له ما لنا وعليه ما علينا )  نعم ـ الحديث رواه مسلم " أ هـ شرح الطحاوية للشيخ عبد العزيز الراجحى ص 213 .
يؤخذ من كلام الشيخ الراجحى :
1 ـ أن أهل القبلة هم المنتسبين للإسلام ، فيدخل فى ذلك أهل البدع ما لم يخرجوا ببدعتهم من الإسلام .
2ـ أهل القبلة يدخل فيهم عصاة الموحدين المرتكبين للمعاصى وإن كانت كبائر .
3 ـ يخرج عن أهل القبلة المرتكبين لأحد نواقض الإسلام المتفق عليها ، كمن أنكر معلوما من الدين بالضرورة ، أو تلبس بعمل شركى واضح جلى ، كسب الله أو رسوله أو الدعوة إلى حرية الإعتقاد ، أو عبادة غير الله ـ تعالى ، وما شابه ذلك .
مسألة : هل عباد القبور يدخلون تحت مسمى المسلمين أم لا ؟
أجاب عن هذه المسألة العلامة اسحاق بن عبد الرحمن بن حسن آل  الشيخ ـ رحمهم الله تعالى
قال فى رسالة " حكم تكفير المعين والفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة "
" ومسألتنا هذه هى : عبادة الله وحده لا شريك له ، والبراءة من عبادة ما سواه ، وان من عبد مع الله غيره فقد أشرك الشرك الأكبر الذى ينقل عن الملة هى : أصل الأصول وبها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب ، وقامت عليه الحجة بالرسول والقرآن
وهكذا تجد الجواب من أئمة الدين فى ذلك الأصل عند تكفير من أشرك بالله ن فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، لا يذكرون التعريف فى مسائل الأصول ، إنما يذكرون التعريف فى المسائل الخفية التى قد يخفى دليلها على بعض المسلمين كمسائل نازع بها بعض أهل البدع مالقدرية والمرجئة ، أو فى مسألة خفية كالصرف والعطف
وكيف يعرفون عباد القبور وهم ليسوا بمسلمين ، ولا يدخلون فى مسمى الإسلام ، وه يبقى مع الشرك عمل ؟ والله تعالى يقول : { لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل فى سم الخياط "  وقال تعالى { ومن يشرك بالله فكأنما خرّ من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح فى مكان سحيق }{ إن الله لا يغفر أن يشرك به } {ومن يشرك بالله فقد حبط عمله } إلى غير ذلك من الآيات
ولكن هذا المعتقد يلزم منه معتقد قبيح وهو أن الحجة لم تقم على هذه الأمة بالرسول والقرآن نعوذ بالله من سوء الفهم الذى أوجب لهم نسيان الكتاب والرسول ، بل أهل الفترة الذين لم تبلغهم الرسالة والقرآن وماتوا على الجاهلية لا يسمون مسلمين بالإجماع ، ولا يستغفر لهم ، وإنما اختلف أهل العلم فى تعذيبهم فى الآخرة ----" الرسالة السادسة من كتاب عقيدة الموحدين والرد على الضلال المبتدعين ص150 ـ 151
3ـ النقل الثالث الذى استدل به الشيخ سيد حسين على قضية العذر بالجهل
وهو استدلاله بكلام الإمام الشافعى ـ رحمه الله ـ
قال : قال الشافعى : العلم علمان ، علم عامة لا يسع بالغا ً غير مغلوب على عقله جهله ، مثل الصلوات الخمس ، وأن لله على الناس صوم شهر رمضان ، وحج إذا استطاعوا ، وزكاة أموالهم وأنه حرم عليهم الزنا والقتل والسرقة وشرب الخمر ، وما كان فى معنى هذا مما كلف العباد أن يفعلوه من أنفسهم وأموالهم ، وأن يصفوا عن ما حرم عليهم ، هذا الصنف كله من العلم موجود نصا ً فى كتاب الله وموجود عاما ً عند أهل الإسلام ينقله عوامهم عمن مضى من عوامهم يحكونه عن رسول الله ولا يتنازعون فيها ولا فى وجوبها عليهم ،
أما العلم الثانى : فهو ما ليس فيه نص من كتاب الله ولا فى أكثره نص سنة ، وهذه درجة من العلم ليست تبلغها العامة ولم يكلفها الخاصة " أ هـ مقدمة فرسان النهار ص 163
هذا النقل الذى نقله الشيخ سيد حسين عن الإمام الشافعى ـ رحمه الله ـ نقله تحت عنوان : " أقوال أهل العلم فى العذر بالجهل " ومراده بذلك أهل العلم الذين يقولون أن الجاهل معذور فهل هذا النقل فى محله أم لا ؟
والجواب على ذلك من عدة وجوه :
الوجه الأول :
أن الشيخ سيد حسين إما أنه نقل هذا النقل عن الإمام الشافعى ـ رحمه الله ـ بالمعنى ، أو نقله من كتب العلماء الذين نقلوه عن الإمام الشافعى ـ دون أن يرجع إلى المصدر الأصلى ، وهو كتاب الرسالة للإمام الشافعى ، والذى دفعنى إلى هذا القول هو : أننى وجدت فى المصدر الأصلى زيادة تفصيل وبيان للنقل النقول عن الإمام الشافعى  ، وأحب أن أثبته فى هذا الموضع بنصه وأكتفى بمحل الشاهد فى ذلك 
قال الإمام الشافعى ـ رحمه الله فى كتابه " الرسالة "
باب العلم " قال الشافعى : فقال لى قائل : ما العلم وما يجب على الناس فى العلم ؟
فقلت له : العلم علمان ، علم عامة لا يسع بالغا ً غير مغلوب على عقله جهله ، قال : ومثل ماذا ؟
قلت : مثل الصلوات الخمس وأن لله على الناس صوم شهر رمضان ، وحج البيت إذا استطاعوا إليه سبيلا ، وزكاة ً فى أموالهم ، وأنه حرم عليهم الزنا والقتل والسرقة والخمر وما كان فى معنى هذا مما كلف العباد أن يعقلوه ويعملوه ويعطوه من أنفسهم وأموالهم ، وأن يكفوا عنه ما حرم عليهم منه ، وهذا الصنف كله من العلم موجود نصا ً فى كتاب الله وجودا ً عاما ً عند أهل الإسلام ينقله عوامهم عمن مضى من عوامهم يحكونه عن رسول الله ولا يتنازعون فى حكايته ولا وجوده عليهم
وهذا العلم العام الذى لا يمكن فيه الغلط من الخبر ولا التأويل ، ولا يجوز فيه التنازع ، قال : فما الوجه الثانى ؟ قلت له : ما ينوب العباد من فروع الفرائض وما يخص به من الأحكام وغيرها مما ليس فيه نص كتاب ولا فى أكثره نص سنة ، وإن كانت فى شئ سنةفإنما هى أخبار الخاصة لا أخبار العامة ، وما كان فيه يحتمل التأويل ويستدرك قياسا ً " الرسالة ص 357
الوجه الثانى : أن كلام الإمام الشافعى  ـ رحمه الله ـ يدل على عكس ما فهمه سيد حسين، لأن معنى كلام الإمام  الشافعى واضح أن علم العامة ، وهوالذى يستوى فيه العالم والعامى ، مما هو معلوم من الدبن بالضرورة كشعائر الإسلام الظاهرة وقبل ذلك أصل الدين الذى هو التوحيد وما يناقضه من الشرك الأكبر لا يسع بالغا ً غير مغلوب على عقله جهله، بمعنى أن مثل هذه الأمور لا يسع فيها الجهل ، ومن جهلها لا يكون معذورا ً باستثناء حديث عهد بالإسلام ، أو من نشأ ببادية بعيدة ، أو نشأ بدار حرب ، كما سبق وأشرنا
فهذا النقل إذن يرجح أن الأصل عدم العذر بالجهل فى الأمور التى ذكرها الإمام الشافعى ـ رحمه الله ـ فيبدوا أن الشيخ سيد حسين بقل هذا النقل عن الإمام الشافعى دون النظر فى مضمونه ودلالته 
                فصل فى مناقشة سيد حسين فى خلاصة العذر بالجهل  
قال سيد حسين فى مقدمته : " وخلاصة الأمر أن الجهل مؤثر فى الحكم على المؤمنين من أهل القبلة ------------------
وأغلب العلماء على عدم عذر من أنكر معلوما من الدين بالضرورة " أ هـ ص 166 قلت : وعبارة أغلب العلماء ط توحى بأن هناك من العلماء من قال بعذر من أنكر معلوما ً من الدين بالضرورة ، فمن هم هؤلاء العلماء ، ولماذا لم يذكر لنا واحدا ً منهم ، إن مثل هذه العبارات تلبس على الناس ، بل اهل السنة على عدم عذر من أنكر معلوما ً من الدين بالضرورة .
قال الشيخ عبد العزيز الراجحى فى شرحه لكشف الشبهات
" اجماع المذاهب على كفر من أنكر معلوما من الدين بالضرورة ، ولا تختلف المذاهب فيه ، لا تختلف المذاهب فى الكفر ن فقد اجمعوا على كفره" أ هـ ص102
ثم قال الشيخ سيد حسين :
" إلا أنهم أيضا ً اتفقوا على أنه لا يصح تكفير الجاهل بالمسائل المعلومة من الدين بالضرورة إذا أنكرها جهلا ً ، كمن كان يقيم بدار الحرب ، ، أو بدار جهل ن أو كان مقيما ببادية بعيدة عن الإسلام أو كان حديث عهد بالإسلام ----" أ هـ ص166 مقدمة سيد حسين
والرد على هذا النقل من وجهين :
 الوجه الأول : أن هذا النقل دليل واضح لمن يقولون بالتفصيل فى مسألة العذر بالجهل ، فالمعلوم من الدين بالضرورة لا يقبل فيه إدعاء الجهل لمن كان فى دار الإسلام ، أو من يعيش بين المسلمين ، وكذلك حيثما توفر العلم بأى وسيلة ، ولم يسع الجاهل لدفع الجهل عن نفسه فلا عذر له وإلا فما معنى الإستثناء بأن الجاهل معذور إذا نشأ فى دار الحرب ، أو كان حديث عهد بإسلام وكذلك هذا الكلام يدل على أن الأصل عدم العذر بالجهل ، وإنما العذر هو العارض كما سبق وأشرنا
الوجه الثانى :
أقول لفضيلة الشيخ سيد حسين من أين جئت بقول " دارجهل " هذا المصطلح من أين جئت به ، هل قاله أحد من العلماء ، أم أنه تقسيم جديد لأحكام الديار ، فلماذا هذا الإقحام بمثل هذا الكلام
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ
" اتفق الأئمة على أن من نشأ ببادية بعيدة عن أهل العلم والإيمان ، وكان حديث عهد بإسلام وأنكر شيئا ً من هذه الأحكام الظاهرة  المتواترة فإنه لا يحكم بكفره حتى يعرف ما جاء  به الرسول -----" أ هـ مجموع الفتاوى ج11 ص407
أما دار الجهل هذه التى ذكرها الشيخ سيد حسين لا وجود لها فى كلام العلماء ، وإلا فنحن بريد تعريف دار الجهل وحكم من يسكنون هذه الدار من حكام ومحكومين
حكم المستهزئ بأمور الشرع عند سيد حسين
قال الشيخ سيد حسين " وأما المستهزئ بأى أمر من أمور الشرع فطالما لم يكن مصاحبا ً له إكراه أو جهل أو خطأ أو فقد للعقل أو التمييز ، فإنه يكون مرتدا ً عند جل الفقهاء حيث اعتبروا مجرد قصد الإتيان بالقول أو الفعل الذى استهزأ به كافيا ً للحوق الردة به ومعبرا ً عن زوال الإيمان والتصديق من باطنه .
وقد استدل القائلون بذلك بقول الله تعالى { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب ـ إلى قوله تعالى ـ بأنهم كانوا مجرمين}
قال القاضى أبو بكر بن العربى" ر يخلو أن يكون ما قالوه من ذلك جدا ً أو هزلا ً ، وهو كيفما كان كفر ، فإن الهزل بالكفر كفر ن لا خلاف فيه بين الأمة"
ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية الإجماع على كفر الهازل أو الساب لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمولى سبحانه " أ هـ مقدمة سيد حسين ص 166ـ167 .
