أكذوبة الهجوم على وزارة الدفاع

أكذوبة الهجوم على وزارة الدفاع
الذى يرى اللواء "مختار الملا"، وهو يقرأ بيانه "العسكرى" أمس فى أعقاب الاشتباكات التى جرت فى محيط وزارة الدفاع بين المتظاهرين والشرطة العسكرية، يقع فى خاطره على الفور أنه بيان عن حرب مصيرية تخوضها مصر مثلا مع الكيان الصهيونى أو تهديد دولى خطير، وليس تراشقًا بالحجارة بين متظاهرين وقوات أمن، لغة التهديد والوعيد والاستعلاء، التى يستخدمها الملا قبل الأحداث ـ فى المؤتمر الصحفى ـ وبعد الأحداث فى البيان المذاع، تكشف عن استبطان للعنف والروح العدوانية الشديدة تجاه الشعب والقوى الوطنية الساخطة على ممارسات المجلس العسكرى، والحقيقة أن تأمل لغة اللواء "الملا" تستدعى للذاكرة كل المشاهد الدموية، التى سبقت الاشتباكات الأخيرة، وبشكل خاص المذبحة، التى تمت برعاية رسمية فى محيط وزارة الدفاع على يد مجهولين قيل إنهم بلطجية من أجل فض الاعتصام بالقوة، وتركتهم الشرطة العسكرية والمدنية يعيثون فسادًا فى حى العباسية والمناطق المحيطة به فى مشهد خرافى لا يصدق حتى لو كنا فى مقديشيو، التى يحكمها زعماء الميليشيات.
الادعاء بأن المتظاهرين الذين رأيناهم بصدور عارية وأياد تلوح مع الهتاف كانوا ذاهبين إلى العباسية من أجل اقتحام وزارة الدفاع كلام سخيف يحتاج إلى "قفا عريض" لكى يستوعبه، والآلاف الذين تركوا شارع الخليفة المأمون تحت ضغط خراطيم المياه والقذف بالحجارة والهراوات والغاز المسيل للدموع، وأخلوا الميدان بسهولة غير متصورة، لا يمكن تصور أنهم ذهبوا من أجل الموت والاستشهاد وتقدم مئات أو آلاف القتلى قرابين لهذه العملية المجنونة والأسطورية، التى يروج لها أبواق العسكر، فمحاولة إعلام القوات المسلحة وإعلام الفلول تصوير المشهد على أنه محاولة لاقتحام وزارة الدفاع كلام لا يحترم العقل أو الحسابات المنطقية، وعندما أراد الثوار الموت أمام نظام مبارك فى الميادين والشوارع كان الشباب ينامون تحت جنازير الدبابات، بل وفى تلافيف الجنازير ذاتها ليوقفوا تحركها، وأتمنى أن يكون هناك تحقيق محايد فيما حدث، ليعرف الناس من الذى بدأ التحرش والاستفزاز، ومن الذى يملك العقلية التخطيطية للاستدراج أمام متظاهرين بسطاء لا يملكون إلا حناجرهم وصدورهم المكشوفة، نريد أن نعرف من هم الأشخاص المدنيون الذين كانوا يتحركون بين الجنود، ومن هو هذا الشخص، الذى كان يرتدى ملابس مقنعة أقرب لأفلام الرعب الأمريكية، ويتحرك بصورة محسوبة بدقة أمام كاميرات الصحف ووكالات الأنباء ليعطى رسالة مقصودة عن "نوعية" المتظاهرين، هل شاهد اللواء الملا لقطات الفيديو المنتشرة على نطاق واسع عن مجهولين بثياب مدنية ينزلون من عربات الجيش فى العباسية، وهل يمكنه أن يشرح لنا مسمى هؤلاء "المجهولين"، وماذا كان دورهم فى المعركة، وما إذا كان لهم دور فى معارك سابقة، وإذا كان اللواء "الملا" وقواته تملك هذه الحيوية التى تحيط بميدان العباسية من جميع جوانبه، وتحرك آليات خفيفة وثقيلة ومئات الجنود والضباط وتسيطر على الأوضاع خلال ساعتين من الزمن وتقتحم المساجد ومحطات المترو لاعتقال المتظاهرين، فلماذا لم نر هذه الهمة عندما كان الرصاص الآلى يطرقع فوق رؤوس جنوده قبلها بليلتين من قبل من أسماهم "بلطجية" هاجموا المعتصمين ليلا ودارت معركة الذبح والتنكيل الموصوفة بمعركة الجمل الثانية، لماذا تجاهل "الملا" وقواته هذه المذبحة ووقف يتفرج عليها مدعيا العجز عن التدخل أو فرض الأمن أو حتى إعلان حظر التجول، لماذا انشغل البعض بتوفير الوجبات الغذائية للبلطجية من دار المدرعات وحشد كتائبه الباسلة على شبكة الإنترنت لشتم المتظاهرين وكتابة التعليقات المهينة وتهديد الشعب المصرى واحتقاره بالتواطؤ مع مواقع صحف الفلول وصحف الحكومة، لماذا لم تنتفخ أوداج "الملا" عندما فزع العالم من تزايد وتيرة القتل للمتظاهرين بعد مذبحة العباسية وكأن الأمر لا يعنيه، إن لم يكن يسعده، وشغل نفسه ومجلسه بتهديد الشعب والمتظاهرين.
خطابات اللواء الملا ولهجة بياناته، يمكن لأى "محلل" سياسى استخدامها فى فهم الكثير مما جرى فى مصر طوال المرحلة الانتقالية، التى أدارها المجلس العسكرى، وستكون مهمة وكاشفة إذا وضعناها فى خلفية العديد من المشاهد والأحداث "الغامضة" كالتى حدثت فى ميدان التحرير وأحمد محمود ومجلس الشعب وماسبيرو وبورسعيد، وأخيرًا العباسية.

0 comments:

welcome to my blog. please write some comment about this article ^_^