الرد والتوضيح لهذا الكلام :
أولا ً : ـ نجد سيد حسين أقحم الجهل فى مسألة الإستهزاء ، وعلى الرغم من أن النقولات التى نقلها ليس فيها أى إشارة إلى الجهل
ثانيا : عدم التفصيل فى المسالة ، فعلى عادته نجد العمومات والإطلاقات تسبق الأحكام فهو يقول " وأما المستهزئ بأى أمر من أمور الشرع " أ هـ ص166
ماذا يفهم أى عاقل من مثل هذا الغطلاق والشمول ؟ فأمور الدين كثيرة جدا ً ، وهى مراتب ومنازل ، فكيف سوى سيد حسين بين كل مراتب الدين بهذه الصورة التى  لا يقع فيها طلاب العلم ، فمن أمول الدين العظام توقير واحترام النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ  فما القول غذن فيمن استهزئ بالنبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جهلا ً هل يكفر ؟ أم لا ؟
اجماع العلماء على أن من استهزئ بالنبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ يكفر يستوى فى ذلك الجاهل وغيره ولم يستثنوا إلا المكره .
أما ظاهر كلام سيد حسين أن المستهزئ معذور بجهله كما هو معذور بالإكراه ، والدليل على ذلك استدلاله بالآية التى فيها حكم المستهزئين بالنبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد ذكره لكلامه السابق باستثناء الجاهل فى مثل ذلك وأنقل بصدد ذلك عن عالمين من العلماء المعاصرين بيان المسألة ووضوحها
قول الشيخ صالح الفوزان : ـ  
قال " وفى الآية الكريمة ـ أيضا ـ " أى قول الله تعالى { لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم }  
مسألة دقيقة وهى أن من سب الله أو رسوله أو كتلبه أو سنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه يكفر سواء كان جادا ً أو هازلا ً أو مازحا ً ، لأن هذا الأمر ليس فيه مزح ولا هزل ، فلا يجوز الهزل والمزح فى هذا الأمر
وكذلك تدل الآية : أنه يكفر ولو لم يعلم أن هذا كفر ، لأن هؤلاء ما علموا أن هذا كفر ، فهؤلاء كانوا أهل غيمان ـ كما قال الله تعالى : { قد كفرتم بعد إيمانكم } " ما علموا أنه كفر ، فالله  لم  يعذرهم  بذلك ، فيكفر ولو كان لا يعلم أن سب الله و رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وآياته كفر فكيف إذا كان عالما ً ؟
فالأمر أشد ، فهذه مسألة مهمة ، وأنه لا فرق بين الجاد والهازل والجاهل والعالم " أ هـ شرح نواقض الإسلام ص 138 ـ 139
قول الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ
سئل الشيخ ـ رحمه الله ـ عن حكم من يمزح بكلام فيه الإستهزاء بالله أو الرسول ، أو الدين ؟
فأجاب : بقوله " هذا العمل وهو الإستهزاء بالله أورسوله ، أو كتابه ، أو دينه ، ولو على سبيل المزح، ولو كان على سبيل اضحاك القوم : كفر ونفاق ، وهو نفس الذى وقع فى عهد النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى الذين قالوا " ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ارغب بطونا ً ولا أكذب ألسنا ً ، ولا أجبن عند اللقاء " يعنى رسول الله ـ واصحابه ـ فنزلت فيهم الآية { ولئن سألتهم .........} " أ هـ مجموع فتاوى ابن عثيمين ج2 ص156
إذن كان ينبغى على الشيخ سيد حسين أن يترك أسلوب التعميم ويسلك مسلك التفصيل ، فهناك أمور كثيرة خفية وهى من الدين ولكن لا يعرفها الناس ، فلو استهزأ من بعض الناس فى بعض الأمور الشرعية الخفية فلا كفر إلا بعد العلم واقامة الحجة وهكذا
ثالثا ً : الكفر المجرد
سواء كان بالقول أو بالفعل يكفر به الإنسان ولا دخل لنا بباطنه ، لأن المرجئة وأذنابهم هم الذين يذهبون إلى أن الأقوال والأفعال الكفرية ليست كفرا ً فى ذاتها وإنما هى دلالة أو علامة على ما فى الباطن من انتفاء الإيمان .
وهذا مذهب ردئ باطل ، فإن الأحكام تجرى على مقتضى الظاهر والله يتولى السرائر .
إنما قلت ذلك لأن مضمون كلام سيد حسين ومفهومه أن المستهزئ إنما كفر لأنه قصد قول أو فعل الكفر إنما هو تعبير عما فى قلبه من زوال التصديق
ونص عبارته " فإنه يكون مرتدا عند جل الفقهاء حيث اعتبروا مجرد قصد الإتيان بالقول أو الفعل الذى استهزأ به كافيا ً للحوق الردة به ومعبرا عن زوال الإيمان والتصديق من باطنه " أ هـ مقدمة سيد حسين ص166
وهذا كلام مردود ، لأن من كفر بالإستهزاء فلما صدر عنه من قول أو فعل ولا دخل لنا بما فى قلبه ، وكلام الأئمة يدل على ذلك
أذكر أولا: أن علماء المسلمين بينوا أن الذين يقولون أن قول الكفر أو فعله علامة على الكفر أو قول البعض أن العمل ليس هو الكفر وإنما كفر للإستخفاف ، أن هذا قول أهل البدع ومن تأثر بهم من فقهاء المسلمين
قال الشهرستانى فى الملل والنحل : " وإلى هذا المذهب ميل ابن الراوندى وبشر المريسى ، قالا " الإيمان هو التصديق بالقلب واللسان جميعا ً والكفر هو الجحود والإنكار ، والسجود للشمس والقمر والصنم ليس بكفر فى نفسه ولكنه علامة على الكفر " أ هـ ص144
وقال أبو الأشعرى فى مقالات الإسلاميين :
" الفرقة العاشرة " ـ أى من فلرق المرجئة ـ أصحاب أبى معاذ التونى .................
وكان أبو معاذ يقول : من قتل نبيا ً أو لطمه كفر وليس من أجل اللطمة ، ولكن من اجل الإستخفاف والعداوة والبغض له " أ هـ نقلا ً عن مجموع الفتاوى ج7 ص547
وقد رد العلماء على هذا المذهب الرئ الباطل ، وأكتفى ببعض ما قاله ابن حزم ـ رحمه الله
قال أبو محمد يعنى ابن حزم ـ رحمه الله ـ :
" وأما قولهم ـ يعنى الجهمية والأشاعرة المرجئة ـ أن إخبار الله تعالى بأن هؤلاء كلهم كفار دليل على أن   فى قوبهم كفرا وأن شتم الله تعالى ليس كفرا ً ولكنه دليل على أن فى القلب كفرا ً وإن كان كافرا ً لم يعرف الله تعالى قط
فهذه منهم دعوى مفتراه لا دليل لهم عليها ولا برهان : لا من ، ولا سنة صحيحة ولا سقيمة ، ولا حجة من عقل أصلا ، ولا من اجماع ولا من قياس ، ولا من قول أحد من السلف قبل اللعين جهم بن صفوان ، وما كان هكذا فهو باطل وغفك وزور ، فسقط قولهم هذا من قرب ن ولله الحمد رب العالمين . فكيف وابرهان قائم بإبطال هذه الدعوة من القرآن والسنن والإجماع والمعقول والحس والمشاهدة الضرورية "
أ هـ الفصل فى الملل والنحل ج3ص 241
وقال ابن حزم أيضا " ونقول للجهمية والأشعرية فى قولهم : أن جحد الله تعالى وشتمه وجحد الرسول ـ صلى الله عليه وسام ـ إذا كان كل ذلك باللسان فإنه ليس كفرا لكنه دلىل على أن فى القلب كفرا ً ..........
من ادعى أن الله شهد بأن من أعلن الكفر فإنه جاحد بقلبه ، فقد كذب على الله عزوجل وافترى عليه ، بل هذه شهادة الشيطان التى أضل بها اولياءه ، وما شهد الله تعالى إلا بضد هذا ، وبانهم يعرفون الحق ويكتمونه ، ويعرفون ان الله تعالى حق ، وأن   محمدا ً ـ صلى الله عليه وسلم ـ حق ، ويظهروان بألسنتهم خلاف ذلك ، وما سماهم الله عز وجل قط كفارا ً إلا بما ظهر منهم بألسنتهم ، وأفعالهم كما فعل ابليس وأهل الكتاب وغيرهم " أ هـ الفصل فى الملل والنحل ج3 ص259
سيد حسين يتهم الذين يقولون بعدم العذر فى الشرك الاكبر أنهم من الغلاة :   
قال سيد حسين : " وبعد فإن المسارعين إلى تكفير جهال المسلمين الذين قد يدفعهم جهلهم إلى الوقوع فى أعمال شركية دون أن يتحققوا من ثبوت الشروط وانتفاء الموانع التى حددها الشرع قبل الحكم على فاعل الكفر بالخوج من الملة ، إن هؤلاء قلة غالوا فى دينهم بغير حق ، وتشددوا فى غير موضع التشدد ، وحرى بهم أن يتخلقوا بأخلاق النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ الرحيم بأمته الرؤوف بهم " أ هـ مقدمة سيد حسين ص 167
أقول : أولا ً : لو علم سيد حسين أن الحكم على الشخص المعين بالكفر متى وقع فى الشرك الأكبر الواضح الجلى ، أو عدم الحكم عليه بكونه معذور من المسائل الفقهية كما قال الشيخ ابن عثيمين ، وسبق أن ذكرنا كلامه ، ما قال مثل ذلك ، فالعلماء قديما ً اختلفوا فى تكفير بعض الفرق الإسلامية ، واختلفوا فى تكفير تارك الصلاة ، ولكن ما سمعنا قط أن الذين لا يكفرون تارك الصلاة ، أو الذين لا يكفرون الرافضة أنهم قالوا على من قال بكفرهم أنهم غالوا فى دينهم ، هذا يا سيد حسين اتهام للموحدين ، بل هو غلو منك فى رمى هؤلاء بما ليس فيهم
ثانيا ً :  لازم قول سيد حسين أن العلماء الأجلاء الذين قالوا بكفر فاعل الشرك الأكبر أنهم من الغلاة من أمثال الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأحفاده ، ومثل الشيخ محمد بن ابراهيم ، وابن باز والفوزان وغيرهم ، فهل هؤلاء يا سيد من الغلاة ؟
ولسوف أنقل لك ولمن يقرأ هذا الرد بعض فتاوى العلماء فى عدم العذر بالجهل فى الشرك الأكبر ، وإن كان عندم رد عليهم فلماذا لا ترد عليهم ، أم أنك لا تقوى على ذلك لأن الحق ليس فى جانبك
سيد حسين يستشهد بكلام سعيد عبد العظيم وليس بكلام أئمة المسلمين :
أليس فى كلام الأئمة الأعلام ما هو واضح جلى فى هذه المسألة حتى يأتى سيد حسين وينقل عن من هو مثله فى العلم وعن من يقول بقوله ، أم أنهما أصحاب منهج واحد ؟
ثم أقول لسيد حسين لقد أكثرت النقل فى هذه المقدمة عن علماء المملكة السعودية وخصوصا ً النقل عن الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ فلماذا لم تنقل كلامه فى مسألة العذر بالجهل أم أنك تنتقى من الكلام ما تريد " فما هكذا تورد يا سيد الإبل "
وعلى كل فكلام سعيد عبد العظيم فيه ما فيه من الأخطاء ، ولسوف أشير إلى بعضها على سبيل اإجمال
قال سيد حسين فى مقدمته تحت عنوان
" قول طيب ودرر غالية للشيخ سعيد عبد العظيم " 
وأنا أق5ول : بل هو قول ردئ وضرر بالغ للشيخ سعيد عبد العظيم "
فماذا قال سعيد عبد العظيم فى هذا النقل الذى نقله سيد حسين
قال : قال " حفظه الله تحت عنوان " تكفير المسلمين لتبرير قتلهم وقتالهم "
فرض البعض على نفسه تكفير الناس حتى يستبيح ما يفعل وكفى بهذا خطأ ً وإثما
وإذا كان كل مقدمة لها نتيجة ، وكل عقيدة لها تأثير ، فما أشنع النتائج المترتبة على تكفير الناس دون وجه حق ، والذى ندين به لله ـ تعالى ـ أن الناس ورثوا الإسلام وجهلوا معانيه ولم تقم عليهم الحجة الرسالية قياما ً يتأكد معه أن يحيى من جى ّ عن بينة وأن يهلك من هلك أيضا ً عن بينة ، وإذا كانت الحدود تدرا بالشبهات فأولى ثم أولى أمر التكفير ، ولذلك كان الإمام مالك ـ رحمه الله ـ يقول : " لو احتمل المرء الكفر من تسعة وتسعين وجها ً واحتمل الإيمان من وجه لحملته على الإيمان تحسينا ً للظن بالمسلم " أ هـ     ص167 .
مناقشة سعيد عبد العظيم ومعه سيد حسين حول هذا الكلام
أولا ً : قول سعيد عبد العظيم " والذى ندين به لله ـ تعالى ـ أن الناس ورثوا الإسلام وجهلوا معانيه " أ هـ
أقول : وهل نفع اليهود لعنهم الله ـ أنهم ورثوا التوراة وشريعة موسى ـ عليه السلام ـ مع شركهم وكفرهم الظاهر الواضح ، فهل ينفعهم مثل هذا الميراث ، مع جهلهم بحقيقة ما أنزل على موسى ـ عليه السلام ومنه البشارة بنبوة نبينا ـ صلى الله عليسه وسلم ـ وهل نفع النصارى ميراث النصرانية ، مع شركهم وكفرهم الواضح البيّن ، مع جهلهم بحقيقة ما أنزل على عيسى ـ عليه السلام ـ
وهل نفع المشركون انتسابهم وادعاءهم ميراث ابراهيم ـ عليه السلام ـ مع شركهم وكفرهم الظاهر مع جهلهم بحقيقة ما كان عليه ابراهيم ـ عليه السلام ـ  من الدين الحق .
فلماذا ينفع الناس الآن انتسابهم وأخذهم الإسلام كميراث ، مع شركهم وكفرهم ، وفى نفس الوقت جهلهم بحقيقة دين الإسلام
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ " وأيضا ً ـ فإن التوحيد أصل الإيمان ، وهو الكلام الفارق بين اهل وأهل النار ، وهو ثمن الجنة ، ولا يصح أسلام أحد إلا به " أ هـ مجموع الفتاوى ج24 ص 235 .
فالمسلم هو الموحد ، والتوحيد نقيض الشرك ، فكيف نقول لمن يشرك بالله الشرك الأكبر أنه مسلم موحد ، هذا جمع بين الضدّين والنقيضين ، فالمسلم لا يكون مسلما ً إلا بتحقيق التوحيد الذى هو مضمون الشهادة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ت رحمه الله ت " دين الإسلام مبنى على أصلين وهما تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأول ذلك الا تجعل مع الله إلها ً آخر فلا تحب مخلوقا كما تحب الله ، ولا ترجوه كما ترجوا الله ن ولا تخشاه كما تخش ى الله ، ومن سوى بين المخلوق والخالق فى شئ من ذلك فقد عدل بالله ، وهو من الذين بربهم يعدلون وقد جعل مع الله إلها ً آخر، وإن كان مع ذلك يعتقد أن الله وحده خلق السموات والأرض .........."أ هـ مجموعالفتاوى ج1ص 310 .
وقال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ أيضا ً ـ " ودين الإسلام الذى ارتضاه الله وبعث به رسله هو الستسلام لله وحده ، فأصله فى القلب هو : الخضوع لله وحده بعبادته وحده دون ما سواه فمن عبده وعبد معه إلها ً آخر لم يكن مسلما ً ومن لم يعبده بل استكبر عن عبادته لم يكن مسلما ً ، والإسلام هو الإستسلام لله وحده وهو : الخضوع له والعبودية له ـ هكذا قال أهل اللغة .........." أ هـ مجموع الفتاوى ج7ص263
فهل الذين يعبدون القبور ويصرفون لهم العبادات ، ويصرفون البعض الآخر لله تعالى صاروا بذلك متصفين بالشرك ، أم بالتوحيد ، والجواب واضح.
ثانيا : قال سعيد عبد العظيم :
" ولم تقم عليهم الحجة الرسالية قياما ً يتأكد معه أن يحيى من حى ّ عن بينة وأن يهلك من هلك أيضا ًعن بينة " أ هـ ص167
أقول: هذا ما يدين به سعيد عبد العظيم وأمثاله كما قال هو ذلك :
أنه ينفى قيام الحجة الرسالية عن الناس ، وأنى له ذلك ، وأنى له بهذا الحزم ؟
يبدو أن الحجة الرسالية عند سعيد عبد العظيم أن نأتى بكل فرد من أفراد المسلمين فى شتى بقاع الأرض ونقيم عليه الحجة ونزيل عنه الشبهة ، فهل يعقل مثل هذا ؟
إن كلام سعيد عبد العظيم معناه : أن الحجة لم تقام على الناس ببعثة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ، وأن الأرض تخلو من القائمين لله بالحجج والبراهين ، فهؤلاء العلماء فى شتى بقاع الأرض لا فائدة من وجودهم ، فهم لم يقيموا الحجة على الناس ، وهذ الوسائل العلمية الحديثة من الكتب والمراجع والإعلام الإسلامى بشتى أنواعه لا يكفى فى إقامة الحجة على الناس وبالتالى فلن تقوم الحجة على الناس ، ومن هنا من يشرك بالله ويعيش حياته كلها على فعل واعتقاد الشرك لا يضره ذلك لأن الحجة لم تقام عليه  ، هذا مضمون مثل كلام سيد حسين وسعيد عبد العظيم وغيرهما
يقول العلامة اسحاق بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ـ رحمه الله
" ولكن هذا المعتقد يلزم منه معتقد قبيح وهو أن الحجة لم تقم على هذه الأمة بالرسول ـ والقرآن ـ نعوذ بالله من سوء الفهم الذى أوجب لهم نسيان الكتاب والرسول ، بل أهل الفترة الذين لم تبلغهم الرسالة والقرآن وماتوا على الجاهلية لا يسمون مسلمين بالإجماع ، ولا يستغفر لهم ، وإنما اختلف أهل العلم فى تعذيبهم فى الآخرة ............" أ هـ رسالة حكم تكفير المعين والفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة . الرسالة السادسة من كتاب عقيدة الموحدين ص 151
ويقول الشيخ اسحاق بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ـ رحمهم الله ـ
" ومن المعلوم بالإضرار من دين الإسلام أن المرجع فى مسائل أصول الدين هى الكتاب والسنة واجماع الأمة المعتبر ، وهو ما كان عليه الصحابة ، فمن تقرر عنده هذا الأصل تقررا ً لايدفعه شبهة ، وأخذ بشراشر قلبه ـ هان عليه ما قد يراه من الكلام المشتبه فى بعض مصنفات الأئمة إذ لا معصوم إلا النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومسألتنا هذه فى عبادة الله وحده لا شريك له ، والبراءة من عبادة ما سواه ، وأن من عبد مع الله غيره فقد أشرك الشرك الأكبر الذى ينقل عن الملة ، وهى أصل الأصول ، بها أرسل الله الرسل ، وأنزل الكتب ، وقامت على الناس الحجة بالرسول ، وبالقرآن ، وهكذا تجد الجواب فى مسائل أصول الدين فى ذلك الأصل عند تكفير من أشرك بالله ، فإنه يستتاب ،فإن تاب وإلا قتل ، ولا يذكرون التعريف إلا فىالمسائل الخفية التى يخفى دليلها على بعض المسلمين ، كمسائل نازع فيها أهل البدع كالمرجئة ، أو مسألة خفية كالصرف والعطف ، وكيف يعرفون عباد القبور وهم ليسوا بمسلمين " أ هـ مجموعة الرسائل المحمودية الرسالة الثانية ص45 .
ثالثا ً : قوله  " وإذا كانت الحدود تدرأ بالشبهات فأولى ثم أولى أمرالتكفير ولذلك كان الإمام مالك ـ رحمه الله يقول لو احتمل المرء الكفر من تسعة وتسعين وجها ً واحتمل الإيمان من وحه لحملته على الإيمان تحسينا ً للظن بالمسلم " أ هـ ص167
مناقشة هذا القول :
أولا : قوله " الحدود تدرا بالشبهات "
نقول هذا كلام صحيح لا غبار عليه ، فالكلام على منع إقامة الحد ، وليس على الحكم ، فالزانى يطلق عليه أنه زان ، وأن لم يقام عليه حد الزنى لشبة مثلا ً  وكذلك السارق يطلق عليه أنه سارق ن وإن لم يقام عليه حد السرقة لشبهة ، وهكذا ، فإن من أشرك بالله تعالى الشرك الأكبر فهو مشرك ولا يقام عليه حد الردة إلا بعد الإستتابة ، لأنه قد يكون له عذر من تأويل أو شبهة ونحو ذلك .
قال صاحب كتاب تيسير العزيز الحميد شرح كتاب الحقائق فى التوحيد "
" وقال الشيخ اسحاق بن عبد الرحمن ـ رحمه الله ـ " دعاء أهل القبوروسؤالهم والإستغاثة بهم لم يتنازع فيها المسلون بل هى مجمع على أنها من الشرك المكفر " رسالة تكفير المعين وفيها قال " كيف تجعل النهى عن تكفير المسلمين متناولا لمن يدعوا الصالحين ويستغيث بهم مع الله ويصرف لهم من العبادات مالا يستحق إلا لله وهذا باطل بنصوص الكتابوالسنة وإجماع الأمة "
مواد الشيخ اسحاق أن هؤلاء المذكورين مشركون أصلا ً مستحقين للتكفير المستلزم للقتال فى الدنيا والعذاب فى الآخرة بعد أن قامت عليهم الحجة بدعوة الشيخ محمد ، فلا يصح حمل النهى الوارد عن تكفير المسلم عليهم
ملاحظة :  
1ـ اسم الشرك لا ارتباط له بالحجة ، فمن قامت فيه حقيقة الشرك فهو مشرك  وإن كان جاهلا ً أو فى زمن فترة أو متأولا ً .
2ـ التكفير المستلزم للقتل والتعذيب لا يكون إلا بعد قيام الحجة ، وسيأتى تفصيل هذا لاحقا إن شاء المولى جل وعلا " أ هـ ص12
" فائدة مهمة "
الشرك قبيح قبل النهى وبعده
جاء فى كتاب "  تيسير العزيز الحميد شرح كتاب الحقائق فى التوحيد "
باب : معرفة قبح الشرك والزنى والظلم والخمر والكذب ونحوهما بالفطرة والعقل "
قال الشارح : 1ـ هذا من باب الإستطراد وليس من أصل موضوع الكتاب
2ـ المصنف اقتصر فى هذا الباب على دليلى العقل والفطرة ولم يذكر الميثاق وذلك أن الميثاق أخذ عليهم فى التوحيد ولم يؤخذ عليهم فى مثل هذه الأمور " الزنا ، والظلم ....الخ
3 ـ إذا كانت هذه الأمور التى هى دون الشرك معروف قبحها فما بالك فى الشرك ؟ قال الله تعالى : { وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباؤنا }   
وجه الدلالة " أنهم سموها فاحشة ، وآباؤهم ارتكبوا هذه الفواحش قبل البعثة .
وقصة النجاشى مع الصحابة ـ قال له جعفر ـ رضى الله عنه ـ " أيها الملك كُنا قوما ً أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتى الفواحش ونسئ الجوار " رواه ابن خزيمة فى صحيحه
وفى الحديث الصحيح ( خمس من الفطرة ثم ذكرها )
أمور الفطرة معروف استحبابها وقبح تركها
وقال ابن تيمية " فإن الله سماهم قبل الرسالة ظالمين وطاغين ومفسدين ، وهذه أسماء ذم الأفعال والذم إنما يكون فى الأفعال السيئة القبيحة ، فدل ذلك على أن الأفعال تكون قبيحة مذمومة قبل مجئ الرسول إليهم لا يستحقون العذاب إلا بعد اتيان الرسول إليهم لقوله { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } أ هـ مجموع الفتاوى ج20 ص 37ـ 38
1 ـ الأسماء المذكورة " ظالمين وطاغين ومفسدين " لا علاقة لها بالحجة فتطلق على من قانت فيه حقيقة الظلم أو الطغيان أو الغفساد قبل قيام الحجة لكن لا يُعّذب حتى تقوم عليه الحجة
2ـ الأفعال تكون قبيحة مذمومة قبل مجئ الرسول غليهم ، والشرك بلا ريب اقبح هذه الأعمال فمن قامت فيه حقيقة الشرك فهو مشرك لكن لا يستحق العذاب إلا بعد إتيان الرسول
وقال ابن القيم فى تعليقه على آية الميثاق " وهذا يقتضى أن نفس العقل الذى به يعرفون التوحيد حجة فى بطلان الشرك ، ولا يحتاجون فى ذلك إلى رسول ، وهذا لا يناقض
{  وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا }
وقال : فكون ذلك فاحشة وإثما وبغيا ً بمنزلة ، كون الشرك شركا ً ، فهو شرك فى نفسه قبل النهى وبعده فمن قال : إن الفاحشة والقبائح والآثام إنما صارت كذلك بعد النهى فهو بمنزلة من يقول : الشرك غنما صار شركا ً بعد النهى وليس شركا ً بعد النهى قبل ذلك ومعلوم أن هذه مكابرة صريحة للعقل والفطرة " أ هـ مدارج السالكين ج1ص230،234،240
 وقال فيه " إن قبح عبادة غير الله تعالى مستقر فى العقول والفطرن والسمع نبّه العقول وأرشدها إلى معرفة ما أودع فيها من قبح ذلك "
وفى السيرة ذكر من لم يشرب الخمر فى الجاهلية ن وفيها قصة حلف الفضول ط أ هـ ص18،19
فتوى
للعلامة عبد الله بن عبد الر حمن ابا بُطيّن:
" ما سألت عنه من أنه هل يجوز تعيين إنسان بعينه بالكفر إذا ارتكب شيئا ً من المكفرات فالامر الذى دل ّ عليه الكتاب والسنة واجماع العلماء على أنه كفر مثل الشرك بعبادة غير الله سبحانه فمن ارتكب شيئا من هذا النوع أو جنسه فهذا لا شك فى كفره ، ولا باس بمن تحققت منه شيئا ً من ذلك أن ىتقول : كفر فلان بهذا الفعل ، يُبيّن هذا أن الفقهاء يذكرون فى باب حكم المرتد أشياء كثيرة ، يصير بها المسلم كافرا ً ، ويفتتحون هذا الباب بقولهم : من اشرك بالله كفر ، وحكمه أنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، والإستتابة أنما تكون مع معين
ولما قال بعض أهل البدع عند الشافعى : أن القرآن مخلوق ، قال كفرت بالله العظيم ، وكلام العلماء فى تكفير المعين كثير ، وأعظم أنواع الكفر : الشرك بعبادة غير الله ، وهو كفر بإجماع المسلمين ، ولا مانع من تكفير من اتصف بذلك ، كما أن من زنى قيل فلان زان ، ومن ربى قيل فلان مرابِ " أ هـ الدرر السنية ج 10  ص 416،417
عودة إلى كلام سعيد عبد العظيم الذى يستشهد به سيد حسين :
نسب للإمام مالك ـ رحمه الله ـ أنه قال " لو احتمل المرء الكفر من تسعة ً وتسعين وجها ً واحتمل الإيمان من وجه واحد لحملته على الإيمان تحسينا ً للظن بالمسلم " مقدمة سيد حسين ص167
والرد على هذا الكلام من وجوه :
الوجه الاول : أن الشيخ سعيد عبد العظيم لم يبين لنا صحة ما نسبه إلى الإمام مالك وفى أى الكتب قال ذلك الإمام مالك ن وهل نقبل مثل هذا الكلام الخطير فى مثل هذه المسألة الخطيرة إلا بسند صحيح.
الوحه الثانى : لو قيل بصحة هذا النقل عن الإمام مالك أو غيره ، فإن هذا الكلام يعرض على الكتاب والسنة ، فإن كان موافقا ً لهما وإلا فهو رد .
الوجه الثالث :  أم مثل هذا الكلام فيه إبطال لنواقض الإسلام ، فما من مرتد عن الإسلام إلا وعنده ومعه بعض وجوه الإيمان .
والأمثلة تدل على ذلك :
1ـ المنافقون الذين هم فى الدرك الاسفل من النار معهم بعض وجوه الإيمان ، فهم يصلون وقد سمى الله تعالى الصلاة بالإيمان { وما كان الله ليضيع إيمانكم }
وهم يصومون ويحجون إلى غير ذلك ، ومع ذلك فقد أدرج العلماء فى أنواع الكفر : كفر النفاق
وقد قال الله تعالى فى شأنهم : { لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } وقال {وكفروا بعد إسلامهم }
2ـ المرتدون بعد وفاة النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أجمع الصحابة على كفرهم وقتالهم ، على الرغم من أن بعضهم يقر بالصلاة والصيام ، بل يصلون ويصومون وينطقون بالشهادتين إلا أنهم جحدوا فريضة الزكاة ، فهم معهم بعض وجوه الإيمان العظيمة ولكن لا ينفعهم هذا الإيمان مع جحدهم لبعض المعلوم من الدين بالضرورة
3ـ الحهمية المنتسبين إلى الإسلام ، وقد مفرهم العلماء ، بل من العلماء من اخرجهم من عداد الفرق الضالة فلم يجعلهم من المسلمين أصلا ً على الرغم من نطقهم بالشهادتين وقيامهم ببعض شعائر الإسلام من الصلاة ونحو ذلك ، ولكن لم ينفعهم ذلك مع الغعتقادات الكفرية التى كانوا عليها .
4 ـ الحلولية والإتحادية الذين ينتسبون إلى الإسلام ينطقون بالشهادتين ن ويصلون ويظهرون بعض الشعائر الإسلامية ، ومع ذلك أجمع العلماء على كفرهم ، على الرغم من وجود بعض وجوه الإيمان عندهم  
والأمثلة على ذلك كثيرة جدا ً
بل الكفار الأصليين عندهم بعض وجوه الإيمان ، ولكن لا ينفعهم مع إقامتهم على الكفر
{ وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون }
فالعجب العجاب من سعيد عبد العظيم ومتابعة سيد حسين له فى مثل هذا الكلام الذى مضمونه ولوازمه إبطال الحكم الشرعى المتعلق بالكفر والشرك
ونسأل الله السلامة فىالفهم والقصد .
متابعة كلام سعيد عبد العظيم
قال " روى ابن حزم بسند صحيح : أن عبد الرحمن بن حاطب ،  له نوبية صامت وصلت وهى أعجمية لا تفقه وكانت ثيبا ً فحملت ، فأرسل إليها عمر بن الخطاب فسألها : أحبلت ؟ قالت نعم من مرعوس بدرهمين ، فاستشار عثمان بن عفان وعلى ابن أبى طالب وعبد الرحمن بن عوف ، فقال على وعبد الرحمن : وقع عليها الحد ـ أى الرجم ، قال عثمان : أراها تستسهل به كأنها لا تعلمه ، وليس الحد إلا على من علمه ، فقال عمر لعثمان : صدقت والذى نفسى بيده ما الحد إلا على من علمه " أ هـ ص167 ـ 168 .
والرد على ذلك :
أولا ً : ونحن نقول ذلك لأن هذا مقتضى الشرع أن الحد لا قيام له إلا على من علمه ، وكذلك حد الردة لا يقام على المرتد إلا بعد علمه بذلك ـ أى بعد الإستتابة ، فلا عقوبة عليه قبل ذلك
ثانيا ً : يقال هذه المرأة عندما زنت صارت زانية أم لا ؟ انها زانية لقيامها بفعل الزنا لغة وشرعا ، ولكن لا يقام عليها احد إلا إذا كانت عالمة ، وهكذا فى جميع الحدود
وقد قدمنا وسيأتى أيضا : أن لحوق الاسم الشرعى بالعاصى شئ ومعاقبته عليه شئ آخر ، فهذا الدليل وضعه سعيد عبد العظيم فى غير موضعه تماما ً ، ما هو ظاهر
ومن كلام سعيد عبد العظيم 
قال " وفى جامع الفصولين من كتب الحنفية قال " روى الطحاوى عن أصحابنا : لا يخرج الرجل من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه ، ثم ما تيقن أنه ردة يحكم بها ، وما يشك أنه ردة لا يحكم بها ، إذ الإسلام الثابت لا يزول بشك ، مع أن الإسلام يعلو ، وينبغى للعالم إذا رفع إليه هذا : ألا يبادر وتكفير أهل الإسلام " أ هـ المقدمة ص 168
مناقشة هذا الكلام
أولا ً : ما نقله سعيد عبد العظيم واستشهد به سيد حسين هو مذهب مرجئةالفقهاء ، بل أصحاب الدعوة السلفية فى هذا الزمان يأخذون بمنهج مرجئة الفقهاء والذى ذمه العلماء سلفا ً وخلفا ً ، يبدو ذلك ، لأن هذا موجودفى بعض كتبهم مثل كتب ياسر برهامى وغيره
ثانيا ً : هذا القول من الأقوال المردودة على الإمام الطحاوى ـ رحمه الله ، وقد قام العلماء برد هذا القول ، فلا أدرى هل سعيد عبد العظيم وسيد حسين وغيرهما لم يقرآن أقوال أهل العلم فى ذلك ، أم أنهما لا يأخذان من الأقوال إلا بما يرونه موافقا لمنهجهم نسأل الله السلامة
1ـ قال الشيخ عبد العزيز الراجحى ـ فى شرحه للعقيدة الطحاوية :
" ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه "
قال الشيخ عبد العزيز " ولا يخرج العبد من الإيمان إلا ، ولا يخرج العبد من الإيمان إلا أيش ؟ إلا بجحود ما أدخله فيه ، المعنى : يقول أنه لا يخرج العبد من الإيمان إلا إذا جحد الذى أدخله فى الإيمان ، ما الذى أدخله فى الإيمان : الإيمان والتصديق .
لا يخرج العبد من الإيمان إلا إذا جحد الذى أدخله فى الإيمان ، وهو : التصديق هكذا قال المؤلف ، وهذا خطأ غلط عظيم ، لأن معنى  ذلك : أن الإنسان لا يكفر إلا بالجحود ، كما أنه لا يكون مؤمنا ً إلا بالتصديق ، على ذلك يكون الإيمان هو التصديق فى القلب والكفر هو الجحود فى القلب ، فإذا صدق صار مؤمنا ً ، وإذا جحد صار كافرا ً ، والمرلف أتى بصيغة الحصر ، قال : لا يخرج من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه
المعنى لا يكون هناك كفر إلا بالجحود ، وهذا خطأ مخالف لقول أهل السنة والجماعة فالإيمان ليس خاصا ً بالتصديق ، الإيمان يكون بالقلب ، ويكون بالنطق باللسان ويكون بالعمل بالجوارح ، والكفر كذلك لا يكون بالجحود فقط ، كما قال المؤلف ، لا يخرج من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه ، حصر أتى بصيغة الحصر ، يعنى لا يكون كفر إلا بالجحود ، جحود التصديق ، وهذا خطأ جحود الإيمان ، لأن الكفر يكون بالجحود بالقلب باعتقاد القلب ، ويكون الكفر أيضا ً بالنطق باللسان ، ويكون أيضا ً الكفر بالعمل باجوارح ، ويكون الكفر أيضا بالشك ، ويكون أيضا الكفر بالترك والغعراض
ولهذا بوب العلماء فى كل مذهب ، الحنابلة والمالكية والشافعية والأحناف بوبوا بابا ً فى كتب الفقه يسمونه : باب حكم المرتد وهو الذى يكفر بعد اسلامه
قالوا يكفر بعد اسلامه نطقا ً أو اعتقادا ً أو شكا ً أو فعلا ً أو تركا ً .
فإذا يكون الكفر خمسة أنواع :
النوع الأول :     
يكون باعتقاد القلب وجحوده ، كما ذكر المؤلف ـ يكون باعتقاد القلب وجحوده ، كما لو أن لله صاحبة أو ولدا ً وكما لو جحد ربوبية الله ، أو جحد أسماء الله ، أو جحد صفاته ، أو جحد ألوهيته وعبادته ، واستحقاقه للعبادة ، أو جحد امرا ً معلوما ً من الدين بالضرورة وجوبه  كأن جحد وجوب الصلاة أو وجوب الزكاة أو جحد وجوب الصوم أو جحد وجوب الحج ، أو جحد أمرا ً معلوما ً من الدين بالضرورة تحريمه ن كان يجحد تحريم الزنا أو تحريم الربا ، أو تحريم شرب الخمر أو تحريم عقوق الوالدين أو تحريم قطيعة الرحم ، يعى أمرمجمع عليه ، إذا أنكر شيئا ً منها فإنه يكون كافراً كذلك لو جحد صفة من صفات الله ، أو اسم من أسمائه .....................
النوع الثانى :  
ويكفر أيضا ً بالنطق ن وبالقول ، مثل لو سب الله ، أو سب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم
أو سب دين الإسلام كفر بهذا النطق ، ولو لم يجحد بقلبه ، أستهزأ بالله أو بكتابه أو برسوله أو بدينه ، كفر بهذا الإستهزاء
قال تعالى : { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب ، قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم }
أثبت لهم الكفر بعد الإيمان بهذا الإستهزاء بالقول
النوع الثالث :
كذلك أيضا ً يكون الكفر بالفعل كما لو سجد للصنم كفر بهذا السجود ، أو داس مصحفا ً بقدميه ، أو لطخه بالنجاسة يكفر بهذا العمل واو لم يجحد ولو لم يعتقد بقلبه بهذا العمل ن بهذا السجود للصنم
كذلك يكون كافرا ً ، كما أنه أيضا ُ إذا دعا غير الله ، أو ذبح لغير الله ، أو نذر لغير الله ، أو دعا الأموات وطلب منهم المدد ، او ركع لغير الله ، او سجد لغير الله ، أو طاف بغير بيت الله تقربا ً لذلك الغير ، يكفر بهذا الفعل ، ولو لم يجحد
النوع الرابع: 
كذلك أيضا يكون الكفر بالشك ، كما لو شك فى ربوبية الله ن أو شك فى اسم من أسماء الله أو فى صفة من صفاته ، أو شك فى الملائكة ، أو شك فى الكتب المنزلة ن أو شك فى الجنة أو شك فى النار ، أو شك فى البعث ، أو شك فى الصراط ، أو فى الميزان ، أو فى الحوض ، يكفر بهذا الشك
النوع الخامس:
كذلك أيضا يكون الكفر بالترك والإعراض ،كما لو أعرض عن دين الله ، لا يتعلم دين الله ولا يعبد الله كفر بهذا الإعراض ، واو لم يجحد ، قال تعالى { والذين كفروا عما أنذروا معرضون }
فتبين بهذا أن الكفر يكون بالجحود بالقلب ، ويكون الكفر فى القول وهو النطق باللسان ويكون الكفر بالفعل ، ويكون كفر بالشك ويكون كفر بالإعراض والترك
كم نع خمسة أنواع ، لكن بشرط أن يكون الإنسان لم يفعل هذا ليس جاهلا ً جهلا ً يعذر فيه ، لو فعل الإنسان شيئا ً ، وهو جاهل ما يدرى ، كما لو عاش فى بلاد بعيدة ، ولا عرف أن الربا حرام ، وأنكر تحريم الربا ما يكفر حتى يعّرف ، وتقوم عليه الحجة ، فإذا قامت عليه الحجة كفر ، أما إذا كان مثله لا يجهل هذا إنسان يعيش بين مسلمين ، وأنكر ما يقبل منه ، وقال أنا جاهل ما يقبل منه ، لابد أن يكون مثله يجهل هذا ، كذلك أيضا ً لابد من القصد قصد الفعل ، وقصد القول يقصد السجود للصنم ، يقصد أن يتكلم بهذه الكلمة ، ولا يشترط أن يعتقد بقلبه
لو ما اعتقد بقلبه يشترط أن يكون قاصدا لهذا الفعل ، أما إذا كان جرى على لسانه ما قصد كقصة الرجل الذى فقد راحلته وعليها طعامه وشرابه ، فلما وجدها قال من شدة الدهشة ومن شدة الفرحة " اللهم أنت عبدى وأنا ربك " يخاطب ربه عز وجل ، هل هذا قاصد ؟ ليس قاصد ، جرى على لسانه من غير قصد بسبب الدهشة ، ما قصد القول ، لابد أن يكون قاصدا ً ، لو جاء إنسان ووضع رأسه أمام صنم ، ولا علم أنه صنم ليستريح جبهته ورأسه وجعه ، يؤلمه فوضعها على الأرض ما قصد ما علم أنه الصنم هذا ، ما قصد
لكن إذا قصد السجود للصنم كفر بهذا العمل ، ولو لم يجحد بقلبه ، انتبهوا لهذه المسألة العظيمة
ترى فيه وفى أناس كثير الآن يقررون مذهب المرجئة ، بعض العلماء الآن يقررون مذهب المرجئة ، يقولون : لا يكون الكفر إلا بالقلب ، ولا يكون الإيمان إلا بالقلب ، ويرجعون الجهل ،ويرجعون النطق ، يقولون : إذا سجد للصنم ما يكون كافرا ً ، لكن هذا دليل على الكفر ، دليل على ما فى القلب ، إذا كان قلبه مكذبا ً صار كافرا ً ، وإلا السجود ما هو كفر ، السجود دليل على الكفر ، إذا سب الله وسب الرسول ، يقول هذا ليس بكفر ، لكن دليل على الكفر ، دليل على ما فى قلبه ، هذا قول المرجئة
يقول السجود نفس السجود كفر ، ليس دليل على ما الكفر ، نفس القول والسب هو الكفر ، نفس الشك كفر ، انتبهو لهذا ، فالذى يقول : إن القول دليل على الكفر أ يقول ك السجود للصنم دليل على الكفر ، هذا قول المرجئة ، المرجئة ما يكون عندهم كفر إلا ما كانفى القلب ، وهذا غلط ، الإيمان يكون تصديق فى القلب وقول باللسان ، النطق بالشهادتين كما سيأتى ـ إن شاء الله ـ فى صفحة الإيمان بعده ـ
ويكون أيضا ً عمل بالجوارح
والكفر أيضا ً كما سبق يكون بالسان ، ويكون بالعمل ، ويكون بالشك ويكون بالترك والإعراض ، هذه المسألة ، مسألة مهمة ، ينبغى لطالب العلم أن يكون على بينة منها ، هذا هو قول الصحابة والتبعين والأئمة والعلماء وجماهير أهل العلم ، أما القول بأن الكفر لا يكون إلا بالجحود ، والإيمان لا يكون إلا بالقلب هذا هو غلط غلط فيه المرجئة
والمرجئة طائفتان ـ كما سيأتى ـ مرجئة محضة الجهمية وغيرهم ،ومرجئة الفقهاء وهم : أبو حنيفة وأصحابه ، كلهم غلطوا فى هذا
والمؤلف ـ الطحاوى ـ مشى على قول المرجئة : الكفر لا يكون إلا بالقلب ، والإيمان لا يكون إلا بالقلب ، وهذا غلط كبير ، وهناك من العلماء فى العصر الحاضر من يقرر هذه المسألة فى أشرطة وغى مؤلفات ، يقرر مذهب المرجئة ، يقولون : الإيمان لا يكون إلا بالقلب ، والسجود للصنم ، إن هذا دليل دليل على الكفر إذا كان القلب مكذبا ً صار كافرا ً ، وإلا نفس السجود ما يكون كفرا ً ، إذا سب الله وسب الرسول ، هذا دليل على ما فى قلبه ليس كفرا ً ننظر إلى قلبه إن كان مكذبا ً جاحدا ً كفرناه ، وإلا نقول هذا ليس بكفر ، هذا غلط كبير نعم " أ هـ شرح العقيدة الطحاوية للشيخ عبد العزيز الراجحى ص 234 ـ 235
2ـ قول الشيخ صالح الفوزان فى رد كلام الطحاوى هذا :
قال : " هذا الكلامفيه مؤاخذة ، لأن قصر الكفر على الجحود مذهب المرجئة ، ونواقض الإسلام كثيرة منها الجحود ، ومنها الشرك بالله ـ عزوجل ـ ومنها الإستهزاء بالدين أو بشئ منه ولو لم يجحد ، وهى نواقض كثيرة ذكرها العلماء والفقهاء فى أبواب الردة ، ومنها تحليل الحرام وتحريم الحلال
وذكر شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب منها عشرة ، وهى أهمها ، وإلا فالنواقض كثيرة فقصر نواقض الإسلام على الجحود فقط غلط
وبعض الكتاب المتعالمين اليوم يحاولون إظهار هذا المذهب من أجل أن يصير الناس فى سعة من الدين ، ما دام أنه لم يجحد فهو عندهم مسلم ، إذا سجد للصنم ، وقال : أنا ما جحدت ، وأنا معترف بالتوحيد ، إنما هو ذنب من الذنوب ن أو ذبح لغير الله أو سب الله او سب الرسول أو سب الدين ، يقولون : هذا مسلم لأنه لم يجحد ، وهذا غلط كبير ، وهذا يضيّع الدين تماما ً ، فلا يبقى دين ، فالواجب الحذر من هذا الخطر العظيم " أ هت شرح العقيدة الطحاوية للشيخ صالح الفوزان ص 143
  قول الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ  
" قال تعليقا ً على الإمام الطحاوى ـ رحمه الله " ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه
" هذا الحصر فيه نظر ، فإن الكافر يدخل فى الإسلام بالشهدتين إذا كان لا ينطق بهما ، فإن كان ينطق بهما دخل فى الإسلام بالتوبة مما أوجب كفره ، وقد يخرج من الإسلام بغير الجحود لأسباب كثيرة بينها أهل العلم فى باب حكم المرتد من ذلك :
طعنه فى الإسلام أو فى النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو استهزائه بالله ورسوله أو بكتابه ، أو بشئ من شرعه ـ سبحانه ـ لقوله ـ سبحانه { قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم } الآية  
ومن ذلك عبادته للأصنام أو الأوثان ، أو دعوته الأموات والإستغثة بهم وطلبه المدد والعون ونحو ذلك ، لأن هذا يناقض قول لا إله إلا الله ، لأنها تدل على أن العبادة حق لله وحده ، ومنها الدعاء والاستغاثة والركوع والسجود والذبح والنذر ونحو ذلك ، فمن صرف منها شيئا ً لغير الله من الأصنام والأوثان والملائكة والجن وأصحاب القبور وغيرهم من المخلوقين فقد أشرك بالله ولم يحقق قول لا إله إلا الله ، وهذه المسائل كلها تخرجه من الإسلام بإجماع أهل العلم ، وهى ليست من مسائل الجحود وأدلتها معلومة من الكتاب والسنة ، وهناك مسائل أخرى كثيرة يكفر بها المسلم وهى لا تسمى جحودا ً ، وقد ذكرها العلماء فى باب حكم المرتد فراجعها إن سئت وبالله التوفيق " أ هـ تعليقات ابن باز على العقيدة الطحاوية ص18 ـ 19
أقول : وأقوال أهل العلم من أهل السنة والجماعة كثيرة جدا ً فى عدم حصر الكفر فى كفر الجحود ، بل هذا القول ماخوذ عن المرجئة
والسؤال هنا : هل سعيد عبد العظيم يقول بقول المرجئة فى هذا الجانب ؟ وإن لم يكن يقول ذلك فلماذا ذكر هذا القول المأخوذ على الإمام الطحاوى ؟ ولماذا يستشهد فى معرض حديثه عن الكفر المخرج من الملة ؟ ولماذا تابعه سيد حسين فى ذلك ؟
إن أصحاب الدعوة السلفية ـ إلا من رحم الله ـ فى هذا الزمان تحتاج إلى كثير من المراجعة حول قضايا الإعتقاد ، وأخذها من منبعها الصافى من الكتاب والسنة والإجماع وما كان عليه أصحاب القرون الثلاثة .
عودة إلى سعيد عبد العظيم :  
قال " وفى الخلاصة وغيرها " إذا كان فى المسألة وجوه ـ يعنى احتمالات توجب الكفر ـ ووجه واحد يمنع التكفير فعلى المفتى أن يميل إلى الوجه الذى يمنع التكفير تحسينا ً للظن بالمسلم " وزاد فى البزازية " إلا إذا صرح بإرادة توجب الكفر فلا ينفعه التأويل حينئذ " مثال ذلك " إذا شتم رجل دين مسلم فيحتمل أن يكون هذا السب استخفافا ً بالدين فيكفر ويحتمل أن يكون مراده اخلاقه الرديئة ومعاملته القبيحة لا حقيقة دين الإسلام فينبغى ألا يكفر حينئذ ، كما حرر بذلك بعض الحنفية " حاشية ردالمختار ـ وفى الفتاوى التتارخينية " ولا يكفر بالمحتمل لأن الكفر نهاية فى العقوبة فيستدعى نهاية فى الجناية ومع الإحتمال لا نهاية " أ هـ مقدمة سيد حسين ص 168
مناقسة ما ذكره سعيد عبد العظيم : 
أولا ً : حكاية إذا كان فى المسألة وجوه ـ أى فى التكفير وجه واحد يمنع من التكفير فالاخذ بالمنع أولى ، هذا الكلام فيه نظر ، كما أشرنا قبل ذلك فما من كافر أو مرتد إلا وهناك وجوه توجب كفره ، وبعض الوجوه المحتملة التى لا توجب كفره ، فلو فهمنا هذه المسألة بمثل هذا الإطلاق تعطل حكم الكفر وانزاله على من يستحقه ، بل فى ذلك إبطال لحد الردة
وقوله" فعلى المفتى أن يميل إلى الوجه الذى يمنع التكفير تحسينا ً للظن بالمسلم " أ هـ
نقول : بل على المفتى أن يميل إلى الشرع وحكم السرع ، فهذا القيد لا بد منه وإلا فسوف يبحث أى مفتى عن مخرج لهذا الى وقع فى الكفر ن وإن كان طاهراً واضحا ً ، فالكفر المحتمل الذى ينظر فيه المفتى ولا يتسرع فى التكفىر به ، هو الكفر الدقيق والخفى ، أما الكفر الجلى الظاهر الذى لا يقع إلا من كافر ، فأمره معلوم
ثانيا :   قوله " إلا إذا صرح بإرادة موجب الكفر فلا ينفعه التأويل حينئذ " أ هـ
وهذا الكلام فيه نظر أيضا ً لأن معنى ذلك أن من وقع فى الكفر الأكبر الصريح لا يكفر إلا إذا صرح بأنه أراد الكفر ، وهذا لا يمكن أن يوجد إلا فى حالات نادرة جدا ً والنادر والقليل لا حكم له
وكذلك قوله " فلا ينفعه التأويل حينئذ " أهـ
وهذا الكلام فيه نظر أيضا ً م لأن التاويل ليس على وجه واحد ، فهناك تأويل بالطل أو فاسد ، فلا اعتبار له ، وهناك تأويل معتبر ، وهذا الذى ينظر فيه ، وإلا فكل من وقع فى الكفر فهو متأول حتى المشركين الأوائل .
ينبغى على الدعاة والعلماء عندما ينقلون عن غيرهم أن يتأملوا فى الكلام قبل نقله ، فمثل هذه النقولات تحتاج إلى بيان وتفصيل ، أما نقلها هكذا والإستدلال بها على مثل هذه المسألة الخطيرة زلل كبير .
ثالثا : وقفة مع المثال الذى ذكره فيمن شتم دين المسلم ، واحتماله للإستخفاف ، أو احتماله سب اخلاق الرجل ومعاملته .
من المعلوم أن كلمة التوحيد عند اطلاقها لا تعنى إلا دين الإسلام عند جميع الناس من النتسبين إلى الإسلام ، فمن سب الدين فظاهرا ص يكون قد سب الإسلام الذى أنزله الله تعالى ، فيكفر ظاهرا ً بذلك ، والأحكام تجرى على الظاهر والله يتولى السرائر ،
أما عند الإستتابة فقد يكون له مقصد آخر فهذه مسألة أخرى ، وإلا فمن سب الله أو سب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد يقول أنه لم يقصد ، بل يقصد أن يسب مدعى الرسالة غير النيى ـ صلى الله عليه وسلم .
أقوال بعض العلماء فى سب الدين وحكم الساب :
1ـ قال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ فى مجلة الفرقان الكويتية العدد 94
" الذبح لغير الله ، والسجود لغير الله كفر عملى مخرج من الملة ، وهكذا لو صلى لغير الله أو سجد لغيره سبحانه ، فإنه يكفر كفرا ً عمليا ً أكبر ـ  والعياذ بالله ـ ، وهكذا إذا سب الدين أو سب الرسول ن أو استهزأ بالله ورسوله ، فإن ذلك كفر عملى أكبر عند جميع أهل السنة والجماعة "  أ هـ
يؤخذ من ذلك :
1ـ أن سب الدين وإن كان كفرا ً عمليا إلا أنه مخرج من الملة
2ـ قرن الشيخ ـ رحمه الله ـ بين سب الدين وسب الله ورسوله والإستهزاء كدليل على كفر الساب
3ـ حكاية الإجماع على ذلك عند جميع أهل السنة
ومن اقوال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله أيضا ً :
قال " سب الدين كفر أكبر وردة عن الإسلام ـ والعياذ بالله ـ إذا سب المسلم دينه أو سب الإسلام أو تنقص الإسلام وعابه أو استهزأ به فهذه ردة عن الإسلام ، قال تعالى : { قل أبالله وأياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم }   
وقد اجمع العلماء قاطبة على أن المسلم متى سب الدين او تنقصه أو سب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو انتقصه ، أو استهزأ به ، فإنه يكون مرتدا ً كافرا ً حلال الدم والمال ، فيستتاب فإن تاب وإلا قتل " أ هـ فتاوى نور على الدرب ج1ص157 ـ158
يستفاد من ذلك
أ ـ أن سب الدين كفر أكبر يكفر به المسلم متى وقع منه السب
ب ـ أن الشيخ نقل الإجماع على ذلك
ج ـ أنه يستتاب ، والإستتابة لا تكون إلا من المعين الذى وقع منه الكفر ، وهذا ما ذكرناه قبل ذلك ، فالحكم عليه بالكفر شئ ، واستتابته وعقوبته شئ آخر
2ـ قول الشيخ عبد الله الغنيمان : 
السؤال : هل سب الدين يخرج من الملة الإسلامية ؟
الجواب : نعم سب الدين أو سب الله أو سب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كفر بالله ـ جل وعلا ـ وكذلك الإستهزاء بالله أو بكتابه او برسوله أو بالمؤمنين " أ هـشرح كتاب التوحيد ج1 ص34
3ـ سُئلت اللجنة الدائمة بالسعودية عن شخص سب الدين؟
فأجابت " سب الدين كفر بواح بالنص والإجماع ، والدليل على ذلك قوله تعالى : { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل ابالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم }  أ هـ فتوى رقم 3419
4 ـ من فتاوى الشيخ البراك :
سُئل" ما حكم رجل سب الدين ؟ وما حكم بقاء زوجته معه ؟ مع العلم أنها قامت بنصيحته ووعدها ألا يعود ولكنه يحنث ، وجزاكم الله خيرا ً .
الجواب :" الحمد لله ، سب الدين يتضمن بغض دين الإسلام الذى هو دين الله ، ومن يبغض دين الإسلام فإنه كافر ، وإذا وقع ذلك من مسلم صار مرتدا ً وحرمت عليه زوجته لأنها مسلمة وهو كافر ، ولا يجوز للكافر أن ينكح المسلمة بحال ، لكنه إذا تاب ورجع إلى الله وتاب توبة نصوحا ً فهما على نكاحهما ، يعى فهى زوجته على ما كانت عليه إلا أن يتمادى فى كفره حتى تنقضى  العدة ن فإذا انقضت العدة ، فإن أهل العلم يختلفون فى بقاء النكاح ، ولهم فى ذلك استدلالات وتفصيلات ليس هذا موضع ذكها ، فالواجب على المسلم ان يعظم دين الإسلام وأن يحترمه بقلبه وبلسانه وبجوارحه ن ولا يتهاون بالكلام المنكر ن فرب كلمة يطلقها العبد لا يلقى لها بالا ً يشقى بها أبد الآباد ، كما جاء فى الحديث الصحيح ( ......... إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ـ عز وجل ـ لا بظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله ـ عز وجل ـ بها عليه سخطه إلى يوم القيامة ) رواه أحمد والترمذى وابن ماحة
فالحذر الحذر ، نسأل الله السلمة والعافية ......." أ هـ ج1 ص67
5ـ فى فتاوى الأزهر :
ما حكم الدين فيمن يسبون الديك ، أو أى شئ آخر بدل أن يسبوا الدين ؟
الجواب : يجرى على ألسنة بعض الفساق عبارة سب الدين وذلك ردة وكفر لها حكمها ، وأحيانا ً يقول الشخص " يلعن ديك أمك " وحكمه أنه إذا كانت نيته سب الدين ولكن يتستر بلفظ الديك حتى لا يؤاخذه أحد عليه فهو مرتد عند الله ـ سبحانه ـ لأن الإنسان يحاسب عند ربه بحسب نيته ، أما بالنسبة لنا فلا نحكم عليه بالردة ، لأننا مأمورون بالحكم بالظاهر ، والله يتولى السرائر ، وأحّّذر هؤلاء من هذه العبارة التى لو تعودوها فقد يصرحون بسب الدين وهنا يكون الكفر ، مع أن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن سب الديك ، فقال:  ( لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة ) وفى لفظ ( فإنه يدعو إلى الصلاة ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة بإسناد جيد " أ هـ فتاوى الأزهر ج7 ص 403
والشاهد : أن التصريح بسب الدين كفر ، أما من سب الديك فظاهرا ً لا يكفر أيضا ً لأنه لم يأتى باللفظ الصريح ، وحسابه على الله
6 ـ فتوى ابن جبرين ـ رحمه الله ـ
سؤال رقم 1553
السؤال : يوجد مذبح يعمل به أشخاص ، منهم من يصلى ومنهم من لا يصلى ن واغلب الموجودين هناك يسبون الدين الإسلامى ، فهل يجوز الأكل من ذبائحهم ؟
الجواب :لا يجوز اقرار الذين يسبون الدين فى هذا المسلخ ، ولو كانوا يصلون ، فإن سب الدين كفر مخرج من الملة ن فأما من لا يصلى فلا يتركون أيضا إذا كانوا جاحدين لها أو مصرين على تركها ، أو لا يصلون ولو فى المنازل ، ولا يجوز الأكل من ذبائح هؤلاء ولو سموا انفسهم مسلمين ن ولو ذكروا عليها اسم الله ، وعليكم أن لا تسكتوا عنهم ، إن كانت البلاد اسلامية تطبق فيها أحكام الشرع ، فإن لم تقدروا على طردهم وإبعادهم عن هذا العمل فحذروا المسلمين من أكل ذبائحم ـ والله اعلم " أ هـ اللؤلؤ المكين من فتاوى فضيلة الشيخ ابن جبرين ص 55
وكلام العلماء فى ذلك كثير وواضح ان سب الدين كفر صريح ، يكفر به الغنسان متى صدر منه ذلك ، أما كونه يقصد أو لا يقصد ، فهذا يتبين عند الإستتابة ، فإن تاب وإلا قتل كفرا ً ، وهذا لا يكون إلا فى دولة اسلامية تحكم بشرع الله تعالى .
رابعا ً : من الملاحظ ان سعيد عبد العظيم نقل بعض النقولات عن علماء الأحناف على الرغم من أن علماء الأحناف لا يعذرون بالجهل ، هذا هو المشهور عند اكثرهم فلماذا اشار سعيد عبد العظيم إلى بعض أقوالهم دون الإشلرة إلى البعض الآخر ، وأنا أنقل بعض كلام الأحناف فى ذلك حتى يتبين أن سعيد عبد العظيم إنما يختار من الأقوال ما يوافق ما يذهب إليه وهذا ليس مسلك لأهل العلم ولا الدعاة إلى الله تعالى الذين يجب أن يتجردوا للحق فقط .
1ـ قال الإمام على القارى الحنفى ـ رحمه الله ـ
" .... ثم اعلم أنه إذا تكلم بكلمة الكفر عالما ً بمبناها ولا يعتقد معناها لكن صدرت عنه من غير إكراه ، بل طواعية فى تأديتها ، فإنه يحكم عليه بالكفر ، بناء ً على القول المختار عند بعضهم من أن الإيمان هو مجموع التصديق والإقرار ، فبإجرائها يتبدل الإقراربالإنكار ، أما إذا تكلم بالكلمة ولم يدر أنها كلمة كفر ، ففى فتاوى قاضى خان حكاية خلاف من غير ترجيح حيث قال : قيل لا يكفر لعذره بالجهل ، وقيل : يكفر ولا يعذر بالجهل ، وأقول : والأظهر الأول إلا إذا كان من قبيل ما يعلم من الدين لاضرورة ف‘نه حينئذ يكفر ولا يعذر بالجهل ط ا هـ شرح الفقه الأكبر ص 244 ـ 245
يستفاد من ذلك أمور : 
الأول : حكاية الخلاف فى مسألة العذر بالجهل بين علماء الاحناف ، بخلاف ما يفهمه كثير من السلفية الذبن يحكون ويقولون بالعذر بالجهل مطلقا ً بلا خلاف
الثانى : ترجيح الملا على القارى عدم العذر فى المعلوم من الدين بالضرورة ، وذلكلظهوره ووضوحه ، وفى ذلك رد على الذين لا يفرقون بين المساءل الظاهرة والمسائل الخفية
الثالث : ما عليه العلماء من الأمانة فى النقل من حكاية الخلاف فى هذه المسألة وغيرها ، ثم الترجيح بعد ذلك له شأن آخر ، أما السلفية ـ إلا من رحم الله ـ يذكرون الأقوال الأخرى التى لا يأخذون بها على أنها مجرد شبهات مردود عليها ، وهذا واضح من خلال كلامهم ومؤلفاتهم ، والله حسيبهم .
2ـ قال الإمام القونوى الحنفى ـ أيضا ً : 
ولو تلفظ بكلمة الكفر طائعا ً غير معتقد له يكفر ، لأنه راض ٍ بمباشرته ن وإن لم يرض بحكمه ، كالهازل به ، فإنه يكفر وإن لم يرض بحكمه ولا يعذر بالجهل عند عامة العلماء خلافا ً للبعض " أ هـ شرحالفقه الاكبر لملا على القارى ص421
3ـ قول الإمام أبى حنيفة ـ رحمه الله ـ  
" وقال أبو حنيفة ـ وقد سُئل عمن قال لا أعرف ربى فى السماء أم فى الأرض قد كفر لأن الله يقول:{ الرحمن على العرش استوى } وعرشه فوق سماواته
قيل له : فإن قال أنه على العرش ، ولكنه يقول : لا أدرى العرش فى السماء أم فى الأرض ، قال هو كافر ، لأنه أنكر أن يكون فى السماء ، لأنه تعالى فى أعلى عليين وأنه يدعى من أعلى لا من أسفل ، وقال : أذا أنكر أنه فى السماء فقد كفر " أ هـ الكواشف الجلية عن معانى الواسطية لعبد العزيز السلمان ص 245
(وقفة أخيرة مع سعيد عبد العظيم)
قال " وقد صرح الإمام محمد بن عبد الوهاب كما فى كتاب صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان ـ بعدم تكفير الرجل يسجد عند قبر عبد القادر الجيلانى أو قبر السيسد الندوى إلا بعد العلم والبيان وقيام الحجة الرسالية " مقدمة سيد حسين ص 170
والرد على فهم سعيد عبد العظيم من وجوه :
الوحه الأول : كما ذكرنا قبل ذلك أن دأب العلماء قديما ً وحديثا ً أنهم ينقلون ما لهم وما عليهم ، فهذا من باب الامانة العلمية ، وهذا من باب الأمانة العلمية ، وهذا ما لا يفعله سعيد عبد العظيم وأمثاله ، فإنه ينقل نصا ً من نصوص كثيرة عن الإمام الواحد لكونها توافق غرضه هدفه مع تركه للواضح من نفس كلام الإمام ، كما سوف نبين إن شاء الله .
الوجه الثانى : أن سعيد عبد العظيم لم يرجع فى فهم هذا الكلام الذى ذكره عن شيخ الغسلام محمد بن عبد الوهاب إلى أولاده وأحفاده الذين هم أعلم منه بمراد الشيخ بهذا الكلام  بل لم يرجع إلى كلام العلماء من أصحاب دعوة الشيخ ، حتى يتبين المراد من كلامه .

بيان حقيقة هذه المسألة للشيخ على خضير الخضير :
قال صاحب كتاب " تيسير العزيز الحميد لأبى مارية :
كتاب الأسماء التى ليس لها ارتباط بقيام الحجة ، وتطلق على من فعلها ولو لم تقم عليه الحجة ثم نقل عن شيخ الإسلم قوله : " فإن الله سماهم قبل الرسالة ظالمين وطاغين مفسدين " وهذه اسماء ذم الأفعال ، والذم انما يكون فى الافعال السيئة القبيحة ، فدل ذلك على أن الافعال تكون قبيحة مذمومة قبل مجئ الرسول إليهم ولا يستحقون العذاب إلا بعد اتيان الرسول إليهم لقوله : { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ً } أ هـ مجموع الفتاوى ج20ص 37ـ 38
وقال العلامة عبد اللطيف فى المنهاج ص316
" فيمن يظن ويعتقد أن كلام أهل العلم وتقييدهم بقيام الحجة وبلوغ الدعوة ينفى اسم الكفر والشرك والفجور ونحو ذلك من الافعال والاقوال التى  سماها الشارع بتلك الاسماء ،
وقال : إن عدم قيام الحجة لا يغير الأسماء الشرعية ، بل يثسمى ما سماه الشارع كفرا ً أو شركا ً أو فسقا ً باسمه الشرعى ، ولا ينفيه عنه ، وإن لم يعاقب فاعلها إذا لم تقم عليه الحجة ، وفرق بين كون الذنب كفرا ً وبين تكفير فاعله "
باب لحوق اسم الشرك لمن تلبّس به ونفى الإسلام عنه ولو قبل قيام الحجة ، فكيف إذا كان بعدها ؟
" امثال أهل الفترات والجاهل والمتأول والمخطئ وزمن غلبة الجهل وقلة العلم ، أما المعاند والمعرض مع التمكن فيضاف لهم مع ذلك اسم الكفر " لقيام الحجة " المتعلق بالتعذيب والقتل والقتال وما يتبعه ، كما سوف ياتى ـ إن شاء الله قال تعالى : { ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } سماهم الله مشركين وإن كانوا أهل فترة ، فهؤلاء لحقهم اسم الشرك ، ومنع الله المؤمنين من الإستغفار لهم
ملاحظة : أهل مكة قامت عليهم الحجة بدعوة الحنفاء
وقال تعالى : {وكذلك زين لكثير من المشركين قتل اولادهم شركاؤهم } فسماهم مشركين قبل مجئ الرسالة ز
لأن اسم الشرك لا علاقة له بالرسالة ، كما تقدم مرارا ً فمن قامت فيه حقيقة الشرك  فهومشرك
وقال تعالى : { وإن أحد من المشركين استجارك فاجره حتىيسمع كلام الله } فسماه مشركا ً قبل سماع الحجة
إذا كان هذا حال أهل الفترة الذين لا سبيل لهم إلى تحصيل العلم فما بالك بجهال المشركين الذين يعيشون بين ظهرانى المسلمين فدلالة هذه الىيات عليهم من قياس الأولى  
وقال تعالى { لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة }
فسماهم مشركين قبل البينة ت أى قبل قيام الحجة
وقال تعالى : { أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل } آباؤهم كانوا أهل فترة فعلوا الشرك فلحقهم اسمه
وقال تعالى : عن مشركى العرب { إن هى إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان } وقال تعالى عن مشركى العرب { فلا تك فى مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آبارهم من قبل } فسمى آباؤهم عابدين لغير الله قبل قيام الحجة عليهم أى سماهم مشركين .
وألحق يوسف ـ عليه السلام ـ اسم الشرك لكفار مصر وهم أهل فترة فقال: { يا صاحبى السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم } وقال تعالى :{ وصدها ما كانت تعبد من دون الله انها كانت من قوم كافرين } كانوا كافرين هنا بمعنى مشركين ، ولا يراد به اسم الكفر المتعلق بالقتل والتعذيب لأنهم كانوا أهل فترة .
وقد قال تعالى قبل ذلك { وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله } قامت فيهم حقيقة الشرك فسماهم الله كافرين "  بمعنى مشركين "  
وهذا الذى ذكناه من أن الكفر بمعنى الشرك ههنا لأن الحجة ما قامت عليهم واسم الكفر من الأسماء المتعلقة بقيام الحجة فتعين أن المراد بالكفر : الشرك هو اختيار الشيخ على الخضير ـ حفظه الله ـ وقد تعقبه الشيخ الفاضل عبد الرحمن المخلف ـ حفظه الله ـ فقال : فما نبه عليه الشيخ الفاضل على الخضير ـ فك الله أسره ـ ليس فى محله ، فبعد أن ذكرنا الأصل تالسابق علمنا يقينا ً أن هذه الآية المراد بها أن هؤلاء قد اقيمت عليهم الحجة ، فسبب تسميتهم كافرين هو عبادتهم لغير الله ـ تعالى ـ وليس هذا معناه أنهم لم تقم عليهم الحجة بل الحجة مقامة عليهم لصفهم بالكفر ، هذا هو الفهم الصحيح لمعنى الكفر فى كتاب الله تعالى ، وهذا هو المعهود من لفظ الكفر فى القرآن الكريم .
وسأبين معنى ً دقيق خفى  على الشيخ الفاضل فى هذه الآية ، فقوله تعالى : { وصدها ما كانت تعبد من دون الله أنها كانت من قوم كافرين }  
كلام الله تعالى هذا ذكره بعد مجيئ بلقيس إلى سليمان ـ عليه السلام وهذا هو سياق الآية كما فى هذه القصة
ومعلوم من سياق الآية أن قبل مجيئ  بلقيس لسليمان ت عليه السلام ـ كان سليمان عليه السلام أرسل إليهم كتابا { قالت يا أيهل الملأ إنى ألقى إلّى كتاب كريم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علّى وأتونى مسلمين }
فهذا كتاب سليمان ـ عليه السلام ـ لهم ، فبهذا الكتاب قد أقيمت عليهم الحجة فأصبحوا كافؤين إن لم تكن الحجة مقامة عليهم من قبل ، ومعلوم من سيا الآية أن قوله تعالى { أنها كانت من قوم كافرين }
فلابد إذن أن يفترقا بالمعنى ، كما افترقا باللفظ والسياق ، فلا يقال : أن المراد بأنها كانت من قوم كافرين الشرك ، لأن صفة الشرك موجودة فى الآية والأصل عدم التكرار ، فلو كررنا لفظ الشرك لكان سياق الأىة يأتى بهذا المعنى ، وصدها الشرك وهو عبادة الشمس من دون الله أنها كانت من قوم مشركين وهذا المعنى فيه تكرار واضح ينزه عنه كلام الله تعالى ، والأصل كما ذكرنا عدم التكرار وكذلك الأصل التأسيس لا التأكيد
وقولنا : بأن المراد هنا إقامة الحجة بيان لمعنى غير مكرر ، لأن التكرير تأكيد والمعنى الجديد تأسيس ، ثم إن الله تعالى ذكر فى أول القصة وصفها وقومها بالشرك وعبادة الشمس من دون الله تعالى بقوله : { وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون }      
فلا حاجة إذا ً لتكرار وصف قومها بالشرك وأنها كانت من قوم مشركين ، فوصف الشرك كما قررنا يفارق وصف الكفر ، هذا هو الاصل ، ولا يجتمعان إلا بعد قيام الحجة " أ هـ مقال الفرق بين الكفر والشرك ملتقى أهل الحديث
وقال تعالى :{ كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين }
فكل الرسل الذين ارسلهم الله إلى أقوامهم كانو يخطبون اقوامهم على أنهم مشركون قبل بعثتهم وطلبوا منهم ترك الشرك وإفراد الله  بالعبادة ، وهذا بدلالة القرآن وبدلالة السنة والإجماع .
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب : " فلما مات آدم ـ عليه السلام ـ بقيت ذريته من بعده عشرة قرون على دين أبيهم ، دين الإسلام ، ثم كفروا بعد ذلك ...............فلما خلت الأرض من العلماء القى الشيطان فى قلوب الجهال أن أولئك  الصالحين ما صوروا صور مشائخهم إلا ليعبدوهم " أ هـ الدرر السنية ج8 ص4
وعن الأسود بن سريع ـ رضى الله عنه ـ مرفوعا ً ( أربعة يمتحنون يوم القيامة ، فذكر الأصم والأحمق والهرم ورجل مات فى فترة ) الحديث ذكر طرقه ابن القيم فى أحكام أهل الذمة ج2 ص 650
وبعدما ساقها ـ قال : يشد بعضها بعضا ً ، وقد صحح الحافظ بعضها كما صحح البيهقى وعبد الحق وغيرهما حديث الأسود وأبى هريرة ، وقد رواها أئمة الإسلام ودونوها فى كتبهم .
1ـ تقدم أن من مات فى الفترة فاعلا ً للشرك يسمى مشركا ً
2ـ لو كان الأربعة المذكورين مسلمين لدخلوا الجنة من غير امتحان
3ـ من قامت عليه الحجة زمن الفترة لا يمتحن ، وأهل مكة وبنو عامر ودوس قامت عليهم الحجة بالحنفاء
4 ـ قال شيخ الإسلام ـ  محمد بن عبد الوهاب ـ " ومنذ ظهر ابراهيم ـ عليه السلام لم يعدم التوحيد فى ذريته ـ كما قال تعالى { وجعلها كلمة باقية فى عقبه لعلهم يرجعون " أ هـ الدرر السنية ج8 ص 6
وحديث عدى بن حاتم ـ رضى الله عنه ـ الذى فيه " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا ً من دون الله " قال الشيخ أبا بُطيّن تعليقا ً على هذا الحديث " ذمهم الله وسماهم مشركين مع كونهم لم يعلموا أن فعلهم هذا عبادة لهم فلم يُعذروا بالجهل " أ هـ الدرر السنية ج10ص393ـ 394
هذا نص من إمام من أئمة الدعوة على أنه لا عذر بالجهل فى باب الشرك الأكبر . وقد ثبت أن مشركى العرب يقولون فى تلبيتهم " لبيك لا شريك لك إلا شريكا ً هو لك تملكه وما ملك " .
[    فصل    ]
هذا فصل فى نقل الإجماع على أن اسم الشرك يلحق الجاهل
 قال ابن سحمان فى "كشف الشبهتين" وقد تقدم أن عامه الكفار والمشركين من عهد نوح عليه السلام إلى وقتنا هذا جهلو وتأولوا ، وأهل الحلول والإتحاد كابن عربى وابن الفارض والتلمسانى وغيرهم من الصوفية تأولوا ، وعباد القبور والمشركون الذين هم محل النزاع  تأولوا ـ غلى أن قال ـ والنصارى تأولت " وقاله قبله الشيخ عبد اللطيف فى المنهاج ص262
1ـ اسم الشرك يلحق الجاهل والمتاول ومن زعم خلاف هذا لزمه القول بأن المذكورين لم يكونوا مشركين .
2 ـ عباد القبور المذكورون ينتسبون للإسلام ، ولكن ابن سحمان وأئمة الدعوة قاطبة الحقوا بهم اسم الشرك وإن عبدوا القبور متأولين ظانين انهم يتقربون إلى الله بعبادتهم إياها " انظر كشف الشبهتين "
وقال الشيخ اسحاق بن عبد الرحمن " بل إن اهل الفترة الذين لم تبلغهم الرسالة والقرآن وماتوا على الجاهلية لا يسمون مسلمين بالإجماع ، ولا يستغفر لهم ، وإنما اختلف أهل العلم فى تعذيبهم فى الآخرة "
تأمل فى قوله " لا يسمون مسلمين بالإجماع " وقد تقدم قول أخيه الشيخ عبد اللطيف
" الإسلام والشرك نقيضان لا يجتمعان ولا يرتقعان " فإذا لم هؤلاء مسلمين كانوا مشركين لأنه لابد من ثبوت أحد النقيضين " الإسلام أو الشرك "
وقد تقدم ـ أيضا ً قول شيخ الإسلام ابن تيمية " وليس فى بنى آدم قسم ثالث بل إما موحد أو مشرك "
وقال عبد الله وحسين أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب " من مات من أهل الشرك قبل بلوغ هذه الدعوة  ، فالذى يحكم عليه أنه إذا كان معروفا ً بفعل الشرك ويدين به ومات علي ذلك فهذا ظاهره انه مات على الكفر فلا يُدعى له ولا يُضحى له ولا يتصدق عنه وأما حقيقة أمره فإلى الله تعالى ـ فإن قامت عليه الحجة فى حياته وعاند فهذا كافر فى الظاهر والباطن ، وإن لم تقم عليه الحجة فأمره إلى الله نعالى " الدرر السنية ج10ص 142
1 ـ الشيخان عبد الله وحسين من أفهم الناس لكلام ابيهم شيخ الإسلام
2ـ ألحقو بأهل الفترة اسم الشرك فقالوا " من مات من أهل الشرك قبل بلوغ هذه الدعوة " أى : دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
3ـ من قامت عليه الحجة منهم يلحقه اسم كفر التعذيب
وقال أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب وحمد بن ناصر آل معمر " إذا كان يعمل بالكفر والشرك لجهله أو عدم من ينبهه لا نحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة ، ولكن لا نحكم انه مسلم " أ هـ الدرر السنية ج10ص136
" لا نحكم بكفره " أى لا نلحق به اسم كفر القتل والتعذيب ويبينه قولهم " ولكن لا نحكم بأنه مسلم " فلما لم يكن مسلما ص كان مشركا ً ولابد ، لأن الإسلام والشرك ضدان لا يجتمعان ونقيضان لا يجتمعان ويرتقعان
ونقل الأخوين عبد اللطيف واسحاق ابنى عبد الرحمن ، وابن سحمان ـ نقلوا عن ابن القيم ـ رحمه الله ـ الإجماع على أن أصحاب الفترات ومن لم تبلغه الدعوة إن كلا النوعين لا يحكم بإسلامهم ولا يدخلون فى مسمى المسلمين حتى عند من لم يكفر بعضهم ،
وأما الشرك فهو يصدق عليهم ، واسمه يتناولهم ، وأى اسلام يبقى مع مناقضة اصله وقاعدته الكبرى شهادة ان لا إله إلا الله "
" لم يكفر بعضهم " " لم يلحق بهم اسم الكفر المستلزم للقتل والتعذيب ، لأن الحجة ما قامت عليهم ولكنهم ليسوا مسلمين بل مشركين بالإجماع .
وقال عبد الرحمن بن حسن " الذى عليه شيخ الإسلام وإخوانه من أهل السنة والجماعة من إنكار الشرك الأكبر الواقع فى زمانهم ، وذكرهم الأدلة من الكتاب والسنة على كفر من فعل هذا الشرك أو اعتقده " أ هـ فتاوى الأئمة النجدية ج3 ص153
قال " والعلماء ـ رحمهم الله ـ سلكوا منهج الإستقامة ، وذكروا باب حكم المرتد ، ولم يقل أحد ٌ منهم أنه إذا قال كفرا ً أو فعل كفرا ً  وهو لا يعلم أنه يضاد الشهادتين أنه لا يكفر بجهله وقد بين الله فى كتابه أن بعض المشركين جهال مقلدون ، فلم يرفع عنهم عقاب الله بجهلهم ،  كما قال الله تعال { ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد ـ إلى قوله ـ إلى عذاب السعير " الدرر السنية ج11 ص478 ـ 479
1ـ الشيخ عبد الرحمن هو حفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ وصاحب كتاب فتح المجيد
2ـ هذا نص من الشيخ ـ رحمه الله ـ أن الجهل ليس بعذر فى باب الرك الأكبر ، ونقل هذا عن علماء الأمة
وقال الشيخ أبا بُطيّن " وقد ذكر العلماء من أهل كل مذهب ،أسياء كثيرة لا يمكن حصرها من الأقوال والأفعال والإعتقادات ، أنه يكفر صاحبها ولم يقيدوا ذلك بالمعاند
فالمدعى أن مرتكب الكفر متاولا أو مجتهدا ً أو مخطئا ً أو مقلدا أو جاهلا ً معذور مخالف للكتاب والسنة والإجماع بلا شك " رسالة الإنتصار
وقال أيضا ً " تقدم كلام ابن عقيل فى جزمه بكفر الذين وصفهم بالجهل فيما ارتكبوه من الغلو فى القبور ـ نقله عنه ابن القيم ـ مستحسنا ً له " أ هـ الدرر السنية ج10 ص393 ـ 394 ـ وراجع مصباح الظلام ص 337 ـ 338
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب " وقال الغمام ابن عقيل : لما صعبت التكاليف على الجهال الطغام عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم اوضاع وضعوها لأنفسهم فسهلت عليهم إذا لم يدخلو بها تحت أمر غيرهم ، وهم عندى كفار بهذه الاوضاع ن مثل تعظيم القبور وخطاب الموتى بالحوائج ، وكتب الرقاع فيها ، يا مولاى افعل بى كذا وكذا ، وعلقاء الهرق على الأشجار اقتداء ً بمن عبد اللات والعزى ط أ هـ
والمراد منه : قوله " وهم عندى كفار بهذه الأوضاع " الدرر السنية ج8 ص 39
وقال ابن تيمية " اسم الشرك يثبت قبل الرسالة لأنه يشرك بربه ويعدل به " أهـ مجموع الفتاوى ج20 ص 38
اسم الشرك يثبت لكل من فعل الشرك قبل الرسالة وبعدها .
قال الشيخ أبا بُطيّن فى تعليقه على كلام لابن تيمية :
قال " فقد جزم ـ أى ابن تيمية ـ فى مواضع كثيرة : تكفير من  فعل ما ذكره من أنواع الشركوحكى اجماع المسلمين على ذلك ، ولم يستثنى الجاهل ونحوه ، فمن خص الوعيد بالمعاند فقط وأخرج الجاهل والمتأول والمقلد فقد شاق الله ورسوله وخرج عن سبيل المؤمنين ، والفقهاء يصدرون باب حكم المرتد بمن اشرك بالله ولم يقيدوا ذلك بالمعاند ن وهذا أمرٌٌ واضح والجمد لله " أ هـ رسالة الإنتصار
أئمة الدعوة أئمة فيم ينفكون عن شيخ الإسلام
وقال الشيخ عبد اللطيف فى المنهاج ص315
" وأما دعاء الصالحين والإستعاثة بهم وقصدهم فى الملمات والشدائد فهذا لا يتازع مسلم فى تحريمه أو الحكم بأنه من الشرك الأكبر وتقدم عن الشيخ ابن تيمية أن فاعله يستتاب فإن تاب وإلا قتل "
وقد أجمع العلماء والمفسرون وأهل اللغة والتاريخ عل تسمية العرب قبل البعثة بمشركى العرب
مسألة :  
أما نفى الإسلام عن من تلبس بالشرك فلأنهما ضدان لا يجتمعان
مراد الشيخ على الخضير ـ فك الله أسره ـ أن أئمة الدعوة إذا نفوا الإسلام عن معين فقد اثبتوا له ضده ونقيضه " الشرك "
باب أكثر شرك العالمين سببه الجهل والتأويل لا العناد
كثر المصنف الأبواب من أوجه مختلفة من أجل ترسيخ المعنى فى ذهن القارئ
قال تعالى : {ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون }
قال ابن كثير " ولذلك كان أكثرهم مشركين "
وقال تعالى : { ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين ولقد ارسلنا فيهم منذرين }
اكثر المشركين كانوا ضلالا ً " جاهلين أو متأولين " ولم يكونوا معاندين ، ومن عذر بالجهل فقد زعم أن أكثر الناي معذورون لا ضالون
وقال تعالى : { هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده ـ إلى أن قال ـ وما يتبع أكثر إلا ظناً } ، أى أنهم ما كانوا على بينة من الأمر بل كانوا يتخبطون فى دينهم خبط عشواء .
وختم الله فى سورة الشعراء ـ  قصة موسى وابراهيم ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب ـ عليهم الصلاة والسلام ـ بعد اهلاك أقوامهم بقوله : { وما كان أكثرهم مؤمنين } أى : كان أكثرهم مشركين
وروى مسلم عن أبى هريرة مرفوعا ً : ( من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا ً ) سواء قلدوا عن علم أو جهل ، هم : ضالون آثمون
قال عبد اللطيف " نقلا ً عن ابن القيم فى المقلدة ، وهذا يدل على أن كفر من اتبهم إنما هو مجرد اتباعهم وتقليدهم ، ثم ذكر التفصيل فى ذلك " أ هـ المنهاج ص224
تأمل قوله " كفر من اتبعهم إنما هو مجرد اتباعهم وتقليدهم " أ هـ تيسير العزيز الحميد شرح كتاب الحقائق فى التوحيد لأبى مارية ص26 ـ 35
أقول : وإنما نقلت مثل هذا النقل بطوله لغرض أساسى نبهت عليه قبل ذلك ألا وهوأن علماء الدعوة من أولاد وأحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ وغيرهم ـ هم أعلم بكلامه من غيرهم ، وبالتالى لا يجوز الإستدلال بقول من أقوال الشيخ محمد ابن عبد الوهاب دون الرجوع فى فهمه إلى أقرب المقربين منه ، الذى اخذوا منه العلم مباشرة واهل العلم من أصحاب هذه الدعوة المباركة بينوا :
أن هناك فارق بين وصف الإنسان بالشرك لفعله الشرك ، وبين أنه يصير كافرا ً ، فلا يثبت له الكفر المعذب عليه إلا بعد قيام الحجة
ففارق كبير بين الكفر الحكمى والكفر الحقيقى ، فياليت أصحاب الدعوة السلفية يتجردوا للحق فى فهم كلام اهل العلم ، حتى يصلوا إلى الحق دون تمييع ، او ترقيع أو مداراة ،أو عاطفة لمن يعبدون غير الله تعالى .

0 comments:

welcome to my blog. please write some comment about this article ^_^